“حذارى من تكرار غباوة التصرف لدى معركة جالديران”!- جان آريان-ألمانيا 

بعد اندماج الشعوب الإيرانية المتمثلة بالتسميات المتعاقبة الميدية، الفارسية، البارثية والساسانية مع مثيلاتها المسبقة الهورية-الميتانية في المنطقة/ وبانتشار التقدير الزرادشتي القييم السمحي ولم تمارس حروب دينية ضد الغير بل كانت تقدر العقائد اليهودية والمسيحية وسمحت للعديد من اليهود المنفيين مسبقا إلى آشور وبابل ومساعدتهم للعودة إلى ديارهم في عهدي كورش الفارسي وداريوس المادي وغيرهما وكذلك قدروا جدا المعتقدات والهياكل المسيحية، فهذه الشعوب تمكنت وقتها من بناء كياناتها ومن امتداد نفوذها بشكل واسع ولأزمان طويلة جدا وعبر تبادل ملوكها وقاداتها بتنوعها المذكور من مرحلة إلى أخرى.
بدءا من أعوام ٣٣٠ قبل الميلاد وبعد امتداد نفوذ الشعوب الإيرانية سابقا الى بعض المناطق والجزر اليونانية تمكنت فرق عسكرية مكدونية هيلينية من الحد من تلك النفوذ بل والتغلغل إلى داخل مملكتها ولكن دون قدوم وتواجد سكاني يوناني كبير إلى أن تمكنت الشعوب الإيرانية في المرحلة البارثية/ في اواسط القرن الثالث قبل الميلاد من إزالة تلك النفوذ بل التقدم والتمدد حتى اواسط آسيا الصغرى وبلاد الرافدين وشمال بلاد الشام ثانية وبوجود صراعات عسكريةأحيانا مع الرومان غربا، ولتبدأ المرحلة الساسانية لاحقا حوالي ٢٢٤ بعد الميلاد وإطلاق تسمية ايران/بلاد الآريين/ وباستمرار صراعات عسكرية  محدوة مع الرومان ومن ثم مع البيزنطة في الغرب تارة وكذلك هذه المرة مع الغزوات التورانية في الشمال الشرقي تارة أخرى/الحروب الإيرانية-التورانية/، أي الصراع على جبهتين.
هكذا، ولتبدأ مرحلة الانهماك الكبير خصوصا بدءا من ما بعد مقتل الملك/الشاه خسرو برويز/الثاني سنة ٦٢٩ على يد ابنه شيرو والصراع الأهلي وتتابع ثلاثة حكام يافعين دون خبرة خلال ٦ سنوات آخرهم كان يزدكورد ٦٣٥ او ٦٣٦. وكذلك رغم أن بيزنطة التي بالتحالف مع التورانيين من جهة القفقاس هذه المرة تقدمت في بعض مناطق إيران في أعوام ٦٢٥  خلال حكم خسرو برويز وبالتالي يقال لهذا السبب قتله ابنه شيرو ليحل محله/ ومن ثم اضطرار التورانيين لاحقا بالرجوع من المنطقة إلى بلدانهم لسبب غير معروف تماما ربما لانقلاب بيزنطة عليهم وقتها/ أصبحت بيزنطة وقتها تعاني كثيرا من الضعف كونها أيضا كانت تصارع على جبهتين: إيران من الشرق وتقاوم الموجات السلافية وغيره من الشمال الغربي ايضا.
ضمن الأعوام الأولى من القرن السابع الميلادي وقبل مبعث محمد عليه السلام نشبت مناوشات محدودة/ سميت لاحقا معركة ذي قار/  نتيجة الضغط الايراني الكبير على حاكم قبائل المناذرة الذين كانوا يعيشون في صحراء غرب ايران/ غرب نهر الفرات/ ويحمون من هناك الحدود الإيرانية الغربية الجنوبية، ويقال بأن المناذرة صمدوا وقتها بعض الشيء ودخلو بعض القرى الإيرانية ووصل أخبارهم حينذاك إلى عرب شبه الجزيرة لكنهم عادو بالاطاعة لإيران وظل تواجدهم غرب نهر الفرات محصورا.
هنا، وخلال ذلك الوضع الايراني/الساساني الضعيف خاصة منذ ٦٢٩ وخلال ثلاثينات القرن السابع الميلادي وبعد وفات النبي محمد عليه السلام بسنة او سنتين بدأت مجموعات عربية عسكرية حوالي ٦٣٢ بغزوات/ سميت لاحقا بالفتوحات الاسلامية/ للحدود الغربية الجنوبية لإيران وبتعاون بعض المناذرة ودخلو الحيرة/ في الصحراء ايضا/ومن ثم اوقفهم الإيرانيون، واتجه الكثير منهم بعد ذلك  وعبر الصحراء الطويل إلى بلاد الشام/ تحت النفوذ البيزنطي/ حيث كانت مجموعات عربية عسكرية أخرى تغزو مناطق معينة هناك وتمكنت من دخولها، هكذا وفي أعوام ٦٣٦ اعادوا الغزوات ضد إيران وبلاد الشام وبتعاون وتوجيه من بعض المناذرة والغساسنة المتواجدين كما ذكرت على ألاطراف الصحراوية لإيران وبلاد الشام وقد تمكنوا تدريجيا من التوغل والتخريب والخطف فيهما وذلك بغياب الأسلحة النارية عن بعد وبعدم وجود الحدود الوطنية المحصنة المنتظمة وقتها وبسبب هشاشة القوى  الأمنية والحكومية في إيران وبلاد الشام ومصر تحت النفوذ البيزنطي، حيث كانت قوة التضحية هي الكفيلة للغلبة، فكانت أولئك الغزاة تغير على قرية او بلدة هنا وهناك ومن ثم تنتقل إلى غيرها ودون حساب يذكر للموت للأسباب الملخصة التالية:
وفق سيرة محمد عليه السلام وعلي بن أبي طالب رضي الله عنه لم يكونا عدوانيين او غزاة ضد الآخرين،/حيث تأثر ايجابيا بالحياة المدنية خلال جولاته مسبقا في بلاد الشام وكان تفاعل علي معه كثيرا جدا ايضا/ بل كانا سلميين ومبشرين بعقائد روحية صادقة وفق ظروف ذلك الزمان، والمعارك التي دارت بينهما وبين الآخرين آنذاك كانت غالبا للدفاع عن النفس، حيث لم يرغبان بفرض الفكرة الروحية على الغير بالغزو والخراب/ رغم المزاعم والمبالغات التي وصفت دفاعهم الذاتي لاحقا بذلك/ فلم يشترك المرحوم علي وأولاده الكرام المرحومين بتلك الغزوات في الثلاثينيات على إيران وبلاد الشام ومصر، بل كانوا اثنا قدومهم وتواجدهم في بلاد الرافدين/إيران سلميا بحتا وكوجهاء روحيين آمنين ينصحون للخير والسلام ويشاركون حتى الأعياد الإيرانية مثل النوروز الربيعي والمهرجان الخريفي. ودافعوا عن انفسهم فقط ضد اغارات الامويين عليهم في إيران/بلاد الرافدين.
 لكن بعد وفات النبي محمد عليه السلام، وهكذا بعد وفات موسى وعيسى عليهما السلام من قبل ولاحقا، ارتكب بعد خلفائهم وقادتهم بارتكاب الحروب الدينية العسكرية ضد الغير، لكن أشدها فظاعة وخرابا كانت الغزوات العربية في القرن السابع الميلادي وذلك لكون الحياة المعيشية كانت صعبة وقاسية جدا في صحراء شبه الجزيرة العربية وفي مناطق الغساسنة والمناذرة الصحراوية ورغبتهم المفرطة بالتقرب إلى المياه العذبة والخضار والنعيم في إيران/ بلاد الرافدين، شمال وغرب بلاد الشام وفي سواحل مصر الشمالية من ناحية وكذلك لفهمهم الغلط من التبشير الروحي لمحمد عليه السلام وضافوا لاحقا مزاعم دينية خاطئة من عندهم فباتوا يغيرون ويضحون عشوائيا ضد الغير من ناحية ثانية، بينما هذا الغير كان إلى حد ما يحب الحياة ويتجنب قدر الامكان الموت، وكما ذكرت بغياب الأسلحة النارية عن بعد وبشبه فقدان الأمن الوطني المنتظم للغير آنذاك.
على العموم ولدرء التوسع بشكل أكثر، نعود إلى موضوع المقالة، فرغم  التأثر الثقافي والمادي السلبي الكبير للشعوب الإيرانية عقب تلك الغزوات العربية الصحراوية، قد ظل ولله الحمد بقاء السكان في ديارهم، وكذلك ظلت مجموعات سكانية محدودة على عقيدتها الزردشتية وفرت إلى بلاد الهند ولدى فئات سكانية اوسع ظل تلك الثقافة الروحية لديهم نسبيا مزيجا بين الزردشتية والوافدة وبدرجات متفاوتة تبعا للمناطق وسكانها، فقد ازداد التاثير الزرادشتي نوعا ما خلال المرحلة البويهية وانتقص ثانية بعد الغزو السلجوقي بدءا من اواسط القرن الحادي عشر الميلادي وتخبط بعض الكورد وتعاونهم معهم/ لدى معركة ملذكورد/هكذا والى صعود أحفاد الشيخ المرحوم صفي الدين اردبيلي الكوردي الأصل خصوصا في عهد الشاه اسماعيل الصفوي في بدايات القرن السادس عشر والذي تمكن تدريجيا من حشد القوى الأكثر محتفظة ببعض الطقوس والاشارات الزردشتية النييرة الممزوجة ببعض الطقوس والعبادات الاسلامية والاستفادة حتى من انضمام قبائل تركمانية معينة لقواته التي سميت بالقزل باش(رأس احمر نسبة الى الشارة او الغطاء النيير /نور الزردشتيي/وبالتالي سميت حينا ب Alavî أي الذين يقدرون لهيب النار الزردشتي المعاكس للظلام الداكن الشرير، هكذا حتى يأتي الغزو العثماني على الامتداد الايراني الغربي الكوردستاني وليتعاون البعض الكورد الجهلة هناك معه في معركة جالديران ١٥١٤ ضد أبناء جلدته الايراني وبالتالي ليتم سلخ هذا الجزء الكبير الايراني من جسد الام ومن ثم لينقسم إلى ثلاثة أقسام عقب اتفاقية لوزان المشؤومة وتظل مستديمة تحت الاحتلال البغيض المتعدد، بينما أصبحت اغلبية الشعوب الإيرانية الأخرى عقب كارثة تلك المعركة ولتأمين الدعم الشيعي في المنطقة إزاء الضغط العثماني تميل تدريجيا وتتبنى المذهب الشيعي، ولكن ظلت تسمية ايران منذ تلك الغزوات العربية المذكورة / القرن السابع/ غائبة وحتى سنة ١٩٣٥ وليعيد بعدها حكم رضا بهلوي تسمية ايران ثانية وذلك بعد إنهاء حكم الإدارة القاجارية التركمانية.
في هذا الاطار، ينبغي على النخب والساسة الكوردستانية أن تتعظ جيدا من تلك الأخطاء الكارثية وتتعلم بأن حق تقرير مصير الشعب الكوردي المشروع يكاد يستحيل تحقيقه في ظل ظروف تشابك المصالح الإقليمية والدولية المعقدة دون عودة اتحاد الشعوب الإيرانية المعنية من جانب ودون السعي الدؤوب لكسب الدعم الغربي الجدي من جانب ثان، حيث دون ذلك الاتحاد لا يستطيع الغرب بمفرده ورغم قوته الهائلة ان يشكل دولة كوردستان في أي جزء ويحميها دوما ولا يهمه ذلك كثيرا ايضا، فلديه ما يكفي من مصالح مهمة أخرى.
وفي هذا السياق، ينبغي على النخب والساسة الفرس، أن تعي ايضا جيدا، بأنه في هذه الظروف المذكورة ولتامين المصالح الاستراتيجية للشعوب الإيرانية وحمايتها داخل مناطقها الحالية التاريخية/ولكن ليس محاولات التوسع نحو بلدان الشعوب الاخرى/ يكاد يستحيل تحقيق وتأمين تلك المصالح دون عودة اتحاد هذه الشعوب على قاعدة التلاحم والعدالة والحريات المشروعة للجميع تحت ظل هكذا اتحاد ولتتفهم جيدا الامتداد الكوردستاني والبلوشي الواسع في المنطقة وبنفس الوقت السعي الكبير للتفاهم المشترك مع الغرب وبناء علاقات حسن الجوار ومع العالم اجمع.
وفي هذا الصدد يجدر التذكير والاشارة إلى أمر في غاية الأهمية، ألا وهو صعوبة عقلية بعض قادة ايران/الفرس الذين ينشغلون انفسهم بقصد او بدون وعي دقيق، بأمور جانبية بعيدة كل البعد عن المصالح الاستراتيجية للشعوب الإيرانية بل وحتى الآن إلى درجة يضرب الكورد تارة والبلوش تارة أخرى!
لا شك نعلم كما ذكر جيدا، بأنه ومنذ انطلاقة تلك الغزوات العربية ومرورا بالغزوات السلجوقية والمغولية عبر بلاد الشعوب الإيرانية والاختلاط الطويل هناك، قد ترك كل ذلك أثرا كبيرا على مرجع بعض المتحكمين الذين يؤذون بقصد اوبغير قصد المصالح الاستراتجية لهذه الشعوب ولصالح سلطات او جماعات غير ايرانية.
من هنا، وفق تصوري المتواضع، لا بد للمرجعيات ولوجهاء ونخب هذه الشعوب من الحوار الجدي المسؤول والتفاهم المشترك لصالح الجميع وكذلك لنبذ تكرار الأخطاء الكارثية التاريخية والحالية معا، وإلا يكاد يستحيل أفق التمتع بالعيش الكريم والحرية والحماية الممكنة.

2 Comments on ““حذارى من تكرار غباوة التصرف لدى معركة جالديران”!- جان آريان-ألمانيا ”

  1. لا تخف لا أحد يكرر ما فعله أمجاد الكورد بكم, عبدالحكيم إدريس البدليسي جد شرف خان هو الذي باع كوردستان ب 25 ألف ليرة ذهبية وجمع 16 عشير كوردية بصفة جتة لعن الله رئيسهم لصالح سليم العثماني ضد إسماعيل الصفوي الكوردي الأصل فهزم هزيمة نكراء جعله يحقد على الكورد فسلم مناطقهم كلها للأذريين الذين تعاونوا معه , وبالمقابل سليم تقوّى فأستولى على جميع أراضي الكورد وسلم معظمها للترك يستوطنونها , مبارك عليكم هؤلاء المناضلين الأبطال , واليوم أنتم لستم أفضل من البارحة دقق وأفحص وترى إنني على صواب وشكراً

    1. نعم، وللأسف الشديد، قد ارتكب بعض اجداد الكورد الجهلة وقتها أخطاء كارثية بتعاونهم مع الغير ضد أبناء جلدتهم الإيرانيين وحدث ما حدث، المهم األا يتكرر ذلك!

Comments are closed.