القدس مجرد ثوب للكثيرين وليست القضية- بيار روباري

 

إن الإجماع الدولي الرافض لقرار ترامب من القدس، لم يفاجئني في الحقيقة، أولآ لأن

القرار مخالف لقرارات مجلس الأمن الدولي، التي وافقت عليها أمريكا نفسها، وثانيآ، القرار مخالف لسياسة الولايات المتحدة المعلنة، ويتعارض مع دورها كوسيط، فيما يسمى بعملية السلام. وثالثآ، ليس من حق أمريكا تقرير مصير مدينة ليست بمدينتها.

وهذا الإجماع الدولي ليس بجديد، حيث حدث مثله، وعقدت مؤتمرات عديدة من قبل كالمؤتمر الذي عقد في اسطنبول قبل عدة أيام. وجميع الذين حضروا مؤتمر اسطنبول، لم يعترفوا يوماً بالقدس عاصمة لإسرائيل، وربطوا مصيرها بالحل النهائي، أي أنها عاصمة لدولتين، الدولة الفلسطينية المستقبلية، وعاصمتها القدس الشرقية، ودولة إسرائيل وعاصمتها القدس الغربية.

الأمريكان كانوا يعرفون مسبقآ، بأن القادة العرب والمسلمين سوف يعقدون مؤتمرات ليشتموا أمريكا والغرب فيها، ويهددون باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق العم سام، وذلك بهدف رفع الحرج عن عجزهم، وذر الرماد في عيون شعوبهم، ومن ثم يقبلون بالواقع الجديد، الذي فرض عليهم من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، ويعود الوضع كما كان. هذا هو ديدن حكام العرب والمسلمين منذ أمدٍ طويل. أي الإدانة، الشجب والاستنكار ثم الصمت والاعتراف بواقع الحال. إذآ لا جديد في هذا المجال، ولهذا لن أفصل في هذا الأمر أكثر وسأركز على أهداف المجتمعين في اسطنبول، وخاصة تركيا المستضيفة للإجتماع.

لا شك فيه بأن الكثيرين من زعماء العرب والمسلمين، يأخذون من قضية القدس ثوبآ ويتاجرون به، ويستخدمونه في صراعاتهم الداخلية، بهدف كسب تأييد شعبي هنا وهناك. إن حرص هؤلاء الزعماء، مزيف ويذكرني بحرص البرزاني والطالباني على مدينة كركوك الكردية وأهلها، وبدليل ما حل بها نتيجة حرصهم الشديد عليها وأهلها.

السؤال: ماذا فعل المجتمعين في دار الدجال أردوغان للمقدسيين طوال العشرين العام الماضية؟ لا شيئ على الإطلاق. تمامآ ما قدمه كل من الطالباني والبرزاني لأبناء مدينة كركوك قبل أن تحتل من قبل الحكم الشيعي الصفوي في العراق.

ليس هناك أسهل من إصدار البيانات النارية، ورفع شعارات براقة جوفاء، لا تقدم ولا تؤخر، ولا تنقذ حياة المقدسيين، الذين يتعرضون لكافة أنواع المضايقات اليومية، بهدف دفعهم للهجرة، والرحيل عن مدينتهم المقدسة. لو كان اردوغان وحلفاءه في المنطقة حقآ صادقين فيما يقولون، لقطعوا علاقتهم الإقتصادية، الدبلوماسية والعسكرية بأمريكا حالآ. ولقام اردوغان بغلق سفارة إسرائيل في بلده، والسفارة التركية في تل أبيبب على الفور، إلا أنه أجبن من أن يفعل ذلك.

هدف اردوغان من إستضافة المؤتمر، كان سحب البساط من تحت السعودية ومصر، وفرض تركيا كزعيمة للعالم الإسلامي السني، ولذا شككت مقدماً في مواقف كثير من الدول العربية، ووصفت مواقفها بالخائفة من أميركا وراضخة لإرادتها. وليس كما

إدعى قاتل الأطفال اردوغان، حرصآ على الشعب الفلسطيني المضطهد، الباحث عن حريته وإستقلاله كالشعب الكردي. في المقابل الأردن والسعودية ومعهما الفلسطينيين أصحاب القضية، يسعيان إلى تعديل الموقف الأميركي، بما يخلق توازناً في موقفها من قضية القدس.

على الإخوة الفلسطينيين، أن لا يخطئوا ويمشوا خلف هؤلاء التجار، والمرتزقة أمثال الرئيس التركي اردوغان وأمير قطر، والأفعى روحاني. هؤلاء التجار لا هم لهم سوى تحقيق مصالحهم، وفي سبيل ذلك مستعدين التضحية بالقدس والعشرات من مثيلاتها، وفوق ذلك بدماء جميع الفلسطينيين، دون يرجف لهم جفن.

لا يمكن لأي عاقل ومبتدئ في السياسة، أن يعول على صراخ اردوغان، فكيف الحال بسياسيين محترفين. كلنا يتذكر صراخ سيد الباب العالي، بعد حادثة السفينة التركية مرمرة، التي كانت متوجهة إلىقطاع غزة لكسر الحصار المفروض عليه من قبل دولة إسرائي، وتهديداته لهذه الأخيرة، بسبب مقتل تسعة مواطنين أتراك كانوا على ظهر السفينة. فماذا كان مصير تلك التهديدات والعنتريات؟ كلها تبخرت ولم ينفذ واحدة منها، وإضطر العنترة اردوغان إلى إعادة علاقات بلاده باسرائيل لسابق عهدها، دون مقابل حقيقي.

كيف يمكن له قطع العلاقات، وبلاده مرتبطة مع إسرائيل باتفاقيات عسكرية واقتصادية تقدر قيمتها بالمليارات الدولارات. فعلى الصعيد العسكري تقوم إسرائيل بتزويد تركيا بطائرات بدون طيار، وبتطوير الدبابات التركية، وصيانة طائراتها الحربية وتزودها بالتكنولوجيا الحديثة، التي ترفع من قدراتها القتالية، إضافة الى تزويد الجيش التركي بالأجهزة الإلكترونية المتطورة، التي يمتلك المصانع العسكرية الإسرائيلية.

وعلى الصعيد الاقتصادي، التبادل التجاري بين البلدين وصل مستويات عالية، تقدرها

المؤسسات المالية بالمليارات الدولارات، حيث بلغ عدد الشركات التركية العاملة في إسرائيل نحو 600 شركة، وفي المقابل يعمل في تركيا نحو 250 شركة إسرائيلية. هذا عدا السياحة الإسرائلية لتركيا، حيث وصل عدد السواح الإسرائيلين، الذين يزورون تركيا سنويآ، الى نحو نصف مليون سائح.

إذا كان من الغير المعقول التعويل على الموقف التركي (الدولة السنية)، فكيف يمكن التعويل على الموقف الإيراني، التي يحكمها الشيعة الأثنى العشرية الطائفية؟! إيران كما هو معلوم تستغل القضية الفلسطينية، للتغطية على سياساتها الطائفية ونزعتها التوسعية، على حساب دول المنطقة. والموقف الإيراني الرسمي المعلن من القضية الفلسطينية، هو: “ما يقبل به الفلسطينيون نقبل به” كما صرح بذلك هاشمي رفسنجاني، عندما على رأس عمله كمسؤول كبير. وكل دعوات إيران لتدمير إسرائيل، هو مجرد كلام فارغ، وموجه للداخل، بهدف التعبئة وتحسين صورة النظام أمام الشعب، وتبرير صرف أموال الضرائب والنفط على مشاريع لاتهم المواطنين الإيرانين. هدف ايران الأول والأخير، هو تقاسم مناطق النفوذ مع اسرائيل، وليس الإصطدام معها. ايران لا تعتبر اسرائيل عدوها، وإنما العرب بالدرجة الإولى، وفي المقام الثاني الشعب الكردي.

15 – 12 – 2017

One Comment on “القدس مجرد ثوب للكثيرين وليست القضية- بيار روباري”

  1. لدي سؤال للكاتب هل القدس ملك للعرب أبناء صعاليك الصحراء وآكلي الجراد حتى تكون قضية العرب الجرب ؟؟؟ هنالك حقائق أسطع من شمس الظهيرة ان القدس …..يهودية اسرائيلية….وهي ارض اليهود …(حسب التاريخ والواقع والدين واكدها حتى القرآن كتاب المسلمين ) وطبعا ينكرها العرب والمسلمين المنافقين المفلسينَ وإن إدعوا العلم والدين والتاريخ …
    ومتى يمكن ان نعتبر ارض محتلة ملك للمحتل !!! العرب دخلاء ومحتلين في اسرائيل كحال العربان في كوردستان وكركوك وجعلوها عربية او تركية ويريدون تحرريها من الكورد !!!!
    عجبي من أمة الغزو والارهاب أبناء صعاليك الصحراء وآكلي الجراد عندما تدعي حق لا تمتلكه وللاسف الشديد نرى ايضا بعض المثقفين الكورد الذين يصدقون بان الارض المحتلة هي ملك للمحتل !!!
    ان ادعاء العرب بحق ملكية القدس يفتقر الى الحد الادنى من المعقوليه أوالمصداقيه والمنطق حسب العلم والدين والتاريخ

Comments are closed.