الساعات الاخيرة لنظام صدام- الكاتب/اسعد عبدالله عبدعلي

 

وقع في يدي مصادفة عدد من صحيفة القدس العربي, يعود تاريخه الى يوم التاسع من نيسان لعام 2003 , وهو العدد رقم (4318), اي انه يؤرخ الساعات الاخيرة لنظام صدام خصوصا ان الصحيفة كان مهتمة جدا بالشأن العراقي, لذلك يمكن اعتبارها مستند تاريخي مهم لتلك الساعات الحاسمة من تاريخ العراق, لذلك جعلتها مادة أساسية لهذا المقال, سأحاول تسليط الضوء على المواضيع المهمة التي تخص العراق والتي جاءت في العدد, خصوصا ان الاعلام العالمي كان يسلط الاضواء على العراق, في تلك الأيام التي شهدت انهيار واحد من اكثر الانظمة الطاغوتية, مع الإشارة إلى أن الصحيفة المذكورة كانت تميل للنظام الصدامي, لأنه كان يدعمها بالمال كما كشف ما بعد 2003, لكن لنا قراءتنا للحدث التي تنتمي للوعي ولا تؤثر عليها محاولات التلقين.

ستكون العناوين المهمة لهذا العدد التاريخي, محاور هذا المقال تنقلك تاريخيا لتلك الساعات الاخيرة لنظام صدام.

 

·      الصورة الرئيسية الاقتصاص من الفدائيين

في الصفحة الاولى للعدد (4318) من صحيفة القدس العربي نشرت صورة لمجموعة من العراقيين احدهم ينهال بالضرب على شخص جالس على الارض, وكتبت الصحيفة تحتها تعليق يقول: (شبان ينهالون بالضرب على شخص يشكون بانتمائه لفدائيي صدام قبل تسليمه للقوات البريطانية في مدينة البصرة امس), ويبدو ان تحليل الصورة قامت الصحيفة بوضعه منها! ولم تشرح الصورة بشكل صائب حيث هناك شخص واحد يحاول ضرب شخص جالس على الارض مع محاولة شخص اخر لمنع الاعتداء والباقين ينظرون للحدث, كان الصحيفة تريد ان تلقن القارئ بأن هناك ظلم شديد من الشبان على أنصار صدام وتحاول جعلهم بشكل خونة حيث يقومون بتسليم رجال الدولة الى المحتل, هكذا ارادت الصحيفة ان ترسم صورة تلقن بها القارئ العربي والعراقي, لشحن عواطفه مع ازلام صدام ضد المحتل وضد اعوان المحتل.

فهل عرفت الدور الخبيث الذي تحاول ان تسير فيه صحيفة القدس العربي من تأييد خفي لنظام صدام الطاغوت.

 

·      مطعم الساعة دمرته قنبلة امريكية

عنوان لموضوع آخر في الصفحة الاولى: (مطعم الساعة.. دمرته قنبلة امريكية ضخمة استهدفت صدام), وتقول الصحيفة ان المطعم صاحبه مصري كان صديقا لصدام ايام اللجوء لمصر هربا من الزعيم عبد الكريم القاسم, وهو من ارقى المطاعم في بغداد في تلك الأيام, وتقول الصحيفة في خبر قصف المطعم: “لم يتصور احد أن يكون مطعم الساعة في حي المنصور ببغداد هدفا للقصف الامريكي! حيث تم تدميره بالاضافة لثلاث منازل مجاورة له, واحدثت القنبلة التي تزن الف رطل حفرة عمقها عشرين متر, وقطرها خمسة وعشرين متر,   وتحدثت تقارير صحافية بريطانية عن أن قصف مطعم الساعة جاء اثر معلومات استخباراتية (دقيقة), أكدت على وجود رئيس النظام (صدام) في المطعم مع ولديه (عدي وقصي), ونقلت عن مصادر مجهولة في البنتاغون زعمها ان القصف ادى لمقتل رئيس النظام (صدام) مع ولديه.

هو احد جرائم الاحتلال الامريكي من خلال تدمير البيوت المجاورة للمطعم, وهي جريمة كان يجب ان يحاسب عليها الاحتلال, في اغتيال الطاغية صدام لا يعني السماح بقتل المواطنون العراقيون وتدمير بيوتهم.

 

 

·      ماكينة الكذب البعثية: وزير الاعلام الصحاف

في يوم الثامن من نيسان عام 2003 والقوات الامريكية داخل بغداد ومستمرة في فرض سيطرتها على العاصمة, خرج وزير الاعلام لنظام صدام (محمد سعيد الصحاف) في مؤتمر صحفي ليكذب ويقول: “ان العراق لن يستسلم لقوات التحالف الامريكي-البريطاني وانه على هذه القوات ان تستسلم والا سيتم حرقهم في دباباتهم”! 

مع أن مشاهد الارض تتحدث عن سقوط العاصمة بيد القوات الامريكية,حيث شوهدت الدبابات الامريكية داخل المجمع الرئاسي, لكنه كان مستمر بالكذب, والاخبار عن هرب القيادات حتى صدام ونجليه.

واستمر الصحاف بالكذب ليقول : “ان الوضع في بغداد مسيطر عليه”, مع اننا في بغداد كنا نشهد اختفاء سلطة البعث من يوم 6 نيسان, وشاهدنا القوات الامريكية يوم 8 نيسان, واقتحمت الجماهير مقرات البعث وسحقت صور صدام وعبثت بالاثاث, لكن خادم صدام لا يعرف إلا الكذب.

حيث نظرية البعث التي كانت منهج مستمرون عليه وهي: (كذب ثم كذب حتى يصدقك الناس).

 

·      بدا عمليات النهب بدعم امريكي بريطاني

خبر يتحدث عن أعمال نهب في البصرة امام اعين القوات البريطانية, وتلتها اعمال نهب في بغداد امام اعين القوات الامريكية, بل شهود عيان صرحوا انه القوات المحتلة (الامريكية والبريطانية) هي كانت تفتح ابواب مؤسسات دولة لكي يدخلها اللصوص ويتم نهب الموجودات! انه مخطط الاحتلال للعبث بالمجتمع وإدخال الحرام لأكثر عدد ممكن من البيوت, ومع عمليات النهب يسقط الولاء للوطن, فكيف يكون الشخص محبا للوطن وهو ينهب الوطن!

وكانت عملية تشويه كبيرة وممنهجة للمجتمع, وقد ساهم بها بقايا البعث بقوة بهدف اتلاف الأدلة التي تدينهم, مع تشويه العهد الجديد.