متى تحقق الاحتجاجات في ايران اهدافها- عماد علي

 

مرٌ اكثر من 100يوم على الاحتجاجات الايرانية الفريدة في تاريخ المنطقة و لاتزال في اوج قوتها وغليانها المستمدة من ارادة الشعب المناضل  بكافة مكوناته و في مقدمتهم من هم في كوردستان الشرقية من الشعب الكوردي البطل. خلال اليومين الماضيين مّر اربعون يوما على استشهاد11مناضلا كورديا من المحتجين في المدن الهائجة من شرقي كوردستان: مهاباد، بيرانشهر ، سقز، بوكان، سنندج و التي استمرت الاحتجاجات السلمية فيها بشكل استثنائي القوة و الاندفاع و هتف المحتجون باعلى اصواتهم على الرغم من  القمع و الاستبداد غير المسبوق الذي تمارسه السلطة الايرانية بشكل وحشي يوميا ضدهم، اضافة الى ان النظام لم يستثني احدا الا انه يطبق بما لديهة من القوة العسكرية على هذه المدن اكثر من غيرها، اضافة الى ما يتعرض له هذا الشعب من  القتل و الجرح فيزج من يصادفه في السجون المليئة بالمحتجين و هم يعانون فيها من الظروف اللا انسانية البعيدة عن اي حق من حقوق السجناء السياسيين.

و ما نشاهده من محاولات القوات الامنية من تفرقة المحتجين بالقوة الغاشمة التي لم يستعملها اي نظام اخر في اي بلد الا ان المنتفضين يستمرون و يهتفون باعلى اصواتهم و هم يوقفون بوجه السلطة .

على الرغم من توسع هذه الاحتجاجات و طول مدتها و ما تمارس فيها من القوة ضد المحتجين السلميين الا انه من الغريب في الامر اننا لم نسمع حتى ازيز صوت منخفض من الدول العظمى التي تتشدف بحقوق الانسان، والمكشوف انهم يتعاملون وفق المعادلات السياسية التي تعتبر للمصالح قبل اي شيء اخر، و عليه فان حقوق الشعوب اصبحت مجرد كلام، وما  يدعون من من المحافظة على الحقوق الانسانية في بقاع العالم اصبح واضحا انه مجرد كلام.

السؤال الذي لم يجب عنه احد هو: لماذا لم يحاول احد من هؤلاء الذين يذكرون القوى الارهابية في العالم لم يحاولوا وضع قوة البسيج و الباسداران الايرانية في قائمة الارهاب التي اصبحت  عاملا في ايديهم للعمل السياسي، وعلى الرغم من ان هناك منظمات سياسية تناضل من اجل ضمان حقوق شعبها بشكل سلمي و مستندة على احقيتها السياسية في الحصول على اقل مستحقاته السياسية و ان نضاله ضمن دائرة حقوق الانسان و كافة الاعراف و القوانين الدولية.

المهم هنا نتيجة ما يحصل عليه هؤلاء المحتجين المضحين في نهاية المطاف، و اننا ما نشاهد على الارض هو التغيير الفعلي رغما عن ادعاءات السلطة التيتقول العكس، و من المؤكد ان يؤثر هذا و يحصل التغيير نسبيا في شكل الحكم اولا و ان كان شكليا و من ثم التغيير الشامل الذي يفرض نفسه على السلطة الاسلامية الايرانية مهما انكروا على انهم لم يخضعوا للضغوطات. المتغير الظاهر الان و الذي يلمسه من يرى الواقع الاني و يقارنه بما كان عليه الشعب قبل الاحتجاجات، هو ان الجراة غير الطبيعية للشعب فسح المجال لمحو الخوف و ازدياد خوف ازلام النظام و تغيير اساليب المنتمين الى مفاصل السلطة بشكل سري و مساعدتهم للمحتجين بعيدا عن عين السلطة، و هذا التغيير المشهود الذي يدع المحتجين يتقدمون الى الامام. اي ان النظام لم يبق على ماكان عليه شكلا و جوهرا و انه في تغيير مستمر على الرغم من عدم اعترافه، الا ان النتيجة يمكن ان لا تفيد المحتجين الا التغيير الجذري. ان كانت حزمة القرارات التي اقرت من قبل السلطة ازاء متطلبات المحتجين دون الاعلان عنها و لم يرضي المحتجون بها، ابدا الا ان بداية التغييرالشامل قد بدات و لا يمكن ان تقف المسيرة في هذا الحد مهما كانت التضحيات و المواقف الخارجية سلبية و ان كان التكتيك الاني احيانا لم يكن في صالح المحتجين.

اي ان المحتجين ضمنوا تغييرا و ان لم يكن بقدر التضحيات التي قدموها، الا انهم ادركوا بانهم ليس امامهم الا ان يصروا على الاستمرارالذي اصبح ديناميكيا واصبح واضحا لديهم بانهم سائرون الى تحقيق الاهداف، اي انهم ادركوا على ان يكونوا او لا يكونوا، و ان كان هناك من يقول بان عدم سقوط النظام يجعل المحتجين يعتقدون بانهم لم يحققوا ما احتجوا و ناضلوا و ضحوا من اجله، الا ان التغيير السائر ولو بشكل بطيء نسبيا  الا ان ثقل الاحتجاج اصبح يطبق على انفاس النظام  نتيجة ناجحة نسبيا و ستكون نتيجته ايجابية في النهاية حتما.

هذه هي الحركة الاحتجاجية الاولى التي تضع الحكم الاسلامي العقائدي المذهبي امام الخنوع و الخضوع و يضطر على ما يقدم من المبادرات المختلفة دون ان يرضى بها المحتجون. و هذا دليل على ان الحركة الاحتجاجية التي بدات و استمرت على الرغم من التوقعات استمرارها بداية  لدى المراقبين، الا ان استمراريتها الديناميكية المندفعة ذاتيا هي التي تدع اي مراقب محايد ان يتفائل لنتائجها الضامنة .