كركوك الحقائق والوقائع التاريخية تتكلم عن أصالتها الكوردية وعراقتها الكوردستانية ١٤/٢١- محمد مندلاوي

 

‌أما التركي العثماني الآخر الذي سبق (شمس الدين سامي) بـ239 سنة هو الرحالة والمستكشف (أوليا جلبي) الذي عاش بين أعوام 1611- 1684م الذي قضى أربعة عقود من حياته وهو يجوب بلداناً كثيرة في الإمبراطورية العثمانية. ودون كل ما شاهده في هذه الإمبراطورية الواسعة في كتاب ضخم من عشرة أجزاء بعنوان (سياحة نامه- رسالة الرحلات). جاءت في الموسوعة الحرة: إن الاتحاد الأوروبي عده ضمن عشرين شخصية خدمت الثقافة البشرية. وتقول الموسوعة: ذكر أوليا جلبي (أوليا چلبي) في المجلد الثالث أسماء البلدان والبلدات التي زارها في الإمبراطورية، وهي: سوريا، فلسطين، أورميا، سيواس، كردستان، أرمينيا، روملي، بلغاريا، الخ. وفي الأجزاء الأخرى تحدث أيضاً عن مدن وبلدان أخرى. أدناه صورة لنصب له:

ومن ضمن البلدان التي زارها (أوليا جلبي) كما أسلفنا هي كوردستان الذي قال عنها: إن المرء يحتاج إلى سبعة عشر يوماً لقطعها، وهي: وان، أرضروم، هكاري، جزيرة، ديار بكر=آمد، آميدي= عمادية   موصل، شهرزور،ئەردەلان= أردلان. للعلم، أن أردلان كانت إمارة في ذلك التاريخ تضم شرق وجنوب كوردستان كانت منطقة كركوك تخضع لحكمها، ومن ثم خضعت لحكم إمارة بابان. وفي العهد الاحتلال العثماني كما أسلفت كانت شهرزور جغرافياً تضم غالبية جنوب كوردستان،وكانت كركوك مركزاً لولاية شهرزور. لكي يطمئن القارئ أن كوردستان كانت ولاية مثل بقية الولايات العثمانية التي أصبحت دولاً فيما بعد، نضع أمامك ديباجة الفرمانات العثمانية التي جاء فيها اسم كوردستان كولاية مثل بقية الولايات الأخرى في الإمبراطورية العثمانية. لكن الشيء الملفت للنظر هنا، أنك لا تجد في هذه الفرمانات السلطانية اسم العراق؟ أ تعرف لماذا؟ لأنه لم يؤسس آنذاك كياناً بهذا الاسم؟. إليك الديباجة التي كانت توشح الفرمانات والمعاهدات والأوامر التي كان يوجهها السلطان العثماني إلى الأفراد والدول وفيها ألقابه التالية: “سلطان السلاطين، ملك الملوك، مانح التيجان للملوك على وجه المعمورة، خليفة المسلمين حامي حمى الحرمين الشريفين ظل الله على الأرض، سلطان البحرين الأبيض والأسود، خاقان البرين، ملك الروملي والأناضول وبلاد الكرمان وبلاد الروم وديار بكر وكردستان وأذربيجان، وفارس ودمشق وحلب والقاهرة ومكة والمدينة والقدس وكل البلاد العربية واليمن…”. وفي الموسوعة الحرة عن الجمهورية التونسية جاء في سياقه شرحاً عن تاريخ المنطقة وعن غزوات العرب في صدر الإسلام. قال: أمام تقدم فتوحات المسلمين في أرض البحرين وفارس والسند والترك والأكراد ومصر قلق عمر بن الخطاب وأحس بتسارع الأحداث، فلما أراد عمر ابن العاص أن يتوغل باتجاه الروم (تونس) منعه من ذلك. لاحظ عزيزي المتابع كيف أن كتب التاريخ توصف أرض الكورد كأي أرض لبلاد شعب قائم بذاته، كما هي مصر والبحرين وفارس الخ. أدناه خارطة كركوك المعروضة في الموسوعة الحرة كما جاءت في معاهدة سیڤر (سيفر) عام 1920 التي اعتمدت على وثائق وكتب وخرائط قديمة وبلا شك منها كتاب (قاموس الأعلام) للتركي (شمس الدين سامي) الذي قال قبل أكثر من قرن من انعقاد سيفر أن ثلاثة أرباع نفوس كركوك كوردية، فلذا كانت كركوك جزءً من دولة كوردستان التي أقرتها معاهدة سيفر وترمز إليها باللونين الأخضر الغامق والأخضر الفاتح، وكتب عنها: Kurdish- Inhabited Areas  = المناطق المأهولة بالأكراد:

عزيزي المتابع، عندما اشتد الخلاف بين جمهورية تركيا التي أسسها مصطفى كمال عام 1923 وفقاً لمعاهدة لوزان التآمرية، وأطاح بدولة الخلافة العثمانية التركية، التي احتلت لقرون عديدة بلداناً كثيرة في الشرق الأوسط باسم الإسلام وبين بريطانيا العظمى الدولة المؤسسة للكيان العراقي عام 1920، وبعد أن وصلا إلى طريق مسدود حول من يقضم لنفسه جنوب كوردستان ذهبا إلى”عصبة الأمم 1919- 1946″ – التي خلفتها الأمم المتحدة وأصبحت وريثتها الشرعية، وكان مقر العصبة في جنيف في سويسرا، وشكلت العصبة في 31 10 1924 لجنة للبت في المشكلة وتألفت اللجنة من: 1- مجري (هنغاريا) 2- سويدي 3- بلجيكي. كي لا أطيل في هذا الحقل، في 27 01 1925 وصل أعضاء اللجنة إلى ولاية الموصل، وزارت كل من هەولێر (أربيل – هەولێر)، مووسیل (موصل)، کەرکووک (كركوك)، سلێمانی (سليمانية) وتوابع هذه المدن الكوردية، وفي نهاية شهر آذار انتهت من تحقيقاتها وعادت إلى مقر العصبة في جنيف لإعداد التقرير المطلوب منها. طبعاً كأية لجنة اعتمدت في تقريرها على الزيارات الميدانية وآراء المؤرخين وعلماء الجغرافيا والخرائط القديمة والكتب التي دونها السواح الأوروبيون وغيرهم وقالت في النهاية كلمتها:إن حدود العراق من الشمال لا تتعدى تكريت، وقالت أيضاً: إن سكان المنطقة من الكُرد ليسوا عرباً ولا أتراكا. وقالت: إن الغالبية العظمى من سكان المنطقة هم من الكُرد، وقدرت اللجنة نسبتهم بـ75%. وقدرت نسبة الكورد في كركوك لوحدها بـأكثر من 60%. للزيادة، أن رئيس اللجنة كان الشخصية السويدية المعروفة E.af. Wirsen (1875- 1946) لقد تحدث عن الكُورد في ولاية موصل في مذكراته التي صدرت في أربعينيات القرن الماضي. للعلم، كانت ولاية موصل – جنوب كوردستان- من حصة فرنسا بعد الحرب العالمية الأولى 1914- 1918 إلا إنها تنازلت عنها في معاهدة “سان ريمو” عام 1920 لبريطانيا لقاء بعض المكاسب المالية. إن هؤلاء البريطانيين… اتبعوا ضد الشعب الكوردي الجريح ووطنه كوردستان سياسة عنصرية مقيتة. عزيزي القارئ، بما أن ولاية الموصل التي هي جنوب كوردستان لم تكن جزءً من الكيان العراقي، يقول الدكتور كمال مظهر أحمد في المصدر المذكور ص 114: قرر المؤتمرون في “سان ريمو” في إيطاليا بين 19 و26 من عام 1920 وهم كل من بريطانيا وفرنسا وإيطاليا واليابان وأمريكا وهذه الأخيرة كانت بصفة مراقب، وفي المؤتمر تقرر منح بريطانيا الانتداب على العراق وولاية الموصل. لاحظ، يقول النص العراق وولاية الموصل؟. ينقل الدكتور كمال مظهر عن عبد الرزاق الحسني عن كتابه الشهير (تاريخ الوزارات العراقية) ط7 دار الشؤون الثقافية العامة، 1988 الملحق رقم 2، ص 301-304 تقول المادة 16 في نص الذي انبثق عن المؤتمر المذكور: لا شيء في هذا الانتداب يمنع المنتدب في تأسيس حكومة مستقلة إدارياً في المقاطعات الكردية كما يلوح له. انتهى الاقتباس. يا ترى لماذا لم تؤسس بريطانيا حكومة مستقلة للشعب الكوردي في جنوب كوردستان!!!.

01 06 2021

يتبع