كما يقول المثل الدارج الكتاب واضح، بين، يعرف من عنوانه. مع إن ما أنشره ليس كتاباً بين دفتين حتى ينطبق عليه المثل أعلاه بكل حذافيره، بل هي مقالة مختصرة، مقتضبة، نُذَّكر من خلالها الأستاذ المحترم (حسين سعدون) بتلك الأسطر الـ14 التي رددها عدة مرات في محاضراته التي يلقيها في قنوات الـ”يوتيوب” أو في قنوات التلفزة أو في دور ثقافية تستضيفه: إن الدكتور(طه حسين) حذفها بعد الطبعة الأولى في كتابه (في الشعر الجاهلي). عزيزي أستاذ حسين أن الأسطر الـ14 التي قرأتها حضرتك في محاضرتين هذا نصها: للتوراة أن تحدثنا عن إبراهيم وإسماعيل، وللقرآن أن يحدثنا عنهما أيضاً، ولكن ورود هذين الاسمين في التوراة والقرآن لا يكفي لإثبات وجودهما التاريخي، فضلاً عن إثبات هذه القصة التي تحدثت بهجرة إسماعيل ابن إبراهيم إلى مكة ونشأة العرب المستعربة فيها. ونحن مضطرون إلى أن نرى في هذه القصة نوعاً من الحيلة لإثبات الصلة بين اليهود والعرب من جهة، وبين الإسلام واليهودية والقرآن والتوراة من جهة أخرى. وأقدم عصر يمكن أن تكون قد نشأت فيه هذه الفكرة إنما هو هذا العصر الذي أخذ اليهود يستوطنون في شمال البلاد العربية ويبنون فيه مستعمراتهم. ويقول الدكاترة (1) طه حسين: فنحن نعلم أن حروباً عنيفة شبت بين هؤلاء اليهود المستعمرين وبين العرب الذين كانوا يقيمون في هذه البلاد، وانتهت بشيء من المسالمة والملاينة ونوع من المحالفة والمهادنة. فليس يبعد أن يكون هذا الصلح الذي استقرّ بين المغيرين وأصحاب البلاد منشأ هذه القصة التي تجعل العرب واليهود أبناء أعمام،لا سيما وقد رأى أولئك وهؤلاء أن بين الفريقين شيئاً من التشابه غير قليل؛ فأولئك وهؤلاء ساميون. عزيزي أستاذ حسين أليس هذا نص ما قلت أنه محذوف من الطبعات التي تلت الطبعة الأولى؟. لا عزيزي، تجدها في نفس الكتاب المعنون (في الشعر الجاهلي) سلسلة الكتاب للجميع رقم 16 ص 32-33 طبعة خاصة لدار المدى للثقافة والنشر سنة الطبع 2001 بلا شك تعرف أن رئيس مجلس الإدارة والتحرير في دار المدى هو الأستاذ (فخري كريم) كوردي من عشيرة الزنگنة – Zangane الكوردية الشهيرة. يوجد في نهاية الكتاب أيضاً ملحق قرار النيابة المصرية في قضية الكتاب وهو عبارة عن 30 صفحة، وفي نهايته يقول محمد نور رئيس نيابة مصر: وحيث إنه مما تقد يتضح أن غرض المؤلف لم يكن مجرد الطعن والتعدي على الدين بل إن العبارات الماسة بالدين التي أوردها في بعض المواضع من كتابه إنما قد أوردها في سبيل البحث العلمي مع اعتقاده أن بحثه يقتضيها.
وحيث إنه من ذلك يكون القصد الجنائي غير متوفر (( فلذلك)) تحفظ الأوراق إداريا… . القاهرة في 30 مارس سنة 1927.
للعلم، أن لدار المدى نشاطات ثقافية عديدة في مختلف البلدان ومنها إقليم كوردستان حيث تقيم سنوياً معرضها الدولي في العاصمة أربيل،(پێشەنگای نێودەوڵەتی هەولێر بۆ پەڕتووک) وتحضر فعالياته خلال أيامه الـ11 عشرات الآلاف من المواطنين الكورد والكوردستانيون المحبون للعلم والأدب والثقافة. كان هذا العام 2023 تحت شعار حاضر وحضارة، لاقى المعرض هذا العام ككل الأعوام الـ14 السابقة نجاحاً فائقاً، وذلك من خلال مشاركة دور النشر العديدة العربية والأجنبية، التي تخطت عددها 350 دارا. وكان من أبرز ضيوف المعرض هذا العام الروائي التونسي شكري المبخوت، والصحفي والكاتب ومقدم برنامج تلفزيوني الرائع إبراهيم عيسى، والكاتب السوري هاشم صالح، والروائية الإماراتية ريم الكمالي. أضف لكل هذا الاهتمام الإعلامي الكبير به، حيث نقل يومياً قنوات التلفزة الكوردستانية والعربية جوانب من فعاليات المعرض التي تضمنت الندوات الأدبية والأنشطة الثقافية المتنوعة. نرجو أن يستضيف القائم على المعرض في العام القادم الأستاذ (حسين سعدون) لإلقاء بعض المحاضرات العلمية والفلسفية.
(1): أرجو أن لا يفهم خطأ تسميتي لـ(طه حسين) بالدكاترة التي هي صيغة الجمع للدكتور، حقيقة وبلا أدنى شك هو دكاترة وليس دكتور، لأني سمعت ذات مرة من الإعلامي والكاتب والمحاور المتألق (إبراهيم عيسى) قال: إن (طه حسين) حصل على ثمان شهادات دكتوراه. أ تلاحظ عزيز القارئ الكريم، مع أنه إنسان كفيف البصر، مع هذه الإعاقة البصرية حصل على ما لم يحصل عليه غيره في بلدان الشرق الأوسط، بعينين ثاقبتين، بلا شك أن بعض هذه الشهادات فخرية، لكن مع هذا حسب علمي لم يحصل غيره على هذا العدد من شهادات الدكتوراه وهو في هذه الحالة الصعبة للغاية التي أشرنا لها أعلاه؟. إذاً، كيف لا يوصف هذا العبقري بالدكاترة وليس دكتور؟. فليكن (طه حسين) أول إنسان في العالم يحمل هذا اللقب الأكاديمي الجامع دكاترة طه سين.
ارم نظارتيك ما أنت أعمى … إنما نحن جوقة العميان. (نزار قباني)
05 04 2023