رؤية حول زيارة أردوغان للإقليم . – كامل سلمان

من الخطأ المرور السريع لما قام به أردوغان من حركة دبلوماسية سياسية عندما حط رحاله في أرض كوردستان خلافاً للتوقعات .. أهداف الزيارة المعلنة هي غير أهداف الزيارة الحقيقية ، تركيا ليست دولة صغيرة لكي يأتي رئيسها في زيارة كانت حسب الأهداف المعلنة بالأمكان أن يقوم بها وفد من بعض الوزارات التركية . إذاً ماهي خفايا هذه الزيارة بعيداً عن ما قد قيل في وسائل الإعلام . الزيارة هي تعبير لما يدور في عقلية الساسة الأتراك ، وهي تتركز في ثلاثة أوجه ، الوجه الأول : أن الزيارة جاءت مباشرة بعد لقاء رئيس الوزراء العراقي السيد السوداني بالرئيس الأمريكي جو بايدن والتي كانت في الأساس هي عملية فك الأرتباط السياسي العراقي بإيران والتقرب نحو أمريكا والعالم الغربي ، لذلك فبالنسبة لأردوغان هي الفرصة الذهبية للضغط على الحكومة العراقية بأن تتوجه بنسبة معينة إلى تركيا ، ولسان حاله يقول سيكون لنا تعامل مباشر مع كوردستان دون الحاجة في الرجوع إلى بغداد حتى في الأمور والقضايا الكبيرة ، وهذا يعني إضعاف الأنفتاح الذي ينوي السوداني القيام به إقليمياً ودولياً مالم يصب أهتمام العراق بمصالح تركيا الحيوية في المنطقة ، فهي إذاً رسالة إلى بغداد لدفعها صوب تركيا ، أي أن تركيا تطالب بغداد بحصة الأسد من توجهات بغداد المستقبلية . الوجه الثاني : الزيارة جاءت بعد اعياد النوروز والتي استعرضت فيها الجاليات الكوردية في جميع انحاء العالم حجمها الكبير ، واستعرض فيها الشعب الكوردي خاصة داخل تركيا تمسكهم الجذري بتأريخهم وطقوسهم وثوابتهم الوطنية القومية ، مما جعل أردوغان يظهر نوع من التعاطف والإيحاء للكورد بأنه ليس عدواً للشعب الكوردي ، والكل يعلم حجم التأثير الذي تركه الشعب الكوردي في الإنتخابات التركية الأخيرة والتي أفضت إلى تجديد بقاء اردوغان وحزبه على رأس السلطة ، أما الوجه الثالث وهو الأهم فأن أردوغان بدأ يشعر بأن كوردستان واقع حال سوا أكانت أقليم أو دولة ولا بد من التعامل معها بدبلوماسية عالية المستوى ككيان له وجوده المؤثر على الساحة الدولية ، ولابد من مداهنة الكورد وامتصاص غضبهم بسبب المواقف العدائية التركية المستمرة ضد الشعب الكوري ، فأردوغان يرى بأم عينيه كيف أن الدول العظمى وخاصة الغربية منها تعير الأهتمام للكورد وللمواقف الكوردية ، فهو يعلم يقيناً بأن الزعامات الغربية عندما تركز اهتماماتها على مكان ما في العالم فأن لها حسابات دقيقة مدروسة ، وهذا ما لاحظه أردوغان بتركيز العالم الغربي وأمريكا تحديداً بأقليم كوردستان ، فهو شخصية براغماتية يتماشا مع ما يقرره الغرب لأنه جزء مرتبط بهم على اعتبار تركيا ذراع حلف الناتو في المنطقة . أظن بأن الساسة الكورد أدركوا أهمية دورهم الإقليمي ، وأدركوا دورهم التصاعدي في الخارطة السياسية للمنطقة ، لذا بات من الضروري أن يتصرفوا بحرفية عالية توازي أهميتهم السياسية لقادم الأيام ، وكما قلنا سابقاً كوردستان سيزداد وزنها مع كل مستجدات تحدث في المنطقة ، فلم يعد للحجم العسكري دور كبير في رسم مستقبل المنطقة ، إنما كلمة الفصل ستكون للتحركات السياسية لأن الميزان العسكري قد تم حسمه عالمياً وبالخصوص في منطقتنا لصالح جهة واحدة وهي القوة العسكرية الغربية وأقصد هنا بعد المواجهة العسكرية المباشرة بين إسرائيل وداعميها من جهة وبين إيران ووكلاءها من جهة أخرى ، فلا ينبغي للكورد التغاضي عن هذه الحقائق وعليهم التصرف بدبلوماسية و بمسؤولية أكبر فأن مكانة كوردستان كبيرة مهما أزدادت الضغوط عليها ، وأن كوردستان شئنا أم أبينا وشاءت دول المنطقة أم أبت لم تعد كيان هامشي صغير بعد أن دخلت في حسابات الكبار وأثبتت علو قدمها ، وأن أربيل ستكون نقطة أنطلاق الحلول والتفاهمات في المنطقة ، وأظن بأن الإيرانيين سيتفهمون هذه المعادلة الجديدة وقد تكون كوردستان محطتهم القادمة نحو التواصل مع العالم الغربي ، الأيام القادمة ستثبت أن شاء الله صحة رؤيتنا !

2 Comments on “رؤية حول زيارة أردوغان للإقليم . – كامل سلمان”

  1. استاذي العزيز كامل تحيةخالصة من القلب. اسمح لي أن اخالفك الرأي.اردوكان اتى الى بغداد وكان معه وفد وزاري كبير وعمل اتفاقات كبيرة قسم منها سرية. هذه الاتفاقات قسم منها مرتبط بالتآمر على الكورد وخاصة كورد العراق. ومن اهم الاتفاقات هي تهميش معبر ابراهيم الخليل في زاخو ومحاول فصل كورد العراق وكورد سوريا.عن طريق الممر الدولي اللذي يربط دول الخليج بأوروباومحاولةجر الكورد وأرض الكورد إلى حروب.واما لماذا ذهب إلى اربيل فأنا اعتقد انها رسالة موجه للغرب مفادها انها ليست ضد الكورد .

    1. الاخ ابو متين
      شكراً لملاحظاتك ووجهة نظرك . تعدد وجهات النظر تقربنا من الحقيقة ، بالتأكيد لا أختلف معك . تحياتي

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *