ماذا بعد فشل المحادثات النووية في قطر ؟!- نجاح محمد علي

كاتب وسياسي عراقي مستقل
انتهت المحادثات غير المباشرة التي عقدت يومي الثلاثاء والأربعاء في الدوحة ولم تسفر حتى الآن عن استعادة الاتفاق النووي وبالتالي تتعرقل عودة النفط الإيراني إلى السوق العالمية، وتدخل المنطقة في مرحلة جديدة من التصعيد لا توفر العراق ..إلا إذا.
كانت المحادثات النووية غير المباشرة التي عقدت في قطر بين إيران والولايات المتحدة ، و التي جرت بوساطة فاعلة من الاتحاد الأوروبي، جددت الآمال في التوصل إلى حل دبلوماسي بعد تعثر المحادثات السابقة في مارس آذار .
وهذه قراءة سريعة في مجريات الوقائع المتعلقة بهذه المحادثات وخلفياتها.
• كان هدف المحادثات هو استعادة الاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 مع القوى الكبرى – الصين وفرنسا وألمانيا وروسيا والمملكة المتحدة والولايات المتحدة.
• تخلت الولايات المتحدة من جانب واحد عن الاتفاقية في عام 2018 في عهد الرئيس دونالد ترامب ، ثم فرضت عقوبات شاملة وصفت بالحد الأقصى على إيران.
• وردت إيران بتطوير برنامجها النووي السلمي ، الذي ما زالت تصر على أنه برنامج سلمي بحت. وتشعر دول أخرى بالقلق من أنه قد لا يكون الأمر كذلك ، وأن إيران ربما تحاول صنع سلاح نووي ، في حين أن الوكالة الدولية للطاقة الذرية ، وهي هيئة الرقابة النووية في العالم ، تزعم بأنها قلقة بشأن نقص التعاون الذي تتحمل مسؤوليته الولايات المتحدة بالدرجة الأولى.
• بعد سنوات من المفاوضات المضنية ، وضعت خطة العمل الشاملة المشتركة (JCPOA) ، كما تُعرف الاتفاقية رسميًا ، قيودًا على برنامج إيران النووي مقابل رفع العقوبات المتعددة الأطراف التي كانت سارية في ذلك الوقت دون وجه حق.
• ومن خلال مراقبة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على مدار 24 ساعة إذ قبلت ايران بالملحق الاضافي (البروتوكول الاضافي) لمعاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية ، وبذلك يضمن الاتفاق أن البرنامج النووي الإيراني سلمي بينما يسمح لإيران بتخصيب اليورانيوم بنسبة تصل إلى 3.67 في المائة.
• في ذلك الوقت ، كان العديد من الإيرانيين يأملون أن تساعد الصفقة في تقوية الاقتصاد الايراني الذي نجح رغم كل ذلك بتجاوز العقبات ويبطل مفهوم العقوبات كسلاح ضد الدول المستقلة.
• بعد فوز الإدارة الديموقراطية في واشنطن، بدأت محادثات إحياء الصفقة لأول مرة في أبريل 2021 بين إيران ومجموعة P4 + 1 (الصين وروسيا وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا) في فيينا. الولايات المتحدة شاركت بشكل غير مباشر لأن إيران رفضت أن تجلس معها.
• بعد عدة جولات من المحادثات تخللتها فترات توقف ، بدا أن المفاوضين على وشك التوصل إلى اتفاق في مارس ، لكن ذلك لم يحدث أبدًا بسبب رفض واشنطن إكمال سلسلة رفع العقوبات، ورفض تقديم ضمانات بعدم تكرار سيناريو الانسحاب منه كما فعل ترامب.
• منذ ذلك الحين ، تبادلت إيران والولايات المتحدة الرسائل ، لكنهما فشلا في التوصل إلى اتفاق.
• إلى أي مدى ستذهب الولايات المتحدة في رفع العقوبات كان نقطة الخلاف الرئيسية بين الاثنين – وضع فيلق الحرس الثوري الإسلامي الإيراني (IRGC) هو حجر عثرة رئيسي ، مع عدم رغبة الولايات المتحدة في إزالة الفرع العسكري من قائمة المنظمات الإرهابية الأجنبية.
لماذا العودة الآن؟
• اتفقت إيران والولايات المتحدة على مواصلة المحادثات بعد أن سافر منسق السياسة الخارجية بالاتحاد الأوروبي ، جوزيب بوريل ، إلى طهران في وقت سابق من هذا الأسبوع .
• تتفق جميع الأطراف علنًا على أن الاتفاق النووي المستعاد هو أفضل نتيجة لأنه سيقلل من التوترات التي يمكن أن تنتقل إلى صراع مسلح مع ملاحظة أن ايران مستعدة لكل الخيارات إلا خيار الاستسلام والقبول بصفقة لا تحقق مطالبها المشروعة.
• إذا نجحت المفاوضات في قطر ، فإنها ستشير أيضًا إلى عودة النفط الإيراني على نطاق واسع إلى الأسواق الدولية ، وهو أمر يزداد الطلب عليه بعد العملية العسكرية الروسية لأوكرانيا.وسيؤثر بالطبع على تحقيق انفراج في الأزمة السياسية العراقية ولجم الدعوات المشبوهة الى إيجاد فوضى تؤدي بالضرورة الى حرمان السوق النفطية العالمية من نحو أربعة ملايين ونصف المليون برميل من النفط العراقي.
• تم اختيار قطر لاستضافة المحادثات لأنها تتمتع بعلاقات جيدة مع كل من إيران والولايات المتحدة .
• لقد دعمت الدوحة باستمرار إحياء خطة العمل الشاملة المشتركة وتنقل الرسائل بين طهران وواشنطن منذ العام الماضي.
• تحاول قطر أن تأخذ زمام الأمور من سلطنة عمان المجاورة ، التي استضافت المحادثات الإيرانية الأمريكية السرية والمباشرة في العام 2013 والتي أدت إلى الصفقة الأصلية في العام 2015 .
• مع ذاك ، تواصل سلطنة عمان دورها في التقريب بين ايران والولايات المتحدة حول قضايا اقليمية ودولية الى جانب الصفقة النووية، ومن المتوقع أن تبادر من جديد لاستئناف ما قامت به قطر خشية دخول المنطقة في نفق التصعيد المقلق للجميع.
• كان واضحاً منذ البداية أنه على الرغم من أن العودة إلى طاولة المفاوضات هي علامة على أن الأمور قد تمضي قدمًا ، فلا يوجد ضمان للنجاح ما لم تلتزم واشنطن بتعهداتها التي نقلها المنسق الأوروبي، وبالفعل لم يقم المبعوث الأمريكي روبرت مالي بما هو مطلوب منه في الدوحة ما أثار انزعاج المنسق الأوروبي .
• لا تزال القضايا المتعلقة بالعقوبات دون حل ، وتحذر الكيان الصهيوني الذي لم يوقع على معاهدة الحد من الانتشار ، من إحياء الصفقة ، ويريد المزيد من الضغط على إيران بدلاً من ذلك لأسباب داخلية وأخرى تتعلق بطبيعة هذا الكيان العدوانية الحالمة بدولة (اسرائيل الكبرى) من النيل الى الفرات.
• وتقول إيران وتؤيدها الصين وروسيا والترويكا الأوروبية، إنها تريد ضمان تمتعها بالمزايا الاقتصادية التي وعدت بها بموجب الاتفاق الأصلي وهذا الأمر لم يتحقق في الدوحة ما يشير الى منعطف خطير يدخله البرنامج النووي الايراني .
• الساعة تدق والوقت ينفذ ؛ في وقت سابق من هذا الشهر ، أزالت إيران 27 كاميرا تابعة للوكالة الدولية للطاقة الذرية ردًا على قرار مسيس ينتقد إيران قدمته الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا وصدر بعد زيارة لافتة غير مبررة قام بها مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية الى الكيان الغاصب في فلسطين المحتلة الذي يمتلك أيضا، أسلحة نووية وبرفض إشراف الوكالة على برامجه النووية السرية . و إذا لم يتم تشغيل الكاميرات مرة أخرى ، فستجد الوكالة صعوبة في تتبع النشاط في المواقع النووية الإيرانية ، مما قد يقضي على خطة العمل الشاملة المشتركة خصوصاً وأن أصواتًا نافذة في ايران ترتفع للانسحاب من معاهدة الحد من انتشار الاسلحة النووية كما فعلت كوبا الشمالية في العام 2003 .
• تواصل دولة الفصل العنصري في فلسطين، وهي أكبر معارض للاتفاق النووي ، تهديدها بأنها ستتخذ إجراءات للتأكد من أن إيران لا تستطيع صنع قنبلة نووية ، وأعلنت عن تحالف اقليمي جوي لتنفيذ تهديدها ، وهذا الأمر تستعد له ايران التي حذرت بأن ردها سيطال كل الدول المتحالفة مع هذا الكيان غير الشرعي.
• والعاقل يفهم.