الولاية العظمى- لؤي الموسوي

قال تعالى في مُحكم كتابه الكريم { يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ}، هذه الآية المباركة وغيرها من الايات القرآنية والاحاديث النبوية، تنص على تنصيب علي  خليفة للمسلمين، وانه الخليفة الحق من بعد خاتم الرسل “عليهما وألهما أفضل الصلوات“.
المتمعن في مفردات الآية المباركة يلاحظ عظمة الموقف، ان لم تفعل ما بلغت لم تبلغ رسالته!
بعد أن عاد النبي من حجة الوداع ووصل إلى مفترق طرق، أمر أصحابه ومن معه ان يجتمعوا في غدير خم، كان يوماً شديد الحر، كل واحدٍ منهم كان يستظل بظل صاحبه.. خطب فيهم بعد حديث له قائلاً: الست أولى بالمؤمنين من أنفسهم، قالوا بلى يا رسول الله فقال من كنتُ مولاه فهذا عليٌ مولاه، فبادر المجتمعون وفي طليعتهم الصحابة لتهنئة علي  قائلين بخٍ بخٍ لك يا علي..
هذه الحادثة لم يقتصر ذكرها عند الشيعة، بل كثير من علماء المسلمين يروون حادثة الغدير وبطرق مختلفة ومنهم؛ مسلم وأحمد وصححه اهل الحديث كالذهبي وأبن حجر والألباني بطرق متعددة.. بالرغم ان البخاري لم يذكره في صحيحه! لكنه يذكر حديث المنزلة الذي يبين منزلة علي من النبي “صلوات الله عليهم“، انت مني بمنزلة هارون من موسى الا أنه لا نبي بعدي.. وحديث المنزلة يبين مكانة أمير المؤمنين، ويقرنها بهارون النبي أخو موسى النبي “عليهما وعلى نبينا أفضل الصلوات“ وهي ما تبينها لنا الآية الكريمة {وَاجْعَل لِّي وَزِيراً مِّنْ أَهْلِي* هَارُونَ أَخِي* اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي* وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي}.. وحديث المنزلة الذي صدر عن النبي ان يجعل علي وزيراً له، والأهم ان يشركه في امره، اي في دعوته الإسلامية في هداية البشرية.

“اليوم أتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الاسلام دينا”، ربط إتمام النعمة بولاية أمير المؤمنين‎ “عليه السلام“، من خلال هذه النعمة الإلهية أراد الباري “جل وعلا“ لعباده الرفعة والمنزلة الكريمة وأتباع الحق وهو علي، لكن للأسف انحرفت الامة عما ارادته يد السماء، جراء البغض من جانب ومن جانب آخر الكبرياء والظلال، فأضاعوا بوصلة الهداية الإلهية وإتبعوا هوى النفس.

جعل الباري للصائمين عيداً وهو عيد الفطر، وللحجاج الأضحى المبارك، وللمؤمنين  الغدير الأغر ويعد من أهمها، لكونه مرتبط بسلامة عقيدة الفرد المسلم، بأتباع الحق وأهله المتمثل بعلي وآله بعد النبي الخاتم، لانهم صمام امان لهذه الأمة وطريق نجاتهم من الهلاك.

الأمة الإسلامية لو أنها أجتمعت على حب علي وولاءه لما آلو إلى الضياع والتشتت، ولو أنهم التزموا بما اراده الخالق لعباده والرسول، لما حصل ما حصل على العترة الطاهرة من ظُلم وعدوان وقتل وتشريد، وما تسلط الظالمون على الأمة عِبر التاريخ، لكانت حياتهم ملئُها العدل والإحسان، يتساوى فيها الجميع دون تمييز، سواء كان في العرق واللون، فعو أول من سن الحرية وطبقها، وأول من طبق نظام الحماية الإجتماعية للفرد والشواهد كثيرة على ذلك، عدالته كانت تعم الجميع، فيساوي بالعطاء بين كبار الصحابة وخادمه قنبر ونفسه، اما ما يخص الحرية فمنحها للمحب والمخالف، وكان يقابل من يسيء اليه بالإحسان، فكان عبدالله إبن الكوى يتقرب إلى الله بشتم علي، وكان يوصل عطاءه من بيت المال الى باب داره، ومن جمال علي انه لا يوجد سجين سياسي ايام خلافته رغم كثرة أعداءه.
كان بحق صوت العدالة الإسلامية كما عبر جورج جرداق بذلك، عن ترجمة إبن أبي طالب.. لهذا ولاية علي الولاية العظمى، من تمسك بها نجا ومن تخلف عنها هلك وغوى.