هل عرب أنتم…؟!  – محمد مندلاوي

 

عزيزي القارئ اللبيب،إن نشر الثقافات المختلفة بطريقة حضارية، بدون إرغام الآخر على قبوله واعتناقه عنوة، وإجباره على ترك انتماءه القومي والوطني تكون منعة وقوة للملقي والمتلقي. تماماً كما جرى في لاتين أمريكا،عندما نشر الإسبان لغتهم وثقافتهم هناك، لكنهم لم يكرهوا شعوب تلك المنطقة على ترك انتمائهم القومي والوطني ويصبحوا إسبان 100%؟. وهكذا البريطانيون في الهند والدول التي حكموها في مشارق الأرض ومغاربها، لم يلزموا تلك الشعوب على ترك قومياتهم كي يصيروا إنجليز؟. ومثل الإسبان والإنجليز هم الفرنسيون إبان حكمهم لبلدان كثيرة في إفريقيا، لقد نشروا لغتهم وثقافتهم، إلا أنهم لم يضعوا برامج شيطانية يحولوا بها الشعوب الإفريقية البدائية التي خضعت لحكمهم إلى الفرنسية قلباً وقالبا وخير دليل بلدان شمال إفريقيا؟.

إلا أولئك العرب، الذين خرجوا في القرن السابع الميلادي من شبه جزيرتهم الجرداء وغزوا البلدان المحيطة بهم، الذي كان ظاهره عقدي، أي من أجل نشر العقيدة الإسلامية، أما باطنها كانت من أجل نهب وسلب ثروات تلك البلدان بحد السيف، ومن ثم احتلالها احتلالاً استيطانياً، وتعريب شعوبها كي تكون جداراً خارجياً تحيط بوطنهم الأم، شبه جزيرتهم… . وبدأ هذا الاحتلال والتعريب عنوة من مصر وسودان ومغرب وليبيا وتونس وجزائر وموريتانيا. وشرقاً احتلوا سوريا وفلسطين والعراق وكوردستان الخ!!!. عزيزي المتابع،هناك شعوباً كبيرة صاحبة حضارة عريقة ولها جذور عميق في عمق التاريخ، إنها قبلت منهم الإسلام كعقيدة، إلا إنها لم تقبل العروبة ورفضتها رفضاً قاطعاً، وهذه الشعوب هي الكورد، والفرس، والأتراك هذه الأخيرة عندما كانت في وطنها الأم في تركستان. بما أن الكورد والفرس لم يستسلموا لهم بالكامل، فعليه حتى بعد إسلامهم وإلى الآن هذا يوصفون من قبل العرب بالمجوس وبتسميات تكفيرية كتلك التي تزخر بها العقيدة الإسلامية؟؟؟!!!.

دعني عزيزي القارئ أن أفتح قوساً هنا وأنقل لك ما يقوله الفرس اليوم بصوت عالي عن فرض العقيدة الإسلامية عليهم بالقوة. قبل أن أنقل لك كلام الفرس كما سمعتهم من أفواههم. مما لا شك فيه، إن الخليفة الثاني عمر بن الخطاب كان ذكياً كالنبي محمد والإمام والخليفة الرابع علي بن أبي طالب، لذا قال عمر للعرب أن أرض بين النهرين – العراق- تكفينا، لا تذهبوا أكثر نحو الأمام. إلا أن الأعراب كانوا متعطشون لذهب ومواشي وفتيات إيران، لذا أخذتهم الحمية القومية واجتازوا جنوب وشرق كوردستان ودخلوا إلى أعماق أراضي الإمبراطورية الساسانية وفرضوا على شعبها العقيدة الإسلامية بحد السيف. لكن مردود تلك الغزوة التي لم يردها عمر بن الخطاب صاحب المقولة المأثورة: ليت بيننا وبين الفرس جبلاً من النار لا ينفذون إلينا ولا ننفذ إليهم. لقد عرف ابن الخطاب خطر الإيرانيين على العرب، فلذا نرى الآن ونحن في قرن الـ21 كيف الذي قاله أبا حفص يرتد على العرب ويهدد وجودهم حتى في شبه جزيرتهم الجرداء. – وأنا المواطن الكوردي البسيط أقول: ليت الخالق باعد بيننا وبينكم، أي بيننا نحن الكورد وبينكم أنتم العرب- عزيزي القارئ، هذه هي إيران الإسلامية الشيعية تعتلي المذهب الشيعي وتهدد كيانات عموم الجزيرة العربية وباسم نفس العقيدة التي فرضت عليها عنوة إلا وهي الإسلام. تصور معي عزيزي القارئ، لو أخذت العرب بكلام عمر ابن الخطاب ولم يعبروا نهر دجلة؟ ولم يتخطوا جبال حمرين وبقيت إيران زرادشتية كما كانت لا ولن ولا تهدد أحداً لأن دينها الزرادشتي غير تبشيري؟. لكن، بما أنهم – العرب- دخلوا إلى عقر ديارهم وسبوا نسائهم وهتكوا أعراضهم ونهبوا أموالهم، اليوم يقول الفارسي بملء الفم: يجب عليهم – العرب- دفع الدَين الذي في أعناقهم لنا أضعافاً مضاعفة؟، لقد سمعتهم بأذني يقولون: مثلما ولجوا الغلف في…؟ سنولج الغلف في…؟ مثلما نهبوا أموالنا وقتلوا رجالنا واحتلوا ديارنا، سنأخذ أموالهم ونقتل رجالهم ونحتل ديارهم. ويقولون: إن ما قامت به العرب لن تسقط بتقادم الزمن، دَين في رقبتهم يجب أن نأخذها من عيونهم وعندها نكون متساوون في كل شيء. كان هذا كلاماً فارسياً سمعناه منهم لذا وضعناه بين قوسين، ليست له علاقة بمضمون المقال.

عودة إلى نقطة البدء. إن العرب الأقحاح، وأعني بهم العرب الأصلاء، عرب شبه الجزيرة العربية، التي لا زالت تحمل اسمهم: جزيرة العرب، وما دون هؤلاء الذين في الصحراء يعتبرون عَكِرا، وفي أحسن الأحوال يقولون عنهم ناطقون بالعربية، أو العرب المستعربة، ويعلم هذا الوصف الحقيقي الجانب الآخر جيداً، الذي هو مثل غراب البين ضيع المشيتين، لكنه صار لا يجيد غير اللغة العربية: كما يقال أعمى وچَلَب (مسك) بشباك الكاظم. فلذا يعدون أنفسهم عربا، لكن في قرارة أنفسهم يعلمون أنهم ليسوا عربا، وكذلك يعلم العربي القح في جزيرة العرب، أن هؤلاء شراذم، يعتبروهم كجدار خارجي لجزيرتهم يحمونها من الفرس والأتراك وغيرهم. وإلا لو كانوا عربا، كيف أن صدام حسين الناطق بالعربية يحتل بلداً عربياً اسمه الكويت ويأمر بهتك أعراض نساءها ونهب أموالها وقتل رجالها!!. وعلى غرار ما قام به المستعرب صدام حسين قامت إمارة الكويت العربية بعمل أخطر من زحف مائة فرقة عسكرية على العراق، إلا وهو الماء، الذي يعتبر أكسير الحياة، أتعرف عزيزي القارئ، أن السدود التي تبنيها الكيان التركي على نهري دجلة والفرات بتمويل قطري وكويتي؟؟؟!!! وهما يعلمان أن تركيا في قادم الأيام ستستخدم ورقة المياه سياسياً واقتصادياً ضد كل من سوريا والعراق، السؤال هنا، إذا جميعهم عرب، كيف بعربي يمول جمهورية مثل تركيا غير العربية التي تأسست عام 1923 لعداء شعوب المنطقة وفي مقدمتها العرب والكورد من بناء 22 سداً على نهري دجلة والفرات التي ستعطش أخيه العربي؟؟!! إلا أن يكون هذا الذي سيعطش بل وسيموت عطشاً في كل من سوريا والعراق ليس عربيا بل في قرارة أنفس الكويتيون أعداءً؟؟؟.

موضوع آخر، كما تعرف عزيزي القارئ، أن سوريا تقول أن لواء الإسكندرونة أراضي سورية تنازل عنها الاستعمار الفرنسي لتركيا، وفي كل مناسبة تطالب بها سوريا. لكن، في سبعينات القرن الماضي قام النظام العراقي بمد خط أنبوب نفط من كركوك إلى إسكندرونة على البحر الأبيض المتوسط، أن هذا العمل يعتبر اعتراف ضمني من العراق بأن إسكندرونة أرض تركية؟؟؟. وجب على العراق، أن لا يمد هذا الخط النفطي على أرض سورية محتلة من قبل تركيا؟. لكن هذا الذي قام به العراق دليلاً آخراً على أن نظامي الحكم في كل من سوريا والعراق ليسا بعرب؟؟؟ وإلا كيف يمد أنبوب النفط على أرض سورية محتلة من قبل تركيا!!!.

عمل خبيث آخر من ملك عربي ضد رئيس عربي. عند بروز قوة الرئيس المصري جمال عبد الناصر حست المملكة العربية السعودية بأنه -جمال- يشكل خطراً عليها، فعليه طلب ملك فيصل بن عبد العزيز ملك السعودية من دولة إسرائيل سراً أن تقوم بتقليم أظافر جمال عبد الناصر؟. وهذا يعني، أن تقوم دولة إسرائيل بعمل عسكري ضده وتحطم آلته العسكرية وتكسر هيبته وكبرياؤه، وهذا الذي حدث في عام 1967. السؤال هنا، إذا الجدع المصري وأنس السعودي من عرق عربي واحد، لماذا يخاف السعودي من تنامي قوة المصري؟؟!!. عزيزي القارئ، هناك مئات القصص العدائية وخيانات جرت في الكيانات  العربية التي ستة منها عربية عرباء وهي مجلس التعاون الخليجي وبقية من الذين استعربوا بعد نشر الإسلام بحد السيف.

عن التشكك بانتماء حكام العرب الـ21 لأرومة عربية واحدة قاله الشاعر (مظفر النواب) في قصيدته المشهورة “وتريات ليلية”:

هل عرب انتم!!!

ويزيد على الشرفة يستعرض أعراض عراياكم

ويوزعهن كلحم الضأن،

لجيش الردة!!!

هل عرب أنتم!!!

والله أنا في شك من بغداد إلى جدة.

لا يا مظفر، إنك حصرت تشكك بعرقهم بين حكام بغداد والسعودية فقط حين قلت: من بغداد إلى جدة. لكن لو قلت: والله أنا في شك من بغداد إلى وجدة؟ هذه الأخيرة منطقة تقع في المغرب الأقصى؟ عندها كان كلامك صحيحاً 100% أي أنك تشكك بانتماء الشعوب التي تسمى عربا وتختلف ألسنتهم وثقافاتهم وتاريخهم وليس رأس السلطتين في كل من بغداد ورياض؟؟.

18 11 2021

One Comment on “هل عرب أنتم…؟!  – محمد مندلاوي”

  1. جواباً على السؤال الوارد في المقالة (إذا الجدع المصري وأنس السعودي من عرق عربي واحد, لماذا يخاف السعودي من تنامي قوة المصري؟) أقول, إنه المِلك والحكم, وجمال عبدالناصر كان يحرّض الشعوب العربية على الثورة لإسقاط حكم ملوكهم كما فعل هو وزملاءه بالملك فاروق عام 1952, وتبعه ضباط الاحرار في العراق عام 1958 . والمِلكُ كما تعلمُ عقيمٌ لا يعرف له إبناً ولا إبن عم, والخليفة العباسي هارون الرشيد يقولها لإبنه المأمون, والله لو نازعتني عليها -الخلافة- لأخذتُ الذي فيه عيناك (أي لقطعت رقبتك).

Comments are closed.