صوت كوردستان:
أثار قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب برفع العقوبات الاقتصادية عن سوريا تساؤلات واسعة حول حقيقة التحولات التي تشهدها البلاد تحت قيادة الجولاني ، الذي يُعتبر أحد أبرز الشخصيات المرتبطة بالتنظيمات الجهادية في المنطقة. بينما يزعم الجولاني تقديم نموذج جديد لسوريا “منفتحة ومتجددة”، فإن الحقائق على الأرض تشير إلى استمرار الأيديولوجية المتطرفة والطائفية داخل النظام الجديد.
رسائل داخلية متناقضة مع الخطاب الخارجي
خطاب تصالحي للغرب:
الجولاني سعى مؤخرًا إلى تقديم صورة معتدلة لنظامه، مؤكدًا أنه يسعى إلى إعادة بناء سوريا كدولة حديثة ومنفتحة على العالم. هذا الخطاب يأتي في إطار جهوده لتحسين العلاقات مع الغرب وجذب الدعم الدولي.
الخطاب الداخلي: أيديولوجية متطرفة وجهادية
ومع ذلك، فإن الرسائل الموجهة داخليًا تكشف عن وجه آخر تمامًا لنظام الجولاني. في تسجيل صوتي صدر هذا الشهر، ظهر داعية إسلامي يخاطب عناصر “الأمن العام” التابعين للجولاني بخطاب مليء بالأيديولوجية الجهادية: “إذا التزمتم بسنّ الرسول صلى الله عليه وسلم، فبعد سنوات قليلة، بمعونة الله تعالى، سنصلي في الأقصى”. هذه الكلمات تعكس رؤية أيديولوجية واضحة تقوم على فكرة الجهاد والتوسع الديني، مع الإشارة إلى القدس كهدف مستقبلي.
لغة العنف الطائفي: في بيان آخر نُشر هذا الشهر، تم استخدام مصطلحات مثل: “عليكم أن تكونوا حاسمين، مثل من؟ مثل المؤمنين الذين كانوا أشداء على الكفار”. هذه اللغة ليست فقط جهادية بحتة، بل تشير إلى استمرار النهج الطائفي الذي كان سائدًا خلال السنوات الماضية.
تكوين الجيش السوري الجديد: خليط من التنظيمات الجهادية
عناصر مشبوهة في الجيش: الجيش السوري الجديد الذي يقوده الجولاني يتكون بشكل أساسي من عناصر كانت تنتمي إلى تنظيمات مرتبطة بـالقاعدة ومجموعات أخرى مشبوهة. هذه العناصر هي التي أطاحت بنظام بشار الأسد نهاية العام الماضي، لكنها لم تتخلَّ عن أيديولوجيتها الجهادية.
استمرار الفكر الجهادي: رغم محاولات الجولاني تقديم صورة جديدة لنظامه، يبدو أن الأفكار الجهادية لا تزال تسيطر على عناصره. ويبدو أن هذه العناصر تعتبر نفسها جزءًا من مشروع جهادي أوسع يمتد من دمشق إلى القدس.
زيادة العنف الطائفي: التقارير تشير إلى تصاعد العنف الطائفي في سوريا، حيث يتم استهداف المجتمعات غير المسلمة أو حتى المسلمين الذين لا يتبنون الأيديولوجية السائدة. هذا يعكس استمرار سياسات الاستقطاب والكراهية التي كانت سائدة خلال الحرب الأهلية.
محاولات التغليف السياسي: هل هي مجدية؟
الجولاني يغازل المجتمع الدولي: الجولاني حاول في خطاباته الأخيرة تقديم نفسه كزعيم وطني يسعى إلى إعادة بناء سوريا وإعادة دمجها في المجتمع الدولي. كما ادعى أنه يعمل على إنشاء نظام سياسي جديد يعتمد على التسامح والانفتاح. ومع ذلك، فإن التصريحات السابقة للجولاني تكشف عن نواياه الحقيقية. ففي خطاب سابق له قبل أن يبدأ في تحسين علاقاته مع الغرب، قال:
“بعون الله لن نصل إلى دمشق فقط، بل القدس أيضاً تنتظرنا بعون الله تعالى”. هذه الكلمات تشير إلى أنه لا يزال يؤمن بمشروع جهادي طويل الأمد يتجاوز حدود سوريا.
المخاطر على المنطقة والعالم، تهديد إقليمي: إذا استمر الجولاني في تبني الأيديولوجية الجهادية، فإن ذلك قد يؤدي إلى تصعيد التوترات في المنطقة، خاصة مع استمرار النزاعات في العراق ولبنان والأراضي الفلسطينية. قرار ترامب برفع العقوبات عن سوريا قد يكون خطوة محفوفة بالمخاطر إذا لم يتم التأكد من أن النظام الجديد يتخلى حقًا عن الأيديولوجية المتطرفة.
مستقبل سوريا:
استمرار العنف الطائفي والتطرف داخل سوريا قد يؤدي إلى انهيار أي محاولات لإعادة بناء الدولة، مما يترك البلاد عرضة للفوضى والصراعات الداخلية. بينما يحاول الجولاني تقديم صورة جديدة لنظامه، فإن الحقائق على الأرض تشير إلى استمرار الأيديولوجية الجهادية والطائفية داخل الجيش السوري الجديد. خطابه المعتدل للغرب يبدو مجرد غلاف لتغطية مشروعه الحقيقي، الذي لا يزال يعتمد على الفكر الجهادي والتوسع الديني.