قرار وقف الكفاح المسلح والتخلي عن السلاح الذي أعلنه حزب العمال الكوردستاني ليس نصراً لتركيا فلا يفرحوا ، بل العكس تماماً هو نصر للشعب الكوردي ولحركات التحرر الكوردية التي صبرت طويلاً أمام العنجهية الطورانية وقد جاء هذا القرار في وقت مثالي نظراً للتغيرات الكبيرة التي طرأت على المنطقة ، تركيا انتصرت فعلاً عندما استطاعت في يوم من الأيام وفي غفلة من الزمان أن تجعل المجتمع الدولي يؤيدها بأن الحركات الكوردية هي تنظيمات إرهابية فأستطاعت حينها أن تسحب البساط من تحت أقدام الكورد وجعلت من مصطلح الإرهاب ذريعة لإيذاء الكورد واحتلال أجزاء كبيرة من أراضي كوردستان خارج حدودها والتملص من أية إلتزامات بخصوص الحقوق القومية للكورد ، فكانت تسرح وتمرح في جميع أجزاء كوردستان بلا رقيب وبشرعية دولية ذلك هو النصر الوحيد الذي حققته تركيا الإرهابية في تأريخها ضد الكورد ، يوم كان الكورد يعيشون الأمية السياسية لا يعرفون كيف يوصلون صوتهم ومظلوميتهم للعالم ، أما اليوم فقد سقط هذا العذر والمجتمع الدولي يشهد على ذلك وسقطت جميع الأعذار في محاربة الكورد وسلب حقوقهم ، فما هي الأعذار التركية مستقبلاً أمام العالم بعد إضطهاد شعب يزيد تعدادهم على العشرين مليون نسمة . الأتراك في وضع صعب فهم الأن بين خياريين أحلاهما مر أما الإستمرارية في إضطهاد الكورد وهذه ستكون كلفتها باهضة على أية حكومة تركية حالية أو مستقبلية لأن إضطهاد الشعب الأعزل سيعيد إلى الأذهان عمليات إبادة الأرمن قبل أكثر من مائة عام والتي تحاول تركيا التخلص من تبعاتها السيئة الصيت التي صاحبتها وتؤرق لياليها ، فهي وصمة عار أبدية في جبين الأتراك ومازالت تلك القضية على طاولة المحاكم الدولية ولن تسقط بالتقادم فهي جريمة ضد الإنسانية ، أما الخيار الثاني فهو الأصعب وهو إعطاء الحقوق القومية للكورد وقد تصل مستوى هذه الحقوق إلى حق تقرير المصير ، وهذا هو الخيار المر اللاذع الذي لا تقوى تركيا حكومة وشعباً أن تتجرعه ، قد يحاول الأتراك جعل المفاوضات مع الجانب الكوردي مفاوضات متعرجة مليئة بالخداع والحيل ، وهذا الشيء كان ممكناً في السابق أما اليوم فالكورد لهم تجارب كبيرة ومريرة في جنوب كوردستان وفي غرب كوردستان ، ولسوء حظ الأتراك أصبحت حتى المفاوضات في الشأن الداخلي لأي بلد شرق أوسطي يجب أن تكون تحت برعاية وإشراف أممي أو بالأحرى أمريكي ، فما هو السبيل لدى الأتراك غير المماطلة والتأخير ولكن إلى متى ؟ . الأتراك سيسعون بكل ما أوتوا من قوة ودهاء إلى دفع الكورد لحمل السلاح مرة ثانية ، ليس لديهم حل غير هذا الحل ، وهم يعلمون جيداً بأن الكورد أصحاب قضية وصاحب القضية لا يمل ولا يتعب سواء بحمل السلاح أو بالصدور العارية . جميع الأحزاب والقوى التركية سابقاً كانت تتنافس انتخابياً بورقة مواجهة الإرهاب الكوردي ، أما الأن بماذا ستتنافس ؟ سيحصل العكس سيتوجب على أي حزب يدخل الصراع الإنتخابي لقيادة الحكومة التركية تهيئة أجندة سياسية في التعامل مع الكورد وحقوق الكورد ، بالحقيقة هي ورطة سياسية كبيرة ، على أردوغان أن يقبل أيادي وأرجل عبد الله اوجلان لحمل السلاح ثانية ولكن هيهات فالكورد اليوم غير كورد الأمس والعاقل لا يعثر بحجر مرتين وليعلم الترك بأن ربيعهم أفل وربيع الكورد آت !