السويد … جحيم الناتو // … بهزاد بامرني

ثلاث حقائق لا تقبل النقاش :
الإنسان، هو أخطر وحشٍ وُجد على كوكب الأرض.
الحرب، هي أخطر وحشٍ أوجده الإنسان.
وأن الحروب، هي مخالبُ الساسة لتمزيق الشعوب.
:::::::::::::::::::::::::::::::::
منذ لحظة التوقيع على انضمام السويد إلى حلف الناتو في واشنطن يوم الخميس الموافق للسابع من شهر ٱذار/ مارس 07 – 03 – 2024.
وأنا أعيش كوابيس تداعيات هذه اللعبة السياسية، التي تبدو وكأنها مجاملة رخيصة لواشنطن، أكثر من كونها رغبة وإرادة وطنية.
خصوصاً، حينما يتولى الإعلام مهمة وضع مساحيق التجميل على عملية الانضمام هذه، لتقديمها لعموم الشعب باعتبارها صك الأمان.
أما تكاليف العضوية الباهظة الثمن هذه.
فلا شك أن حصة الأسد منها سوف تقع على عاتق المواطن البسيط قبل غيره.
إذ سيتوجب عليه دفع نسبة من دخله الشهري المتواضع نسبياً – قياساً بالرّواتب المغرية للسياسيين – لتغطية رسوم العضوية هذه.
وكذلك يجب عليه تقديم أبنائه وبناته قرابين على مذبح الناتو عند الطلب.
أما الداعمون لفكرة الانضمام هذه، فقد نجدهم بين عشية وضحاها مع عوائلهم خلف الحدود، وذلك بمجرد إحساسهم بوجود خطر ما قد يهدد البلد.
ولا غرابة في ذلك، فمنذ القِدٓم والساسة يتاجرون بالأوطان، بينما الشعوب هي مٓن يدفع الثمن.
وحسبنا في ذلك، الحرب الروسية – الأوكرانية المشتعلة حالياً، والتي دخلت عامها الثالث.
ففي الوقت الذي تسقط فيه مئات الضحايا من الطرفين يومياً بين قتيل وجريح.
لا يزال بوتين هو بوتين، بأناقته المعهودة، بملابسه الفاخرة وربطة عنقه من دون ولو ذرة غبار، وكأنه في حفل لعرض الأزياء.
بل، ويسيل لعابه للفوز بولاية رئاسية أخرى أيضاً، وكأن البلاد ليست في حالة حرب.
وكذا الحال مع زيلينسكي، إذ لا يكاد ينزل من طائرة عائداً من إحدى الدول، حتى يستقل طائرة أخرى إلى بلد ٱخر، وكأنه مرشد سياحي يجوب العالم شرقاً وغرباً.
تاركاً شَعبه يصارع المستحيل بين مطرقة الحرب وسندان التغرّب والضياع.
وبين بوتين وزيلينسْكي، لا يزال العزاء هو الضيف الغير مرحب به وهو يطرق أبواب بيوت بسطاء عموم الشعبين الروسي والأوكراني المغلوبٓين على أمرهِما رغماً عنهما.
وحقاً، صدق القائل :
[ “ستنتهي الحرب ويتصافٓح القادة، وتبقى تلك العجوز تنتظر ابنها الشاب، وتلك الفتاة تنتظر زوجها الحبيب، واولئك الأطفال ينتظرون والدهم البطل، لا أعلم من باع الوطن، ولكنني أعلم من دفع الثمن !!… ].
بعد هذه المقدمة، أقول :
جميل أن يفكر الإنسان بأمن وسلامة وطنه، لكن بالعقل والمنطق، وليس بلغة العنف والتهوّر.
لِبداهة أن العنف، لا يُولّد سوى العنف والعنف المضاد.
وكيف لعاقل أن يزرع الشوك، ويتوقع أن يقطف الورد ؟!!…
وباختصار، فإن قرار الإنضمام هذا، هو محاولة بائسة لعسكرة المجتمع.
وذلك بهدف تحويل أنظار الشباب عن مكانهم الطبيعي المتمثل بمقاعد الدراسة في المدارس والجامعات، حيث المستقبل الواعد والآمن.
والعمل بدل ذلك على غسل أدمغتهم للانبهار بروباغاندا الحروب والبطولات الزائفة من قَبيل الدفاع عن الوطن و …
تمهيداً لإرسالهم إلى حيث تتجه بوصلة الناتو، حيث الحروب والدمار وضياع المستقبل.
وهو ما يُحذرنا منه التاريخ وبشدة، حيث يقول :
[ أينما حل العسكر، حل الخراب والدمار، الدم والدموع، الرعب والقتل والتهجير والإغتصاب و …..
وأنه، وبمجرد أن تضع السلاح في يد إنسان ما.
فإنك تغتال فيه إنسانيته، وتُحوله إلى وحش كاسر متعطش لسفك الدماء.
ويضيف التأريخ قائلاً لنا :
أن كل الطغاة وعلى امتداد التاريخ الدامي للبشرية، ما كانوا ليتحولوا إلى طغاة، لولا وجود سلاح فتاك بين أيديهم، ألا وهو :
# جيش جرار مكون من خيرة شباب المجتمع، تم تحويلهم بالقوة – تحت مسمى الخدمة الإلزامية وحماية الوطن و … – إلى جنود مسلوبي الإرادة كالعبيد.
# وجنرالات حرب قذرين بلا ضمير، يقودون أولئك الشباب الأبرياء إلى محرقة الموت، بذريعة وجوب تنفيذ الأوامر العسكرية السخيفة.
والنتائج الكارثية المروعة للحربين العالميتين الأولى والثانية العالقة في ذاكرة البَشرية البائسة حتى هذه اللحظة، وعلى رأسها حالات إغتصاب النساء الألمانيات على يد جنود الحلفاء في الحرب العالمية الثانية، والتي تجاوزت الملايين حسب بعض التقديرات و … شاهدٌ على ذلك ].
الٱن، لنتصور أنفسنا أمام أحد هذين الموقفين المأساويين، وذلك طبعاً من ضمن مئات وربما ٱلاف المواقف التي قد تتكرر على مختلف جبهات القتال في شتى أنحاء العالم.
ولنستمع بعد ذلك إلى ما يقوله لنا ضميرنا.
هذا، لو كان فعلاً لدينا ضمير !!…
الموقف الأول :
[ شاب/ة في مقتبل العمر – ممدّداً في حفرة في إحدى جبهات القتال للناتو – بساق مبتورة نتيجة قنبلة ما أو …
تسيل منها الدماء وسط الألم والرعب والوحدة والغربة، يتساءل بيأس وحسرة :
ماذا، لو كنتُ الآن جالساً وسط أصدقائي في قاعة الدرس بأمان وطمأنينة في وطني السويد، بدل هذا المصير الدامي ؟!! … ].
الموقف الثاني :
[ تخيل نفسك وأنت تطرق باب منزل إحدى العوائل السويدية في مهمة لإخبارهم بمصرع ابنهم/ ابنتهم في إحدى مهام الناتو على بُعدِ مئات وربما ٱلاف الأميال من السويد.
فهل بإمكانك أن تتصور كم هي مُرعبة نظرات أفراد هذه العائلة إليك ؟
وهل لديك الشجاعة لتسأل نفسك : كم ستبدو حقيراً وصغيراً في عيون أفراد هذه العائلة المفجوعة بفقد ولدها يا ترى ؟!!… ].
فهل حقاً، تستحق عضوية الناتو تضحيات بهذا الحجم المأساوي ؟!!…
ختاماً، وبعد عشرات ٱلاف السنين من عمر البشرية الدامي نتيجة العنف والحروب وغباء الإنسان.
تفرض هذه الأسئلة نفسها علينا.
# 1 :
متى تتخلى البشرية عن كل الانتماءات الضيقة من قَبيل الوطن والدين والعقيدة واللغة و… التي يروج لها تُجّار السلاح والحروب والأزمات.
وتتمحور حول انتماء واحد فقط، ألا وهو الانتماء للإنسانية.
# 2 :
متى يَسأل الجندي نفسه في جبهة القتال، وقبل أن يضغط على الزناد :
كيف يمكن أن يكون ذلك الجندي الذي في الطرف الآخر من الجبهة عدوّي كما يدّعي  قادة الجيش ؟
مع أنني لا أعرف اسمه ولا حتى ملامح وجهه، ولم يسبق لي أن التقيت به أبداً طيلة حياتي.
فكيف أصبحَ عدوي يا ترى ؟
يا لَسَذاجتي وغبائي !!…
تباً، فليذهب القائد والسلاح والأوامر العسكرية الحقيرة كلها … إلى الجحيم.
# 3  :
متى تستيقظ البشرية من غفوتها، لتجد نفسها تعيش في عالمٍ خالٍ تماماً من كل ملامح العسكر القذرة.
عالمٍ خالٍ من الزي العسكري المشؤوم، من غطرسة الضابط وعبودية الجندي.
عالَمٍ، خالٍ من ثقافة القتل التي يتفنن بها العسكر.
عالمٍ متصالح مع نفسه، يعيش في سلام ووئام.
عالمٍ، يخضع لمعادلة :
[ صفر جنرال + صفر جندي = صفر جيش = صفر حرب ].
وذلك، أملاً في تكرار هذه الجملة بكل ثقة وإلى الأبد :
[ وداعاً لدموع الٱباء والأمهات، فلا حرب بعد اليوم ].
=========================================================================================
تحياتي و مودتي للجميع.
/// بهزاد بامرني
2024-03-07