في الهويّة الأيزيدية – مراد سليمان علو

 

 

موضوع (الهوية) ـ الهُوِيَّةُ الشخصية ـ نسبة إلى شخص معين بالذات ـ هو مصطلح يستخدم لوصف مفهوم الشخص وتعبيره عن فرديته وعلاقته مع الجماعات (كالهوية الدينية أو الوطنية أو العرقية…). يستخدم المصطلح خصوصا في علم الاجتماع وعلم النفس، وتلتفت إليه الأنظار بشكل كبير في علم النفس الاجتماعي.

وبالتالي الهوية الشخصية هي مجمل السمات التي تميز شخصا عن غيره بشكله واسمه وصفاته وجنسيته وعمره وتاريخ ميلاده.. الخ.

أمّا الهوية الجمعية (الوطنية أو القومية) فهي تدل على ميزات مشتركة أساسية لمجموعة من البشر، تميزهم عن مجموعات أخرى. أفراد المجموعة يتشابهون بالميزات الأساسية التي كونتهم كمجموعة، وربما يختلفون في عناصر أخرى لكنها لا تؤثر على كونهم مجموعة لها كيانها الفريد.

وما يجمع الشعب العراقي مثلا هو وجودهم في وطن واحد، ولهم تاريخ طويل مشترك، وفي العصر الحديث لهم أيضا دولة واحدة ومواطنة واحدة، كل هذا يجعل منهم شعبا متمايزا رغم أنهم يختلفون فيما بينهم في الأديان واللغات وأمور أخرى.

والعناصر التي يمكنها بلورة هوية جمعية هي كثيرة، أهمها اشتراك الشعب الواحد في: الأرض: المكان ـ المدينة أو القرى القريبة من بعضها. اللغة أو حتى اللهجة، التاريخ، الحضارة، الثقافة، الطموح وغيرها.

تأسيسا على ذلك يمكن تقسيم الشعب الأيزيدي إلى مجتمعات، حسب المكان واللغة والثقافة.. الخ

مذكور في (ويكيبيديا) النسخة العربية: عدد من الهويات القومية أو الوطنية تطور بشكل طبيعي عبر التاريخ وعدد منها نشأ بسبب أحداث أو صراعات أو تغيرات تاريخية سرعت في تبلور المجموعة. قسم من الهويات تبلور على أساس النقيض لهوية أخرى.

يقول كاتب المقال (مراد سليمان علو) بالنسبة للأيزيدية كمجتمعات متفرقة لا شيء يعمل على تغييرها مثل الفرمانات أو الفرامين (جمع فرمان) ويمكن ملاحظة المجتمع الأيزيدي الحديث النازح في مخيمات كردستان العراق أو في الأيزيديين المهاجرين منهم في أوربا وخاصة ألمانيا.

ولنا عودة في مقال قادم حول (الهوية المكانية للأيزيديين) وتأثيرها على الفرد والمجتمع في مختلف نواحي الحياة.

 

لماذا يرحل الأيزيدي الشنكالي عن شنكال؟

 

يقول الباحث (وليد يوسف عطو) في مقال له تحت عنوان (فلسفة الهوية الوطنية العراقية) منشور في الحوار المتمدن على الرابط التالي:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=336673

يؤكد البروفيسور ميثم الجنابي في كتابه: (فلسفة الهوية الوطنية العراقية). إن من مفارقات العراق الحديث (أن يتحول ماضيه ومستقبله إلى مجهول، بحيث يصبح موضعا للشكوك الجاهلة واليقين الأشد جهلا بمعنى أن يصبح ماضيه مادة للتأمل الساذج والسرقة التافهة للقوى السياسية العرقية والطائفية. كما يبدو المستقبل أفاقا مظلمة لأولئك الذين لا يمكنهم العيش دون السلطة بوصفها أداة الاستحواذ والنهب).

وأيضا يؤكد البروفيسور الجنابي بقلم الباحث البغدادي الراحل (وليد عطو). إن الاحتلال الخارجي هو استمرار للاحتلال الداخلي، أو الوجه الآخر له ولكن بقوة خارجية. ـ وفي المفهوم الأيزيدي: هو الفرمان. ولكل مرحلة تاريخية نمطها الخاص في الاحتلال وتبريره… إننا نقف الآن أمام واقع يشير إلى أن الاحتلال كان نتاجا لصعود النزعة الإمبراطورية الأمريكية وانهيار العراق الداخلي.

الأيزيدي (والحديث لكاتب المقال) من أجل أن يفهم فلسفته في الهوية الوطنية العراقية باعتبارها هوية حضارية وثقافية، وليس هوية عرقية. يرجى المقارنة مع مقالنا الشديد الصلة بالموضوع (في شوارع بابل من جديد) ج1 وج2على الحوار المتمدن وذلك بتتبع الرابط التالي:

https://www.ahewar.org/debat/show.art.asp?aid=408395

وهي هوية وثقافة متراكمة عبر التاريخ من سومر وإلى الوقت الحاضر. لا يمكنه فهم هذا التراكم الحضاري والتاريخي في بيته الطيني البسيط، أو وهو يعمل تحت شمس الصيف في مزارع الطماطة في منطقة ربيعة ولا يفهم سبب عدم وصول مشروع ماء الجزيرة إلى مزارعه في شنكال. وينتظر قدوم (شرفدين) من الغرب لإحلال العدالة الاجتماعية، أو عمل أكلة (الميير)السومرية، ويحوك بعض ملابسه وطاقيته بيده.. الخ، إلا إذا تغرب بنفسه وجاب البلدان ليستقر في أصقاع بعيدة وغريبة مثل أستراليا وألمانيا. وهذه دعوة للحكومة الألمانية بإعادة النظر في قرارات ترحيل بعض الأيزيديين المساكين وإرجاعهم إلى المكان الذي هربوا منه إليهم كمسألة إنسانية ليس إلا.

 

مسك الختام:

هناك تيارات عصرية تنادي بنظرة حداثية إلى الهوية وتدعو إلى إلغاء الهوية الوطنية أو الهوية القومية. أي تكون هناك تداخل بين الثقافات، وبالتالي هذا يدعم الحوار عبر تلك الثقافات ومواجهة الانعزالية الشخصية داخل المجتمعات الجديدة. ونرى هذا بشكل واضح في حالة المهاجر الأيزيدي وتكون بوتيرة سريعة بل نلاحظ تفوقه ـ بالنسبة للشباب مع سياسة الدمج في ألمانيا ـ في اللغة والدراسة والمهنة التي يتخذها وسيلة للمعيشة.

وأيضا يستفاد البعض من حرية الاختيار في أن يحمل فكر المعارض في مسألة التداخل بين الثقافات وحماية حقه في التعبير عن ثقافته كمنتمي لخلفية ثقافية مغايرة، وما لم يكن مبدعا في مجال معين ينعكس مستقبلا على ذات الفرد وسيعاني من التغريب وربما بعض الأمراض النفسية. وهذا الموضوع يحتاج إلى أكثر من مقالة وبحث حول الاندماج وأمراض الهجرة النفسية والتغريب الثقافي.

لا شك إن فلسفة (العرفان) القائمة على قبول الآخر ليست غريبة عن جوهر الأيزيدياتي. وأقصد بالعرفان الوصول إلى جوهره وهو (وحدة الوجود) وليس الدروشة والقيام بتكرار حركات معينة وتكرار كلمات بالذات. ويمكن للصوفية (على الطريقة الأيزيدية) التي تؤدي بنا إلى هذه الفلسفة وهي منتشرة بين طبقة (الفقرا) أصحاب الخرقة والعمامة السوداء في وادي جبل شنكال. أن تزيل الكثير من العقبات أمام مشاكلنا الاجتماعية. بالتالي يمكن الاستفادة من مخرجات هذه الفلسفة بالرجوع إلى علم الأنثروبولوجيا دون الغوص عميقا في المسائل المتعلقة بتعاليم دينية محددة مثل (أفعل هذا، لا تفعل ذاك).

(يتبع…)