انها ضد الفساد أم جُهّزت من المطبخ السري ؟- عماد علي

 

بداية لابد ان نقول ان التظاهرات حق شرعي و ديموقراطي يكفله الدستور و الحرية الفردية و المصحلة العليا للشعب ايضا، و لا يمكن ان يتعامل اي كان و اية مؤسسة مهما كان عنوانها بالقوة الغاشمة ضدها او يقف حجر عثرة امام تنظيمها وفق القوانين المرعية بعيدا عن الفوضى و التدخلات غير الشرعية

شهدت بغداد اليوم الثلاثاء تظاهرات كبيرة و تداخلت فيها امورا غير مسبوقة في التظاهرات الاخرى. نعم انها تتحمل الكثير من الكلام و الشكوك و التحليلات،  يمكن ان يُعتقد بانها يمكن ان تدار من بعيد او في المقابل ان تكون عفوية كما تظهر في العلن. و تحمل هذه التظاهرات وجهات نظر كثيرة و تحوي على اسرار يمكن ان لا تكشفها اصحابها بشكل الا مستقبلا و لكن تسرب الكثير الذي يضع علامات استفهام حولها.  لازالت في يومها الاول و خرج اراء و معلومات كثيرة لا يمكن التاكد منها نتيجة  ما تشوشه  افعال تدخل المخابرات و الاجهزة الكثيرة التي تهب و تدب في العراق دون ان يقول لها احد (بان هناك حاجبا على عيونكم) كما يقول المثل الكوردي. و من جانب اخر، قال احدهم بانها من تخطيط و تنفيذ العديد من الموتورين من السياسين من جانب المصلحة و السلطة و ليس الدم ، انهم هم الذين ضربت مصالحهم و يريدون ان يستغلوا المستجدات لاعادة كرّتهم و بدعم مباشر خارجيا، و هناك من يقف ضدهم لمصالح و اسباب اخرى و الصراع على اشده، و سنرى المنتصر، الا ان هناك خلطا كبيرا في الامر نتيجة تداخل المعادلات السياسية الحالية في ظل رئاسة بعد المهدي و التي تسيطر على العراق و سلطته و كياناته.

نعم الفساد مستشري بشكل خطير و لا يمكن حله الا بعملية قيصرية يمكن ان قلعه و باستئصال من له العلاقة به، و بقوة مدعومة شعبيا، و هذا صعب جدا لو تمعنا فيما الموجود من القوى وعلاقتهم هم بالفساد لكونهم هم من يسيطرون على الحكومة منذ سقوط الدكتاتورية، ولا يمكن ان يمدون من سلطتهم و يطيل عمر بقائهم الا بتوزيع الهبات و الامتيازات و الاموال على مراكز قوى و تكتلاتةداخل كياناتاهم لانهم اصلا لم يتاسسوا على اسس فكرية و عقيدية و فلسفية يؤمن بها منتميهم، بل كل ما يخص بعملهم هو توزيع الهدايا الدائمة او المستقطعة و ان قطعت امكانياتهم حال محاربة الفساد و نوابع و مصادر يدر عليهم تلك الهبات، سوف يتساقط منتميهم عنهم و يتهاوون كما هو اوراق الاشجار في فصل الخريف.

التعقيد في الامر اصبح بحال لا يمكن فك ما يحتويه ، ان ما يخرج من المطابخ الخلفية التي يختلط فيها مع النوايا و الاغراض و الاهداف العديدة التي يلعب عليها الجميع و كل حسب مصالحه، و الاخطر هو الابواب و المنافذ السياسية المخابراتية الخارجية المشرعة للتدخلات الخارجية التي تستغل صعوبة حياة الناس و البطالة و الوضع النفسي المتردي للشباب،  و هذا ما يدع اي منا ان لا يعلم ماوراء ما يحدث.

ما يتبادر الى الاذهان هو مجموعة من الاسئلة التي تدور حول ما يحصل. لماذا هذا الوقت و استغلال  امر عسكري في الوقت الذي يعلم الجميع ان الاصح هو لا يمكن لاي احد ان يتدخل ولو كان في اعلى سلطة سياسية في الامور العسكرية، لماذا المواقف العديدة و التناقضات و تغيير الاراء و المواقف في كل لحظة حول التظاهرات، لماذا اختلاف المواقف بين الكيانات السياسية و بروز الموالين للبعض دون الاخر، المدهش و المستغرب وجود الازياء الموحدة بين كتل كثيرة من المتظاهرين مما يدل على ماوراءهم بشكل جلي.

هنا يمكن ان نقول مهما كانت التظاهرات متنوعة المنشا و الدوافع الا ان تحركهم نحو المنطقة الخضراء و بعض الشعارات التي رفعت و المسيطرين عليها  و التوجهات التي تشير الى الكثير من الامور المشكوكة في مصادرها على الرغم من وجود الكثيرين بين صفوف المتظاهرين الذين لا يعلمون ما يجري بل دفعتهم حالهم و باسهم و ياسهم و احتياجاتهم الى المطالبة العادلة الحقة لهم.