بتقديري الشخصي إن إقليم جنوب كردستان، كان بحاجة أولآ إلى إجراء إستفتاء حول بقاء ثنائية الحكم العائلي في الإقليم من عدمه، قبل إجراء إستفتاء تحدد علاقة الإقليم مع المركز ومصيره. لأنه من دون ترتيب البيت الكردي المرهل من الداخل، ومعالجة كافة الأمراض المزمنة التي يعاني منها، وفي مقدمتها الحكم العائلي والعشائري، وإرتهانه للخارج، لايمكن أن يتعافى، ويستطيع الوقوف على قدمية، ويقدم على خطوة، كخطوة الإستفتاء، التي أقدم عليها في 25 أيلول، وفشل فيها لأسباب معروفة للجميع. ومن أهم هذه الأسباب كما هو معروف، فساد النظام العائلي، الذي ينخر بجسد مؤسسات الإقليم، وتفرد نجل البرزاني وأحفاده بالسلطة، في الجزء الأكبر من الإقليم، وتفرد عائلة جلال الطالباني بالحكم في مدينة السليمانية، وصراعهما على السلطة والنفوذ والمال.
وأنا واثق لو أن الحكومة العراقية رحبت بالإستفتاء وقبلت نتائجه، لما نجح القيادات الكردية الحالية المتمثلة بالمافية الطالبانية والبرزانية من بناء دولة، ولكان بدلآ من ذلك تقاتلوا لسنوات طويلة حول الزعامة والثروة والسلطة، كما فعلوا ذلك في مطلع تسعينات القرن الماضي، وتسببوا في مقتل عشرات الألاف من أبناء الشعب الكردي، وتدمير عشرات القرى وتهجير أهاليها.
كل عاقل، يدرك بإستحالة بناء كيان سليم وعصري، مزدهر في نفس الوقت، ما لم يتم التخلص من الحكم العائلي والعشائري القابض على مقاليد الحكم، وإفساح الطريق أمام الأجيال الجديدة الغير ملوثة بالفساد، وبفكرة عبادة الأصنام، ومن خارج دائرة الحزبين الرئيسيين حزب الإتحاد الوطني، والديمقراطي الكردستاني، لكي يتباروا بالأفكار والبرامج، ويتنافسوا على خدمة شعبهم، وليس جيوبهم. ويكون جميع المسؤولين تحت المسؤولية، وخاضعين للقانون. ويتم تداول السلطة بطريقة سلمية، ولا يقسم المواطنين إلى صنفين، بعد فوز إحدى الأحزاب في الإنتخابات. صنف جيد كان معي، وصنف أخر سيئ، كان ضدي في الإنتخابات. في الأنظمة الديمقراطية، المسؤول هو مسؤول عن كان كافة المواطنين، بغض النظر عن أرائهم السياسية ومن إنتخبوا. ويعلمون بأنهم موظفين ومستأجرين من قبل الشعب للقيام بوظيفة معينة، ووفق شروط واضحة، ومدة زمنية محددة. ولا يجود شيئ إسمه الحاكم في الغرب، كما هو الحال في منطقتنا. ومن دون وجود صحافة حقيقة حرة، وبرلمان مستقل، ومعارضة قوية وبناءة، لا يمكن بناء وطن يعتز به كل مواطنينه ويدافعون عنه.
بهذه الطريقة فقط، يمكن بناء مجتمع صحي، وديمقراطي وعادل، يستطيع كل فرد فيه بالوصل لأي منصب كان، ولا يكون المناصب القيادية، حكرآ على الإقطاعية السياسية، التي كرسها مصطفى البرزاني أثناء قيادته للحزب والثورة، من خلال توريث الحزب لإبناءه عن وعي ودراية.
لو كان هناك مؤسسات منتخبة وحقيقية تحكم الإقليم، لما تجرأ ابن البرزاني من غلق باب البرلمان بالمفتاح، ومنع رئيسه من الوصول إلى مكتب عمله، ولما تجرأ نجل الطالباني ووالدته، من الإتفاق سرآ مع ملالي طهران، وبيع كركوك في مزاد علني.
إنظروا بعد الكارثة التاريخية، التي حلت بالشعب الكردي بسبب غرور وحماقة مسعود، وخسارة الكرد لمكتسبات كبيرة جدآ، حققوها بدمائهم وتضحياتهم، مازال الثنائي العائلي المرح يحكم الإقليم، وكأنه لم يحدث أي شيئ!! هل سمعتم تحمل شخص منهم المسؤولية وإستقال من منصبه، وقدم إعتذاره للشعب الكردي؟؟؟ أبدآ. وهل رأيتم تقديم مسؤول ما للمحاكمة، بسبب ما حدث؟ أبدآ.
لكننا رأينا من الجهة الثانية، كافة المسؤولين الرئيسيين، مازالوا مستمرين في مناصبهم وكراسيهم، ويرافقهم جيش عرمرم من الحراس ورجال الحماية في تنقالتهم، وتنقل أفراد عائلاتهم. وسمعنا أيضآ، بأن بعض المسؤولين هربوا الى الخارج، كوزير النفط والثروة الطبيعية.
وللخروج من هذه الحالة المستعصية، لابد من إجراء إستفتاء، حول بقاء الثنائي العائلي في السلطة، وتحديد السؤال على الشكل التالي: هل أنت مع بقاء هذا الثنائي العائلي في السلطة، أم مع إخراجه ومحاسبة المتورطين منهم بالفساد وضياع كركوك؟ والإجابة تكون على الشكل الأتي:
* نعم، أنا مع بقائهم في السلطة. * لا، أنا لستُ مع بقائهم في السلطة.
15 – 11 – 2017