قد لا يدرك البعض منا، بأن 80% من المشاكل الزوجية مصدرها الفراش، بكلام آخر العلاقة الجنسية بين الطرفين. هذا ما تؤكده أكثرية الإحصائيات العالمية. والعشرين الباقية تتوزع بين الوضع الإقتصادي أو المادي للزوجين، ومستوى الوعي والعلمي لكل منهما، إضافة للتربية الشخصية، وطباع كل واحد منهما.
ومن هنا يمكن القول، إن العلاقة الجنسية وإشباع الرغبات الفطرية والغريزية، لكلا من الطرفين الزوج والزوجة، يعتبر عنصر أساسي في بناء علاقة زوجية صحية. وأي فشل في العلاقة الجنسية، يعني فشل العلاقة الزوجية. وممارسة الجنس ليس مجرد عملية متعة فقط، بل الأمر يتعدى ذلك إلى الحياة العاطفية وأيضآ له علاقة وتأثير مباشر على الصحة الشخصية لكلا الطرفين.
ولإنجاح أي علاقة زوجية على الطرفين، إيلاء العلاقة الجنسية أهمية كبيرة، وهذا يحتاج من الزوجين في المقام الأول الحديث عن الموضوع بمنتهى الصراحة ودون أي خجل. وإعلام كل طرف الطرف الأخر بحاجته الجنسية ورغباته، ويكون منفتحآ لنقاش أي شأن في هذا الإطار. وعلى كل طرف إحترام رغبات الأخر والسعي للإنسجام معها. إن الجمود ورفض تلبية حاجات الشريك، بالطبع سيكون له نتائج سلبية على العلاقة الزوجية، ومع الزمن ستتراكم المشاكل ويوسع الفجوة بين الطرفين، وسيختفي مشاعر الود والحب بين الطرفين.
والعلاقة الجنسية ليس مجرد عملية جسدية، بكلام أخر عملية حيوانية. العلاقة الجنسية الناجحة تحتاج إلى إمور عديدة منها:
أولآ، إحترام الطرف الأخر والتعامل معه بلطف وحنان وأقصد بذلك المرأة كونها ذات حساسية معينة، وأن يسبق ممارسة الجنس ملاطفة كلامية من قبل الرجل لشريكة حياته، ومداعبتها مداعبة خفيفة تهيئ الزوجة لممارسة الجنس.
ثانيآ، ممارسة الجنس بانتظام وبشكل دوري، هذا يؤدي إلى تحسن العلاقة العاطفية بينهما، ويعزز من الحياة الإسرية. وكلما كانت العلاقة الجنسية غير منتظمة أو متباعد الفترات، فإن هناك إحتمال كبير في تعرض أحد الزوجين، أو كلاهيما للاضطرابات النفسية، كالاكتئاب مثلآ، أو الإحباط وزيادة الضغط النفسي عليه. وسينجم عن ذلك لاحقآ مشاحانات ومشادات بين الطرفين. ومع إستمرار الوضع على هذا النحو ستبرد العواطف، ويخلق جفاء بين الطرفين وتتسع الهوة بينهمامع الزمن، وإن لم يتداركو الموقف ففي النهاية سينتهي الأمر بالطلاق.
وما لا يعرفه الكثير من الأزواج، أنه كلما كانت العلاقة الجنسية منتظمة، شعر الطرفان بالرضا وزاد شعورهما بالاستقرار النفسي والعاطفي، وهو عامل أساسي ومهم للغاية في نجاح العلاقة الزوجية، وبالتالي التقليل من نسبة الطلاق المنتشرة العالية في منطقتنا أي الشرق الأوسط وشمال أفريقيا.
ثالثآ، النظافة مهمة في هذا الأمر، وأقصد بذلك النظافة الشخصية. وعلى المرأة أن تكون ذكية وتستخدم بعض العطور، وإرتداء البسة معينة، تساعدها في إثارة الرجل، وتهيئة المكان الذي سيمارس فيه العلاقة الجنسية. والنظافة أيضآ مطلوبة من الرجل وليست مقصورة على المرأة فقط. ومن الضروري أيضآ تغير المكان والوضعيات باستمرار، وتجريب أشياء جديدة. ولا ننسى أن الحديث أثناء الجماع وإستعمال بعض الكلمات الجنسية، لها تأثير إيجابي كبير على الطرف الأخر. وهناك أمر آخر في غاية الأهمية بهذا الصدد، وهو تشجيع الشريكة أو الشريك أثناء عملية الجماع، من خلال الثناء عليه/ عليها والإشادة بمجهوده أو مجهودها لرفع معنوياته أو معنوياتها.
وينصح المتخصصين الأزواج، وخاصة الرجال بالتعبير بشكل صادق ودون أي خجل عن مشاعرهم لشريكاتهم، لأن ذلك يمكنهن من تفهمن لإحتياجات الرجل، وهذا يعزز من تفهم لبعضهم البعض بشكل أفضل. وهذا بدوره يزيد من الاحترام والحب بينهما لا شك، ويجعل من السهل على الزوج تلبية رغبات وإحتياجات زوجته الجنسية.
ولأن العلاقة الجنسبة لا تتعلق فقط بالاتصال الجنسي، فإن المتخصصين ينصحون بعدم إهمال العناق والتقبيل، هذا بجانب التدليك والغزل، كونها أمور تساعد في الحفاظ على الشرارة وإبقاء الحياة الجنسية مشتعلة وصحية إلى أبعد حدود.
هناك بعض النقاط المهمة يجب الإنتباه اليها وذلك بهدف لتحسين جودة العلاقة الجنسية منها:
* معرفة الوقت المناسب لممارسة العلاقة الحميمية.
* ممارسة الرياضة للحفاظ على الصحة العامة للجسم.
* تناول أغذية صحية تحتوي على منشطات طبيعية.
* الإقلاع عن التدخين والتقليل من الدهنيات.
فوائد ممارسة الجنس:
أكدت دراسات علمية عديدة أجرتها جامعات أوروبية وأمريكية، بجانب الفوائد العاطفية والعقلية لممارسة الجنس، هناك فوائد بدنية أيضاً. وبحسب تلك الدراسات، إن ممارسة الجنس بين الزوجين يقوم بتنشيط
الناقلات العصبية، التي تؤثر على الدماغ بشكل يجعل القدرات العقلية أكثر قوة ونشاطاً. كما إن العلاقة الجنسية تساعد على خفض ضغط الدم، وتعزز قدرة الشخص على النوم بشكل أفضل، وتقوي الجهاز المناعي للإنسان. هذا بالإضافة إلى تخفيف التوتر والإكتئاب، وخفض خطر الإصابة بأمراض القلب والأوعية الدموية. وهذا في النهاية يساعد في تحسين قوة الانتصاب عند الرجل، بحسب بحث نشرته جامعة هارفارد الأمريكية.
علاقة الحب والجنس:
في دراسة قام بها مجموعة من العلماء الكنديين، حول الرابط بين المشاعر العاطفية أي الحب وممارسة العلاقة الجنسية بين الزوجين، أكدت أن الحب ينمو بشكل ملحوظ، بعد ممارسة العلاقة الجنسية من الناحية الفيزيولوجية. ووفقا لهؤلاء الباحثين، إن ممارسة العلاقة الحميمية، لا تحتاج إلى علاقة حب عميقة، ولكن العلاقات الحميمة قد تؤدي إلى علاقة حب حقيقية. وعند دراسة العلماء للمناطق النشطة في الدماغ عند الحب أو ممارسة العلاقة الجنسية، وجدوا أن الحب والرغبة الجنسية تتقاطعان في شطري الدماغ. وبالتالي الح لا مستقبل له دون علاقة جنسية صحية ناجحة.
من خلال ما تقدم، يتضح لنا وبشكل جلي مدى أهمية الجنس في العلاقة الزوجية. وهذا يضع مسؤولية كبيرة على عاتق الزوجين للإهتمام بهذا الجانب المهم من حياتهم إن كانوا رغبين في إنجاح زواجهم.
في مجتماعتنا الشرقية، مازال الخجل ومفهوم العيب يلعب دورآ معيقآ، في تحدث الزوجين بشكل علني ومفتوح عن المواضيع الجنسية. ولتفادي ذلك على الرجل المبادرة في هذه الحالات، بالحديث عن ذلك. وهذا يساعد في النهاية، على معرفة رغبات الزوجة الجسدية والعاطفية، وبالتلي يسهل عملية تلبية تلك الرغبات عليه.
في الختام، اود القول إن كل علاقة حميمية بين زوجين مختلفة عن أي علاقة حميمية آخرى. وفي مقالتي هذه تناولت فقط النقاط الرئيسية المتعلقة بهذه العلاقة. هذا موضوع واسع وله تفاصيل كثيرة ومتنوعة. ولمن يريد معرفة المزيد عن الموضوع، عليه دراسة كتب متخصصة بهذا الشأن، أي العلاقات الجنسية بين الأزواج.
20 – 08 – 2019
————————————————————————————————
المراجع:
- كتاب “الثقافة الجنسية”:
تأليف حسن مرعي، صدر عن دار ومكتبة الهلال، عام 2000، ويقع في 160 صفحة.
- كتاب “الرجل والمرأة والجنس”:
تأليف د. كمال مرعي، صدر عام 1977 في طبعته الأولى، ثم طبع طبعات عديدة، وحقق انتشارًا في الساحة الثقافية، ويقع في 130 صفحة.
- كتاب “موسوعة الثقافة الجنسية – لكل سؤال جنسي جواب”:
إعداد أسامة أنيس، صدر عن دار الغد الجديد، عام 2008، ويقع في 480 صفحة.
- 4. كتاب “ضعف الثقافة الجنسية سرّ شقاء الزوجين”:
تأليف د. عبد الهادي مصباح، صدر عن الدار المصرية اللبنانية، عام 1999، ثم عام 2002 في طبعته الأخرى، ويقع في 280 صفحة.
- كتاب “الرجل والجنس”:
تأليف د. نوال السعداوي، صدر عن مكتبة مدبولي في طبعته الجديدة عام 2006، ويقع في 260 صفحة.
- كتاب “المرأة والجنس”:
تأليف د. نوال السعداوي، صدر عن مكتبة مدبولي في طبعته الجديدة عام 2006.
****