محمد باقر الحكيم ..انتصارات قبل العروج- علي هادي الركابي

 

قليلة هي الحوادث والمواقف التي تمر على الشعوب الحية ؛ وتنتهزها بلمح البصر ؛ فتغير فيها كثيرا ً؛ وتجعلها في تقدم وانتعاش وقرب من الله اكثر من غيرها ، تلك هي شعوب تعرف ما تريد  وما تختار ايضا ، وربما يكون توفيقها اكثر من غيرها ؛ فالجماعة الصالحة هي من تاتي بالحكومة الصالحة ، ونرى الكثير من اصحاب المهن كمهن اباءهم او اجدادههم، انها وراثة الاعمال والاخلاق معا ، هذا يعني ان الشعوب هي من تختار المستقبل لاغيرها ، وهي من تحدد المسار السياسي والعقائدي ، فالهوية الوطنية هي توامة بين الاثنين ، الشعب والسلطة .

مر عشرون عاما  على الحدث المهول ولازالت ذاكرتي المثقوبة تحتفظ بسجل ما حدث فالمسير من الكاظمية الى براثا ثم كربلاء والنجف وذ لك التشييع المليوني الذي فاق الاستقبال بكثير ، احتفظ به لنفسي ففيه الكثيروالكثير، فما حدث من اغتيال  كان مخططا له بدقة متناهية من قبل حهات معروفة  لكي لايبنى العرق من قبل اًبناءه الشرفاء .

سجل الشهيد محمد باقر الحكيم ؛ سجلا من الانتصارات المتتالية طيلة فترة صراعه السياسي والعقائدي والعسكري مع الانظمة العراقية الاستبدادية ، بداية مع تاسيس حزب الدعوة عام 1958 مع الشهيد الصدر واخيه الشهيد مهدي الحكميم والبقية من الثلة الطاهرة، وشهره لسيف المبارزة بعد انقلاب البعثيين ومسكهم لزمام السلطة في العراق .

كان شامخاً منتصراً في مبارزة العشرين من صفر 1977 ، مفاوضاً عنيداً لم يخرج من الزنزانة البعثية الا ومعه الكثير من ابناء النجف اللذين دخلوا معه السجن .

محمد باقر الحكيم ، كان منتصرا قبل ان يعلن الحرب على البعث ، شامخا في كل الاحداث ؛ حتى عندما ساوموه على ترك  القضية سراً ؛ خالف البروتوكولات الدولية في التفاوض  واعلن جهراً ان نظام البعث وصدام والحرب على ايران هي باطل .

الشهيد الحكيم ، كان قصة مختلفة من قصص المقاومة ، خلق جيلاً من المقاومين الابطال طيلة سنوات عمره ، ادخلهم في حب العراق والخروج على الظالم اياً كان وفي كل زمان ومكان ، فانار الطريق  للكثير من الاسرى العراقيين في حب الوطن والخروج على النظام البعثي الظالم ، حتى  ان الكثير من البعثيين الكبار اصبح  في الناحية الاخرى من الصراع الدائر على الحدود كالحر ابن يزيد الرياحي .

في صحراء رفحاء كنت له قصة كبيرة جداً مع اللاجئين  المنتفضين العراقيين ؛ حيث ذاب الكثير منهم في شخصيته القيادية عند زياراته السنوية لهم ، فاصبح قائدهم الملهم الذي ينتظروه سنوياً في ابواب تلك الزنازين في صحراء السعودية ولم يتخلى عنهم لا عند اعلان ثورتهم (انتفاضة شعبان 1991 ) التي اجهضها مبغضوا العراق وداعمي نظامه الفاشي ، ولا بعدها عندما هجروا الى رفحاء .

سجله التاريخ كاحد الرموز الوطنية العالمية المعارضة للدكتاتورية عندما  خطب من منبر الامم المتحدة وعرض على العالم مظلومية الشعب العراقية ؛ فتوجه العالم لاسقاط صدام بعد ذلك الخطاب المدوي .

في كل ما مر تعرض الى اكثر من عشر محاولات اغتيال، لكن قرار الله في اخيار مكان استشهاده بجوار امير المؤمنين صائما، محتسبا ، ويتقطع جسده الطاهر وينثر في السماء ، يثير هذا  التكريم الكبير من الله له؛ الكثير من العلامات العجيبة لذوي البصيرة  ، وان خاتمة امثاله في تجسيد واقعة الطف لا تليق في هذا الزمان الا للثلة القليلة …ومنهم المنتصر محمد باقر الحكيم …