انتخابات 2018 وتحدیات الاسلام السیاسي- عمار العامري

   اصبح الرهان في العراق، بعد عقد ونصف من تغیر النظام السابق، أمام تحدي تغیر نظریة النظام السیاسي القائمة على ثلاثیة “الشیعة، السنة، الاکراد”، وذلك بسبب القوی الماسكة لزمام شؤون الدولة، لاسیما بعد تلكؤها في توفیر احتیاجات المواطن، بما یتلائم ومتطلبات العصر، مقابل هدر كبیر في ثروات البلاد، وجعله مرتع للفساد.

   ما یعني إن حصر النظام السیاسي فی اروقة الكنیسة، التي تبنتها القوی الیبرالیة فی اوربا خلال القرن السابع العشر، وقد أدى الی سیطرتها علی زمام السلطة هناك، هذه الرؤية یراد لها أن تطبق في العراق ما بعد عام 2018، وبدعم خارجي کبیر، یسعی لعزل القوی الاسلامیة علی مختلف توجهاتها الايديولوجية فی زاویة حرجة، ودعم الكیانات الداعمة لفكرة المدنیة للواجهة السیاسیة.

   الاسلامیون -الشيعة والسنة- اصبحوا أمام تحدی تشتیت قواهم بین؛ منکسر متراجع لا یقوی علی النهوض الا بتطبیقه مبدأ المیكافیلية “الغایة تبرر الوسیلة”، وبین مطبقاً للرؤية العابرة للحدود، التي ترغب في تطبیق احدی النظریتین الشرقیة او الغربیة، بتوجهات تتجاوز حدود العراق.

   فیما یقف التیار السياسي؛ المدافع ضمناً عن مبادئه الاسلامیة بحالة الصمود في العملیة السیاسیة المرتبكة، مستخدماً التوازن بین القوی المتناحرة، محاولاً مسك العصی من المنتصف، لان الاقتراب لاي جهة دون الاخری سیفقده السیطرة، وبذلك قد یخسر التیار الاسلامي وجوده بالكامل.

   القوی الدولیة تحاول الدفع بالكیانات السياسية، التي تعهدت بقلب الطاولة علی الاسلامیین حتی لو بعد حین، في محاولات للوصول للاهداف المخطط لها، والتي تتضمن تطبیق النظریة اللیبرالیة، الساعیة لعزل القوی الاسلام السیاسیة وغیر السیاسیة، والسیطرة بإقناع القوی الشعبیة (الجمهور)، بتقدیم الافضل بمساعدة القوى الخارجیة، ما لم یستطع الاسلام السیاسي تقدیمه.

   بذلك نجد إن التحدي غیر مقتصر على وصول القوی الاسلامیة أو قوی الاسلام العصري الی مراکز القرار، والحصول علی المواقع التنفیذیة، انما الحراك تجاوز اهداف اولئك الطامحین فی الوصول الی السلطة، وأصبح التحدي فی القدرة على الدفاع عن المبادی والثوابت، وحمایتها من الافول والسقوط فی مهاوی المخططات الخارجیة المرسومة لذلك.

   کما إن الغزو الفكري والثقافي الذی یتعرض له العراق، لاسیما بعد انتشار الافكار الالحادیة، دلیل على إن صمود النظام السیاسي في العراق غیر قادر علی الاستمرار، اذا ما وصل  التهديد للغزو السیاسي، بحیث یمكن الشعب من القیام بوجه الاسلامیین ورفضهم، ودعم الجهات المنافسة حتی لو بعد دورة أو دورتین مستقبلاً.

   لذا نؤکد؛ إن عدم حفاظ القوی الاسلامیة والاسلام العصري علی مبادئها، والاهداف التي تأسست من اجلها، اذا ما تداركت المخططات الخارجية، ربما یؤدي لزوالها من الخارطة السیاسیة، خاصة بعدما غیبت اسماءً لامعة من الحضور السیاسي، وبدأت تختفي تدریجیاً، کما حصل فی تلاشي حزب الدعوة الاسلامیة وکتلة الاحرار من لائحة مفوضیة الانتخابات، وتراجع حظوظ الاحزاب الاسلامیة؛ کالحزب الاسلامي والمجلس الاسلامي الاعلى.