كي لا يقول القارئ إننا نتكلم من رأسنا، لذا نضع أمامه ما جاء في كتاب (تاريخ إيران منذ البدء إلى انقراض القاجارية) وهو من تأليف المؤرخ الإيراني الشهير (حسن پیرنیا) الذي عاش في زمن حكم القاجاريين، وكان ينتمي لعائلة أرستقراطية، تسنم منصب رئيس وزراء إيران ثلاث مرات، وقبله تبوأ هذا المنصب والده (نصر الله) وكان يحمل لقب “مشير الدولة” وحمل اللقب من بعده ابنه حسن. يقول (حسن پیرنیا) في مقدمة كتابه المذكور أعلاه ص 2 عن جغرافية إيران والدول والممالك التي تحيط بها: من الشرق تحدها ثلاث سلاسل جبلية معروفة بسلسلة جبال سليمان، ومن الشمال سلسلة جبال البرز، التي تمتد من الشرق إلى الغرب، ومن الغرب سهول جبال كوردستان، التي تمتد من الشمال إلى الجنوب، ثم تعود إلى الجنوب والشرق إلى أن تصل إلى بحر عمّان. انتهى الاقتباس. إن وصف حسن بيرنيا عن كوردستان يتطابق تماماً مع الخارطة التي وجدتها في كتاب الأمير (شرف خان بدليسي) الذي بعنوان (شرفنامه تاريخ كورد)، الذي أهداه إلى شاه عباس الصفوي، التي فيها تمتد أرض كوردستان من مضيق هرمز إلى بحر الأبيض المتوسط. كانت هذه شهادة من شخصية إيرانية يعتبر كتابه الأول في تاريخ إيران، ويعتبر – حسن بيرنيا- أباً للتاريخ الإيراني. الشيء الآخر، إنه لم يذكر العراق، وذلك بخلاف الخارطة التي وضعتها الحكومة الملكية العميلة لبريطانيا فيما بعد، بدليل حين تحدث عن حدود إيران ذكر (حسن بيرنيا) كوردستان بالاسم، لكنه لم يأت على ذكر العراق، لأنه غير موجود في ذلك التاريخ لا كياناً ولا أرضاً بهذا الاسم متاخم لها حتى يذكره؟؟.عزيزي المتابع،إن وصفه هذا لجغرافية إيران يذكرني بخارطة العالم التركي (محمود كاشغري) – للعلم،إنني أول من نشر قبل عدة أعوام خارطة كاشغري في المواقع وصفحات النيت- في كتابه (تاريخ لغات الترك) الذي ألفه قبل حدود 1000 عام، أن تأليف الكتاب ورسم الخارطة التي فيه كان قبل مجيء الأتراك من طوران في آسيا الوسطى إلى ما تسمى اليوم بجمهورية تركيا، التي ظهرت إلى الوجود نتيجة معاهدة لوزان التآمرية عام 1923، فلذا؛ لا تجد في خارطته كياناً باسم تركيا، لكن تجد كوردستان التي عرفها كاشغري باسم: أرض الأكراد. للعلم، أن مدينة كاشغر التي ينتمي لها العالم التركي تقع في تركستان الشرقية، التي تقع اليوم داخل حدود دولة الصين، احتلها العرب في صدر الإسلام أيام الخلافة الأموية. أدناه صورة لخارطة العالم التركي محمود الكاشغري وفيه وطن الكورد باسم أرض الأكراد:
عزيزي القارئ الكريم،إن أشرس فترة تعريب مقيتة مرت على كركوك هي فترتي حكم حزب البعث العروبي العنصري عام 1963، لقد قام البعث المجرم خلال تلك الشهور التسعة التي حكم فيها بتهجير الكورد من قراهم التي كانت متاخمة لآبار النفط وهدموها. لكن؛ بعد عودتهم عام 1968- 2003 قام البعث ورئيسيها المجرمان بكر وصدام بسياسة التعريب الممنهجة في طول الشريط الحدودي بين جنوب كوردستان والعراق، بدءً من بدره (بدرة) وزرباتية (زرباطية) وجصان ومندلي الذي حوله صدام حسين من قضاء إلى ناحية؟!، وخانقين وشهربان المعربة إلى المقدادية نسبة إلى عالم صوفي اسمه المقداد بن محمد الرفاعي. وخسروآباد المعربة إلى سعدية نسبة إلى محتل عربي آخر وهو سعد…، وجلولاء الخ الخ الخ. إذا هذا ليس احتلالاً استيطانياً لماذا يغيروا الأسماء الكوردية الأصيلة إلى أسماء دخيلة ليست لها أية علاقة تاريخية بالمنطقة وأهلها؟!. بناءً على هذه الأوامر العنصرية الهمجية الصادرة في الغرف المظلمة في بغداد دمرت مدينة كركوك والمدن الكوردستانية الأخرى بشتى أنواع الوسائل المتاحة لحكام بغداد… قبل عام 2003 وبعده حتى كتابة هذه المقالة؟. حقيقة أنا لست مع التعميم، لكن ابن خلدون كعالم اجتماع له منهجيته الخاصة، ربما شاهد أكثرية العرب تقوم بأعمال عنيفة فلذا تصور أن جميع العرب هكذا نظراً للبيئة القاسية التي عاشوها في وطنهم الأم حيث صعوبة العيش في الأودية الجافة والصحارى الرملية التي تفتقد إلى مفردات الحياة. فعليه قال ابن خلدون في كتابه الشهير (المقدمة) ج1 ف26 ص203: إن العرب إذا تغلبوا على الأوطان أسرع إليها الخراب، والسبب في ذلك: أنهم أمة وحشية باستحكام عوائد التوحش، وأسبابه فيهم، فصار لهم خُلقاً وجبلة. انتهى الاقتباس. للأسف أن عقدة التوحش هذه نالت كركوك منها حصة الأسد حيث ركزت السلطات العراقية العربية العنصرية عليها أكثر بكثير من تلك المدن الكوردية الأخرى. لقد شجع نظام حزب البعث وفي عهد المقبورين أحمد حسن البكر وصدام حسين – والنظام الشيعي الآن لا يختلف في سياسته العنصرية والطائفية شيئاً عن نظام حزب البعث المجرم في هذه المسألة- لقد قام المجرم أحمد حسن البكر عام 1975 باستقطاع أربعة أقضية من محافظة كركوك التي غيروا اسمها إلى تأميم وهي كل من 1- قضاء كلار والنواحي والقرى التابعة له ألحق بمحافظة سليمانية. 2- قضاء كفري والنواحي والقرى التابعة له ألحق بمحافظة ديالى. وقضاء چەمچەماڵ (جمجمال) ألحق مع نواحيها وقراها بمحافظة السليمانية. وقضاء خورماتو (طوزخورماتو) تم إلحاقه بمحافظة صلاح الدين (تكريت) هو وتوابعه. لقد قدر عدد نفوس الكورد في حينه في هذه الأقضية الأربعة بأكثر من 200,000 ألف نسمة. عزيزي المتابع، وقبل الجريمة التي قام بها أحمد حسن البكر، وتحديداً بعد تأسيس الكيان العراقي عام 1920 على يد المستعمر البريطاني ومن أجل تخفيض نفوس الكورد في محافظة كركوك حاول باستمرار عزل المدن الكوردية عن محافظة كركوك، على سبيل المثال وليس الحصر، قام باستقطاع المدن التالية التي كانت تابعة لكركوك: أربيل، كويسنجق، رواندوز، كفري هذه الأخيرة كانت تسمى وقتها صلاحية، وأسسوا منها لواءً (محافظة) باسم أربيل؟؟!! لكي أكون دقيقاً كفري ليس من ضمن أربيل، كما أسلفت ألحق في زمن البعث المجرم بمحافظة ديالى. هنا نتساءل، يا ترى كيف تكون العنصرية يا أحمد حسن البكر، يا أبو الهوايش؟؟!! أنا هنا لا ألعنك وأنت غادرت الحياة والآن في عالم اللا عودة، فقط أقول عليك ما تستحق؟. لكن، الذي خلفه صدام حسين كان ألعن وأخبث ألف مرة من أحمد حسن البكر بمرات عديدة، لقد قام المقبور صدام حسين بتعريب كركوك علناً ودون أن يحسب حساباً لأحد، لقد استولى على أراضي ودور الكورد بالقوة وأعطاها للعربان الذين استقدمهم من صحارى غرب وجنوب العراق، ومنح كل واحد منهم مبلغ 10,000 دينار عراقي – عندما كان الدينار العراقي يساوي ثلاث دولارات أمريكية وثلاث سنتات- ومع المبلغ أعطي العربي الذي استوطن في كركوك بندقية رشاشة كلاشنكوف لكي يقتل بها الكورد الذين يريدون العودة إلى ديارهم وأراضيهم ودورهم المسلوبة من قبل العرب… . طبعاً لا ننسى، أن المدعو صدام حسين الذي تلفع بعباءة القومية العربية أصدر خلال سنوات حكمه البغيض قرارات وقوانين عنصرية فيما يخص الكورد في كركوك والمناطق الكوردية الأخرى المغتصبة عربياً، ومنها، أن الكوردي لم يسمح له بشراء منزل في كركوك!، الكوردي إذا باع داره يجب أن يبيعه للعربي وليس لكوردي!، الكوردي لا يسمح له أن يعمر بيته إذا احتاج إلى تعمير وتصليح!، ومنع الكوردي من التوظيف في أية دائرة في كركوك! الخ الخ الخ.
01 06 2021
يتبع
لم تمنح العوائل العربية القادمة الى كركوك (بالتحديد من عام 1980) عشرة آلاف دينار فحسب, بل أُعطيت أيضاً لكل عائلة منهم قطعة أرض مع قروض من البنك العقاري مقدارها عشرون الف دينار (كان الدينار الواحد يساوي ثلاثة دولارات و عشرة بنسات) من اجل بنائها. حدث ذلك قبيل بدء الحرب العراقية الإيرانية 22 أيلول عام 1980 بعد إصدار النظام البعثي سلسة من القوانين العنصرية في الجريدة الرسمية الشهرية (خاصة بالقوانين والتشريعات الحكومية) بحق كركوك وأهلها من الكورد والتركمان منها, لا يجوز للكوردي او التركماني شراء بيت او قطعة أرض داخل مدينة كركوك, لكن يجوز لهما البيع للعربي. ولم يكن ذلك النظام الجائر يستحي ان يصف إسرائيل في إعلامه بممارسة العنصرية بحق الفلسطينيين بمنعهم من شراء العقارات مع جواز بيعها لليهودي القادم من أماكن أخرى. ولا أدري ما هو الفرق بين الحالتين. إضافة الى تلك الممارسات اللاإنسانية تجاه أهل كركوك من الكورد والتركمان, فقد بدأ النظام بهدم عدد من المحلات والاحياء القديمة التي تسكنها غالبية كوردية او تركمانية بحجج واهية لم تنطلِ عليهم منها, مشروع إعادة تصميم المنطقة, مدّ وتبليط شوارع جديدة تمر من وسط البيوت او حتى جوامع للمصلين كما حدث لحيّ كاورباغي حيث بقيت أنقاض البيوت و المسجد مع مدرسة إبتدائية على حالها دون ان يبدؤوا مشروعهم, ولما جاءت الحرب مع إيران إستغلها النظام اللئيم بأن صوّر انقاض الحيّ وبثها في إعلامه دليلاً على أن إيران تقصف الأحياء السكنية! لقد كان بيتنا من المحلات السكنية التي قُطعت عنها الماء (مع ذلك كان علينا دفع فاتورة مقدارها دينار و ربع دينار) وذلك لإرغام سكانها على مغادرة بيوتها الى خارج كركوك.. تحياتي للأخ مندلاوي على كتاباته القيمة.
شكراً لك كاك قاسم الغالي. مع مودتي