عاد الى انقرة خالي الوفاض- عماد علي

 

نعيد ما قلناه انه لا يمكن الوثوق بامريكا في اكثر الاحيان، الا ان عرفت انت في علاقاتك كيف تمسك مصالحها في تعاملك معها و الدقة في خطواتك. اليوم و بعد التدقيق للمعادلات السياسية المستدة من قبل المختصين في امریكا و بعد التسريبات التي وردت اخيرا، انه لم يبق امام امريكا في هذه المرحلة الا ان تتعامل مع اردوغان ما يفرض عليه انصياعه للامر الواقع مجبرا. و ما اوصلت الحال الى هنا هو اردوغان و سياساته حتما و التي اتت كل خطواته الداخلية و سياساته الخارجية بدوافع ضيقة التي تقع كل ما يقوم به لمصلحة من يقف ضدهم و يعتبر لدى الملمين بانه عقبة امام احقاق الحق.

منذ اكثر من شهر و هو يبني على اجتماعه مع ترامب في اقناعه على ما ينوي او الحصول علی المتطلبات التي قد تقنعه على تعديل او تصحيح كل ما سار عليه من الخطوات المعوجة الخاطئة من قبل ، و لكنه لم يتحقق له ما خطط و عاد خائبا دون لقاء، بعدما رفض الاجتماع من قبل ترامب، و حتى لم يتمكن اردوغان من لقاء المسؤولين الاخرين او الاسماء البارزة ايضا. بعدما علق امالا كثيرة فيما يخص عقدته في المنطقة الامنة في كوردستان الغربية وكما اهتم بالموضوع و اشار اليه في الامم المتحدة، و الظاهر على العيان انه لم يلق اذانا صاغية بل رفض باحترام ما بنى عليه اماله طوال هذه المدة رغم محاولاته في الوقت الضائع، و عليه اشار مستشاره الى امكانية اللقاء مع قوات سوريا الديمقراطية، و لم يفد هذا ايضا في تمهيد ارضية مناسبة لارضاء ترامب على اللقاء.

فهل المشكلة اساسا عن صفقة صواريخ اس 400 ام الوضع اكثر تعقيدا نتيجة ما تتكتك فيه انقرة على حساب الستراتيجية المعهودة لدى امريكا، والا ان هذه الصواريخ التي اصبحت حججا لخراب تلك العلاقات موجودة في اليونان و سلوفاكيا و بلغاريا الاعضاء في حلف الشمال الاطلسي ايضا. فلدى امريكا ان تركيا ليست بتلك الدول لانها تختلف عنهم في موقعها و طبيعة نظامها و وجودها في معادلات مغايرة لما هم في اوربا، و هي حلقة وصل بين الشرق و الغرب و من ثم انها كانت البوابة الشرقية للحلف الاطلسي لعقود  امام الاتحاد السوفيتي، و الان سوف تبرز اهميتها مستقبلا كما تعتقد امريكا امام قوى اخرى التي تضع امريكا لها احتمالات كثيرة للتعامل معها في المدى البعيد.

و بعدما عاد الى بلاده بدى على اردوغان مدى  تعاسته و اشتكى حاله و قال لا يمكن ان تكون الصواريخ عاملا لتخريب العلاقات مع امريكا، و من شدة ردود افعاله لما تعرض له من الاهانة من اهماله بعدما روج لهذا اللقاء كثيرا في بلاده من قبل فانه قال، ان تركيا ليست بلدا يمكن التلاعب به، و ان ترامب يواصل حمايته لحزب العمال الكوردستاني و انه يحاول التلاعب بتركيا على الرغم من التوصل الى التفاهم حول المنطقة الامنة، و في الوقت نفسه انه  طرح اغراءات اخرى امام امريكا من احتمال شراء صواريخ باتريوت الدفاعية من امريكا ايضا. و الى غير ذلك من الرسائل التي ارادت ايصالها بعدما تلقى الصفعة المؤذية من نييورك.

من المثير في هذه الاونة التي سوف يتحرك اردوغان فيها و هو محرج داخليا و تراكمت المشاكل و الازمات الخانقة عليه، و يمكن ان يسبب له اكثر احراجا و  ينفعل  هو صدور تصريحات وتقارير و توجيهات من قبل مراكز قوى كثيرة داخل امريكا و التي لهم الدور الراسخ في اصدار القرارات  مطالبين وجوب الاستمرار في تسليح الكورد في شرق الفرات  و الذي حسب تقديرهم و توجهاتهم بانه سيكون لمصلحة امريكا الطويلة الامد على الرغم من انه يشكل عقبة امام تحسين العلاقات مع تركيا او قد يؤدي الى ارتماء تركيا اكثر في حضن روسيا، و كل التوصيات تقع في حانة المفروض ان تزيد امريكا من تسليح الكورد و عدم الانسحاب هناك مبكرا، لانه سيؤدي الامر ان لم يقم بذلك بانه سيؤدي الى خسارة امريكا كافة مصالحها، و عليه لابد من االاصرار على اجراءات في محاولة مصالحة انقرة مع الكورد هناك كافضل الحلول و من خلال اعطاء الحكم الذاتي لهم في شرق الفرات، مع تشديد الضغط على الرئيس السوري بشار الاسد.