عزيزي القارئ الكريم، المعروف لدى القاصي والداني أن الشعب الكوردي شعب ديمقراطي وإنساني بسلوكه وسجيته، إذا حب يحب بإخلاص وتفاني، وإذا كره لأي سبب كان يكره أيضاً بعمق لما تحمله كلمة الكره مكعباً؟. وفيما يتعلق بالحادث الذي تعرض له موكب رئيس مجلس وزراء إقليم كوردستان في لندن، سمعت من قال أن هؤلاء الشبان الكورد لم يحصلوا على الإقامة في بريطانيا، وصدر بحقهم قرار الطرد من البلد فلذا قاموا برمي سيارة مسرور البارزاني بالبيض، وهتفوا ضده حتى يقولوا للسلطات البريطانية المختصة إذا يعيدوهم إلى إقليم كوردستان يوجد خطر على حياتهم؟!. لكن القائل لهذه القصة خانه ذكائه، ربما بعض هؤلاء ليسوا من أهل أربيل أو دهوك، بل هم من السليمانية التي تحت سلطة الاتحاد الوطني الكوردستاني، بلا أدنى شك أن الاتحاد في هذا الظرف الذي يمر به يسعد لمثل هذه الأعمال.. ضد غريمه الديمقراطي الكوردستاني؟. أو بعضهم الآخر من أهل كركوك المحتلة من قبل الأحزاب الشيعية الحاكمة في بغداد، هي الأخرى أيضاً عدوة للديمقراطي الكوردستاني وتهلل لمثل هذه الأعمال..؟.
لنفترض ما نقلناه أعلاه ليس صحيحاً، أليس حزب المسئول الذي رميت سيارته بالبيض اسمه الديمقراطي الكوردستاني؟ أليس ما قامت بها الزمرة المذكورة في لندن يعتبر تصرفاً ديمقراطياً؟ لكن بطريقة صبيانية هوجاء وبشيء من الحقد والضغينة، لكن بالنتيجة هو تصرف ديمقراطية، غالباً ما يحدث مع المسئولين في بلدان أوروبا. أتذكر رئيس وزراء السويد (انجفار كالرسون – Ingvar Carlsson) من الحزب العمال الديمقراطي الاشتراكي السويدي، ذات يوم وفي حضور جماهيري كان منقولاً على شاشة التلفاز، وضع حذاءه على الورق ورسم نفسه داخل إطار الحذاء ثم قال: هذا أنا. هذه هي الديمقراطي التي تنحني أمامها. لنأخذ تصرفاً مشابهاً وقع قبل عدة أعوام في بغداد حين رمى أحد الصبية.. من إياهم الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن بالحذاء؟، لكن رد فعل الرئيس الأمريكي كان حضارياً، لقد ابتسم ابتسامة عريضة وقال: هذه هي ثمار الديمقراطية. أ تلاحظ؟ كيف انتزع الرئيس الأمريكي بحنكته السياسية النقطة لصالحه من ذلك الصبي الأرعن، ومن وقف خلفه وحرضه على ذلك التصرف الأخرق؟ هذه هي اللعبة السياسية على أصولها؟. بما أن الشيء بالشيء يذكر، ذات يوم قرأت شيئاً عن النبي موسى، الذي يسمى كليم الله، لأنه تكلم مع الله، ذات مرة سأل ربه: يا إله أريد منك أن جميع الناس تحبني وأنت قادر على فعل هذا. قال له الرب: يا موسى ما فعلت هذا لنفسي. تصور يوجد هناك من لا يحب الله ولا يعترف بوجوده، لكنه لا يمسه بسوء؟. بما أن الأستاذ مسرور البارزاني شخصية عامة وهو على رأس مجلس الوزراء في إقليم كوردستان بلا أدنى شك هناك من يكرهه ويعبر عن كرهه له بهذه الطريقة التي قلنا إنها صبيانية إلى حد ما، وهو كسياسي يعرف هذا جيداً لا توجد شخصية سياسية في العالم تنال رضا الشعب 100%. لكن بلا أدنى شك في المقابل هناك من يحبه ويعزه ويرميه بدل البيض بالورد؟.
لا أدري لماذا توجد لدى قياداتنا في كوردستان شيء من النرجسية. أتذكر شخص جلال الطالباني الذي كان سكرتير الاتحاد الوطني الكوردستاني، – ورثا ملكية الحزب من بعده نجليه بافل وقباد؟!- ذات يوم وصف من ينتقده في كتاباته أو في أحاديثه بالكلب!!! مع إنه كان سكرتيراً لحزب يقول في منهاجه ونظامه الداخلي إنه حزب علماني “سيكولار” ومن الأحزاب الاشتراكية الديمقراطية في العالم!!! لكن تبين للجميع أن الحزب المسمى بالاتحاد الوطني الكوردستاني هو الآخر أيضاً كبقية أحزاب كوردستان التي تصف نفسها بمسميات شتى، لكن في النتيجة تبقى مجرد وصف تذيل بها أسمائها ليس ألا.
إن الواجب القومي والوطني يحتم على جميع الأحزاب العلمانية الكوردستانية – ما علينا بالأحزاب والمنظمات العقدية الإسلامية لأنها تعتبر نفسها وكلاء الله على الأرض لا يجوز مسها لا نطقاً ولا كتابة- في هذا الظروف العصيبة التي تمر بها العالم والمنطقة أن تغيير من نهجها الأبوي في الحكم والسياسة وتقبل النقد حتى وأن كان جارحاً لها. وتقبل بالتظاهر ضدها بصدر رحب، لأن التظاهر ضد الحكومة وجه من أوجه الحضارة والديمقراطية الصحيحة والسليمة. لا يجوز قط وصف الآخر، الذي لا يقبل بنهجك السياسي بأوصاف بذيئة خارجة عن إطار القيم الأخلاق؟.
أنا على يقين تام، أن القيادات الكوردية التاريخية تعرف جيداً هناك جهات خبيثة حدودها المصطنعة تشترك مع حدود جنوب كوردستان، تتآمر عليها سراً وإعلانا. ثم لا يخفى على أحد ما أن لهذه الجهات عملاء (جحوش) في الداخل الكوردستاني كتنظيمات وأفراد وهدفهم الأول والأخير هو إفشال التجربة الكوردية في جنوب كوردستان بأي ثمن كان. إن واحدة من عملية الإفشال ضد الكورد هو إظهار الإقليم في وسائل إعلامها الصفراء وكأنه غير ديمقراطي، ويضطهد شعبه، ويسرق قوته إلخ. وعملياً يعرف الجميع أن العراق منذ عام 2014 قطع حصة الإقليم من ميزانية العراق السنوية!!. وفيما يخص الدور الإيراني ضد الإقليم، يشاهد العالم أجمع كيف أن بين فينة وأخرى الصواريخ الإيرانية تنزل على رؤوس المواطنين في العاصمة أربيل؟. وكذلك تركيا الطورانية، ربيبة أمريكا، فحدث عنها ولا حرج، في كل صباح ومساء تجد الجندرمة التركي الطوراني يسرح ويمرح في عمق أراضي كوردستان!!! بالإضافة إلى معسكراتها التي على الأرض الكوردستانية منذ تسعينات القرن الماضي، وطائراتها الحربية التي في الجو تصطاد المواطنين الكورد في قراهم ومزارعهم دون رحمة.عجبي، عندما تشاهد كل هذا التحرك المشبوه ضد الشعب الكوردي الجريح كأنك تشاهد حلف بغداد (Cento) عاد من جديد. إن مواجهة هؤلاء الذين يتآمرون ليل نهار على الإقليم الفتي وإفشال مخططاتهم الجهنمية يحتاج إلى قيادة حكيمة وحنكة سياسية، إذا تضافرت الجهود وتوحدت القيادات السياسية في كوردستان وتحديداً سليمانية وأربيل؟ التي لغالبية قياداتها تاريخ طويل في العمل السياسي والكفاح المسلح بلا أدنى شك ستكون أهلاً لهذه المهمة القومية والوطنية التي في النهاية توصل الشعب الكوردي الجريح إلى النور الذي في نهاية النفق، ولن يتم هذا إلا بقبول الآخر بكل صدق وجدية تامة، وبالنهج الديمقراطي السليم.
23 04 2022
تحية كوردية طيبة وجميلة الى السيد العزيز محمد مندلاوي
ان ما سمعناه و ما تفضتلم بقوله في قلب مقالكم هذا من احداث حدثت في مدينة لندن ضد احد السياسين الكورد و الذي يعمل لدى الشعب الكوردي بصفته (رئيس وزراء اقليم كوردستان السيد مسرور برزاني) والذين يمثلون افراد حكومة اقليم كوردستان من كافة التيارات الفكرية السياسية و بغض النظر سواءا ان انا وغيري اتقفا معهم ام لم نتفق معهم, وكما قد اشرت لا يمكن للسياسي ان يحصل على 100 من صوت وتأيد الشعب والالهة التاريخية جميعها بكل عظمتها وقوتها مجتمعة لم تستطع ان تنال 100 من رضى الانسان (ومنهم الله الاسلامي ايضا) , وان السياسي الكوردي اليوم عليه ان يعي ويفهم جيدا منذ اول يومه منذ ان تطاء رجله ارض السياسة و مشهدها انه ليس بالشخص المقدس (كما هي عقلية السياسين التقلدين لدى الكورد و التيار السائد لدى شعوب الشرق الاوسط) امام الشعب بل ان الشعب هو المقدس.
وان السياسين مجرد خادم يعمل لدى الشعب , بدوام معلوم (هي مدة تسليمه الرسمي لمنصبه السياسي, 4 سنوات او غيرها) و بقدر معلوم من رصيد مالي (راتبه الشهري, ويسأل و يحاسب على كل سنت زيادة على راتبه المعلوم) و بشبكة علاقات اجتماعية خاضعة للمراقبة (من قبل لجان مالية وحكومية وقضائية) على طول مدة ممارسة عمله في مجال خدمة الشعب.
على السياسي الكوردي منذ اليوم و صاعدا ان يعي ويفهم هذه الفكرة السياسية وحيث انه كلما تقبلها بسرعة كان تأقلمه معها اسهل و اصح و بالنتيجة حتى ردة فعله سوف تكون واقعية و متماشية مع اعلى وافضل معاير و ظروف المجتمع الانساني (السياسية) في القرن الواحد والعشرين وهي :
((( السياسي الكوردي هو مجرد خادم لدى الشعب الكوردي, لا اكثر ولا اقل, ويقدم خدماته لدى صاحب عمله الأعمى والذي لا يبصر (الشعب الكوردي) و بالتالي هو خاضع للمراقبة والسؤال و المحاسبة )))
وسوف يحصد نتيجة عمله حتما, سواءا بالشكر و المحبة و الدفاع عنه (من قبل الشعب وليس من قبل محيطيه المستفيدين منه كما يتشاطر بعض السياسين ) او سواءا بالنقد و التهكم والسخرية و الكريكاتير والبيض (كما فعلوها من خادم شعب اقليم كوردستان مسرور برزاني) …
و السياسي الذي سوف يزعل و ينزعج و الذي لن يتقبل ذلك, نقول له:
لا تدخل السياسة و لا تعمل في مجال السياسة ابدا ان كنت ترفض ولا تتقبل ان تتحمل نتائج عملك وعمل اصدائقك السياسين (وبالاها وجعة الراس من الاساس .. )
فما فيما يخص الجهة السياسية (او الاشخاص) التي تقف خلف وراء قذف البيض على مسرور برزاني في لندن, سواءا كانوا من جماعة الاتحاد او من جماعة اوبوجية او اعضاء مخابرتية (لايران ولتركيا وغيرهم) فان تصرفهم هذا يدل على انهم يعيشون في دولة (بريطانيا, مع تحفظي عليها) تسمح لهم بممارسة حقهم في التعبير عن ارائهم السياسية وفي سياق القانون البريطاني, وهؤلاء الشلة و الجماعة (بغض النظر عن موقفي السياسي معهم) الذين ضربوا مسرور برزاني بالبيض, لن يسترجوا و لن يتجرؤوا ابدا على ضرب مسؤوليهم السياسين (لا في السلمانية, ولا في غرب كوردستان, ولا في طهران, ولا في انقرة) بالبيض الفاسد, فما بالك بفضح ممارستهم الفاسدة و فتح ملفات فسادهم. ولا يعني من كلامي هذا ابدا باني ادعي او اقول بانه يمكن فعل ذلك في هولير و بهدينان (اي ضرب المسؤول الفاسد بالبيض سواءا من خلفية فساد مالي وقانوي او من خلفية حقد سياسي بحت), هم ايضا من نفس الطينة.
واني اتفق معكم يا عزيزي سيد مندلاوي بما تراه مناسبا و ما تنصحوه فيما قلتموه:
(إن الواجب القومي والوطني يحتم على جميع الأحزاب العلمانية الكوردستانية – ما علينا بالأحزاب والمنظمات العقدية الإسلامية لأنها تعتبر نفسها وكلاء الله على الأرض لا يجوز مسها لا نطقاً ولا كتابة- في هذا الظروف العصيبة التي تمر بها العالم والمنطقة أن تغيير من نهجها الأبوي في الحكم والسياسة وتقبل النقد حتى وأن كان جارحاً لها.)
ودعني اكرر نفس الفكرة و لكن بكلمات اخرى اقتبهسا من الصحفي سمير متيني (بعد اسقاط كلامه الديني في بعض اقواله وتصريحاته هنا وهناك, فهو على ما يبدو انه من تيار و جماعة القرانين الجدد تيار منصور كيلاني في تجديد الخطاب الديني ..ألخ), ولكن كلاماته فيما يخص الشأن السياسي و الاجتماعي هي في سياق حيث مفهومها:
اليوم , الدول تبنى على احترام مبادئ حقوق الانسان ,الدول تتحصن بالديمقراطية في جبهتها الداخلية , الدول تبنى على شعوب تتقبل الرائي الاخر, الدول تبنى على دساتير وقوانين هي التي تسود في المجتمع, الدول تنبى على العلم والمعرفة لتتقدم وتقدم الخير للبشرية.
وهذا بالضبط (بالاضافة الى اشياء اخرى) ما يحتاجه اقليم كوردستان حتى تقوي جبهتها الداخلية وتتماسك, وعندما تكون الجبنهة الداخلية قوية و صلبة فان المبادرة الى الجبهة الخارجية تكون قوية وذات اسس متينة, وليس كما يفعل بعض السياسين عندما يتهربون من الجبهات الداخلية ويصعدون في جبهات خارجية من اجل التهرب من استحقاقات امام شعبه بخلق عدو خارجي, عندها عندما يفشل وينكسر في جبهته الخارجية تكون النتيجة كارثية بشكل اكبر و اعمق, لانه يكون قد ربط استحقاق الجبهة الداخلية بمكتسبات خارجية, وهكذا نمط من السياسين الفاشلين لا نريدهم في الميدان الكوردي ابدا, مع العلم انهم (هكذا سياسين) هم شاطرين بالمحصلة ولكن شطارتهم هي في الخانة الخاطئة وليس في مكانها الصحيح, (فكما يقول المثل: و الشيطان شاطر ايضا !).
فبالمحصلة النهائية كافة شعوب الشرق اللاوسط تنادي وتطالب بالديمقراطية كالتي هي موجودة في امريكا او بريطانيا او المانيا او السويد او غيرها الكثير من البلدان, وليس تلك الديمقراطية بنسخها المعدلة وفق اديان وعادات وتقاليد الشرق الاوسط و ووفق معيار و رؤية اهواء سياسيهم (او احزابهم) , فمن اجل هذه النسخ المعدلة من الديمقراطية يهرب ابناء الشرق الاوسط ارض ابائهم و اجدادهم مهد الحضارة منها ويهجرون بلدانهم الى اوربا وامريكا … ! لماذا … ؟
لان الحضارة تخلت عن تلك البلدان وتركتها, فالحضارة ليس ملكا نحتكره, بل هو تراكم معرفي ينبناه ويتقيد به المجتمع بشكل مستمر ودائم بحيث لا ينقطع وهو تراكم معرفي تقدمي الى الامام (باتجاه المستقبل) الذي في اغلبه مجهول, وليس التقدم الاسلامي المتمثل بفكرة الرجوع الى الخلف الى زمن محمد تحديدا كافضل القرون !!! فهذه مصيبة بحد ذاتها, بل ان مصيبة هؤلاء المسلمون المؤمنين بهذه الفكرة انهم يرون في حركة الرجعية (الى الاسلام و في زمن محمد نفسه) تقدما … !!!
فانا وغير الكثير ممن زلنا نفكر بعقولنا لا نستطيع ان نرى كيف لانسان عاقل ولديه ادنى درجات الفكر بان يدعى ويقول انه في عملية رجوع ((الفكر البشري)) الى الخلف والوراء , تقدما … !?
وهذا بالبضط وبالتمام ما لا نريده في الوسط السياسي الكوردي, فلا نريد ان نرجع الى عقلية وافكار و وانماط سياسة تفكير سنوات 50, 70, 90 … ولا الى عقلية وانماط سياسة السنة الماضية ايضا 2021, بل نريد الانتماء الى عقلية سياسية تعمل وفق معاير الحاضر في افضل نسخها المتوفرة بين ايدينا والاستمرار بها في الممستقبل (مع امكانية تحسين تلك العقلية وانماط نحو الافضل).
والسؤال الجوهري هنا:
هل يفتقر مجتمعنا الكوردستاني ( يقصد به المجتمع الكوردي و المجتمع الغير الكوردي على ارض كورددستان) الى هكذا سياسين كفئة ومهرة من هكذا معيار … ؟؟؟
Bimînin xweşbar
و دمتم بخير
الأخ ريزان شاكر لك مرورك العطر. محبتي