“خاص لصوت كوردستان”
قبل أن أبدأ، أود أن أقتبس الجزئية أدناه من إحدى مقالاتي كنت قد نشرتها عام 2009 وأضعه في صدر هذا المقال لكي نُعلم من يزعم أموراً عن العراق ليست صحيحة بالمرة. جاء في كتاب (معجم البلدان) الجزء الأول لـ(ياقوت الحموي) 1179- 1228ميلادية: عن (إيرهستان) (اراهستان) يقول: قال حمزة: الساحل بالفارسية “ايراه” ولذلك سموا سيف كورة اردشير خره من أرض فارس ايرهستان لقربها من البحر، فعربت العرب لفظة ايراه بإلحاق القاف بآخره فقالوا عراق (تكتب الكلمة بصيغتين (ايراهستان) أو (اراهستان) (لغتنامه دهخدا) المجلد الثالث صفحة 3706. جاء في نفس المصدر قال: أبو ريحان البيروني الخوارزمي 973-1048م: ايرانشهر هي بلاد العراق وفارس والجبال وخراسان يجمعها كلها هذا الاسم. قال الأصمعي 741- 831م فيما حكاه عنه حمزة: كانت أرض العراق تسمى دل ايرانشهر أي قلب بلدان مملكة – الفرس فعربت العرب منها اللفظة الوسطى يعني ايران فقالوا العراق. المصدر المعرب ص (231) للجواليقي 1073- 1144م. بهذا الصدد يقول المؤرخ جرجي زيدان 1861- 1914م في كتابه (تاريخ العرب قبل الإسلام) ص (11): إن اسم العراق من لفظ فارسي ((ايراه)) وهي وإيران من أصل واحد فعربها العرب إلى ((عراق)). لقد قلنا في مقالات سابقة أن البلد كان قديماً اسمه فارس فعليه سموا كل المكونات في ذلك البلد فرسا. عزيزي القارئ، سبق لنا وقلنا أن عراق اسم أعجمي؟ – الأعجمي ليس فقط الفارسي بل كل من غير العربي؟- غير قابل للصرف وفق قواعد اللغة العربية، لو كان الاسم عربياً لانصرف وفق قواعد اللغة العربية. للزيادة راجع مقالنا الذي بعنوان: ولدت الحضارة السومرية من رحم حضارة ايلام الكوردية 6/6.
بما أن الذي حفزنا لكتابة هذه المقالة تلك الإدعاءات الكاذبة التي قيلت في القنوات العربية عن الخليج الفارسي و”خليجي 25″. يعلم الجميع أن كأس الخليج بدأت عام 1970 لكن العراق لم يشارك فيه حتى عام 1976؟ يا ترى لماذا لم يشارك فيه منذ نسخته الأولى؟ ثم، في هذه الدورة خسر العراق في النهائي أمام الكويت، وحينها قال الخليجيون كلاماً في الصميم: نقسم أن لا يخرج هذا الكأس من بلدان الخليج. أعتقد الكلام لا يحتاج إلى تحليل وتفسير يقول لك أن العراق ليس بلداً خليجياً وغير مرحب به في هذه البطولة. وفي عام 1991 نفذوا ما قالوه عام 1976 عندما طردوا العراق من البطولة حتى عاد إليها عام 2004. أليس هذا التصرف والكلام الذي قالوه يدل على أن الخليجيين لا يودون العراق ولا شعبه الناطق بالعربية؟. بالمقابل قبلوا اليمن في البطولة منذ نسختها الـ16 وهو بلد غير خليجي؟ ليس له ساحلاً ولا إطلالة على مياه الخليج؟. عودة إلى اللغو الذي سمعناه في بعض القنوات التي تنطق بالعربية وتزعم: عودة العراق إلى حضنه العربي!!!. أي حضن وأي عربي. ألم تقرأ الدستور الاتحادي الدائم الذي لم ولن ولا يقول أن العراق بلد عربي. بل يقول في مادته رقم 3: العراق بلد متعدد القوميات والأديان والمذاهب، وهو عضوٌ مؤسسٌ وفعالٌ في جامعة الدول العربية،وملتزم بميثاقها، وهو جزءٌ من العالم الإسلامي. انتهى الاقتباس. أين قال الدستور أن العراق بلد عربي؟. قال العراق عضو في جامعة الدول العربية التي أسسها البريطانيون، وعضويته مثل عضوية صومال وجزر القُمر وجيبوتي فيها وهي بلدان غير عربية لكنها أعضاء في هذا التجمع.. . حتى أن البلدان الأخرى كتلك التي في شمال إفريقيا مغرب، جزائر، تونس، موريتانيا ليست عربية بل هي الأخرى أمازيغية ناطقة بالعربية. إن البلدان التي ممكن أن تقال عنها عربية هي البلدان الخليجية الستة: السعودية، الكويت، قطر، البحرين، عُمان،إمارات، واليمن المطلة على المحيط الهندي، بالإضافة إلى الأردن، أما البقية صناعة تايوان ليسوا عربا. وفيما يخص النص الذي جاء في الدستور العراقي الذي يقول: وهو عضوٌ مؤسسٌ وفعالٌ في جامعة الدول العربية،وملتزم بميثاقها. هذا النص كما قال أمين عام الجامعة العربية السابق عمرو موسى في لقاء تلفزيوني قال أقوله للتاريخ: إن كوردياً وهو برهم صالح أضافه في الدستور العراقي الاتحادي الدائم. لو كانت الجماعة التي كتبت الدستور عرباً لا يحتاج أن يعترض عمرو موسى لعدم ورود اسم الجامعة العربية أو العرب فيه وكوردياً يضيفه في الدستور المذكور. قال موسى: للتاريخ أقوله أن كوردياً أضاف هذا في الدستور الاتحادي العراقي الدائم. الذي أود أن أقول لجوقة المدلسين لا وجود للعرب الأقحاح في العراق كلهم ناطقون بالعربية، كما أن الهندي والأمريكي يتكلم الإنجليزية، وشعوب أمريكا اللاتينية – أمريكا الجنوبية تتكلم الإسبانية والبرتغالية، وشعوب إفريقيا وشمالها تتكلم الفرنسية ولغات أخرى، هكذا هي مجتمعات ليبيا ومصر وسوريا ولبنان والعراق تتكلم العربية التي فرضت عليها بعد الإسلام.
للأسف الشديد تعودنا حديثاً وقديماً أن لا نسمع من هذه المجاميع.. غير الكلام المُزَيَّفْ الذي ليس له وجود ألا في مخيلتهم.. إذا انكسروا في الحرب قالوا انتصرنا، إذا وقعوا على وثيقة ما بخط أياديهم قبل أن يجف حبره أما يكذبوه دون أن تعرق جباههم، أو يقولوا لدينا تحفظات عليها، إذا ائتمنوا خ ا ن و ا إذا إذا إذا إلخ. الطامة الكبرى، أنهم لا يسمون الكذب كذباً، بل يسموه تورية أو معاريض إلخ من هذه المصطلحات التي وفقها يقولون ما يشاء من كلام مدلس. للعلم.
على أية حال، أن موضعنا لهذا اليوم عن الخليج الفارسي أو خليج فارس، الذي يسميه العرب خطأ بالخليج العربي. لكن اسمحوا لي قبل أن ابدأ أن أعرف بنفسي حتى لا أتهم كالعادة بشتى التهم من قبل الناطقين بالعربية في العراق تحديداً. أنا إنسان كوردي وسويدي لأن دولة السويد فضلت علي فضلاً ليس له حد عندما استقبلتني على أرضها ومنحتني جنسيتها وقبلها منحتني الأمن والأمان والعيش الرغيد، بعد أن سحبتها مني النظام العراقي المجرم في مديرية الأمن العامة بالتهديد والوعيد ولم تعاد لي إلى الآن. عندما قلت أنا كوردي هذا يعني أن إيران عدو لي، لأنها تحتل شرق كوردستان، لكن الكوردي يقول الحق ولو على نفسه، ألا من تأثر منهم بالثقافة الفارسية أو العربية أو التركية، لكن الكوردي بالإضافة إلى ثقافته الأصيلة ومن ثم تشبع بالثقافة السويدية لا يلهج كلاماً غير صحيحاَ وسليما.
كالعادة كثر اللغط العربي أو الأصح الناطقون بالعربية في وسائل الإعلام عن ما قاله الإيرانيون حول الاسم غير الصحيح الذي قاله السيد مقتدى الصدر ورئيس مجلس الوزراء السوداني ألا وهو “الخليج العربي” واعتراض إيران عليهما وعلى الفيفا لقبوله تسمية الخليج العربي مع أن اسمه الرسمي في المحافل الدولية هو الخليج الفارسي لأن البلد قبل عام 1935 كان يسمى فارس فلذا الخليج حمل اسم البلد، لكن عام 1935 غير رضا شاه الاسم إلى إيران وهو الاسم القديم للبلد، ويعني موطن الآريون، لكن المنظمات الدولية لم تغير الاسم القديم فارس وأبقت عليه إلى يومنا هذا.
إن العرب، أو الناطقون بالعربية وتحديداً في الأرض التي اصطلح عليه اسم العراق تجدهم أكثر مشاكسة من بقية الذين استعربوا في البلدان الأخرى التي احتلته العرب بعد الإسلام، وأصبحوا أكثر دعاة للعروبة من العرب أنفسهم !!!. وفي هذه الأيام حيث أثيرت اسم الخليج الفارسي قامت وسائل الإعلام العراقية باستضافة عشرات من الذين يسمون بالمحللين السياسيين أو الاستراتيجيين أو المحللين الرياضيين إلخ وأطلقوا العنان لألسنتهم تسطر الكلم الكذب والمدلس، بلا أدنى شك أن الكثير منهم زعم الكثير عن الخليج وهو لم يقرأ صفحة واحدة عنه، ظهر أن العنصرية المقيتة عمت بصره وبصيرته فلذا تخبط كما يتخبط الأعمى في الطرقات.
حتى لا أطيل في الكلام، لأن كلامي في هذا الموضوع بالذات لا يؤخذ به، ليس له تأثير في هذا الحقل الذي تحكم فيه الوثائق التاريخية الأجنبية والعربية. لكن قبل إبراز الوثائق أقول للقارئ الكريم أن دولة إيران لوحدها تطل على الخليج بمساحة تعادل مساحة كافة البلدان والإمارات العربية الستة بإضافة الكيان العراقي. للعلم، لإيران جرف قاري يمتد إلى أواسط مياه الخليج، بينما البلدان العربية المطلة عليه لا تملك جرفاً قارياً يمتد في الخليج كثيراً باستثناء سلطنة عُمان. قد لا يعرف أحد ما معنى امتداد الجرف القاري في مياه البحر. أنه يعتبر في القانون الدولي امتداد للأرض اليابسة لتلك الدولة داخل البحر؟. بهذا الصدد جاءت في اتفاقية جنيف للعام 1958 عن الجرف القاري: للدولة الساحلية حقوق سيادية على جرفها القاري وتستفيد من موارده الطبيعية كالغاز والنفط والمعادن.
كي نكون أميناً على الكلمة يجب أن ننقل الحقيقة كما هي. كان الآسوريون – الآشوريون – هؤلاء الآشوريون انتهوا من الوجود نهائياً عام 612 ق.م.- يسمون هذا البحر في كتاباتهم الحجرية باسم:” نارمرتو – Nar Marratu. وفي كتابة حجرية عن داريوش 522- 486 ق.م. وجدت في قناة السويس جاءت هذه العبارة:” درايه تيه هچا پارسا آتى تى- Draya tya hachaparsa aity . بمعنى البحر الذي يجري أو ينبع من فارس. وفي زمن الساسانيون – الكورد- كانوا يعبرون عن هذا الخليج ببحر فارس. هذا ما يقوله لنا الدكتور محمد جواد مشكور في كتابه (اسم الخليج الفارسي عبر التاريخ) ص 3. ويضيف: قال المؤرخ اليوناني فلاويوس آريانوس الذي عاش في القرن الثاني الميلادي في كتابه “آنابازيس” أي الأسفار الحربية للإسكندر الذي أمره أن يعبر نهر السند وبحر عمان وخليج فارس.. . هناك عالم جغرافي يوناني شهير اسمه اتى استرابن عاش في منتصف القرن الأخير قبل الميلاد ومنتصف القرن الأول الميلادي قال: إن العرب يسكنون بين خليج العرب البحر الأحمر وخليج فارس. وهكذا عالم الفلك والجغرافيا كلوديوس بتوله مااوس أو بطليموس الذي عاش في القرن الثاني الميلادي ويعد أكبر عالم في علم الفلك والجغرافيا القديمة قال عن الخليج: Sinus Persicus أي: الخليج الفارسي. أما المؤرخ الروماني كونيتوس كورتيوس روفوس الذي عاش في القرن الأول الميلادي سمى الخليج باللاتينية آكواروم برسيكوم. أي: غدير فارس.
وجاء في المصدر الذي ذكرناه أعلاه اسم الخليج الفارسي في العهد الإسلامي. يقول: واعتبر بعض مؤلفي الجغرافيا من قدامي المسلمين مفهوم “بحر فارس” أوسع بكثير بحيث جمع بحر جنوب إيران بما فيه بحر عُمان وخليج فارس وحتى محيط الهندي. جاء في كتاب (مختصر كتاب البلدان لأبو بكر أحمد بن محمد بن اسحق بن إبراهيم الهمذاني المعروف بابن الفقيه، يعتبر كتابه من مؤلفات عام 279 هـ يقول: واعلم أن بحر فارس والهند هما بحر واحد لاتصال أحدهما بالآخر. وأبو علي أحمد بن عمر بن رسته في كتابه ( الأعلاق النفيسة) عام 290هـ يقول: فأما بحر الهندي- يخرج منه خليج إلى ناحية فارس يسمى الخليج الفارسي… وبين هذين الخليجين أي الخليج الأحمر والخليج الفارسي أرض الحجاز واليمن وسائر بلاد العرب. وقال أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن خرداذبه المتوفى عام 300 هـ في كتابه الشهير (المسالك والممالك) وفرقة من الأنهار تمر إلى البصرة وفرقة أخرى تمر إلى ناحية المذار ثم تصب الجميع في بحر فارس. وقال أبو أسحق إبراهيم بن محمد اصطخري المعروف بالكرخي المتوفى عام 346هـ جاء في كتابه (مسالك الممالك): بحر فارس فأنه يشتمل على أكثر حدودها ويتصل بديار العرب منه وبسائر بلدان الإسلام .. . وقال المؤرخ الشهير أبو الحسن علي بن الحسين بن علي المسعودي المتوفى عام 346هـ في كتابه (مروج الذهب ومعادن الجوهر وينشعب من هذا البحر( أي البحر الهندي والحبشي) خليج آخر وهو بحر فارس.. . ويقول ابن مطهر المقدسي الطاهر بن المطهر في تاريخه المسمى بـ” البداء والتاريخ” والمؤلف عام 300هـ: وتجتمع هذه لأنها كلها في دجلة ويمر دجلة بالابلة إلى عبادان فيصب في الخليج الفارسي. وذكر أبو الريحان محمد بن أحمد البيروني المتوفى عام 440هـ في كتابه (التفهيم لأوائل صناعة التنجيم) أن اسم هذا الخليج بحر فارس وخليج فارس. وقال أبو القاسم محمد بن حوقل صاحب كتاب(صورة الأرض) المتوفى عام 367هـ كذلك سمى الخليج “بحر فارس”. وشمس الدين أبو عبد الله محمد بن أحمد بن أبو بكر المقدسي والمعروف بالبشاري يقول في كتابه (أحسن التقاسيم في معرفة الأقاليم) الذي ألفه عام 375هـ سمى هذا البحر بـ”بحر فارس”. وأبو عبد الله محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس المعروف بالشريف الإدريسي وهو من أعراب جزيرة صقلية المتوفى عام 560هـ يقول في كتابه (نزهة المشتاق في اختراق الآفاق): ويتشعب من هذا البحر الصيني الأخضر وهو بحر فارس.. . وابن الوردي 691- 749 هجري قمري مؤرخ وأديب ذكر في كتابه (خريدة العجائب وفريدة الغرائب) بحر فارس. وزكريا القزويني 600- 682 هجري قمري هو الآخر ذكر في كتابيه (آثار البلاد وأخبار العباد) و(عجائب المخلوقات وغرائب الموجودات) أيضا ذكر فيهما اسم بحر فارس. وهكذا المؤرخ والجغرافي ياقوت الحموي 1179- 1229م ذكر في كتابه الشهير (معجم البلدان) اسم بحر فارس. ويقول أبو الفداء الملك المؤيد عماد الدين إسماعيل بن علي صاحب حماة والمتوفى عام 732هـ في كتابه (تقويم البلدان) ما نصه بحر فارس وهو بحر يتشعب من بحر الهند شمالاً.. . أما شمس الدين أبو عبد الله محمد بن أبي طالب الأنصاري الدمشقي الصوفي المتوفى عام 727هـ ذكر في كتابه (نخبة الدهر في البر والبحر) بحر فارس والبحر الفارسي وخليج فارس عدة مرات. أما شهاب الدين أحمد بن عبد الوهاب بن محمد النويري المتوفى عام 733هـ يقول في كتابه (نهاية الأرب في فنون العرب):أما خليج فارس فأنه مثلث الشكل.. . وهكذا ذكر شرف الدين أو عبد الله محمد بن عبد الله الطنجي المعروف بابن بطوطة المتوفى عام 777هـ يقول في رحلته (تحفة النظار في غرائب الأمصار وعجائب الأسفار): ثم ركبنا في الخليج من بحر فارس فصبحنا عبادان. ويوافقه أحمد بن علي بن أحمد القلقشندي المتوفى سنة 821هـ يقول في كتابه (صبح الأعشى في كتابة الإنشاء): فأما بحر فارس فهو ينبعث من بحر الهند.. . وشيخ المفسرين محمد بن جرير الطبري 838- 923م يقول في تفسيره لسورة الرحمن آية 19: مرج البحرين يلتقيان. يقول:عنا بذلك بحر فارس وبحر الروم. بحر الروم هو بحر الأبيض المتوسط وبحر فارس هو الخليج الفارسي. وهكذا قال المفسر قتادة 680- 736م في تفسيره لسورة الرحمن آية 19: هما بحر فارس وبحر الروم. وكتب مصطفى بن عبد الله الكاتب الجلبي القسطنطيني المشهور بحاجي خليفة المتوفى سنة 1067هـ صاحب كتاب المعروف (كشف الظنون) كتب في “جها نما” وهو باللغة التركية: ويسمى هذا البحر سينيوس برسكوس بمعنى خليج فارس.. . وينقل الدكتور مشكور: أما الخليج العربي الذي كانوا يعبرون عنه في الرومية بـ” سينيوس آرابيكوس” أي الخليج العرب أطلق في كتب التاريخ والجغرافيا على البحر الأحمر الذي يقع بين مضيق باب المندب وخليج السويس.. . وهكذا يقول المؤرخ اليوناني الشهير (اتي هرودوتوس) المتوفى سنة 425 قبل الميلاد سمى البحر الأحمر بخليج العرب مراراً. وعبر العالم الجغرافي اليوناني بطليموس الذي عاش في القرن الثاني للميلاد عن البحر الأحمر باللغة اللاتينية: آرابيكوس سينوس أي الخليج العربي. ويوافقهم الحاج خليفة في كتابه “جهان نما” باللغة التركية أما بحر قلزم الذي هو بحر مكة – بحر الأحمر- سمي بـ”سينوس آرابيكوس” لوقوع جزيرة العرب على شرقه.. . وللعرب أرجوزة تسمى “أرجوزة بر العرب والعجم في خليج فارس” للملاح العربي أحمد بن ماجد النجدي المتوفى سنة 904 للهجرة وأرجوزته مؤلفة من مائة بيت شعر يقول في آخر بيت فيها:
وصلى ما جرت خليج فارس … على النبي المصطفى يا رايس.
وذكر عمر رضا كحالة 1905- 1987م في كتاب (جغرافية شبه جزيرة العرب): اسم الخليج الفارسي. حتى أن المؤرخ والمحامي عباس العزاوي 1890- 1971م ذكر في كتابه الشهير (العراق بين احتلالين): اسم الخليج الفارسي عدة مرات في ج1 ص189 وج4ص85 وج7 ص80. وجاء اسم الخليج الفارسي في كتاب (مباحث عراقية) ج2 ص295 ليعقوب سركيس 1875- 1959م. وهكذا فيليب حتي 1886- 1978م هو الآخر ذكر في كتابه (تاريخ العرب) اسم الخليج الفارسي. وجاء في مقدمة ابن خلدون 1332- 1406م اسم بحر فارس. وجاء في كتاب المؤرخ والصحفي علي ظريف الأعظمي 1882- 1985م المعنون بـ(تاريخ البصرة) ص 3-10: اسم الخليج الفارسي. وجاء في كتاب (أنس المهج وحدائق الفرج) للشريف أبو عبد الله محمد بن محمد الإدريسي 1099- 1166م يصف المدن والقرى والزائر الموجودة في الخليج الفارسي. وهكذا الطهطاوي في التعريبات الشافية وصبحي الصالح في النظم الإسلامية والأندلسي في معجم ما استعجم وغيرهم كثر ذكروا اسم الخليج الفارسي أو بحر فارس في مؤلفاتهم. حتى أن المنجد العربي في اللغة والإعلام في مادة الخاء عرض خارطة فيها اسم الخليج الفارسي وليس العربي. بل أهم من كل هؤلاء الذين ذكرناهم، الذي لا يجوز على العربي والمسلم مخالفته هو النبي محمد، الذي له حديث يذكر فيه اسم الخليج الفارسي. إليك نص الحديث، جاء في كتاب (مسند أبي يعلى) للإمام الحافظ أحمد بن علي بن المثنى التميمي 210- 307هـ حققه وخرج أحاديثه حسين سليم أسد طبع في دار الثقافة العربية دمشق. يقول في الجزء الرابع صفحة 120: إن طيبة هي مدينة ما من باب من أبوابها إلا ملك صالت سيفه يمنعه منها، وبمكة مثل ذلك ثم قال: في بحر فارس ما هو في بحر الروم.. . إسناده صحيح. أدناه صورة الكتاب الذي ورد فيه الحديث:
أدناه وثيقة خطية لزعيم الأمة العربية جمال عبد الناصر قبل أن ينقلب على ذاته كان قد بعثها إلى حكومة البحرين يذكر فيها اسم الخليج الفارسي. أدناه صورة الوثيقة. ولجمال عبد الناصر بصمة صوتية،أيضاً يقول فيهما الخليج الفارسي. لمن يريد أن يستمع إليها فليكتب القارئ الكريم في حقل البحث في (Google) الجوجل: تحريف نام خليج فارس. سيظهر له تسجيلاً بصوت جمال عبد الناصر وهو يقول: من المحيط إلى الخليج الفارسي. لكن جمال عبد الناصر كما قلت في صدر المقال أن الجماعة؟ يغيروا رأيهم وينكروا كلامهم بلمح البصر، لكن هذه وثيقة مكتوبة وتلك بصمة صوتية موجودة لا يمكن إنكارهما قط:
ثم، لا ننسى أن المضيق الذي كعنق الزجاجة الذي يقع في بداية الخليج يسمى بمضيق هرمز وهو اسم كوردي- فارسي. للعلم كان في مياه الخليج وعلى بعد ثمانية كيلومترات من الساحل الإيراني جزيرة بـمساحة 42 كيلومتر مربع. – للعلم هناك دول اليوم وهي أعضاء في الأمم المتحدة مساحتها تقدر بنصف مساحة جزيرة هرمز كـ”ناولو” التي مساحتها 21 كيلومتر مربع. و”توفالو” مساحتها 26 كيلومتر مربع. و”فاتيكان” مساحتها 44 كيلومتر مربع أكبر من هرمز بشبرين فقط. و”سان مارينو” 61 كيلومتر مربع إلخ-. توالت على حكم الجزيرة المذكورة عدة ملوك وكان خامسهم الذي حكم بين أعوام 1311- 1317م يسمى (عز الدين كُردان شاه)، أي عز الدين ملك الكورد- عز الدين ملك الأكراد. لا ننسى، أن الأرض المطلة على مضيق هرمز منذ القدم وإلى يومنا هذا موجودة عليها قبيلة “شوانكاره” الكوردية التي خرج منها الساسانيون الذين أسسوا إمبراطورية عظيمة حكمت بين أعوام 224- 651م مساحات شاسعة في الشرق الأوسط وعاصمة حكمهم لا زالت شاخصة قرب بغداد باسم طاق كسرى أو المدائن. وكان عدداً من ملوك هذه العائلة الحاكمة يحمل اسم هرمز، منهم الملك الثالث لهذه العائلة الساسانية الكوردية حمل اسم هرمز الأول. والملك الثامن هو الآخر حمل اسم هرمز الثاني. والملك السابع عشر أيضاً حمل اسم هرمز الثالث. والملك الثاني والعشرون هو الآخر حمل اسم هرمز الرابع. ليس فقط من القبائل الكوردية أراضيها مطلة على الخليج بل أن هناك العديد من المدن والقرى الكوردية تحمل اسم الكورد أراضيها مطلة على الخليج أو قريبة منها، على سبيل المثال وليس الحصر مدن وقرى كوردوان وكوردستان وكورد شيخ وكوردينه وكوردشول والفيلية إلخ. أدناه خارطة تبين فيها جزيرة هرمز على الجانب الشرقي من الخليج:
بما أن الصورة لا تكذب، دعني عزيزي القارئ أن أضع أمامك بعض الخرائط والوثائق التي تبين فيها الخليج باسم خليج فارس أو الخليج الفارسي. أولاً هذه خارطة للمملكة العربية السعودية وفيه اسم الخليج الفارسي:
وهذه خارطة أخرى لإيران وطوران في زمن حكم القاجاريين لإيران رسمها الألماني آدولف اشتيلر عام 1791م – طوران الوطن الأم للأتراك ويقع على حدود الصين-:
وهذه وثيقة رسمية من الأمم المتحدة، جاءت في قائمة وثائق الأمم المتحدة حول اسم الخليج الفارسي يتحدث عن الشرعية التاريخية والجغرافية والقانونية وتحث المجتمع الدولي لكتابة الخليج الفارسي عبر بياناتها الرسمية:
خارطة أخرى لشبه جزيرة العرب للعام 1771م وفيها اسم الخليج الفارسي:
وهذه خارطة أخرى صادرة من الدولة العثمانية في عام 1729م وفيها اسم الخليج الفارسي. للعلم هناك خرائط أخرى للدولة العثمانية تسميها خليج العجم؟ :
أدناه خارطة رسمت في القرن التاسع الميلادي موجودة في كتاب (الأقاليم)لاصطخري وفيها بحر فارس:
خارطة للعام 1952 لشركة النفط السعودية وفيها اسم الخليج الفارسي:
وهذه وثيقة كتبها ملك المملكة العربية السعودية عبد العزيز بن سعود ذكر فيها الخليج باسم الخليج الفارسي:
للعلم هناك أضعاف مضاعفة من الوثائق تتكلم عن اسم الخليج الفارسي. لكن الذي أريد أن قوله هنا أن الشعب الكوردي أولى أن يسمى الخليج باسمه – لا ننسى أن مضيق هرمز وجزيرة هرمز هو اسم كوردي- وذلك لعدة عوامل، أولاً أنه شعب عريق وجد على هذه الأرض التي تمتد من بحر الأبيض المتوسط إلى بحر الخليج قبل أن يظهرا العرب والفرس وغيرهم على مسرح التاريخ بزمن طويل جداً. ثانياً كما بينما في سياق المقال لا زال هناك مدن وقرى وقبائل كوردية تقيم على ساحل هذا الخليج وقريب منه، حيث تبدأ من حدود محافظة سيستان وبلوشستان إلى مياه الخليج المتاخمة لنهر أروند رود- شط العرب. ثم، دعنا نقارن بين اسم الخليج باللغة العربية والكوردية. جاء في المعجم العربي الوصف التالي الخليج: امتداد من الماء متوغل في اليابس. والوصف الآخر: النهير يقتطع من النهر الكبير إلى جهة يُنتفع به. والوصف الثالث: لسان بحري طويل ممتد مع المحيط إلى داخل البر. أخيراً: جانب من البحر أو النهر.
لنرى كيف تسمي اللغة الكوردية الخليج: کەنداو. وترجمته تكون هكذا “کەند- Kand ” بمعنى حفر، و”او- Aw” يعني ماء – مياه. ويعني الاسم “کەنداو- Kandaw” أن المياه بمرور الزمن حفرت هذه المنطقة وجعلتها بحراً. أليست هذا التسمية أفضل من اسم الخليج الذي لا ينطبق على الأرض التي حفرتها المياه المتدفقة من المحيط على مر الزمن وتجمعت فيها حتى صارت بحرا؟.
هذا والسلام على من ينطق بالحق ويقول الحقيقة كما هي دون زيادة ونقصان
10 01 2023
تسلم أستاذ هشام على المهنية التي تتمتع بها يا شهم. محبتي
الاستاذ محمد مندلاوي المحترم … ابارك لكم هذا الجهد العظيم الذي بذلته لكشف الحقيقة .. ووضع النقاط على الحروف سيما ونحن نعيش اليوم حالة من الجهل والعنصرية المطبق في كثير من الواقع و الحقائق العلمية و التاريخية و الجغرافية وما حصل من لغط حول تسمية الخليج … وفي الحقيقة فان ما تفضلتم بتقديمها من ادلة دامغة حول هذا الموضوع تكفي لازالة اللبس و الغموض … واود ان اضيف .. ان على المعترضين على تسمية الخليج الفارسي ان يعودوا قليلا الى الوراء ويطلعوا على كتب التاريخ و الجغرافية للمراحل الابتدائية و المتوسطة و الثانوية ليروا بام عيونهم كيف ان مصطلح الفارسي كان يطلق على الخليج … والذي ازيل فيما بعد عن تلك المناهج في نهاية ستينيات من القرن الماضي … وبصراحة فانني لست بصدد الدفاع عن فارسية الخليج والذي يقول عنه بعض المؤرخين انه سمي بالخليج الفارسي في القرن السادس قبل الميلاد … كما يشير مؤرخون اخرون ان اسكندر المقدوني هو اول من اطلق اسم الفارسي على هذا الخليج وهو في طريقه الى بلاد الفارس … مع تاكيد شكري لاستاذنا القدير محمد على عطائه الثقافي و التاريخي وتحليلاته المتميزة
الاخ البارع والكاتب السديد الاستاذ محمد المندلاوي
لقد اطلعة على مقالكم الجميل” الخليج الفارسي عبر العصور ” فوجد فيه الكثير من الانصاف والمعلومة المبنية عن جهد غير منحاز وتاريخي. ان الخليج الفارسي هو من اقدم الاسماء الواردة في الوثائق التاريخية ووفقا لهذه المستندات فان اول من استخدم اسم الخليج الفارسي في العالم واعترف به رسميا كان اليونانيون في القرن السادس قبل الميلاد ومن ثم الروم كما ان هيرودتس اب التاريخ اشار في كتاباته الى اسم الخليج الفارسي.
والطريف هنا ان جميع المؤرخين او سكان المنطقة كانوا يستخدمون على مدى السنين اسمي بحر العرب والخليج الفارسي بحيث كان يطلق على البحر الاحمر منذ البداية اسم الخليج العربي وان الخليج الفارسي هو اسم اقدم واعرق وربما من اجل التمييز والتفريق اطلق على البحر الاحمر اسم الخليج العربي.
وفي العصور الوسطى استخدم الاسيويون والاوروبيون اسم الخليج الفارسي في كتبهم التاريخية والجغرافية وفي مصادرهم وخرائطهم ووثائقهم كما تمت الاشارة الى هذا الموضوع في خريطة العالم الموجودة في كنسية هارتفورد. والوثيقة الاخرى التي يتم حاليا الاحتفاظ بها في المتحف البريطاني هي الخريطة التي وضعت في عهد احد ملوك بابل وان الشرح بشان هذه الخريطة يشير بوضوح الى الخليج الفارسي.
وقد جاء “اناكسمين” 610- 546 ب.م على ذكر اسم الخليج الفارسي في خريطة العالم التي وضعها هو كما ان هكاتئوس المالطي الذي كان يعتبر من اشهر علماء الجغرافيا في عصره وضع خريطة ميز فيها بين الخليج الفارسي والخليج العربي (البحر الاحمر). كما ان كتاب يونانيين اخرين مثل كنؤياس غزنفون واسترابون اطلقوا على الخليج الفارسي اسماء برس بارسة و برساي وبرس بوليس. وتعد كتيبة داريوش الكبير وثيقة دامغة اخرى ورد فيها اسم بحر بارس.وختاماً اقدم لكم كل الاحترام والتقدير على ما تفضلتم به لاحقاق الحق
العزيز الغالي أستاذ عبد الخالق شاكر لك إهتمامك وإضافاتك الجميلة التي أغنت المقالة. مع محبتي
شاكر لك اهتمامك كاك عبد الرسول الغالي.