الإنتخابات التركية ستنتهي غدآ بواحدة من ثلاثة سيناريوهات- بيار روباري

 

الإنتخابات التركية التي ستجرى يوم الغد (الأحد)، المصادف للرابع عشر من شهر أيار الحالي، ستنتهي بسيناريو من ثلاثة سيناريوهات وسنتحدث عنها بالتفصيل بعد قليل، وبغض النظر إن فاز أحد المرشحين بمنصب الرئاسة من أول دورة أو في الدورة الثانية، والسيناريوهات الثلاثة هي:

الأول، فوز المعارضة بالرئاسة والبرلمان:

إذا فازت المعارضة بأكثرية مقاعد البرلمان، و”كليتشدار أوغلو” فاز بمنصب الرئاسة من الجولة الأولى أو الثانية، هذا سيمنح المعارضة صلاحيات تنفيذية وتشريعية واسعة، وبالتأكيد سيؤدي ذلك إلى تحولات كبيرة في الحياة السياسية التركية الداخلية والخارجية. على الصعيد الداخلي سنشهد تغيرات كثيرة برأي وخاصة في قطاع: القضاء، الجيش، الأمن، الإعلام، التعليم، الشرطة، وستسعى الحكومة الجديدة إلى إعادة العمل بالنظام البرلماني كما وعدت المعارضة بذلك على الأقل. بالطبع لن يكون الأمر سهلآ لأن القضية تحتاج إلى أغلبية برلمانية وإستفتاء عام، ولكن ذلك ليس بمستحيل.

وأعتقد سيتغير تعاطي الحكومة الجديدة مع ملف القضية الكردية في شمال كردستان وغربها وجنوبها لأنهم مرتبطين بعضهم البعض. أي الإنتقال من التعاطي الأمني إلى التعامل السياسي مع هذه القضية، هذا أقله ما صرح به زعيم المعارضة الحالية “كليتشدار أوغلو”، في أكثر من مناسبة، وللعلم هو كردي علوي.

وعلى الصعيد الخارجي أعتقد ستكون وجهة النظام الجديد بإتجاه الغرب أوروبا وأمريكا، والتماشي مع السياسيات الغربية، وتكون تركيا عضوآ فعالآ في حلف الناتو، والعلاقة مع روسيا ستأخذ شكلآ باردآ ونفس الشيئ مع العرب والدول القفقازية والإسلامية. وهذا التحول سيلاقى ترحيب كبير من قبل دول الإتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأمريكية دون شك، وسيقدمون للنظام الجديد كل الدعم لتثبيته.

الثاني، فوز التحالف الحاكم الحالي بالرئاسة والبرلمان:

إذا فاز التحالف الحاكم بأكثرية مقاعد البرلمان، وفاز اردوغان بمنصب الرئاسة من الدورة الأولى أو الثانية، فسيكون اردوغان أكثر شراسة مع معارضيه ومع الشعب الكردي على وجه الخصوص، وليس بعيدآ أن يعود إلى سياساته القديمة، أي خلق المشاكل مع دول المنطقة التي تصالح معها بسبب الإنتخابات والوضع الإقتصادي المتدهور وحالة التضخم التي يعاني منها إقتصاد تركيا منذ عدة سنوات.

وعلى الصعيد الخارجي سيرتمي اردوغان في حضن الروس أكثر فأكثر، لأن الروس فعلوا المستحيل لإبقائه في السلطة، وكل الإجتماعات التي جرت في موسكو بين أطراف الرباعية الإجرامية كان هدفها الوحيد إنقاذ اردوغان فقط. والروس هم الذين طلبوا من دول الخليج ومصر والنظام السوري وإسرائيل بالإنفتاح على نظام اردوغان وهذا ليس سر.

ولكن في المقابل، ستزداد العقوبات الغربية العسكرية والإقتصادية عليه ويشتد الخناق الغربي على نظامه ويعاني من عزلة دبلوماسية دون شك وخاصة من قبل أمريكا.

الثالث، فوز أحد التحالفين بالرئاسة والأخر بالبرلمان:

هذا الإحتمال جد وارد. من الممكن أن تفوز المعارضة بالأغلبية البرلمانية، واردوغان بالرئاسة. وهذا سيعمق من الإنقاسم الحالي وسيدفع الطرفين إلى مواجهة محتدمة. وهذا سيشل النظام ويتسبب بالمزيد من التدهور الإقتصادي والقضائي والإعلامي. والذي سيفوز بمنصب الرئاسة سيكون له اليد العليا كون النظام الحالي في تركيا رئاسي، والرئيس يتمتع بسلطات هائلة، ولهذا السبب تحديدآ بدل اردوغان النظام البرلماني بالرئاسي، لكي يمنح نفسه سلطات السلاطين العثمانيين الشبه مطلقة.

أو أن يحدث العكس أي التحالف الحاكم يفوز بالأغلبية البرلمانية، و”كليتشدار أوغلو” يفوز بمنصب الرئاسة، وكلا الإحتمالين واردين. ولا أظن أن اردوغان بتركيبته النفسية سيقبل بالتعايش إذا ما خسر منصب الرئاسة، ففلسفته تتلخص بالتالي: إما أنا أو لا أحد.

هناك سيناريو رابع وغير مستبعد، وهو أن يقوم أحد الطرفين التشكيك بنزاهة الانتخابات وشرعيتها وبالتالي رفض النتائج. ولقد سمعنا من كلا الطرفين مثل هذا الكلام والإتهامات مسبقآ وفي مناسبات كثيرة، ويبدو لي هي محاولة إستباقية من قبل الطرفين المتقابلين (كليتشدار، اردوغان)، لتبرير هزيمتهم في حال خسارة أحدهم في الإنتخابات غدآ. وأنا شخصيآ لا أستبعد التزوير من قبل حكومة اردوغان المدعومة روسيآ، وبالتالي ندخل في (حيص بيس) أي التشكيك في شرعية نتائج الإنتخابات ونحمل المسؤولية للإبليس. عندها كل طرف سيتهم الأخر بأن هو الإبليس. منطقيآ القادر على التزوير وشراء الذمم، وتسخير كل إمكانيات الدولة لصالحه، هو الطرف الحاكم بطبيعة الحال بما فيه وسائل الإعلام المملوكة للدولة.

في الختام، أياً تكن نتيجة هذه الانتخابات، دون شك ستؤثر بشكل كبير على مستقبل تركيا والمسار الذي ستسلكه، وسيتكون لها تأثيرآ كبير على القضية الكردية في تركيا نفسها، وثانيآ في كل من غرب وجنوب كردستان، إضافة على المحيط الإقليمي لتركيا وخاصة سوريا وعلاقات تركيا بالخارج، وفي نهاية يوم الغد (الأحد)، سيذوب الثلج ويبان المرج، وعندها لنا حديثٌ أخر.

وملاحظة أخيرة، غدآ بعد فرز الأصوات سنكتشف مدى قوة الصوت الكردي وتأثيره في الحياة السياسية التركية، وكيف ستتعامل القيادات الكردية مع نتائج هذ الإنتخابات، وما هو المسار الذي سيسلكونه هذه المرة، إن تمكنوا من حصد عدد كبير من مقاعد البرلمان لنقل حوالي (100) مئة مقعد، وهل سيترك (ب ك ك) لقيادة حزب الشعوب الديمقراطية الحرية، ليقرر هو ما يجب القيام به وأي الخطوات يجب إتخاذها خدمة للشعب الكردي في شمال كردستان.

 

13 – 05 – 2023

 

One Comment on “الإنتخابات التركية ستنتهي غدآ بواحدة من ثلاثة سيناريوهات- بيار روباري”

  1. سيفوز الدكتاتور لأنها تخدم اجندات الغرب لوجود مجنون بالسلطة ومحب لخلق المشاكل في المنطقة وهذا ما سيزيد لرفع الاقتصاد الغربي واستنزاف الموارد والطاقة للشرق الأوسط فالحاكم الطيب والمخلص لن يخدم الغرب ولهذا وضعوا لنا حكاما جهلة ولصوص ويعبدون كرسي السلطة

Comments are closed.