أفول نجم القيم و المبادئ الانسانية و تأثيرها على حركات التحرر-  هشام عقراوي

 

قد يختلف البعض معي في تقييم واقع المبادئ الانسانية في القرن الواحد العشرين حيث الاعتراف بتقوقع الانسان و زيادة نسبة الانانية و أضمحلال التضامن الانساني هو أمر ليس من السهل تقبلة لدى البعض من الذين يعتبرون الانسان كائنا خارقا مليئا بالمشاعر و الافكار التي تجلعة يعلو عن باقي الكائنات.

علينا الاعتراف بأن سيادة الرأسمالية و القيم المرافقة للتطور التكنولوجي و الذكاء الاصطناعي قد أثروا على القيم الانسانية التي كانت منتشرة بين الناس و خاصة في بعض مراحل القرن التاسع عشر و العشرين. هذا التطور الجبري و الحتمي أدى الى أنحلال العلاقات الاجتماعية و ليس فقط العلاقات بين الدول و الفئات داخل المجتمع الواحد.

عصور التضحية بالذات من أجل أن يعيش الاخرون، عصور الاستعداد لمساعدة المحتاج، عصور تكريم الاخر، عصور التحول الى جسور كي يعبر عليها الاخرون كلها صارت من الماضي. لقد أنهارت قلاع الانسانية في العالم أجمع من الدول الاوربية و الغربية و الى الدول المحسوبة على الفكر الاشتراكي و بات الدفاع عن حقوق الانسان موضع سخرية الكثيرين.

مع تأكيدنا على وجود قوافل من المضحين في العالم ألا أن انحطاط القيم و تفسخها جعل الكثيرين يفكرون فقط بحياتهم الشخصية و من هذا المنطلق الشخصي قد يشاركون حتى في هذا الحزب أو ذاك، أو ينتمون الى هذه المجموعة أو تلك. نقاط الالتقاء لم تعد مبنية على أساس مبدأي أنساني بل على أسس شخصية تعتمد على الربح و الخسارة المادية و المناصبية. هناك القليلون من الذين يتألمون للألم المظلومين و المضهدين في الارض.

حركات التحرر أجمالا الوطنية منها و الطبيقية مبنية على التضحية و ضمان الحرية و العدالة للجميع. هذه الحركات بعيدة كل البعد عن الهمجية و قتل الابرياء.  بينما القيم الحالية مبينة على المكاسب بغض النظر عن الطريقة.  الغاية تبرر الوسيلة صارت هي السائدة في هذا العصر و ليس هناك مذنب مهما كبرت الجرائم و مهما تفننوا في الهمجية. نستطيع القول بأن هناك معسكرات ينفي كل منها الاخر و المشترك بين الجميع هو رخص قيمة الانسان لدى هذه المعسكرات.

و أذا كان الانسان في هذا العصر قد تجرد عن أنسانيتة بمفهومها الشامل و صار كائنا غير أجتماعيا بأنانيته و صارت له العديد من الشخصيات  المقبولة أجتماعيا و لدى الجميع، فأن تبعات هذا التحول الخطير سيكون أنتهاء حركات التحرر و الحركات الطبيقة المبنية أصلا على التضحية.

ألانفصام في شخصية الانسان المعاصر تجعلة غير مؤهلا للدفاع عن القيم الانسانية فهو أنسان بعيد كل البعد عن “الانسان الشامل” الذي تحركة أنسانيتة في جميع الادوار التي يمثلها و أينما كان.  الانسان الحالي هو مجموعة شخصيات خاصة و مختلفة. هو يمثل شخصية ألاب أو ألام، و لدية شخصية أخرى مختلفة مع أقرباءة و شخصية مختلفة مع أصداقاءة على شبكات التواصل الاجتماعي، و شخصية  مختلفة في عملة و مع العاملين معه في مكان العمل و هكذا حيث الادوار تعتمد على الشخص و المكان.  قديما كان الانسان فيه الكثير من الشمولية في الفعل و التصرف و كان “كائنا شاملا”  أي أنه كان يتصرف ضمن قيم موحدة و مبادئ راسخة رغم أختلاف الادوار، بينما الان فهو يتقمص شخصيات تجعلة يتمكن من التمثيل على الجميع و بهذه الطريقة أنعدم العنصر الهام و اللازم من أجل أقامة حركة تحرر أو حتى حزب يؤمن بالقيم الانسانية و التعاطف الانساني.

و بما أن الانسان وصل الى هذه المرحلة فأن الاغتراب سيكون الشعور السائد في العالم أجمع و بناء عليه سنرى الكثيرين يبحثون عن وطن و هم داخل أوطانهم و يبحثون عن أنتماء و لا يجدونه أينما ذهبوا و لا يعلمون أن التكنولوجيا و سيادة الرأسمالية قد حولتهم الى كائن من نوع اخر و جردتهم من أنسانيتهم. التكنولوجيا و التطور العلمي منع أستنساج البشر خوفا من تبعاتها على البشرية ألا أنهم أهملوا تأثير هذه التكنولوجيا و التطور العلمي على القيم الانسانية و العلاقات الانسانية و صار مسموحا في النظام العالمي الجديد جرد الانسان من أنسانيتة و صارت مدارس تهميش الانسان و أضطهاد الانسان لأخية الانسان تملئ الكرة الارضية و برعاية الحكومات و المؤسسات الرسمية و غير الرسمية.

كوردستان حضيت عبر العصور بالعديد من المنظمات و الشخصيات المضحية و التي كانت تعمل بصدق من أجل التحرر بالتحديد،  و لكن التطور التكنولوجي و طغيان العلاقات المفروضة من العالم الجديد الذي هوعالم الرأسمالية و تغلب المصالح على القيم و المبادئ, أدى الى تفشي افة العصر فيه و أضمحلال حركات التحرر الجادة أن لم نقل أنتهائها من الوجود.

بقاء كوردستان مستعمره الى هذا الوقت و بهذه الخواص الاجتماعية و هذه العقلية تجعل من الصعب تحريرة.  كوردستان قد تتحرر ضمن معادلة دولية و ليس من خلال حركة مسلحه و لكن هذا التحرر سوف لن يجعلها دولة تختلف عن باقي دول العالم. و سوف لن تكون  الدولة التي تضم جميع الكوردستانيين بحنان و عطف تماما كما لم تعد اية دولة في العالم وطن جميع مواطنيها بل أن العدالة الاجتماعية و الانسانية لم يعد لها وجود في أغلبية الدول أن لم يكن في العالم أجمع.

One Comment on “أفول نجم القيم و المبادئ الانسانية و تأثيرها على حركات التحرر-  هشام عقراوي”

  1. ** من ألأخر { ١: إنحطاط القيم والاخلاق والتملق للأقوى قديم قدم الانسان ، ولكن لم يكن مسموحا بها أقله في العلن وخاصة لدى رب العائلة والعشيرة والدولة ، حيث كان كلامهم قاطعا وثابتا وداعما للحق والعدل وشواهد التاريخ كثيرة ، والخطورة اليوم هى إنقلاب الاية تماما حتى غدى رب الاسرة ورئيس العشيرة وحاكم الدولة لابل ومفتيها أشد فسقا وإنحطاطا ونفاقا وظلما من الرعية ، لابل نرى الكثير من العامة يدينون فسقهم ونفاقهم وظلمهم وبشدة بدليل التظاهر أو القيام بثورات ضدهم وحتى إغتيالهم ؟ ٢: الاكثر خطورة اليوم ليس فقط صمت كبار رجال الدين بل السير في دربهم ومباركة شرورهم (صدق من قال إذا كان رب الاسرة بالدف ضاربا فشيمة أهل الدار الرقص) ويقال أن أحدهم شاهد رجلا يشم ذيل سمكة فقال له (ياعمي إذا أردت التاكد من سلامتها فشم رأسها) فأجابه الرجل( والله أعلم هذا ولكنني أردت التاكد ما إذا كانت الجيفة قد وصلت لذيلها) فمع الاسف جيفة الكبار قد إستشرت حتى في صغارنا ، سلام ؟

Comments are closed.