منذ اليوم الأول لحرب غزة ، قالت إسرائيل سندمر حماس ومن يقف وراء حماس ، والمقصود هم سكان أهالي غزة الذين خرجوا إلى الشوارع فرحين بما فعلت حماس ، وكذلك الدول التي ساندت وخططت ودعمت مجهود حماس ، إسرائيل قالت وفعلت ومازالت تفعل ، وكل يوم تؤكد حقيقة ما قالت منذ اليوم الأول ، فالانتقام عند القادة الإسرائيليون بدأ هادئاً ثم أخذ منحىً تصاعدياً ، وها هم اليوم يصلون إلى أوج ما عاهدوا به أصدقاءهم وما وعدوا به أعداءهم، فأخذوا يصطادون القيادات والشخصيات المناوئة واحداً تلو الآخر وبتخطيط دقيق وسرية مطلقة ، في المقابل قالت حماس وقالت إيران وقال حزب الله وقال الحوثيون ولم يفعلوا ما وعدوا به ، من يقول ويده طويلة ليس مثل الذي يقول ويده قصيرة ، من يقول وهو صادق مع نفسه ليس كمن يقول وهو خادع لنفسه ، من يقول وهو واثق من قدراته ليس كمن يقول ولا قدرات له ، فهناك أناس تربوا على الصدق عندما يقولون يفعلون ولا يوقفهم أحد ، لأنهم يعرفون إمكانياتهم ، وهناك أناس تربوا على الكذب ، عندما يقولون لا يفعلون ، لأن ألسنتهم منفصلة عن أدمغتهم ، ولأنهم لا يعلمون بأن ذلك مخالف لدينهم ، فقد نسوا قوله تعالى ( كبر مقتاً عند الله أن تقولوا مالا تفعلون ) يخدعون الناس بألسنتهم وأدمغتهم خاوية مما تفيض به ألسنتهم من وعد و وعيد . إذاً لماذا يخدعون أنفسهم ويخدعون الناس البسطاء بأقوالهم وتهديداتهم وهم يعلمون بأنهم عاجزون أن يطبقوا تهديداً واحداً على الأرض ؟ يفعلون ذلك بسبب معرفتهم المسبقة بأن الناس البسطاء يصدقونهم ، وبما أن الناس البسطاء أرواحهم رخيصة بالنسبة لهؤلاء الكذابين فليمت من الناس من يموت ، فلا عزاء للشعوب عندما تصبح ضحية لمخططات قادتها الفاشلين . كلهم كذابون لا يستطيعون فعل شيء ، وعندما يقف أحد ما معترضاً على خطاباتهم الثورية القتالية وخططهم الفاشلة يتهمونه بالخذلان والعمالة والاستسلام ، هاهي إسرائيل تقتل عشرات القادة منهم يومياً وفي جميع الاماكن بحيث لم تبقي لهم مكاناً آمناً ، لكنهم مازالوا يصرحون بأنهم يحتفظون بحق الرد ومازالوا يهددون بإنهم سيمحون إسرائيل من الوجود . متى تتلعثم ألسنتهم وتكف عن النباح وتترك الفرصة للعقلاء ليقرروا الحل المناسب وينقذوا أرواح الملايين من الأبرياء التي إن لم تمت بالقنابل والصواريخ ستموت من الخوف والحزن والكآبة والأمراض والجوع . قادتهم يذبحون كل يوم ، نساء وأطفال يذبحون . صحيح أن إسرائيل تذبحهم ، ولكن من وضعهم قرباناً على المذابح ، ودروعاً لحماية هؤلاء الكاذبين ؟ هم قادتهم أنفسهم ، لا نقول عمداً قتلوا شعوبهم ولكن نقول جهلاً وتهوراً ، أكيد هؤلاء القيادات غير مستعدة لفسح المجال لمن هو أدرى منهم بالسياسة وبالمعرفة وبالأخلاق ، فمن يمتلك الأخلاق يحترم ارواح الناس ويفعل المستحيل من أجل انقاذها ، ومن لا يمتلك الاخلاق يجلس خلف الكامرات ليخرج علينا كل يوم ويعطينا أخر الاحصائيات بالضحايا الذين ماتوا أو قتلوا بسببه هو وغيره .
كان على هؤلاء القادة الوعاظ أن يعترفوا بفشلهم منذ اليوم الأول ولا يزجوا بالأبرياء في معركة تدار من طرف واحد ، لكي يحفظوا دماء الناس واموال الناس وكرامة الناس ، فعلى ماذا يراهنون بعد مرور تقريباً الثمانية أشهر من هذا الدمار الهائل وعشرات الالاف من الضحايا ؟ هل يراهنون على الانتصار ، أم يراهنون على أن الدول العظمى ستعطف عليهم وتمنحهم إذن البقاء بالسلطة . أعلموا أيها الخاطئون الواهمون بأنكم تسمعون بين الحين والآخر أن إسبانيا ادانت إسرائيل أو الاتحاد الأوربي أدان إسرائيل او الصين شجبت او امريكا نددت أو فرنسا والمانيا توعدت ، كل هذه الاخبار إنما هي مهدئات ، فإسرائيل كما هو واضح عازمة على تصفية الحسابات في الشرق الأوسط بما تشتهي في هذا الزمن تحديداً ، وأظن كما يبدو جلياً إنها لن تتوقف هذه المرة مادام ندها مغفل فاشل وكثير الأخطاء ، فهذه فرصتهم التأريخية ، والعالم الغربي كله يقف معها وحتى روسيا والصين معها ، هؤلاء المهزومون الذين ورطوا الشعب الفلسطيني بهذه المحرقة ، يريدون توريط دول المنطقة و مصر والأردن ودول الخليج والسعودية بهذه الألاعيب المزيفة وهم يعلمون تماماً بأن لغة العنتريات أصبحت ماض بالنسبة لهذه الدول المستقرة الثابتة . لغة العنتريات جرّبوها جميعهم وجربتها جميع الشعوب العربية ودفعت فاتورة تجربتها ، وعرفت تفاهة العنتريات أمام دول تتحكم بالعالم وقادرة على تدمير الكرة الأرضية برمتها ، لذلك تركوا العنتريات جانباً غير نادمين محافظين على كرامتهم وكرامة شعوبهم ، أما اليوم تخرج علينا مجاميع من المراهقين السياسين يمنون أنفسهم ليعيدوا عقارب الزمن سبعين سنة إلى الوراء ، فهذا شيء لا يتقبله حتى الرضيع ، يريدونها حرباً جهادية حامية الوطيس لكي يصبح جيلنا القادم جيل ضائع متخلف إرضاءاً لنزوات الجهاديين المعتوهين ،، أتركوا قضية فلسطين بيد الفلسطينين الاوفياء الحريصين على مصير شعبهم ، يتصرفون بعقلانية وبحكمة ، فهم ليسوا اعداءاً للقضية الفلسطينية بل هم أهلها والأكثر خبرة وتجربة بشأنهم ، ولهم باع طويل في هذه التجربة ، فلا يأتي عابر سبيل ليزايدهم على قضيتهم التي تسري في شرايينهم لعشرات السنين ، يكفي تلاعباً بمصير الأبرياء والمرضى والأطفال والنساء والعجزة ، ويكفي جهاداً فارغاً تحصد ارواح الأبرياء ، أتركوا الشعب الفلسطيني يقرر مصيره دون حروب ودون دماء ، فقد آن الآوان أن ترفع ايادي الغرباء عن هذا الشعب الطيب الأصيل ليعيش مثل بقية شعوب الارض . !