اللاديني في الدولة الدينية- كامل سلمان

الإنسان اللاديني ليس له وجود آمن في الدولة الدينية ، يجب عليه أن يكون منافقاً يظهر شيء ويبطن شيء آخر أو يكون في خانة المنبوذين أو يقتل ، بينما المتدين من أي دين كان له حق المواطنة وحق الإنسان في الدولة اللادينية ( الدولة المدنية ) . أي الدولتين أفضل ؟ الدولة التي تعامل الإنسان على أنه إنسان له حق الوجود وحق الحياة وحق العلم والتعلم والعمل مهما كان دينه أو معتقده ، أم الدولة التي تعامل الإنسان على إنه دين محدد ومذهب محدد ، فمن خرج منها خرج من الملة ولا يستحق الحياة . أي الدولتين أفضل ؟ الدولة التي تحاسب الناس على افكارهم ومعتقداتهم ولا تحاسبهم على فسادهم وعفونتهم ، أم الدولة التي تحاسب الناس على ما أقترفت إيديهم من سوء وليس ما أقتنعت عقولهم من معتقد ؟
اللاديني أو من يعتقد بالدين المخالف عليه أن يبحث عن وطن فيه الأمان ، وخير الأوطان من يعطيه حق العيش بكرامة ، لم يخلق الله الناس ليكونوا على خط واحد ودين واحد بل خلقهم ليعيشوا كبشر تجمعهم الإنسانية والمحبة . عندما يكون أخوتي في الدين هم الأشرار فالعيش مع أخوتي حرام ، والعيش مع من يشاركونني في الإنسانية هو الحلال . الدولة الدينية هي دولة الفقهاء ذات التعاليم الدينية الثابتة ، لا تصلح هذه التعاليم لمن يعتنق دين مختلف او لمن اختار المعتقد اللاديني ، فهي دولة لفئة معينة من الناس ولا يمكن أن تكون دولة للجميع فالدولة العصرية هي دولة للجميع ويجب أن تكون متداخلة مع شعوب العالم المختلفة والمتنوعة عقائدياً وبالنتيجة ستكون الدولة الدينية منعزلة حضارياً وفي صراع ايدلوجي مع بقية دول العالم فتتحول إلى دولة عدوانية بسبب عزلتها . أن من أسرار تطور البلدان اللادينية أو ( الدول المدنية ) هو انفتاحها على جميع شعوب الارض بمختلف دياناتهم مما دفع مختلف العقول أن تتعاون في بناء تلك الدول . من الخطأ القول بأن سكان الدول الغربية لهم عقول متفوقة على باقي البشر ، لأن الأوربيين عاشوا عشرات الالاف من السنين حالهم حال بقية البشر تخلفاً وبربرية ولكن اللغز بدأ عندهم عندما قرروا ترك الدين كشأن شخصي والدولة للجميع فأنفجرت عندهم الطاقات واهتدوا إلى العلوم والمعارف الصحيحة وهاجرت إليهم مختلف العقول من انحاء العالم لتشاركهم العمل والإبداع ، فعندما شاهدوا بأم أعينهم نتائج عملهم الرائع عملوا على تطوير دولهم المدنية فوضعوا الدساتير التي تحافظ على الدولة المدنية ووضعوا القوانين التي تساوي بين الجميع وأسسوا المنظمات المدنية والجمعيات الإنسانية ، فصاروا في عالم مختلف تماماً عن العوالم الأخرى ، عالم فيه الإنسان كائن مقدس ، المرأة فيه روح الحياة ، الطفل فيه زهرة الحياة ، هذا الفارق مازال صعب الفهم عند دعاة الدولة الدينية . دعاة الدولة الدينية يفهمون الأمور حسب النصوص ولا يبالون بالنتائج ولا ينظرون إلى مقدار تخلفهم ، ومن الصعب جداً تغييرهم ، فقد تقوقعت افكارهم على قالب واحد لا يتغير .
هناك فرق كبير بين الدولة الدينية والمجتمع الديني ، المجتمع الديني ضرورة اجتماعية تتوارثها الأجيال وتحافظ عليها وتستطعم وجودها ، فهي موجودة في قلوب وضمائر الناس ولا يمكن محوها ، أما الدولة الدينية فهي خدعة للحفاظ على المجتمع الديني ولبسط العدالة ، فالدولة الدينية بالحقيقة ضد المجتمع الديني وضد العدالة ، العدالة بمعنى الناس بكل أصنافهم وعقائدهم سواسية أمام القانون وليست هناك أفضلية لدين على دين ، فهل يستطيع اللاديني أو المرأة او من الدين المخالف أن يكون هو الحاكم او القاضي أو المشرع في الدولة الدينية ؟ إذا كان الجواب لا . فأين العدالة في الدولة الدينية ؟. الأنبياء بعثوا ليؤسسوا مجتمعات دينية ، وليست دول دينية ، لذلك حين وفاتهم بقيت الأديان والمجتمعات الدينية قائمة ، بينما الدول الدينية التي تأسست من بعدهم وهي بالعشرات أنتهت . على المتدينين قبل غيرهم محاربة الدولة الدينية ومحاربة دعاتها لأنها فتنة وخدعة كبيرة تؤدي إلى الإقتتال والحروب وبالنهاية تسقط كمثيلاتها السابقات . فليس من الصواب جعل هذا الإنسان الكائن العظيم مختبراً لتجارب الفقهاء .

4 Comments on “اللاديني في الدولة الدينية- كامل سلمان”

  1. استاذ كامل المحترم وبعد.. انا في رأي الدوله الدينيه افظل من المجتمع الديني لانه هو المجتمع الذي يختار اهؤلاء الفقهاء والاءمه ليقودوا الدوله ولكن المجتمع اللا ديني افظل من الدوله الدينيه لان المجتمع هم الغالبيه واللذين يقولون الدوله هم العقليه وفي هذه الحاله يستطيع المجتمع اسقاطهم بسهوله…….وسؤالي من ياتي بهؤلاء الفقهاء والاءمه إلى السلطه.والجواب هو المجتمع الديني..صدق أو لا تصدق المجتمع الكوردستاني المعتدين لحد النخاع يريد اليوم ان يصبح كوردستان دوله دينيه وحبذا تعليقي واضح ومفهوم لدى جنابكم لان معرفتي باللغه العربيه شبه مشلوله .تحياتي لجنابكم

  2. هنا اقصد المجتمع الا ديني المجتمع العلماني الصرف الذي لا يسمح ولو نص ديني واحد يستخدم في تشريعات ودساتير الدوله .وكل النصوص يوضع على رفوف المكتبات فقط كاثار ولتتراكم عليها الغبار كما تتراكم التراب على الآثار المجتمع الموجوده علر وجه الأرض. وشكرا استاذنا الفاضل

    1. السيد خدر المحترم
      لا عيب في لغتك العربية ، كلامك واضح وتعبيرك دقيق
      اتفق معك حول كوردستان ، يجب ان يكون هناك نص صريح في دستور كوردستان وهو منع أي تنظيم ديني بالعمل السياسي فهؤلاء سرعان ما يتحولون إلى مليشيات ومنظمات إرهابية إذا أمسكوا بالسلطة.
      أما بالنسبة للمجتمع الديني فأنا أختلف معك ، لأن المجتمعات المتطورة أكثرها ملتزمة دينياً لكن بشكل شخصي بعيد عن السياسة
      تحياتي وتقديري لمداخلاتك العلمية العقلية

Comments are closed.