رسالة الى مقتدى الصدر :.لا أحد في الغرب يريد خلط الأوراق.. ! – نجاح محمد علي

• لا شك أن آفاق تشكيل حكومة ذات قاعدة عريضة قد باتت في متناول اليد بعد قرار السيد مقتدى الصدر سحب كتلته من البرلمان، وذلك بعد ثمانية أشهر من الانتخابات المبكرة التي شابها الكثير من التلاعب والتزوير .
• إن الاستقالات الجماعية كانت تريد إرباك المشهد السياسي، لكنها منحت أطراف مايسمى التحالف الثلاثي فرصة ذهبية للتعامل مع الإطار التنسيقي ، والمشاركة في تشكيل الحكومة المقبلة.
• يحرص الكثيرون ممن عملوا طوال الفترة السابقة على تفتيت البيت الشيعي وجر البلاد الى اقتتال شيعي شيعي، أن يتجه الصدر إلى ايجاد اضطرابات واسعة النطاق أو إلى الدعوة إلى انتخابات جديدة.
• لا أحد في الغرب يريد في الوقت الحاضر وفي ضوء استمرار الصراع في أوكرانيا ، زعزعة استقرار العراق خصوصًا وأن ليس للولايات المتحدة إلا قدر بسيط من القدرة على التأثير في مجريات أزمة تشكيل الحكومة في العراق.
في 12 حزيران (يونيو)، وبعد قرابة ثمانية أشهر من الجهود الفاشلة لتشكيل الحكومة، أقر زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر بأن عدد المقاعد في البرلمان لم يمكّنه من تشكيل الحكومة التي كان يتصورها ، وأمر نوابه البالغ عددهم 73 عضوا بالاستقالة الجماعية.
ويشير الانسحاب إلى أن الرهان على تقسيم البيت الشيعي فشل رغم كل جهود التحشيد المدعومة على نطاق واسع من الخارج لتحقيق أغلبية الثلثين (220) التي كان يأمل التحالف الثلاثي آنذاك فيها .
وعرّف تحالف (انقاذ وطن) حكومة الأغلبية بأنها الحكومة التي تهمش القوى السياسية الشيعية لصالح تكتل في ائتلاف حاكم يسعى لحل الحشد الشعبي ونزع سلاح فصائل المقاومة لتغيير المعادلة التي برزت بعد سقوط دولة داعش الارهابية.
وترى أطراف في التحالف المذكور (إنقاذ وطن) أن الهيكل الحكومي الحالي قد مهدت له الطريق مظاهرات تشرين الأول (أكتوبر) 2019 بحجة الاحتجاج ضد الفساد وعدم فعالية الحكومة، وهي تعمل على تهميش القوى المناوئة للاحتلال وللارهاب، وتحديداً الحشد الشعبي . على أن هذه القوى هي التي تمكنت ، على الرغم من تكبدها خسائر كبيرة في انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) المزورة ، من منع (انقاذ وطن) من الحصول على أغلبية في البرلمان تمكنه من تمرير مرشح الرئاسة وبالتالي تشكيل حكومة الاقصاء الخاصة تحت مسمى (حكومة الأغلبية) . وزادت جهود تشكيل الحكومة الاقصائية المطلوبة تعقيدا بسبب الخلاف الداخلي بين الفصيلين الكرديين الرئيسيين اللذين خالفا التقاليد المتبعة وقدما مرشحين منفصلين لمنصب الرئاسة الذي ينبغي أن يشغله كردي بحسب الأعراف القائمة التي أرادوا تطبيقها فقط لتقسيم البيت الشيعي.
على عكس ما كان دعاة جر العراق الى الفوضى والاقتتال الداخلي يخططون له بعد حل البرلمان. ، ترك انسحاب الصدر القوى السياسية جميعاً، حتى حلفائه السابقين (الحزب الديموقراطي  الكوردستاني و السيادة) في وضع مؤاتٍ لتشكيل حكومة.
وبموجب القانون، فإنه في حالة خلو مقعد نيابي، يتقدم المرشح الحاصل على ثاني أكبر عدد من الأصوات في الدائرة الانتخابية لملء الشاغر . واستنادا إلى النتائج التي قدمتها المفوضية العليا للانتخابات في العراق، فقد شاءت الإرادة الإلهية أن يذهب نحو 50 من مقاعد التيار الصدري البالغ عددها 73 مقعدا إلى أعضاء الإطار . ومكّن هذا الأمر الإطار التنسيقي من الحصول أكثر من 120 من أصل 329 مقعدًا ليصبح الكتلة الأكثر عدداً في البرلمان، وهذا جعله في موقف تفاوضي قوي يمكنه من إقناع القوى السياسية الكردية والسنية بالانضمام إلى الحكومة لنيل الأغلبية كما كان الصدر يريد ، مما يسمح للإطار فعليًا بانتخاب مرشحيه المفضلين للرئاسة ورئاسة الوزراء.
ويجعل اعتراف السيد الصدر بأن ايران لم تتدخل في جهود تشكيل الحكومة ، نجاح الإطار مؤكداً ، لأنه بدد ارتياب الكتل العربية السنية والكردية من تدخل ايراني مزعوم في الشؤون العراقية. وعلى العكس أثبت اعتراف الصدر أن دولاً في الاقليم وخارجه دعمت جهود هذه الكتل السياسية لاقصاء الإطار ، وتفتيت البيت الشيعي.
إذا فشل الإطار التنسيقي في تشكيل حكومة وهذا أمر مستبعد ، فإن المسار السياسي للعراق سيكتنفه الضباب وهذا ما يراهن عليه من يسعى لجر العراق الى الفوضى عبر تحريك الشارع بحجج وأعذار شتى. وقد اقترح بعض السياسيين منح البرلمانيين المستقلين الفرصة لتشكيل حكومة يدعمها الإطار ويراقبها عن كثب، وتكرار تجربة مصطفى الكاظمي أو حتى الابقاء عليه.
وطالب آخرون البرلمان بحل نفسه – وهي خطوة من شأنها أن تؤدي إلى انتخابات مبكرة قد لا تختلف نتائجها عن نتائج انتخابات تشرين الأول (أكتوبر) الماضي . ويدفع البعض نحو أن يرسل الصدر أنصاره إلى الشوارع لتقويض أي حكومة لا تضم التيار الصدري.
لكن بالنظر الى أن مابعد تشرين 2019 ليس كما قبلها ، و ما أوجدته تطورات الأزمة الأوكرانية على صعيد سوق الطاقة، فإن الرهان على شعبية الصدر بين الشباب يظل موضع أخذ ورد.
بالنسبة للصدر ، قالت صحيفة واشنطن بوست في تقرير استقصائي نشرته يوم 22 يونيو حزيران و اعتمد على آراء الكتلة الصدرية ، واخذ بنظر الاعتبار الواقع الجديد بعد مظاهرات اكتوبر تشرين 2019 ، إن ترك الصدر البرلمان ، و النزول الى الشوارع ، ليس هو الخيار الأفضل بالنسبة للصدر.
على أن استعراضًا شعبيًا للقوة من جانب الصدر يهدد بإثارة اضطرابات مدنية كبيرة وتجدد العنف السياسي، وهذا الأمر يحرج إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن الذي يواجه خطرًا مزدوجًا : من الواضح أن أي نقص في الإمدادات العراقية من الطاقة سيقوض الجهود المبذولة لتهدئة سوق النفط الخام – وتقليص التكاليف على المضخة إلى الأمام إذا كانت الانتخابات النصفية الأمريكية في الخريف.
كذلك لا يقل أهمية عن انسحاب الصدر ، أن يجعل موقف إيران قوياً في المرتبة الثانية الجيوسياسية الهشة عندما يبحث بايدن بشكل متزامن عن مقايضة برنامج نووي مع الجمهورية الإسلامية مع طمأنة جيرانها العرب بأنهم ليس لديهم ما يدعو للقلق.

One Comment on “رسالة الى مقتدى الصدر :.لا أحد في الغرب يريد خلط الأوراق.. ! – نجاح محمد علي”

Comments are closed.