الكورد وتركيا وما بعد اوكرانيا   – حاتم خانى  

 

تحاول تركيا ان تكون في خط وسط في التعامل مع ازمة اوكرانيا حتى تجني ثمارالارباح من الطرف المنتصر , اما الساسة الكورد الحديثي العهد في التعامل بالسياسة الدولية  فهم تائهون ولم يتمكنوا لغاية الان من تكوين موقف بالضد او مع او محايد في هذه الازمة وكأن الامر لا يعنيهم , بينما في الحقيقة ان التأثيرات المستقبلية لهذه الازمة قد تضع مصير الكورد على المحك تماما وقد تعيد المناطق الكوردية الى حكوماتها المركزية مرة اخرى او يتم تغيير خارطة المنطقة بالضد او بالتوافق مع المصالح الكوردية  , وهنا يكون الدور التركي هو الاخطر على الشعب الكوردي , فلن تهدأ تركيا حتى يتم استبعاد الدور المرن الذي تتخذه الولايات المتحدة في التعامل مع الكورد لذا نراها لم تتخذ موقفا متشددا من شن روسيا الحرب ضد اوكرانيا ولم تعد تخشى بروز روسيا كقطب قوي على الساحة الدولية ليقينها التام انها ان عاجلا او آجلا ستفقد دورها في الناتو حيث يتم الاعتماد على الدول الاوربية الشرقية للاضطلاع بمكانة تركيا السابق في مواجهة القطب الروسي , واميركا تدرك اللعبة التركية هذه وهي قد بنت موقفها على ما يفكر به اردوغان وليس على ما تظهره السياسة الخارجية التركية ولكنها لا تسلك وكما عودتنا في سياستها اي مسلك حاد تجاه ما يبدر من تركيا الا اذا كان تأثيره مباشرا عليها كما رأينا ذلك في قضية القس الاميركي الذي اعتقله اردوغان في ذلك الوقت ,  ولذا تبدو المواقف الاميركية الحالية في الدفاع عن اوروبا الشرقية مقلقة لتركيا حيث تدرك انها قد تفقد اهميتها لدى حلف الاطلسي ولدى الاوربيين والاميركيين , وعلى الساسة الكورد ان يدركوا ويفهموا ذلك جيدا وعدم القيام ببناء ارتباطات اقتصادية قوية تصب لصالح تركيا فقط اذا لم يكن هناك رضى اميركي عن هذه العقود اولا وموافقات ضمنية من العراق والدول المجاورة حيث تجلت تلك الاعتراضات في السابق بصورة كبيرة في قرار المحكمة الاتحادية الاخير في بغداد , فقد اتضح ان بامكان القوى المؤثرة في السياسة العراقية  وبطريقة سهلة جدا في القضاء على الانجازات التي تلعب دورا كبيرا بمصير الحكومة الاقليمية وبالذات الاحزاب الكوردية الحاكمة هذا اذا افترضنا مسبقا ان بناء الكيان الكوردي قد وضع على اجندة الدول الغربية , ويجب ان يبدومن قرار المحكمة الاتحادية الانف الذكر ان تدرك هذه الاحزاب ان بناء هذا الكيان ليس بالضرورة مرتبط ارتبطا مصيريا بوجودها . لذا فان سعيها الدؤوب في ابعاد الخطر التركي على كوردستان بمحاولاتها الحثيثة في ملء فم اردوغان بعقود النفط ومن ثم بعقود الغاز في الاونة الاخيرة لن يبعدها عن هذا الخطر او يجنبها الخوف التركي الازلي من بروز كيان كوردي وهذا ما كان واضحا جدا عند وضع تركيا جيشها على حدود كوردستان اثناء الاستفتاء مع انها كانت واثقة تماما ان هذا الاستفتاء ليس سوى جس نبض الشارع الكوردي المعروف مسبقا بالنسبة للجميع وان هذه العملية ليست بعيدة عن المنافسة بين هذه الاحزاب . كما على الاحزاب الكوردية ان تدرك ان تركيا تدافع عنها ضد الاحزاب المنافسة الكوردية ذاتها ولن تدافع عنها ضد الدولة المركزية او ضد دول الجوار .
وليس ببعيد ان الدور التركي ومن ورائه الاحزاب الكوردية الموالية لتركيا لن تكون بعيدة عن خسران بعض دورها او كله مهما كانت النتائج المترتبة على هذه الحرب او انها بصعوبة جدا يمكن ان تحتفظ بنفس المواقع من الاهمية التي تنالها الان , ولا سيما ان التصريحات الاوربية كلها تنصب في ديمومة هذه الحرب لاستنزاف القدرات الروسية , اي ان خروج روسيا منتصرة او متنعمة بنشوة الانتصار قد لا تكون مستحيلة ولكنها تبدو صعبة جدا ضمن القدرات والامكانيات التي تبدو الان في ساحة المعركة , ولا نعتقد ان هناك طاقات اخرى لروسيا تقلب النتائج لصالحها وتغير خطط الناتو وتجبرها على التضحية باوكرانيا وبالتالي اوروبا الشرقية كلها, وان لم يكن الامر كذلك فهذا يعني ضمن الحسابات الاقليمية , ابقاء ما تبقى من اوكرانيا وبقية دول اوروبا الشرقية ضمن الفلك الغربي وانتهاء الدور التركي القديم ولا سيما بعد الاتفاق النووي الايراني الاخير والعلاقات الاسرائيلية الخليجية التي ابعدت تركيا باعتبارها الدولة الاسلامية الوحيدة في المنطقة التي تشترك في علاقات افتصادية وعسكرية قوية مع اسرائيل . ولن يكون تقليص الدور التركي الا بالتوازي مع دور اقليمي كوردي في حالة لعب الكورد لذلك الدور بصورة مرضية وملائمة للتوجهات الاميركية , كما يجب ان نفهم ان الولايات المتحدة لا يمكن ان تعتمد بصورة كاملة على اي قوة ذات توجهات اسلامية الا اذا كانت مدركة ان هذه القوة لن تشكل خطرا على مصالحها على الاقل في المدى المنظور . اما في حالة انتصار روسيا فهو يعني بروز تركيا ايضا كدولة تصبو نحو لعب دورها القديم وهذا الدور ايضا لن يسمح بايلاء اهتمام لحزب كوردي واحد دون ايجاد توازن مع الاحزاب الاخرى , فليس من صالح تركيا ان يكون هناك حزب كوردي واحد يتوحد الشعب الكوردي خلفه .

One Comment on “الكورد وتركيا وما بعد اوكرانيا   – حاتم خانى  ”

  1. تحية كورية طيبة للسيد حاتم خاني

    هذا الكلمات القلية في اسطرها تحمل في مضونها رؤية عميقة للمستقبل لدى كاتبها السيد خاني بل تشير بكل وضوح لما يحمل به المستقبل لنمطقتنا, واين نحن بين صفحاتها ؟
    وهنا سوف احدد بعض النقاط من اجل لفت الانتباه الى نقاط اكثر و لي ننظر الى المشهد بشكل اوسع ايضا بالاضافة الى ماقله السيد خاني.

    – هذه الخارطة السيساسية الموجودة اليوم في الشرق الاوسط و التي حددتها اقلام سايكس-بيكو-سازونوف في 1916 تحمل في طياتها مصالح روسيا و تحميها وان اكثرنا لا يعرفون ان مندوب القيصر الروسي كان حاضرا ايضا وكان لروسيا حصة من الاتفاقية ايض واراضي تحت مسمى ارمينا الغربية وكانت القيصرية الروسية ستاخذها لولا لينين و ثورته البلشفية واكتفاء روسيا بالانسحاب والمراقبة كخطوة اولية ثم العود ثانيا من خلال التحالف مع اتاتورك لصد الفرنسين والانكليز في تلك المنطقة. وبالتالي تبديل هذه الخرائط لن يضمن ابدا بات تحصل روسيا على مواقع جديدة افضل من التي هي اليوم بين يدها كمناطق نفوذ والتي ضمنتها لها ضمنتها لها اتفاقية سايكس-بيكو-سازونوف .

    – اتفاقية سايكس-بيكو-سازونوف وجدة من اجل تلبية القوى التي كانت تتحكم بالعالم في ذلك الوقت وربط كافة الدول اليوم بخدمة مصالحها, ثم مع تراجع تلك القوى وظهور قوى جديدة مثل امريكا على الساحة وبقاء طرف واحد والتي لم تحصل على حصتها فارادت تغير الخارطة قما كانت من بريطانيا و فرنسا الا بان تتشاركا مع امريكا نفس مناطق النفوذ في مقابل عدم الدفع نحو اعادة تشكيل خارطة جديدة للمنطقة.

    – لدى امريكا خريطة من اجل اعادة تشكيل الشرق الاوسط والعالم كله من جديد (ان امكن) ولديها خريطة معروفة لدى الجميع تسمى الشرق الاوسط الجديد. فماذا لدى ورسيا … ؟ وماذا لدى بريطانيا و فرنسا من اجل الشرق الاوسط .. ؟ هؤلاء الثلاثى الاخيرين لديهم فقط سايكس-بيكو-سازونوف ويريدون المحافظة عليها الى الابد ان امكن ذلك.

    – بعد هذه الحرب المجنونة من قبل روسيا على اوكرانيا, اكثر ما لفت انتباه الى النقطة التي مر عليها الكثير من دون النظر و التمعن فيها بعمق وهي , اول مرة بعد الحرب العالمية الثانية تقرر المانيا انفاق 100 مليار يورو من اجل الانقاق العسكري من اجل اعادة تشكيل الجيش الالمانيا. اي اننا امام مشهد اعادة الهيبة الالمانية كقوة اروبية من جديد من الباب العسكري هذه المرة وكلنا نعلم ان المانيا هي القوة الاقتصادية المحركة لاروبا.

    – اي اننا امام قوى عالمية تتشكل من جديد امريكا-الصين-المانيا بدل القديمة (بريطانيا-فرنسا-روسيا القيصرية) . فهل مصالح هذه القوى الجديد هي نفسها مصالح تلك القوى القديمة .. ؟

    – نرى اليوم بان امريكا و دول الاتحاد الاروبي كاملة صاحبتا الاقتصاد (24.01 و 17.1) تريليون دولار في سنة 2021 على التوالي على مستوى العالم ما عادا الدول الاخرى التي وقفت الى جانبهم بريطانيا واسترالية وغيرها . تعطينا فكرة واقعية و وبالارقام و الحساب الذي لا مجال فيه للمجدالة كما في السياسة, يعطينا فكرة على مدى القوة الاقتصادية التي تواجهها روسيا في حربها اليوم, فيبدوا ان بوتين فتح صندوق الباندورا على روسيا ولا يعرف الان كيف يغلقه او على الاقل الرجوع الى اللحظة قبل الحرب. هذا بدون النظر الى الجانب العسكري والذي ايضا يصب في مصلحة امريكا و اروبا المجتمعتين.

    – وقد اصاب السيد خاني عين الحقيقة عندما وجه البوصلة الى ان قادم الايام في انضمام دول اروبا الشرقية الى الناتو او الى الاتحاد الاروبي سوف يضع حدا لاهمية تركيا, فايقاف روسيا عند حدودها في شرق اروبا ثم توجيه دفه الصراع نحو شرق اسيا (مع الصين) يعني محدودية دور تركيا بل اهمالها , لذلك حاولت تركيا المتاجرة بقضية الايغور, فقامت الصين بشراء ذمة تركيا بمليار دولار بحيث بداءت تركيا نفسها في اعتقال الايغور المطلوبين الى دولة ثالثة ومن هناك ارسالهم الى الصين.

    ولكم جزيل الشكر

Comments are closed.