ـ قراءة جغرافيّة وتاريخيّة وسياسيّة ـ في  ـ محاضرة السيد سمير العيطة : التنمية والتجارة وإقليم الجزيرة السوري ـ*-  وليد حاج عبد القادر

 

في البداية وبعيدا عن المؤامرة ونظريتها ومقتطفا من عاموده في الصفحة الثالثة من النسخة العربية ل ـ لوموند دبلوماتيك ـ العدد 46 كانون أول 2010والذي يرأس السيد سميرالعيطة رئاسة تحريرها . وتحت عنوان ـ نظرية المؤامرة يقول السيد  العيطة .. / .. أمتع ما سمعته للخروج من هذا الهذيان المؤامراتي هو حديث لمحمد حسنين هيكل يقول فيه ـ التاريخ ليس مؤامرة ولكن هناك مؤامرات في التاريخ ( .. ) وهذه المنطقة أكثرها تعرضا لمؤامرات التاريخ ( .. ) يفسّر ذلك بكون إنها على مفترق طرق خريطة العالم ومعبر الإمبراطوريات وتحوي نفطا ومنتهيا للقول إن اللافت ليس أن هناك مؤامرات تحاك ضد المنطقة بل أنها تنجح … على عكس أماكن وأوطان أخرى في العالم … / وقبل الخوض في أية محاولة نقاشية لما نشر من مقتبس للمحاضرة التي القاها السيد العيطة لابد من الوقوف ولو بعجالة على مفهوم واستدلالات معاني الإقليم وبالتالي تعاريفها المتعددة كإستناد وظيفي / معرفي والغاية المتوخاة / المستوحاة أو ما يبتغي الكاتب / الباحث الوصول إليه وبالتالي عصارة استنتاجاته .. فالإقليم بحسب الموسوعة العربية وغالبية التعريفات المتتالية لها / … معربة من الكلمة اليونانية ـ kilma ـ ذات الدلالة المناخية … دخلت علوما طبيعية متنوعة ولم يقتصر استعمالها على الجغرافيين بل دخلت في مجال العلوم السياسية والإدارية والقانونية .. لها مدلولان : الأول مناخي نطاقي وهو الأصل .. والثاني ـ region ـ هو الجغرافي الشامل ، وهو الأكثر استعمالا لدى علماء العرب المسالكيين … أما في الوقت الحاضر فيستعمل الجغرافيون وعلماء الأرض ـ الجيولوجيا ـ كلمة إقليم بالمعنى الجغرافي الإقليمي النطاقي .. أن أكثر هذه المفهومات تأخذ المضمون النطاقي وبعضها لها مدلولات نطاقية وإقليمية في آن واحد ومن مدلولات مصطلح الإقليم ـ المدلول المناخي .. المدلول الترابي .. النباتي .. التضاريسي .. والمدلول الإقتصادي حيث يمثل الإقليم نشاطا إقتصاديا معينا كإقليم زراعة الحبوب .. وقد يدل الإقليم على نوعية الإستقلال الإقتصادي .. الإقليم الوظيفي أو العقدي ويمثل مدينة رئيسية ما وظهيرها أي المناطق التي لها علاقة مباشرة إقتصاديا واجتماعيا بهذه المدينة / كرديا .. بازاري بوطان .. دشتا بوطان .. جيايي بوطان .. مني وليد ـ .. / ويختصر الكاتب في الموسوعة العربية لابل ويعتصر في / … المدلول الجغرافي الطبيعي وهو المعنى التكاملي للإقليم إذ أنه يطلق على واقع طبيعي معين أوجده تفاعل العناصر الطبيعية التي تكونه .. والإقليم الجغرافي الطبيعي بمفهومه النطاقي جزء من وحدة طبيعية كبرى .. وما أن الى المدلول الإقليمي الجغرافي ـ regional geographic meaning ـ وهو المدلول الشامل للعناصر الجغرافية من طبيعية وما تتضمنه من مدلولات .. / متعددة مذكورة أعلاه …وهي بالذات نقطة التقائنا والتعريف وبالتالي فهمنا واستدلالنا ومحور هذه القراءة فتشمل فيما تشمل / … من عناصر جغرافية بشرية وإقتصادية وإجتماعية وبمدلولاتها المختلفة … / .. وفي الختام يمكن تلخيص وتكثيف معنى الإقليم ودائما حسب الموسوعة العربية .. / .. يرتيط بمسألة معينة من سطح الأرض لها خصائص واحدة ومتقاربة جدا وفيها مواصفات طبيعية وجغرافية أخرى يميزها من إقليم جغرافي آخر وهذا المفهوم شديد الشبه بمفهوم الإقليم الجغرافي عند المقدسي ومستخدم في تقسيم سورية الى ثمانية أقاليم جغرافية على سبيل المثال .. / .. د . شاهر جمال آغا من الأنترنيت / ويكبيديا …

وجاءت بعض التعريفات الممزوجة بتسريبات تاريخية ـ مشوهة ـ حول ـ الإدعاءات بخصوص ما يتم تسميته ب ـ الأقاليم السورية الشمالية كمعطى تأريخي معرفي فنرى .. / .. وهي مناطق من شمال سورية تم ضمها الى تركية بموجب معاهدة لوزان عام 1923 بين تركيا من جهة وبريطانيا وفرنسا من جهة أخرى جاءت المعاهدة الجديدة كتعديل لمعاهدة سيفر** عام 1920 … التي رسمت حدود تركيا مع جيرانها .. تضم هذه المناطق من الغرب الى الشرق مدن ومناطق مرسين وطرسوس وقيليقية وعنتاب وكلّس ومرعش وأورفة وحرّان ودياربوماردين ونصيبين وجزيرة ابن عمر ، تعتبرسفوح جبال طوروس والخط الفاصل بين ديار بكر / في الشمال الشرقي / ومرعش في الأوسط ومرسين في الغرب الحد الفاصل بين الأرض العربية وتركيا . برغم حملات التتريك المكثفة وهجرة أو تهجير الكثير من سكان هذه المناطق الى بقية أنحاء الوطن العربي ـ سورية خصوصا ـ لا تزال بعض هذه المناطق وبالأخص أورفة وماردين وعينتاب ذات غالبية عربية ويقدرالبعض مساحة هذه الأراضي ب ( 180000 كم2 ) … تشكل هذه المناطق الجزء الشمالي من الهلال الخصيب بما تضمنه من سهول ممتدة وأراض خصبة مثل سهل حرّان ومصادر مائية وفيرة من خلال أنهار ـ الفرات ودجلة والخابور ـ .. / .. وتستطرد وجهة النظر العربية / القوموية السورية الإستلابية فتستمر الصياغة .. / .. حقائق التاريخ !! والجغرافية : تعد هذه الأراضي جغرافيا جزءا من سورية الطبيعية .. خلال حكم ابراهيم باشا لسورية مابين 1830 ـ 1840 تنازل السلطان محمود الثاني عن هذه المناطق لإبراهيم باشا ضمن معاهدة كوتاهية .. / .. وتستمر هذه الدراسة / النزعة في عرض مبرراتها التاريخية في استعراض لأمور تسبق حتى تفكك الإمبراطورية العثمانية وفق عملية انتقائية إن لمعطيات التاريخ أو بالتالي إجتزاءها واختزالها كيفيا .. / .. انتزاع هذه الأقاليم من الأراضي العربية : وردت الإشارة إلى هذه الأقاليم ولواء اسكندرون كمناطق متنازع عليها في مراسلات حسين ـ مكماهون . ذكر الكتاب الذي أرسله حسين بن علي ـ شريف مكة ـ الى هنري مكماهون الممثل الأعلى لبريطانيا في مصر 14 تموز 1915 أن الحدود الشمالية للدولة العربية المستقبلية يجب ان تمتد الى مرسين وأضنة بما يشمل لواء الإسكندرون . . لكن مكماهون اقترح في كتابه .. الى الشريف خسين في 24 ـ 10 ـ 1915 فصل هذه المنطقة زاعما أن سكانها ليسوا عربا تماما . فرفض الشريف حسين هذا الإقتراح وأصرّ على رأيه في الكتاب الذي بعث به الى مكماهون في 15 ـ 11 ـ 1915 ولكنه رضي أخيرا بالتنازل / ؟؟ !! / عن مرسين وأضنة فقط وعندما عقد الحلفاء معاهدة سيفر مع تركيا عام 1920 أقرت تركيا بمنطقتي الإسكندرونة وقيليقية كجزء متمم للبلاد العربية . إضافة الى هذه المناطق ضمت تركيا بالتواطؤ مع الإحتلال الفرنسي لواء اسكندرون السوري الساحلي عام 1939 .. وللتركيز أكثر وبالتالي معرفة وجهات نظر ـ عروبية ـ أكثر نقتطف من الأنترنيت أيضا وموقع جبلة كوم هذه الأسطر : .. / .. أقاليم سوريا والبيئة : … 1 ـ إقليم الجزيرة والفرات : تبلغ مساحتها 51000 كم2 وهو عبارة عن منبسط سهلي يرتفع بمعدل وسطي 350 م فوق سطح البحر .. الصيف حار والشتاء بارد ممطر .. يعتبر إقليم الجزيرة من أغنى أقاليم سورية بالثروات الطبيعية وأهمها الماء .. / ..

ومن هنا ـ أرى ـ من الضروري التطرق الى بعدين آخرين في هذا السرد إن للجغرافية الإقليمية وبالتالي إرهاصات التاريخ الذي أعقب ولربما ساير الحرب الكونية الأولى وبالتالي ـ وثانية ـ تسويف سيفر والجغرافية ببعديها الطبيعي والبشري ومن الإنترنيت وموقع واكيبيديا … / … سورية الكبرى : .. مصطلح معروف في السياق التاريخي سورية وبلاد الشام .. يدل على الوحدة التاريخية في منطقة المشرق العربي المطلة على البحر الأبيض المتوسط وتشمل .. سورية والأردن ولبنان وفلسطين والعراق والكويت وجزيرة قبرص وتشمل سورية الكبرى ايضا أجزاءا ضمت الى دول مجاورة مثل لواء اسكندرون .. والأقاليم السورية الشمالية التي ضمت الى تركيا بموجب معاهدة لوزان والأحواز الى إيران وشبه جزيرة سيناء في مصر وجزء من صحراء النفوذ في شمال السعودية . المنطقة معروفة أيضا بإسم الهلال الخصيب .. / .. وفي المحصلة تتوضح عملية التلاقح بين بعدي الدعوة : الى القومية السورية مع نظيرتها أو المتممة لها ـ القومية العربية على حد توصيفهم / .. القومية السورية ليست على عداء مع العروبة بل هي مشروع سوري شديد الإعتزاز بالنفس ضمن فضاء العروبة الأوسع .. / .. وفي هذه العجالة ـ أرى من الضروري ذكر بعض من المقتطفات من مقال للسيد عصام خوري المنشور في موقع مركز التنمية البيئية والإجتماعية .. إقليم الجزيرة والفرات .. 22 ـ 3 ـ 2010 .. / .. يعد إقليم الجزيرة والفرات من المواطن المبكرة لإنسان العصور الحجرية بأدواره الثلاثة وقد استمر الإعمار فيه امتدادا لإعمار بلاد الرافدين وسورية ـ يلاحظ الفرز عند السيد عصام لا الخلط والدمج على قاعدة الآخرين ـ من عهود الحضارات القديمة الى العهد العربي الإسلامي والعصر الحديث ويلاحظ من اسماء المناطق قبل عمليات التعريب التي قامت بها الحكومة السورية … وقد تراجع استيطان الإقليم في أزمنة الإضطرابات والغزوآخرها الغزو المغولي عام 224 ثم غزو تيمورلنك عام 1394م وظل الإقليم شبه مهجور إلا من القبائل الرعوية الرحل الى أواخر العهد العثماني حيث أسكن العثمانيون عددا من القبائل العربية والكردية … /

ويلاحظ من القراءات المتعددة أعلاه لوجهات نظر وطروحات لمدارس سياسية ـ معروفة ـ والتي ـ حاول السيد سمير العيطة تجاهلها ـ ولكن بالقفز السلس الى أتون توجهاتها من خلال ذاك الكم المتجانس والمتقارب ـ كما وعددا ـ من الطوائف بمللها ونحلها على أطارف تلك الدول / التقسيمات التي أفرزتها إتفاقية سايكس بيكو* وهنا وبإيجاز شديد ـ أقله ـ بالنسبة للأخوة المسيحيين فهم لم تنشأ لهم أية دولة مسيحية لافي كردستان تركيا ـ جنوب شرقي أو غربي الأناضول ـ ولا في إقليم ـ الجزيرة السورية ـ وبقوا هم كما أغلبهم مواطنون كردستانيون لابل وغالبيتهم كرد أقحاح ـ كرد البشيرية حول آمد ـ وكذلك مسيحيي منطقة ماردين ولعلها اللغة الكردية الفصحى هي تلك التي يتكلمها مسيحيو قرى البشيرية من كردستان تركيا .. وهنا الزبدة التي ينوي أن يقدمها الكاتب لنا ـ أو لعله يبشر بها ـ .. نعم أنها جدلية السوق أو الأسواق المشتركة ـ بتراكيبياتها المختلفة ـ والتي تتجه أو يراد لها الإندماج في عملية تجاوزية كالتي جرت  لمعطيات الحدود وبالتالي لمفاهيم الإنتماءات القومية وبالتالي زجها وخلطها بالمذاهبية الدينية فتتساوى الإنتماء الديني مع القومي ـ بالرغم من إنتماء ذاك الديني الى ذلك القومي ـ لتتالى الدعوة الى الندية او ما نتعارف ـ نحن ـ عليها بالمساواة وثقافة الإقرار بالآخر .. ولكنه الأستاذ سمير العيطة حر هو بآلياته فينضم الى قائمة المبشرين بالتحولات القادمة ومشروع سورية 2025 أسوة بالسيد جمال باروت وآخرون ولنكتشف معه ـ وإن لم يصرّح بها كما سنلحظ لاحقا ـ بأن / .. التخطيط الإقليمي ليست بدعة إنفصالية .. / وليتمموها من عندهم ومن جديد .. / .. والحل ليس بالفدرالية أيضا .. / حسبما ورد في مقالة ـ إخفاقات التنمية الإقليمية في سورية ـ ( من الأنترنيت موقع النداء ـ إعلان دمشق للتغيير الوطني الديمقراطي د . سلامة خضور 2 ـ 3 ـ 2010 …        ليتم اختصار المسألة كما وتشخيصه للحالة التركية وكأن الموضوع محصور بالزاوية الإقتصادية .. وهذه رغم أهميتها إلا أنه عمرها ما انفصل الإقتصاد عن السياسة ولا السياسة عن الإقتصاد

وخلاصة التعاريف التي عنت بمفهوم الإقليم وبالتالي ـ الجزيرة السورية ـ خاصة أبعادها وامتدادها في العمق وهنا أصاب ـ الكاتب ـ في توصيفه للتكامل الإقليمي الجغرافي / البشري وبالتالي إفرازاتها المتعددة .. نعم هناك أقليات ولكن الكتلة السكانية الأساسية هم من الكرد والمسألة هنا إحصائية ولايصلح فيها التعميم كما ومن الضروري توضيح نقطة مهمة : تدل كثير من الدراسات التاريخية وبالترافق مع نتائج ـ أركولوجية ـ بحثية بأن المتغيرات المناخية إضافة الى الكوارث الطبيعية قد أدت في مراحل تاريخية متعددة الى زوال ممالك ومدن وبالتالي انزياحات بشرية تتجه وتستقر حيث يتوفر لها الماء والكلأ ـ السومريون مثلا ـ ولكنه ـ والحالة هذه ـ لا يمكن تعميمها وظاهرة المدن الحديثة التي بنيت في ما يسمى ـ بالجزيرة السورية على أنقاض مدن لربما هجرت أو تهدمت بقدر ماهي ـ هذه المدن ـ هي بدائل تحاكي المدن التي بقيت في الطرف الآخر بعد التقسيم الخرائطي / الجغرافي الجديد .. ف ـ ديركا حمكو توازي بوطان .. وقامشلو / نصيبين وعامودا / ماردين .. ودربيسيه بشقيها كما سري كانيه وهكذا كوباني أو عرب بينار ـ عين العرب ..الخ .. ـ ويستمر الكاتب في صياغته ويؤكد بأنه لا مراكز حضارية كبيرة ولا تجارة نشطة ولاتنمية مستدامة يمكن أن تنشأ في مناطق غير مستقرة .. أما لماذا هذا الأقليم الشاسع والغني بإمكاناته غير مستقر ؟؟ هذا ما لم يفسره الكاتب !! أو لعله لايهتم بالرغم من أنه ـ ومنذ البداية ـ لا يخفي توجهه ـ بل يوضح ـ انحيازه الكامل لمسألة تشكل الدول القومية نتيجة تفكك الإمبراطورية العثمانية وإن كانت تحفظاته على الآلية ـ وعددية الدول العربية ـ ملغيا الكاتب ـ أو متجاهلا ـ في أحسن الأحوال ـ وبالمطلق مسألة كردستان والشعب الكردي واتفاق سيفر وإفرازاته ـ لوزان ـ وبالتالي لعبة القط والفأر في شد ومط حدود تركية الجديدة وكل من سورية والعراق على الرغم من أنه ـ الكاتب ـ قد ذكر مثلا ـ الموصل وكردستان العراق العراقيتين ـ !! وذكر الكرد كما أسلفنا سابقا في معادلة موازية للأقليات الأخرى ـ التركمانية والشراكسة ــ ومعتنقي بعض من الأديان ـ وقد يكونوا بالأصل كردا ـ !! ومع كل هذه فآلية شروحاته التكاملية لم تستطع إخفاء عوامل التكامل المتعددة لهذا الإقليم الفسيح والذي نطلق عليه نحن اسم كردستان التي غيبت كمرادف لوطن وشعب قد تجزأ إن من ذهنية السيد سمير العيطة أو ما أراد أن يوصل أو حتى يشير عليها للقراء الكرام .. وفي استطراده وبالتالي إبرازه لأدوار كل من النيل ودجلة والفرات : نعم النيل كان ـ وما زال ـ مرتعا سهلا لإبحار السفن فيها والمدن كما الزراعات استدامت على ضفافها أما بلاد الرافدين فلم تكن أهمية أنهارها تقل عن النيل وإنما تتميز عن حوض النيل الذي يسودها التصحر عكس السهول الفسيحة في بلاد الرافدين وكذلك جوها الماطر إضافة الى التربة الصالحة وكثرة الينابيع والسواقي كلها ساهمت على إيجاد تجمعات شبه مستقرة حتى في العمق يشهد على ذلك كثرة المواقع الأثرية وأطلال مدن كان لها ما لها من أهمية في سياقها التاريخي .وكذلك منظومة شبكات الري وخزائن لجمع المياه .. الخ .. ويعود الكاتب وفي تداخله ومزجه للتاريخ والجغرافيا ـ أرى ـ أنه بحاجة الى الإطلاع أكثر على تاريخ المنطقة قبل قدوم العثمانيين . هذا التاريخ بوقائعه التي تؤكد بأن كردستان كانت حتى في أوج الصراع الصفوي العثماني أمارات شبه مستقلة وقد أراد السلطان العثماني تحييدهم بالإستفادة من العامل المذهبي فوسّط الملا إدريس البدليسي أمير بدليس والذي استطاع إقناع الأمراء الكرد بالوقوف الى جانب العثمانيين مع ضمانة السلطان لأماراتهم وبقاءهم على رأسها وبحقوق ورثتهم أيضا … وفي سرده التاريخي للتجارة والتبادل التجاري وآليات وبالتالي خطوط هذا النشاط الإقتصادي وفي إيحاء شبه مباشر يحاول ـ الكاتب ـ إضفاء نزعة العروبة على المنطقة / .. وكانت العشائر التي اكتشفت سفن الصحراء ـ الجمال ـ هي التي تشكل جزءا كبيرا من هذه التجارة .. / ومن دون التوجه ـ الطوطمي ـ نحو التاريخوية الصرفة إلا أن تسلسل تطور المجتمع البشري منذ بدايات الإنسان وإحساسه بتميزه عن الطبيعة والمحيط وبالتالي دخوله عصر المكتشفات التي أهلته للبدء في تسخير الطبيعة من اكتشاف للنار وبالتالي استخدام المعدن وتدجين الحيوان وكان لتأهليه لحيوانات الجر والركوب أهمية لا تقل من اكتشاف النار وحتى المعدن .. هذه الحيوانات التي اختلفت أنواعها المؤهلة طبعا لإمكانية استخدامها المناطقي وطبيعي أن يكون الحصان من الأهمية في منطقة بلاد ما بين النهرين كما أعالي آسية سواءا للجر أو التنقل أو الفلاحة .. الخ ..وقد برع الكاشيون في تربيتها وتأهيلها وبالتالي كان الفراعنة وملوك دول الجوار يرجونهم بزيادة عدد أزواج الخيول …. / مثلا يمكن مراجعة ترجمات بعض من وثائق تل العمارنة ورسائل الفراعنة الى ملوك كاردونياش بهذا الخصوص .. دراسات حول حضارات بلاد مابين النهرين د . توفيق سليمان / .. وتلى تدجين حيوانات الجر أكتشاف أو إختراع الدولاب وبالتالي استخدام العربات بمختلف أشكالها وأحجامها والتي ـ أيضا واستطرادا ـ للدراسات الأثرية فقد كان للميتانيين السبق في ذلك ـ إذاعة دمشق في واحدة من برامجها الوثائقية التاريخية ـ ولعل إرشيفات المواقع الأثرية المختلفة وكذلك وثائق القصور الملكية في كل من ـ مثلا ـ / ماري ، جاغر بازار ، كوزان ، واشو كاني   موزان أو أوركيش ، تل براك ، تل حبش ، تل بيدر …الخ / هذه الرقيمات والوثائق تلقي كثيرا من الضوء على آلية التعامل وبالتالي التبادل التجاري إن بين أفراد المجتمع أو البيئة الواحدة أو آليتها مع المدن / الممالك المجاورة . إذن مثلما كانت لسفينة الصحراء من دور وأهمية في البيئة الصحراوية هكذا لعبت حيوانات الجر المناسبة لبيئة كردستان أيضا دورها في صياغة آلية التعامل مع المحيط …

إن مناخ وطبيعة كردستان ومن ضمنها ما يسمى ـ اصطلاحا ـ بالجزيرة السورية تكاد ان تكون واحدة بارد وممطر شتاءا حار وجاف صيفا ، ذي مخزون كبير للمياه الجوفية ـ قبل أن تسمح الدولة السورية وكجزء من ممارساتها لتدمير المنطقة بالإستنزاف العشوائي لمخزون المياه الجوفية ـ وكذلك تربة زراعية خصبة وفي مقارنة بسيطة بين كردستان ـ العراق ـ وكردستان ـ تركيا و ـ اقليم الجزيرة السورية ـ يتبدى التفاوت والى درجة صاخبة ـ وطبعا ـ سلباللمنطقة الكردية في سورية فبالرغم من كل الظروف الدموية والمأساوية التي مرت بكردستان ـ العراق ـ حملات الإبادة المنظمة إن بحق الشعب أو الطبيعة حتى الحيوانات لم تنج منها إلا أنها الآن تنهض من زخم آلامها … حركة اقتصادية ممتازة ومتنوعة وأسس لركيزة متينة .. إتصالات ، طرق ، الخ ..وكذلك كردستان ـ تركيا ـ فبالرغم من حالة عدم الإستقراروبالتالي عدم اعتراف الدولة التركية بحقوق شعب كردستان وهيمنة العسكرتاريا التركية على جميع مناطق كردستان تركيا ومع هذا فالبون شاسع بين الوضع الإقتصادي للمنطقة بموازاتها بالجانب ـ السوري ـ … إن ممارسات السلطة السورية ومحاولاتها الحثيثة في دفع المناطق الكردية إلى حافة الهاوية .. مجاعة حقيقية .. تصحر وضنك شديدين والقضاء على أية فرصة عمل ممكنة وبالتالي إجهاض أي مشروع حيوي أقتصادي ووضع كافة العقبات أمام أية توجه صناعي ، تجاري من قبل ابناء المنطقة كإفرازات للمرسوم 49 سيء الصيت وكل هذه الأمور لغاية واحدة محددة : دفع الكرد الى الهروب منها وبالتالي فأن هاجس تنفيذ مشروع الضابط الأمني محمد طلب هلال وآليات تطبيقها هو الأساس في أية خطوة تخطوها ـ الحكومات السورية ـ في الإقليم المسمى ب ـ الجزيرة السورية ـ ولا يهم مدى كارثية النتائج التي استندت في الأساس على عزل المناطق الكردية عن باقي مناطق كردستان ولتمتد وكجزءمعمق ومترسخ في ذهنية وعقيدة السلطة السورية ـ محاولاتها ـ لتشمل عمق كردستان وبأجزاءها الثلاثة الأخرى أيضا كلما وجدت ـ السلطة السورية ـ الى ذلك سبيلا .. هذه المخططات والإستهدافات ذي طابع عنصري شوفيني وبالتالي ـ على الصعيد الكردي في سورية خاصة ـ تدميري كانت للبنية التحتية ـ المياه الجوفية واستنزافها كنموذج صارخ ـ وبالتالي بورنة ـ من البور ـ تلك السهول الفسيحة والتي استولت عليها تحت بند ما سمي حينذاك ظلما ب ـ قانون الإصلاح الزراعي ـ وبالرغم مما سمي ويسمى الآن بالمشاريع المتعددة للري ـ بناء السدود وفتح أقنية مائية وري جديدتين ـ إلا أن التصحر ** في ازدياد ومساحات الأراضي التي أصبحت غير صالحة للزراعة في اتساع مستمر ..وكل هذه الأمور لم ترو غليلها ـ سلطاتنا المصونة ـ فكانت حزمة الإجراءات المتتالية كمترافقات للمرسوم الشؤم ـ 49 ـ ونتائجها مدن الصفيح والخيم المهترئة تزعق … لقد انفتحت تركيا على ما يسمونها ـ أناضولهم الجنوبي الشرقي / ومصرّون ـ نحن ـ على إسمها الحقيقي كردستان . ونعلم جميعا حجم الممارسات والمذابح والويلات التي مارستها الطورانية على مرّ العقود بحق الشعب الكردي وكردستان وهي تتوجه الآن وبخطى حثيثة لاستنزاف موارد المنطقة بأقصى طاقاتها عمليا ، وتحت بند ومسمّى تطوير المنطقة وتحسين ظروف المعيشة فيها وأسست لهذا الغرض بعضا من البنى التحتية .. بناء السدود لتخزين المياه .. شبكات طرق حديثة .. اتصالات ومناطق حرة وبالتالي انفتاحها التجاري على كردستان العراق مما أوجد فرص عمل كثيرة لأبناء المنطقة وكذلك فقد ازدادت واردات خزينة الدولة التركية من ـ معبر خابور لوحدها ـ أكثر من مليار ونصف المليار دولار . وما يجدر ذكره هنا فأنه لو أشادت السلطة السورية جسرا على نهر دجلة فتوصل ما بين قرية ـ زهيرية ـ في منطقة ـ الجزيرة ـ  وقرية بيشابور في كردستان العراق لفتحت آفاقا واسعة من التبادل التجاري ليس فقط مع كردستان العراق وإنما الى إيران وشبه الجزيرة الهندية حتى الصين وأفغانستان وجنوب شرق آسيا ودول متعددة من المنظومة السوفيتية السابقة وطبيعي أن نتصور حجم العمل وفرصها التي كانت ستتوفر لأبناء المنطقة وبالتالي موانئ سورية وما كانت ستوفره ايضا ـ هذا الطريق ـ من كلفة ووقت أيضا ولكنها السلطة السورية وهيمنة ـ ملحمة محمد طلب هلال ـ من جديد فنرى وببساطة كيف أنها الخطط وهي تحاكي السياسات فتمارس الظلم وبالتالي عملية الإفقار لتتهاوى طموحات إحياء طريق الحرير والذي يهفو لها السيد العيطة لا بل فيصطدم وبقوة بتلك النزعة العنصرية المستدامة استدامة ممارسيها .. ومما سبق يتبين بشكل صارخ أنه ليست الأطارف أو الطرفية هي المسؤولة عن التخلف وبالتالي الإهمال في برمجة وتنفيذ بنى اقتصادية مستدامة فيها بقدر ماهي الممارسات كإنعكاس لنظرة شوفينية عنصرية ـ النموذج السوري ـ وفي هذا الجانب أصاب السيد سمير العيطة من خلال طرحه لسؤاليين أساسيين … / .. أولهما هل يجب اعتماد نظرة ـ الأقاليم ـ هذه فقط على الداخل السوري أم أيضا على البلدان المجاورة ما يعني أنه هل يجدر بنا النظر الى البلدان المجاورة ايضا كأقاليم لكل خصائصه .. ونبحث ونخطط لتنمية التعاون والتكامل والتنافس بين الأقاليم عبر الحدود قد تبدو الإجابة عن هذا السؤال بديهية لمن يسكن إقليما حدوديا ـ بالمناسبة كل الأقاليم السورية حدودية ـ خاصة بعد انفتاح الحدود وفرصة رؤية ما يجري على الطرف المقابل ، لكن الوعي العام لا يعد ذلك بديهيا .. وغالبا التخطيط والسياسات .. هناك إذن ضرورة أكثر من ملحة لتعديل النظرة لدراسة وتخطيط وتنفيذ التكامل بين إقليم الجزيرة السوري وإقليمي شرقي الأناضول وجنوب غربي الأناضول ـ التركيين .. وإفليم الموصل وكردستان العراق العراقيين … / والسؤال الثاني / .. يتعلق .. هل سيستمر السوريون بالقبول بمواصلة النزوح السكاني من إقليم الجزيرة الغني نسبيا   ـ بالموارد المائية نحو محور دمشق ـ حلب المفتقر لها … / … وطبيعي أن تثبت الوقائع وتصرخ ايضا .. فعلا أنها النتيجة الوحيدة المتوقعة كإنعكاس طبيعي لجملة السياسات والممارسات التي نفذت في هذه البقعة البائسة مستهدفة في الأساس جموع الكرد الذين ظلمتهم الجغرافية السياسية وتوابع زلزال الحرب الكونية الأولى فتقتسم بلادهم وهم يتشتتون بين دول أربع وتلغى اتفاقية سيفر ببنودها الضامنة لهم بحقهم في تقرير المصير فتمارس ما مورس عليهم .. وكم كانت الواقعة مؤلمة على رؤوس تلكم الأنظمة الغاصبة لكردستان وتجربة كردستان العراق تخطو خطوات حثيثة في بناء قاعدة اقتصادية متفائلة ولتثبت وبشكل قاطع بأن علة الفقر وبالتالي الهجرة والإنسياح التي تستهدف في غاياتها لتصل الى مرحلة الإجتثاث .. أجل إجتثاث الكردي من جذوره .. وعندما تتمكن السلطة من تغيير موقفها أو كان لديها الجرأة في اتخاذ قرار تقرّ به بالآخر وكذلك حقوق الشعب الكردي .. حينها مهما بلغت دمشق أو وصلت إليها حلب من تقدم ورفاهية .. ستبقى لتلك القرى التي أريد لها أن تصبح كأطلال وميضها كما شوق أبناءها وتوقهم لإعادة إعمارها ..

**********************************

ملاحظة : المادة منشورة منذ حوال١٤ سنة ولكن نظرا لتناسها مع مجريات الوضع الحالي ارتأيت إعادة نشرها .

* في دراسة لجامعة الدول العربية عن حوض الخابور والسهول المتاخمة لها خلصت إلى أنه لو تم استثمار المنطقة بشكل منهجي ومدروس لغطت ‘حتياجات أكثر من 250 مليون نسمة من المواد الغذائية

**  كانت منطقة الجزيرة السورية الأولى في زراعة الحبوب وكثير من البقوليات إضافة الى الثروات الباطنية وأهمها البترول …

*** للإطلاع على بعض من الإتفاقيات والمعاهدات الدولية والتي عنت أو تقصدت المنطقة ـ كردستان ـ فكثيرة هي الإتفاقات المعنية .. اتفاقية كوتاهية ….اتفاقية سايكس بيكو .. سيفر .. لوزان .. ومجموعة من الإتفاقيات والمعاهدات الناظمة لعلاقات الصفويين والعثمانيين والتي كانت طرفي كردستان هي المعنية في تسوياتهما

**** إعتمدت في قراءتي لهذا الموضوع .. الملخص الذي نشرته ـ لوموند دبلوماتيك ـ بالعربية ـ وكذلك نفس الموضوع المنشور على موقع الحزب الديمقراطي التقدمي الكردي في سورية