الايزيديون والمستقبل: – علي سيدو رشو

 

  الإيزيديون والمستقبل (*)
أولاً:
اعتقد غير جازماً، ان العنوان المشار اليه اعلاه هو الذي نحتاجه اليوم حتى نواجه ماينتظرنا من واقع متأزم ونرسم او نؤطر بالتالي لنا مساراً موضوعيا نطرحه للمناقشة الحرة ونفهمه بروح انسانية منفتحة على الآفاق والتحديات كلها. فذلك وحده قد يساعدنا على الكف عن كل هذا التراشق الانفعالي المتلاطم بكم وكيف هائلين من التهم والتأويلات غير المجدية ويمكننا من ثم من الوقوف على ارضية سليمة تتماشى مع الواقع الايزيدي الذاتي وتتناسب كذلك موضوعياً مع عناصر ومعطيات المحيط الديموغرافي المجاور لنا او المتداخل جعرافيا معنا بمختلف توجهاته واديانه وقومياته ،عليه نقول اليوم وبحسرة:
أ ـ بأنه على الرغم من أن قوة الإيزيديين فاقت اي وقتِ مضى وذلك بسبب تعرّف العالم على تضحياتهم والمآسي والويلات التي تكبدوها، والإبادات التي ايقظت الكثير من الخبايا والخفايا ونبهت الاذهان الى قضيتهم كشعب يباد، ينقرض ويلقى الاضطهاد على الدوام. إلا أن الإيزيدية لا زالت كدين وشعب مهددتان فعليا وسائرتان نحو المصير المجهول، ونحو بحر من الفوضى والعشوائية التي لا تتمخض إلاّعن المصالح والانانيات والتقديرات الضيقة والحسابات الخاطئة والتوجهات الطائشة والنزعات الانقسامية التى لايتوانى ابناؤها و معتنقوها عن التلون بها. فقد بدأت تلك العيوب والسيئات الذاتية فضلا عن العوامل الخارجية تنخر تماسكنا من الداخل حتى بدون أن نعي، وكأننا ننقاد في سفينة بدون ربّان . لذلك وحيث ان معالم المشكلة الأساسية قد تحددت هنا وتوضّحت، وهي قد تتمثل في السعي الحثيث نحو إيجاد وتسمية الربّان القادر من النواحي الذاتية والموضوعية على تحديد الاتجاه، والتمكن من ثم من إمساك مقود السفينة. بل بالقدرة على فهم الاحداثيات التي ستحدد الاتجاه الصحيح والهدف الصائب المطلوب، وابداء عدم الرضوخ لما قد تفرضه عليه الرياح من اتجاهات خاطئة عِبرَ الترَفُع عن المصالح والاهواء وضمان الانفتاح على الجميع والتعاون مع الجميع من ناحية، و مجابهة الايعازات او الاملاءات التي قد ترد من الخارج ايا كان مصدرها من ناحية اخرى .
ب ـ لكن في المقابل وحتى لانغرق في السوداوية وجَلَد الذات علينا أن نفتخر بما قدمه الشعب الإيزيدي على مدى سنوات من المِحَن في مواجهة الابادات والاصرار على الابقاء على وجوده ككيان اجتماعي ـ ديني متماسك بهمة مقاتليه الاشاوس من الرجال والنساء سواء عبر المقاومة القتالية المستميتة على أرض الواقع في شنكال، أو على مستوى التعريف بالقضية في المحافل العالمية، او عِبرَ البناء في بعشيقة وبحزاني أو من خلال التأقلم الجبّار مع الظروف الخارقة في المآسي التي فرضتها الظروف على جبل شنكال وعودة النازحين في الوقت الحاضر، حيث لاتزال مآلات التشرد والنزوح والحياة الثقيلة في المخيمات تستسرخ ضمير العالم. أو عِبرَ التحّدي المنيع الذي ابداه الطلبة الايزيديون فتفوقوا في المدارس والجامعات رغم الحرمان والقهر والعيش المضمخ بالمآسي بعد ان تحدّوا المستحيل وطوّعوه لصالح مستقبلهم. او من خلال الالاف الذين تظاهروا في الساحات والميادين والاروقة الاوربية والعالمية. اومن معونات الذين قدموا الغالي والنفيس من المساعدات بانواعها المادية والعينية والمعنوية وهلم جرا. فهذه الإرادات تستحق الوقوف عليها وتثمينها وابرازها في جميع المحافل على أنها شكلت مع بعضها اسطورة وسمفونية رائعة تحّدت كل الظروف والتحديات بقساوتها وعبرت بقضيتها إلى المراكز العليا في العالم او في العراق بحيث لم يبق أمامنا سوى خطوات لنصل إلى غاياتنا المنشودة، وأن أولى هذه الخطوات هي التحصين الذاتي.
ج ـ فمكمن المشكلة في قضِّها وقضيضها من الناحية الذاتية حسب الفهم والإستنتاج إذن، هو في الادارة، وبالذات في الادارة التي كان يتولاها سمو الامير الراحل تحسين بك شخصياً منذ عقود وما ستعقبها من الادارات بعد رحيله. فلم يكن في مراحله الاخيرة بقادرِ على التمسك بالموقف؛ لا على الصعيد الذاتي للايزيديين والايزيدياتي، ولا على المستوى الخارجي في التعامل مع الظروف الموضوعية، على الرغم من التغيير الحاصل في الظروف. وإنما انتهج الشكل الروتيني على سلف آبائه وأجداده بما كانوا عليه قبل مائة عام من الان ولكن بحكمة وعقلية تتحسب لكل حالة بحالتها، مُستَبعِداً فكرة العصرنة والتنمية البشرية، حيث تشابكت الحسابات والمصالح وغابت من ثم الاهلية المطلوبة. وبذلك فلقد عجزت إدارة الإيزيديين على هذا النحو وضاعت القدرات والإمكانياته عن ضبط الاتجاه الصحيح وتنظيمه، والتكيف من ثم مع الواقع والوقائع المستجدة حسب ما تتطلبه ظروف كل مرحلة بما فيها من تعدد المفردات اليومية التي تجابه المجتمع على جميع مستوياته الاجتماعية والاقتصادية والعلمية والسلوكية والسياسية والدينية. وبذلك فإن لب المشكلة إنحصر في انه لم يكن بالامكان انجاز اي شيء على أرض الواقع بدونه (أقصد سمو الأمير الراحل تحسين بك)، هذا في الوقت الذي لم يكن باستطاعته تقديم أي شيء إما: بسبب تداخل وتشابك المصالح الذاتية والموضوعية في بعضها، أو أنه ناتج عن الخوف والخشية من مستقبل الإيزيديين في ظل نمو التطرف الإسلام السلفي المتنامي في المنطقة. وبذلك أفقدَ المجتمع الايزيدي غالبية الفرص التي كان بالإمكان الإستفادة منها، مما نتج عنه شل حركة المفاصل التي تتمثل في المجلس الروحاني ودور بابا شيخ والمثقفين وشيوخ العشائر وحتى السياسيين والبرلمانيين.
د. لكن ومن جهة اخرى وحتى لانُحِّمل الامير تحسين بك كل الوزر، فهنالك من كان يستفيد من موقف الامير. فالمجلس الروحاني وجميع من لهم مصالح شخصية سكتوا او سايروا الواقع الايزيدي المتردي وذلك لكي يحافظوا على تلك المصالح، وأنهم جعلوا من موقف سمو الامير هذا شماعة لتعليق فشلهم أو عدم القيام بما يستوجب على تلك الشماعة. وعليه فان الموضوعية تفترض ان نقر وننبه من ثم بأن التاريخ سيحاسب الجميع بدءاً بالراحل الامير تحسين بك وانتهاءاً ببقية المسئولين كل من موقعه. فالمشاكل التي بدأت تطفوا على السطح بعد عام 2007 على وجه التحديد، كانت بسبب الموقف اللامبالي من جانب الراحل الامير تحسين بك والمجلس الروحاني في التعامل مع قضايا الاصلاح في النظام المؤسساتي الإيزيدي أو بخصوص خيرات لألش وغيرها لتودع في حساب خاص يستفاد منه في الصرف على القضايا الاساسية للمجتمع الايزيدي.
ه. هذا وتجدر الاشارة ان البيوتات والمراكز والجمعيات الثقافية الاجتماعية الايزيدية في أوربا والمانيا بالذات تتحمل نصيبا لايستهان به من المسؤولية لعدم قيامها بالواجب الذي تأسست من أجله بشكل صحيح. كما أن جزءاً كبيراً من تلك المسئولية تقع على كاهل المثقفين الذين بددوا الجهود وراحوا يعملون لتحقيق مصالح الآخرين جهلاً أو تعمّداً. ثم ينبغي ومن باب انصاف المشهد الايزيدي الا نسهو عن الدور السلبي لشيوخ ووجهاء العشائر ورجال الدين في سنجار بدعمهم اللامحدود للإمارة بدون مقابل أو بدون المطالبة باستحقاقاتهم المناطقية وما يتعلق بذلك في تحسين الأحوال وإدخال بعض الإصلاحات على الواقع الايزيدي المتردي .
فالإيزيديون هم شعب لهم ديانتهم وتاريخهم وتراثهم الخاص يميزهم عن غيرهم من الشعوب. فلقد دفعوا من الضحايا مالم يتصوره العقل، ولا يعقل بأن جميع تلك التضحيات كانت من أجل لاشيء أو فقط بسبب التعنّت أو عدم الايمان بالدين وأسسه، لأنه لا يمكن للإنسان أن يضحي بحياته إلا من أجل مباديء سامية. وهي كغيرها من المعتقدات أيضاً، تتمتع بأصول ودساتير وقوانين واحكام. وبذلك ينطبق عليهم ما ينطبق على بقية الديانات وشعوبهم. فأسس الدين لاتقاس بالفترات الزمنية، ولا تخضع دساتيره حسبما يتصوّره البعض للإستبيان كما هو الحال في قانون الاحوال الشخصية مثلا، ولايقاس كذلك بالتكنولوجيا وإلأ لتغير العالم المسيحي منذ مئات السنين ولتركوا الكنائس والاديرة والتعليمات ويمكن قد ألفوا إنجيلا عصريا يلائم الوضع ويتماشى مع العصرنة أو أباحوا المحرمات أو على الأقل لكانوا قد تركوا الجانب التبشيري أو فسحوا المجال لتعدد الزوجات بسبب الواقع الاجتماعي. فالتمسك بالدين لايعني الوقوف بوجه الحداثة وقيمها. ولا يقف الدين حائلا لدخول الانسان في الحياة العصرية من حيث التعاملات المادية والتعليم والتطور والتمدن. و لايقف الدين بوجه الإصلاحات التي تنشد التطور الايجابي في زمن العولمة. ولا يقف الدين بوجه السعي لأن تتواصل مع الحضارة الانسانية. وإنما يقف الدين بوجه الرذيلة والنواقص التي تحط من القيم النبيلة التي تخدش كرامة الانسان وتزيد من مستوى الجريمة والفواحش والكبائر التي تعكر على البشرية حياتها ومستقبلها .

ثانياً: خطوات معالجة الواقع حسب رؤيتنا المتواضعة.


أولأً: المجلس الروحاني
يجب أن يكون الامر واضحاً بأن هذا الذي ننشده ما هو إلّا تصحيحاً لعمل المجلس الروحاني كمؤسسة لها مكانتها وقيمتها الاعتبارية. وهو مكمل لعملهم ولكن بشكل أكثر ضبطاً وحيويةً بحيث كل جهة تؤدي مهمتها حسب توافق مسئول ومحكوم بأخلاقية وسلوك لا يتجاوز فيه أحدهم على الاخر، وإنما بالتشاور وبلورة الاراء. ويجب كذلك ان يتم انتخاب مجلس روحاني بشخصيات تستحق المكانة وتصبح أمام مسئولية مباشرة بنظام داخلي صارم ومحدد يتم الإعداد له والاستفتاء عليه من خلال مؤتمر عام، ويحدد واجبات كل عضو على النحو التالي :
1 ـ يصار بعد تثبيت الامير الجديد(*) إلى آلية لأنتخاب مجلس روحاني جديد برئاسة البابا الشيخ لفترة محددة كل ست سنوات مثلاً أو حسب الاتفاق. ثم تجري بعدها انتخابات جديدة لانتخاب برلمان مدني حسب نظام داخلي يحدد الية العمل بممثلين من الشخصيات الثقافية والمرأة والشباب والعشائر ومن التكنوقراط مشهود لهم بالنزاهة والامكانية والكفاءة ليشكل مايشبه مجلس العموم أو البرلمان. ينبثق من هذا البرلمان لجنة لأختيارالأمير الجديد وكذلك في الحالات الخاصة كما هو في حالة الوفاة أو لأي سبب كان كالوضع الصحي أو العجز أو أي سبب آخر، بحيث أن يكون الامير المنتخب أميراً لكل الإيزيديين، وليس أميراً للشيخان فقط، ويتمتع بأهلية علمية وثقافية وبمواصفات خاضعة لشروط وببنود ونظام معين ينظم لكل حالة بحالتها. اقصد نظاماً خاصاً بالمجلس الروحاني، وآخر للبرلمان العام أو مجلس العموم، ومن ثم نظاماً خاصاً لاختيار الامير الجديد بمواصفات دقيقة ويجب أحترام وضمان بقاء نظام الإمارة لكونه نظام الإمارة الوحيد من بين جميع الامارات التي قاومت الإبادة في عموم المنطقة، ومن الضروري الحفاظ عليه كرمز للإعتبار الإيزيدي .
2 . يُتَفق على وضع آلية لمهام كل عضو في المجلس الروحاني المنتخب وإنشاء مكتب خاص للمجلس مع تسمية ناطق رسمي. وللمجلس صلاحية التنسيق مع مديريتي اوقاف الايزيدية في كل من بغداد وأربيل وايزيديي اوربا ودول القوقاز وسوريا في الشئون المتعلقة والمشتركة فيما بينهم لتوحيد الخطاب على مستوى التخطيط لمستقبل الشعب الايزيدي في حدود صلاحياتهم من خلال الاستئناس بالاراء وتنضيج الامور بشكل مدروس وبواقعية لكي يثق بها المجتمع ويتبناها عن قناعة.
2 . يُلزِم كل عضو في المجلس الروحاني الجديد بإلقاء محاضرة أثناء مواسم الحج للزوار يشرح فيها معنىً معين من معاني الزيارة (الحج)، مثلا لماذا السماع؟ وما معنى أن يكون العدد فردي والسير يكون بشكل مزدوج؟ لماذا التطواف حول الشمعدان، وما معناه؟ لماذا الترتيب بهذا الشكل؟ كيف تستكمل أركان الزيارة (الحج)؟ ما معنى بري شباكي؟ لماذا يجري الحدث بهذه الطريقة؟ ما معنى الفداء بالثور؟ لماذا يذهب به من مقام الشيخ آدي إلى مقام الشيخ شمس وما هي رمزية الحدث؟ ماهو زمزم؟ لماذا التعميد؟ ولماذا يكون التعميد من كانيا سبي؟ وهلم جرّا .
3 . يكون التمثيل في المجلس الروحاني الجديد على أساس الكفاءة والتوزيع الجغرافي لوجود الايزيديين وبمشاركة الايزيديين من سوريا وتركيا وأرمينيا وجورجيا وروسيا والمهجر، ولا يشترط بهم أن يكونوا من الشيوخ أو البير وتكون وسيلة الاتصال مع غير القاطنين في العراق عن طريق مندوب دائم أو عبر الانترنت وإنشاء موقع على النت بحيث يكون هذا الموقع لسان حال المجتمع الايزيدي كجهة رسمية في الشئون الروحية .
5 . تحديد زيارات السنجق إلى سنجار وبقية المناطق الايزيدية بزيارة سنوية واحدة فقط وتنظيم وارداتها بسجلات رسمية من قبل العائلة التي تستقبل السنجق ولجنة يتم اختيارها من كل قرية للإشراف على تلك العملية (الواردات)، على أن يتم استبدال تلك اللجنة كل أربع سنوات .
6 . تشكيل مجلس روحاني يختص بالواجبات الدينية والروحانية، ومجلس استشاري يختص بالشئون المدنية والاجتماعية والسياسية.
7 . أن لا تقل نسبة مشاركة المرأة في جميع تلك الهياكل عن 10 % .
8. الدعوة إلى تنظيم زيارات للسنجق في المانيا وأوربا (من خلال طلب رسمي إلى السلطات بهدف حصول الموافقات الرسمية)، وذلك للحفاظ على أداء الشعائر والتراث الديني الإيزيدي، ومن ثم يصار إلى تنظيم عمل محاسبي للواردات في صندوق خاص لإنفاقها على الإعمار والحالات التي تستوجب ذلك.


ثانياُ: لالش
يعتبر لالش النوراني من أهم مقدسات الإيزيدية لما يحتويه من الرموز والقدسية، ولذلك نعتقد بأن يكون العمل مع ملف لالش بمنهاج مدروس مع بعض ذوي الخبرة والنزاهة ممن خدموا في لالش على مدى سنوات، مثلا : زيارة لالش (الحج أو ما تسمى بالزيارة)، عدد المزارات الدينية في گلي لالش، شروط الحج (الزيارة) والحجيج أو (الزائر)، كانيا سبي ودلالاتها، زمزم ورمزيته، بري شباكي وقدسيته، وغير ذلك من خلال مايلي : .
1 . تنظيم الزيارة لمعبد لالش بشكل لائق وبتعليمات واضحة في موسم الزيارة والحج ولعمر محدد وليس كحال السفرات السياحية، لأن معبد لالش ليس مكاناً للسياحة والاستجمام بقدر ما هو مكان تعبد وسياحة دينية للحفاظ على هيبته وقدسيته .
2 . تنظيم كتيبات وكراريس للدلالة وبالصور والتوضيحات المطلوبة بشكل لائق يباع في الاكشاك النظامية بسعر محدد يشرح بالاسهم الاماكن المهمة بالنسبة للسائح الذي يأتي من الخارج مع تدريب أدلّاء لشرح الكرّاس أثناء التجوال. وكتيبات اخرى تحتوي على اولويات اكتمال مراسيم الزيارة، أي من اين يبدأ الزائر زيارته (حجه )، وأين يجب عليه أن ينتهي لكي تكتمل اركان الزيارة. فهناك الكثيرين ممن لا يعلمون بها ولا يعرفون عنها. ولذلك لا تكتمل عندهم أركان الزيارة كما هو معروف ومطلوب، حيث هنا يجب التفريق بين الزيارة والسفرة السياحية. عليه فإن هذه الكتيبات سوف تساعدهم على إكمال تلك الاركان وتزودهم بثقافة الرموز ودورهم في لالش عبر التاريخ عن طريق شرح مبسط لكل رمز من تلك الرموز، إضافةً إلى أنه يشكل مصدرا من مصادر الدخل.
3 . وضع ألية للتخطيط العمراني بحيث يحافظ المعبد على هيئته التاريخية من حيث الابنية والمرافق الخدمية العامة بما يحفظ أصل وقدسية وهيبة وسمعة وكرامة المكان التاريخية، لأنه المكان التاريخي الوحيد في كردستان العراق. وهنا لا بأس من مفاتحة اليونسكو للتعاون لكونها الجهة العالمية المهتمة والمعنية بالتراث الانساني. وهو ما يبدو بأن هذه الخطوة قد وجدت طريقها نحو النور بعض الشيء عندما تم تنظيم مخطط عمراني في البيت الإيزيدي في اولدنبورك بالمانيا قبل سنوات بدعم من حكومة أقليم كردستان العراق مشكورة .
4 . المباشرة بطلب التخطيط الاساسي والشروع بالفكرة في بناء بعض الاماكن الخدمية والاسواق التجارية وتبليط الطرق وبناء بعض الوحدات الطبية والمرافق الخدمية من حمامات ودورات مياه عصرية وأكشاك نظامية وممرات للذهاب والاياب وبناء كراجات بعدة طوابق لكي تستوعب العدد الضخم من السيارات نظراً لطبيعة المنطقة الجبلية، وبممرات متخصصة حسب دراسات عمرانية مستقبلية بحيث تحافظ على الهيكل الحضاري للمعبد . ويكون هذا عن طريق الاستثمار والمستثمرين باتفاقيات رسمية بحيث تشكل مصدراً أساسياً للتمويل المستقبلي لمزيد من التطوير والبناء، على أن يتم إنشاء بعض الفنادق السياحية في مركز قضاء الشيخان القريب حصراً وليس في وادي لالش. وبهذا سيكون المكان ديني واقتصادي واجتماعي وتربوي وذو قيمة تاريخية ورهبة روحية.
5 . بناء مدرسة أبتدائية لابناء السدنة والخدم في حرم المعبد.
6 . بناء مكتبة وقاعة نظامية للمؤتمرات والمحاضرات والندوات تكون مجهزة باحدث الاجهزة وجلب الكتب والمخطوطات التي نهبت وكذلك تلك التي لها علاقة بالتراث الديني الايزيدي وتوثيقها بحسب نظام حديث والحفاظ على النسخ من كل ماموجود في وحدات ميكروفيلم واقراص سي دي وربطها بالشبكة العنكبوتية الدولية (على غرار ماموجود في الأماكن المقدسة العالمية )، للحفاظ عليها من الضياع ووضعها في مكان خاص لتجنب مخاطر ما قد تحصل من حملات ابادة كما حصلت في الماضي، وهو من باب الاحتياط والحفاظ على المدونات لاهميتها.
7 . المطالبة بالتعاون مع منظمة اليونسكو والجامعات العالمية المهتمة باللاهوت ببناء معهد متخصص لدراسة اللاهوت الايزيدي، وتخريج كوادر كفوءة لتوزيعهم كسدنة (مجيور)، أو كرجال دين يتم تعيينهم في كل قرية للإرشاد والوعظ والتوجيه وتدريس علوم الدين بشكل منهجي ومدروس بهدف نشر الوعي الديني والتراثي والاخلاقي باسلوب متمدن وحضاري، لإزالة الغموض والتشويش الذي عانى منه التراث الديني وما تعلّق بجوهره من عادات وتقاليد اجتماعية دخيلة على الأصل .
8 . تنظيم آلية لواردات المعبد من خلال لجنة مشرفة على الواردات كما هي في الاماكن المقدسة الاخرى عند المسيحيين والمسلمين مقابل وصولات رسمية. ولا بأس من ايفاد مندوبين لزيارة تلك الامكنة للإستفادة من خبراتهم في ذلك، ومن ثم صرف تلك الواردات على الصيانة والتعمير بشكل دوري بالتعاون والتنسيق مع سمو الامير الجديد بعد استقطاع الحصة التي ستخصص بالتوافق مع المجلس الروحاني لخدمات وضيافة سمو الامير والمعبد ورجال الدين المسئولين عن إدارات الأماكن المقدسة.


ثالثاً: الأقاليم
أقصد بالاقاليم هنا، المناطق الجغرافية التي يقطنها الإيزيديون في العراق، ولا بأس في أن تنطبق نفس الفكرة عليهم في البلدان الاخرى (سوريا وتركيا وارمينيا وجورجيا والمهجر – المانيا) لزيادة التفاعل الايجابي ومزيد من التشاور، وارى بأنه من الضروري التأكيد على :
1 . بناء دار أو قاعة بمواصفات ملائمة (ولا يشترط أن تكون بناية ضخمة)، في كل قرية أو قصبة لتكون مكاناً للمناسبات الدينية والتراثية في ايام الاربعاء، وذلك لإلقاء محاضرات وإقامة ندوات إرشادية. وفي باقي الايام تستخدم للمناسبات الاجتماعية البسيطة أو كمدرسة دينية لأطفال كل قرية أو منطقة. وقد يقول قائل بأن هنالك قاعات مبنية في معظم القرى وهذا صحيح، ولا ضير في ذلك ولكن لايخفى كذلك أن تلك القاعات تتناول القضايا الحزبية والسياسية. وبما أن لكل مناسبة قدسيتها وهدفها، فيجب ان تصب بالدرجة الاولى في الصالح العام وليس مصلحة جهات سياسية. وفي اعتقادي أن الاحزاب إذا كانت وطنية فان غاياتها ينبغي ان الا تخرج كذلك عن الصالح العام. بل عليها أن تفصل الدين عن السياسة لكي لا يتلوث الدين بإلافرازات السياسية الضيقة، حتى يتمكن كل منهم أداء واجباته بشكل مستقل تماماً، ولكن بصورة يكمل أحدهم الاخر في الخدمة العامة والارشاد والتوجيه.
2 . تعيين رجل مشهود له بالاحترام والمقبولية من قبل المجتمع المعني، ولا يشترط أن ينتمي هذا الشخص إلى عائلة من الشيوخ او البير بكل قرية لإدارة البيت أو المركز الجديد ويكون لذلك البيت أو المركز نظام مالي وبرنامج عمل محدد وواضح بحيث لا يحصل اختراق للمال العام وفتح سجلات للتبرعات وتطوير مستقبل ذلك المركز من تلك الامكانيات .
3. تعيين سادن (مجيور) لكل مزار ولا يشترط أيضاً أن يكون من الشيوخ أو البير لكي يكف الذين يقولون بأن الشيوخ هم مصدر مشاكلنا، ويتم أختيار شخص مؤهل لذلك وأيضاً تحت إشراف محدد ويحاسب على اخطائه، ويكافأ في حالة ثبوته الأهلية والاداء الصحيحين .
4 ـ إنشاء بعض المرافق الخدمية ومد الطرق المبلطة وحفر الابار الارتوازية في أماكن المزارات البعيدة عن مركز القرية او المدينة، والاهتمام بترميمها بشكل لائق لأن غالبيتها أصبحت بعيدة عن مراكز القرى بعد الترحيل، خاصة في سنجار .

رابعاً: المؤتمرات والزيارات والمناسبات الاجتماعية :
1 . أقترح بأن يقوم المجلس الجديد بالتعاون والتشاور مع مديريتي أوقاف الإيزيدية بإرسال رسائل تعريف إلى المرجعيات الدينية الاسلامية والمسيحية واليهودية والصابئة المندائيين وبقية الديانات في العراق والعالم، يسلط فيها الضوء على تعريف معمق بالوثائق والادلة على أصالة وعمق الديانة الايزيدية لكي يتم من خلالها دعوة ممثلين عن الايزيديين إلى المؤتمرات العالمية والاقليمية والمحلية أو بالعكس، كما حصل في مؤتمر حوار الاديان في اسبانيا، وبذلك ستنفتح آفاقا جديدة وسيتعرف العالم على حقيقتنا ونبدد تلك الهالة السلبية من حولنا شيئاً فشيئاً.
2. يقوم المجلس الجديد بالتعاون مع المديريتين بإرسال وفود إلى كل من تركيا وايران وسوريا والهند ولبنان وافغانستان ومتاحف أوربا للإطلاع على الوثائق التي تم نهبها في الازمنة القديمة والحصول على طلب الاذن من حكومات تلك الدول باستنساخها ووضعها في المكتبة التي اشرت إليها في لالش (أولا: لالش – 6) ومن ثم توثيقها بحسب نظام تصنيف حديث ومبوب الكترونيا لتصبح مرجعية للباحثين في نفس الموقع المقدس ” لالش ” .
3 . يدعو المجلس الجديد بالتعاون مع المديريتين إلى إقامة مؤتمرات محلية وإن تطلب أحياناً مؤتمرات أقليمية، لزيادة التفاعل وتبادل الرأي وتفعيل دور المؤسسات الدينية بما يساير التطور للحفاظ على التوازن الروحي بجانب المادي من خلال التعليمات الدينية بما فيها من حقوق للمرأة والطفل والاباء والاحوال الشخصية لتكون عوناً للأنظمة السياسية وتقليل الجريمة وتهذيب المجتمع روحياً بالتوازي مع الجوانب المادية في التعامل اليومي مع مفردات حياتهم.
4 . رعاية المناسبات الدينية والطوافات في عموم المناطق بحيث تأخذ طابعاً فلكلوريا وتراثياً، والتوعية باهمية قيام هذه المناسبات من خلال فعاليات موقعية يتم فيها شرح معاني ودلالات هذه المناسبات ورمزيتها وعمقها التاريخي وأهميتها وإخضاع الالية للواردات المالية فيها بنفس نظام لالش.
5 . السعي الحثيث نحو استصدار قانون للأحوال الشخصية خاص بالايزيديين وذلك للاهمية القصوى لهذا الموضوع .
6. التعامل مع طواف السنجق بشكل لائق بحيث يتم التركيز على أن الهدف من الطواف هو التوعية والارشاد وليس الهدف هو جمع المال فقط، بحيث يتم إستقطاع مبلغ يتفق عليه من الخيرات في كل قرية لمعالجة بعض الحالات الصعبة لأبناء تلك القرية بعد دراسة الحالة بخصوصيتها (يفضل أن يخضع هذا المقترح للمناقشة المستفيضة ) .


خامساً: توثيق وتفسير التراث الديني :
لأهمية هذا الموضوع وحيويته، أرى بأنه يجب أن يحتل مرتبة متقدمة في فكر الأمير الجديد والمجلس الجديد بالتعاون مع المديريتين ويتم إشباعها بالمناقشات من مختلف الجوانب الفكرية والدينية والقانونية والاجتماعية، حيث أن الكثير منه الان قيد الدراسة والبحث. وحسب رايي المتواضع، فإنه يفضل التفكير به بجدية وليس كما هو الحال بإصدار التراث الايزيدي من جامعة دهوك، مع الاعتزاز، من خلال :

1 ـ تشكيل لجان من رجال الدين في كل من سنجار وبعشيقة والشيخان كخطوة أولى ومن ثم في باقي المناطق سوريا ودول القوقاز والمهجر (المهجر يضم أوربا والمانيا على وجه التحديد)، لتجميع وتبويب جميع الاقوال والتراث الديني بمختلف مسمياتهم وتقسيم العمل حسب خطة يتفق عليها من قِبل المجلس الجديد وبالتعاون مع مديريتي أوقاف الايزيدية بما لديهم من الامكانيات المادية لدعم المشروع. ثم كخطوة ثانية تسعى كل لجنة محلياً ان تجتمع وبالاتفاق مع بقية اللجان للتوافق بصورة تتداول جميع اللجان المشّكلة نفس القول أو النص الديني، على أن لا يزيد التعاطي في كل شهر مع اكثر من خمسة نصوص دينية ثم يصار بعدها الى الدعوة إلى مؤتمر في نهاية كل شهر لتوحيد النصوص الخمسة (التي تم مناقشتها من قبل جميع اللجان)، وتصحيحها من حيث اللهجة والاتفاق على صيغة نهائية يتم تثبيتها باتفاق الجميع وبعدها يتم الحفظ في ارشيف المجلس والمديريتان. وهكذا لحين الانتهاء من جميع الاقوال والنصوص والادعية والقصائد الدينية ووضعها بالتالي في كتاب وتقديمه إلى برلمان كردستان والبرلمان الفيدرالي والسلطات المعنية الاخرى للموافقة عليه ككتاب معترف للإيزيدية .
2 ـ المرحلة الثانية هي التفسير؛ حيث يقوم المجلس المنتخب بالتعاون مع مديريتي الاوقاف باختيار أشخاص كفوءين (اخصائيين في التاريخ والتراث والاقتصاد وعلم الاجتماع وعلم اللغة والنحو والصرف ….. الخ)، لهذه المهمة على ان يتقاضوا اجورا مادية تتناسب وجهودهم المبذولة وعند الانتهاء يتم عرض التفسير مرة اخرى للتنقيح والمراجعة قبل اعتماده نهائياً وذلك لكي يصفى كليا من الشوائب عبرمروره بأكثر من مرحلة تشذيب وتصفية وغربلة. فهذ التفسير يعد هو التفسيرالرسمي الموحد الاول من نوعه. لذا فالمراجعة والتدقيق حاجة اخلاقية ملحة ومسؤولية تاريخية كبيرة .
ولكون ان هذا العمل يتطلب انفاقا مادياً قد لا يقوى المجلس على تأمين مصدره، لذا فلا حرج من أن يسعى المجلس الروحاني بالتعاون مع المديريتين الى الطلب من كل من بغداد وأربيل كمرحلة أولى تخصيص ميزانية لاباس بها بما لا تقل عن عشرة مليون دولار كخطة خمسية لتحقيق ما يمكن من هذه الاولويات .

سادساً: الجانب الاقتصادي :
في هذا الجانب سوف نركز على مقترحنا المنشور في بحزاني نت تحت عنوان “ماذا يمكنك أن تحققه ب 10 يورو؟ مضيفاً إليه ما يمكن تحقيقه من الجوانب المادية الاخرى مما ذكر من مصادر الواردات أعلاه من طواف السنجق وواردات لالش والتبرعات الخيرية والعينية لعمل مشاريع تدعم المقترحات التي تنشد الاصلاح والتطوير المنشود .
لربما أن هذه المقترحات صعبة التحقيق معاً ولكن لا بأس من البدء بالعمل بها وحسب الامكانية بدءاً بالاهم الذي يمكن تحقيقه. وبما أن المشكلة هي حسب قناعتي إدارية بحته ، فإن السعي لتحقيق بعض هذه الخطوات ليس صعباً وسوف يحل الكثير من المشاكل وتصبح البديل الأمثل لمعظم الحديث الجانبي الذي يحصل فيما بين الإيزيديين أنفسهم ويعيد إليهم ثقتهم بالمؤسسات المعنية وستكون عونا وتصحيحاً للكثير من المهام المالية التي نشكوا منها الان. أما أن ننتظر من بيت
الامارة لتقوم بالاصلاحات المطلوبة، فهذا أصبح من الخيال، وعلينا أن نبدأ بالعمل الفعلي وتنظيم نظام مؤسساتي متحضر يحفظ لسمو الأمير كرامته وللمجلس الروحاني هيبته ويصون كرامة الايزيدي وسمعته ويحترم تضحياته عبر التاريخ. ومن الجانب الثاني يسد الباب بوجه المتلاعبين بأس وأساس الدين لأن ما يحصل هو القصور في الجانب الإداري الذي أنسحب على السلوك الاجتماعي وبالتالي إتهام الدين بما يحصل الان وهو في الحقيقة ليس صحيحاً .
ولتكن هذه دعوة مخلصة للجميع وخاصة الشباب الواعي ونقوم بحملة تبرعات من خلال صندوق يسمى (صندوق تنمية المجتمع الايزيدي). ولامانع من ان يكون هذا الصندوق باشراف أربعة أشخاص مشهود لهم بالنزاهة بين المجتمع ويتم دعمه من خلال المشاركة الشهرية، على ان يشخّص في كل منطقة جغرافية شخص معروف بنزاهته من بين أهالي تلك المنطقة ليجمع تبرعات دعم الصندوق كل ثلاثة اشهر مرة واحدة ويودعها باسمهم تحت رقم حساب خاص بالصندوق. يتم منه صرف المبالغ التي تخص نشاطات المجتمع الايزيدي سواء أكان مؤتمرا أو نشاطاً سياسياً أو تعاوناً اجتماعياً أو دعماً مالياً لنشاطات علمية وأكاديمية. لانه لا يمكن القيام بعمل حيادي من غير تأمين تغطية مادية لكافة الفعاليات التي ننوي القيام بها بحيث يكون بعيدا عن التاثيرات السياسية .

——————————————————————————————

(*):علي سيدو رشو / المانيا في 17 و19 و25/3/2019

ولقد تم نشره في مواقع في ثلاث حلقات في المواقع التالية: (بحزاني نت وعنكاوة والحوار المتمدن وإيزيدي 24 )، ومن ثم في كتابي الجديد الموسوم (محطات من واقع الأيزيديين/ فصل الإصلاح). وكنت قد بعثت بنفس هذه الصورة للسيد خيري بوزاني عام 2008 ولكن للاسف لم يهتم به أحد من ذوي العلاقة. لذلك أرى بأن الضرورة تتطلب في أن نقوم بإحياء ومناقشة الأفكار مع بعض والخروج بمحصلة من كل الافكار بحيث تخدم عملية الأصلاح التي ننشدها. مع فائق الأحترام