روائي سوري
لفت نظري الرئيس ترامب عندما ضيَّفه المُضيف فنجاناً مِن القهوة وهو جالسٌ إلى جانب ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان، وربما لظرفٍ صحّي، أو لسببٍ آخَر، لم يستطع احتساء القهوة، ولكنّه لم يردّ المُضيف شاكِراً إيّاه، بل تناول منه الفنجان، احتراماً للتقاليد، وأبقاه في يده، وعندما جرى الحديث بينه وبين ولي العهد، لم يضع الفنجان أمامه على المنضدة، بل وضعه خلفه في موضع لا يُرى تقديراً للضيافة.
هذا الموقف يُشير إلى منهج الحقيقية الني يتّبعها أهل الغرب بسبب القراءات الكثيرة والاستماع إلى الموسيقى، وكان يمكن له أن يرفع الفنجان إلى فمه ويتظاهَر بأنّه شَربَ القهوة، ولم يكن أحد لينتبه إليه، ولكنّ يبدو بأنّه ما أراد أن يكون مُزيَّفاً مع نفسه، وهكذا تترك شخصيّات القادة أثرها على شعوبهم، ومهما يكن من أمر فإن شخصيّة الرئيس تترك أثراً على الشعب بأكمله، كما أن شخصيّة الأب تترك أثراً على أبنائه، فإذا نظرنا إلى حقبة عبد الناصر على سبيل المثال، نرى الزمن الجميل، والأسماء الكبيرة في مختلف مجالات الإبداع والفنون والآداب ونجد عليها بصمة عبد الناصر، وهكذا دواليك.. والعكس بالعكس مع وجود استثناءاتٍ كالعادة من أيّ قاعدة. ولذلك عندما يُراد تفتيتَ شعبٍ بأكمله، يُنال من شخصيَّة رئيسه، أو مِن الرموز الكبيرة فيه ويتم تحريض الشعب عليهم، كما أنّه عندما يُراد تفتيت عائلة، يُنال من شخصيَّة الأب، ويتم تحريض الأبناء عليه بمُختلف الوسائل. ولذلك نرى بأن الدول العربية التي صمدت في وجه العاصِفة التي عصفت ببلداننا، هي الدول التي -بدون أيّ استثناء- لبثت مُحافِظةً على رموزِها، والدول التي جَرَفتها العاصفة -بدون أي استثناء أيضاً- هي الدول (الأُخرى).