للثقافة أوجه مختلفة ٠ فهي طريق حياة الانسان وكل ما يتداول إجتماعيا وبيولوجيا مع تنظيم ما تتضمن من سمات وعناصر ، في شخصية الفرد ٠
لذا إعمار الثقافة يتطلب مقومات أساسية تقوم على منهج وفق عمليات مدروسة وهي:
١–ضبط الثقافة
في البلدان التي لم تسجل خلال سنوات أو عقود إضافة فكرية أو عملية ، فان الاعمار الثقافي كعملية لن تكون إمتداد لتك الفترة ٠
ومن بين ما تتطلب عملية الاعمار تحقيق الثقافة الضابطة ، أي تلك الثقافة التي توفر للمجتمع أداء الفعاليات المختلفة بشكل منتظم مع إتخاذ أنماط سلوكية مسايرة لايقاع الحياة مستندة الى قيم ومعايير واضحة بعد أن عانت تلك الدولة أو المنطقة من إرتباكات و إختلالات واسعة.
٢– إعادة تفسير الدلالات الثقافية
ليس من الضروري في إعادة (إعمار الثقافة ) الغاء عناصر ثقافية مسبقة بقدر ماتقتضي إعطاء فهما جديدا لتلك العناصر الثقافية ٠ كما إن ظروف الحاضر ومتطلبات المستقبل بحاجة الى إعادة تفسير تلك الدلالات ، ومن البديهي أن تكون للعناصر الثقافية مدلولات متباينة في الاوضاع والظروف المختلفة ٠ وإعادة تفسير دلالات المكونات الثقافية هي (عملية تثاقفية ) تنطوي على تكوين جديد للعلاقات الثقافية ، و إنطباع جديد يتناسب مع مجرى الحياة الجديدة ٠
٣– إعادة ترتيب القيم والعناصر الثقافية
تعد الثقافة أكثر من كونها مجموعة عناصر ٠ هي الطريقة التي تنتظم بها تلك العناصر في سلالم لبنية رصينة متكاملة ، وبذلك إكتساب الثقافة لايقتصر على إمتصاص عناصرها ، بل يتعدى الى إنتظام تدرجها على سلالم التقييم الزمني٠
لو عانت دولة لعقود معينة إرتباكا في القيم ومجمل العناصر الثقافية وإخلالًا بمواقفها على السلالم ، فإن إعادة إعمار الثقافة يتطلب إنتشال تلك المكونات ، و تنظيم دلالاتها وهندسة مواقفها على السلالم ، بحيث تجد عوامل الشد والتصلب والرواسب الثقافية مواقع دنيا على تلك السلالم ، وتجد عوامل المرونة والانفتاح مواقع عليا على السلالم ذاتها٠
٤– توفير الحق في الاتصال الثقافي
إعادة الاعمار الثقافي تتطلب إتاحة التواصل للافراد في الوطن ، من خلال توفير فرص كاملة وتسهيلات للتعبير والتلقي بكامل الحرية بما يزيد المساحة النفسية والاجتماعية والثقافية ٠
٥–الانفتاح على ثقافات العالم
لقد شهدت الشعوب تضييقا من قبل مقاييد الحكم مع العلم ان الثقافة اليوم بأشد الحاجة للانفتاح على الثقافات الاخرى التي تهيء الانسان للتعامل مع مجمل الافكار الجديدة ، دون أحكام مسبقة أو ردود أفعال معاكسة أو مخاوف٠ وهذا يعني تنظيما للمقاومة الثقافية التي تعبر عن حدود مواقف المجتمع ٠ في هذا المجال يراد للمرونة أن تكون منهجا يسبغ على روح الثقافة الجديدة٠
٦–هدم أنساق النخب الثقافية
لطالما كانت للنخب الثقافية لها حضورها ودورها الملموس في الحياة الثقافية، فهدم تلك الانساق وهـجرة الكثير من العقول لظروف قاهرة أدت الى فقدان الثقافة في دول ما، تلك النخب واللتي تخل بالبنية الثقافية
٧– تحقيق المشاركة الثقافية
تعني المشاركة الثقافية مجمل الفرص المتاحة للافراد والجماعات والقوى في الاسهام الثقافي بمجمل متطلباته الفكرية والسلوكية بما فيها الفرص المتكافئة في التعبير عن الاختيارات ٠ ولما كانت الثقافة في العقود الاخيرة لبعض الدول النامية قد تمثلت في صيغ لفظية محدودة ، ولم يعد سوى نشاطا شكليا ومنقوصا ٠ والمشاركة الثقافية الحقيقية تشكل منهجا في تهيئة الافراد للتعامل ، مع متطلبات الحاضر ومواجهة إحتمالات المستقبل بكفاءة ٠ وهذا هو المنهج العملي الذي يقوم على تمكين المواطنين من فهم المشاكل وإشراكهم في التعامل بطرق حلها٠
٨– تصحيح الانطباعات
تتشكل في كل ثقافة إدراكات وتصورات ، أي إنطباعات عن أفكار الافراد والجماعات ، وتنم عنها مواقف إتجاهات وقرارات ٠ وقد تنشأ تلك القرارات في إطار ثقافات غير متوازنة وتلك الانطباعات تعبر عن دلالات شوهاء ، منها تعميمات متحيزة في سبيل المثال ، من هنا يترتب على إعمار الثقافة إتاحة الفرص لتصحيح تلك الانطباعات عن الجماعات ، الطوائف ، والافكار٠
٩– إقصاء الثقافات الفرعية
هذه الثقافات الفرعية فرضت على الثقافة العامة لبعض الدول، مثل: ثقافة العنف ، ثقافة الارهاب ، الثقافة الطائفية ، ثقافة التعصب ٠ نتيجة للظروف الاقتصادية ، السياسية ، والاجتماعية التي سادت تلك البلدان ٠ لهذه الثقافات أخطارها الحاضرة والمستقبلية ٠ لذا إعمار الثقافة تستدعي تصفية هذه الثقافات شيئا فشيئا ، بحيث تؤول هذه الثقافات المقحمة الى رواسب تستبعدها الثقافة العامة من مكوناتها ٠
ضمن تعدد الآراء حول الثقافة
فالثقافة من وجهها الذاتي : ثقافة العقل ، ومن وجهها الموضوعي هي : مجموعة من العادات والاوضاع الاجتماعية ، الآثار الفكرية ، الاساليب الفنية ، الأدبية ،التقنية وأنماط التفكير ، الاحاسيس والقيم الذائعة في مجتمع معين فهي طريقة حياة الانسان وكل ما يملكونه ويتداولونه إجتماعيا وبيولوجيا مع تنظيم هذه السمات والعناصر في شخصية الانسان٠
وعلى المجتمع تقديم الفرص الكاملة للفرد ، في كيفية التصرف مع كافة المواقف التي لها دور اساسي كامن وراء الشعور بالاتجاهات الثقافية ، وهذه الاسس تقوم بإشباع كافة رغبات الفرد ذات الابعاد البيولوجية والثقافية .