بداية كل الرحمة على أرواح شهداء الكورد الأبرار في مجرى الكفاح التحرري المشروع!
لقد ظهر حزب العمال الكوردستاني في بيئته الكوردستانية الطبيعية كفصيل حركة تحرر قومي وطني كوردستاني ضد السلطات التركية الشوفينية العنصرية وفي عهد كان يشهد الصراع بين المعسكرين الشرقي والغربي وكان النفوذ الاشتراكي السوفيتي يتصاعد في المنطقة وقتها. حيث كان العديد من النخب السياسية والثقافية الكوردستانية يعي أهمية التقرب من القوى الدولية المؤثرة على قاعدة أن الكورد العزل لا يتمكنو من إنجاح الكفاح التحرري بمعزل عن تأييد تلك القوى. هنا وقع خيار البعض ومنهم PKK على المعسكر الاشتراكي من منطلق تلك الاهمية وعلى اعتبار تركيا هي عضو في حلف الناتو من جانب وكذلك من منطلق طبقي اجتماعي من جانب ثان، حيث كان ذلك مودة العهد حينذاك.
غير أنه في هذا السياق لم تجري الرياح كما تشتهي السفن، حيث لم تمضي سوى سنوات معدودة على انطلاقة الكفاح المسلح حتى بدأ التغيير السوفيتي وبرد الحماس الأممي اتجاه حركات التحرر الوطني، هنا كان لزاما على الحزب التناسب الفكري والسياسي والعسكري مع الوضع الدولي الجديد، لكنه أصر واستمر على نهجه الكامل رغم أن المعسكر الغربي أصبح تدريجيا هو المؤثر الأكبر في العالم.
الغلطة التاريخية الكبرى الأخرى كانت تصرفات أنصار الحزب في بدايات التسعينات في ألمانيا وأوروبا غير سليمة عندما بدؤوا بالمظاهرات والمسيرات شبه القتالية, مما حدى بالعديد من الحكومات الاوروبية ومن ثم الامريكية تصنيف الحزب على قوائم الارهاب: في هذا المجال سألنا مرات عديدة لبعض المسؤولين الألمان بخصوص ذلك التصنيف المجحف بحق حركة تحرر وطني مشروع، فأجابو بأننا لسنا ضد حركة التحرر الكوردستاني في أوطانهم، لكن بسبب تلك التصرفات العنفية الغير مسؤولة هنا في ألمانيا اعتبرنا الحزب ارهابيا، هكذا فضلا من منطلق التعاطف الغربي إلى حد ما مع عضوية تركيا الأطلسية.
فحبذا إن كان شعار القرص الذهبي الشمسي حل محل النجمة الحمراء وخف الاعتماد على الكفاح المسلح وقتها، رغم مد الحزب الجماهيري التعبوي وحصول ايجابيات من نواحي تصاعد الضغوط الغربية مؤخرا على السلطات التركية لمعالجة وحل المسألة الكوردية هناك.
في هذا الاطار يمكن القول حتى إن فصائل الحركة التحررية الكوردستانية الجنوبية قد غامرت في الكفاح المسلح الصعب في أوقات غير مناسبة، لكن من حسن الشنص أن العراق لم يكن عضوا في الناتو ومن ثم جاءت حرب الخليج الأولى والثانية ولله الحمد توصل الشعب الكوردستاني هناك أخيرا إلى الحكم الذاتي الموسع او الفدرالية.
لذلك كله علينا الكورد المهددين والتواقين للتحرر أن نصعد كفاحنا التحرري المشروع خلال الظروف المهيئة ونخفض ذلك ونغير أساليبه عبر المراحل الصعبة، هنا يمكن الإشادة بكفاح صقور ولبوات YPG-YPJ التحرري الذي أستثمر جيدا الظرف الذهبي منذ ٢٠١٢ والانضمام إلى التحالف الغربي في سوريا، وكذلك الإشادة بعدم انجرار اطراف الحركة التحررية الوطنية الكوردية في سوريا في العقود السوداء قبل ٢٠١١.
على العموم، ستظل الحركات التحررية الكوردستانية ماضية في نضالها المشروع وبأشكال وأساليب أكثر حكمة ودقة وذكاءا ودبلوماسية في مجرى ازدياد اكتساب الخبرة والعلم والتواصل الدولي والاقليمي الايجابي.
بقلم جان آريان- جمهورية ألمانيا الاتحادية
12.05.2025