سلسلة تأريخ بادينان العمادية  : د٠ مسعود كتاني- النقود الأجنبية المتداولة في بادينان وكردستان عامة – الجزء الخامس والأخير: خديجة مسعود كتاني

 

الإدارة والاقتصاد، الحرف والعادات الشعبية في إمارة بادينان العمادية

الجزء الخامس والأخير: خديجة مسعود كتاني

النقود الأجنبية المتداولة في بادينان وكردستان عامة

كون منطقة عمادية منطقة مهمة وحلقة وصل بالنسبة لطرق القوافل من الشرق الى الغرب والشمال الى الجنوب وبالعكس٠ فكانت ترد اليها النقود من مناطق مختلفة وأصبحت من أتباع (الزنگيين) في تلك الحقبة حيث عين (عماد الدين الزنگي) واليا لها، الذي أدى الى تقوية الاواصر مع مدينة الموصل تجاريا وسياسيا٠مما سهل دخول مختلف النقود اليها ٠وأهم هذه النقود ؛

١-النقود السلجوقية القليلة التداول من (أتابكة خوارزم ) و (أتابكة الموصل) الى مناطق كردستان ومناطق بادينان (دهوك، زاخو، العمادية، عقرة سنجار تلعفر٠التي طبعت (سكت) في زمن (قطب الدين مودود = طغرلتكين) إبن عماد الدين الزنگي

(نقود نحاسية تحمل صورة في ٥٥٥هـ) و في عهد (سيف الدين غازي الثاني

٥٦٥ – ٥٧٦هـ تحمل صورة انسان على عملة نحاسية) وسكت بعضها في جزيرة بوتان (بن عمر) ووصلت الى بادينان (٥٧٦ – ٥٨٩هـ) بدون صورة بالنسبة للفضية والذهبية والنحاسية تحمل صورة٠

٢- النقود : التغلبية، البويهية، السوبوكتكينية، الخمارويهية، الراضية، المتعية الاخشيدية، ولكن هذه النقود ظلت محدودة التداول، وكانت تشاهد في الاسواق بين حين وآخر٠

٣- نقود (بني أرتق)،  (نقود نحاسية ليست ذات قيمة جاءت من الغرب) لكنها انتشرت بين الايادي للتعامل اليومي في السوق٠

٤- نقود (بدر الدين لؤلؤ) ضربت في الموصل وانتشرت  بسهولة في المناطق الكردية الجبلية وبادينان، بوطان ونصيبين٠

٥- (أتابكة أربيل) الذين أسسوا الامارة في ٥٢٢هـ  زمن الأمير(زين الدين علي كوچك) وإبنه (مظفر الدين كوكبري)٠ سك نقود تحمل صورة أخر فترة حكمه مع أتابكة الموصل و(حران)، ثم انفصل عن أتابكة الموصل ومال الى الايوبيين٠ بين (٥٨٠ – ٥٨٦هـ ) صدرت عملة عملة مسكوكة باسم (حسام الدين) عليها صورة رجل يركب أسدا طبعت في أربيل وبقيت الى مابعد وفاة (صلاح الدين الايوبي)٠

فضلا عن نقود (ذهبية وفضية) للاتابكيين الايوبيين عليها صورة٠ بعد ذلك مال الايوبيون الى مصر دولة العبيديين بعد الدولة الفاطمية ٠

٦- وبقي الايوبيين في مصر الى ٦٥٠هـ  وكانت نقودهم (دنانير ذهبية) ولكن النقود الأجنبية دخلت دولتهم عن طريق التجارة والضرائب٠ وكانت تحسب تبعا لدينارهم الذهبي الجميل ذو الدوائرالمتوازية٠ لكن نقودهم الذهبية والفضية ظهرت بدون صورة بعكس النحاسية ٠ ولم تدخل العملة الفاطمية والايوبية الا بشكل محدود مناطق كردستان ٠ لان القوافل الاتية من الشرق الى الغرب تمر ببهدينان، ومنها نحوالشام – الموصل – بلاد العجم – أرضروم واسطمبول ٠ فكانت البضاعة تباع في أسواق حلب بالعملة الايوبية والفاطمية وغيرها وعلى الاغلب كان التجار يصرفون نقودهم على بضاعة أخرى من أسواق تلك المناطق ويرجعون بتلك السلع الى الموصل وبادينان وبلاد العجم ٠ لذا بقيت العملة محدودة في المناطق آنفة الذكر٠

٧- نقود السلجوقيين: كانت شبيه بالنقود الإسلامية (الفضية والذهبية بدون صورة )

إلا في زمن (الأمير ركن الدين سليمان شاهي ٥٩٦ – ٦٠٠هـ) الذي أمر بضرب صورة على الدرهم الفضي ٠الأمير (كيكاوس ٦٠١- ٦٠٦هـ ) والأمير (عزالدين كيكاوس ٦٠٦- ٦١٦هـ)

الأمير(علاء الدين كيقباد) أولائك لم يطبعوا الصورة على الدراهم ٠ لكن أعيد ضرب الصورة على العملة في ٦٣٨ هـ على الدرهم الفضي صورة (الأسد والشمس = شير وخورشيد) الى سنة ٦٤٢هـ زمن (كيقباد الثالث) أصبحت الصورة (أسدا فقط) وفي الوجه الآخر (لا إله الا الله محمد رسول الله) لم تدخل هذه النقود كردستان الا قليلا واسماءها لم تكن متداولة على الالسن٠

٨- أما نقود المكافآت التي تضرب في الدول والامارات المختلفة ، منها لملوك الطوائف بعضها كانت تحمل أسماء (خلفاء الراشدون) ظهرت بتأريخ ٧٢٠هـ وتوجد قطعة في متحف بيترسبورغ في روسيا٠ نقود المناسبات (الذهبية والفضية) لم تداول لانها لم تكن (نقد رسمي) وعددها محدود٠ دينارالذهب الوارد من دول مختلفة متشابه في الوزن والمعيار وكان يرد للمناطق الكوردية والدول الشرق أوسطية٠

٩- لقد ذكر (بنيامين) في رحلته حول النقود في العمادية ؛ كان على اليهود دفع جزية سنوية بدينار أميري للامير وقيمة الدينار الذهبي (المرابطي والربع مرابطي) المضروب في اسبانيا يعادل (١٤) شلنا إنكليزيًا للمرابطي الواحد٠ وكانت الدنانير الاميرية المتعددة تصدر في مناسبات جلوس أمراء في الجيش على كرسي الحكم

في إحدى المناطق أو المقاطعات٠ أو تعيين أولاد الخلفاء والامراء ولاة لأولياءهم في منطقة معينة بأمر الخليفة ٠ ضربت نقود ذهبية باسم (الأمير محمد أمين) نجل هارون الرشيد سنة ١٨٦هـ وكتب عليها ( الأمير الأمين محمد الأمين إبن أمير المؤمنين) ووصلت الموصل والمناطق التابعة حيث الحكم العباسي٠ وضربت نقود باسم (المهدي) في أرمينيا ١٥٣هـ وباسم المأمون ١٩٨هـ وضربت (المتوكل) باسم ابنه (المعتز بالله ٢٤١هـ)، ( المستعين بالله ) باسم إبنه في ٢٥٠هـ

(المقتدر بالله ٢٩٥- ٣٠٠هـ) ، (القاهر بالله الذي ضرب نقود باسم إبنه أبو القاسم عبد العزيز) على الدراهم الفضية٠

(الراضي بالله ضرب نقد فضي باسم ابنه أبو الفضل عبدالله ٣٢٩هـ)

(المتقي لله ضرب نقدا باسمه واسم إبنه أبو منصور ٣٣٠هـ)

(الخليفة المستكفي ضرب نقدا فضيا باسم ابنه أبو الحسن إبن أمير المؤمنين في ٣٣٤هـ)

بعد ضعف الدولة العباسية أمر الخلفاء العباسيين بضرب أسماءهم وأسماء وزراءهم على النقود الفضية والذهبية٠ كل هذه النقود الاميرية كانت متداولة ومنتشرة في أنحاء العراق بما فيها الموصل عمادية ومناطق كردستان٠

١٠- ظهرت النقود المغربية في شمال آفريقيا باسم (بلبون – دورو- صنبلون) من الذهب

ثم نقود (حفص – الموحدي – المديني – زناي– سعدي – علوي – شاكرية) عليها كلمة الشهادة (محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله) وعلى الوجه الآخر ( محمد رسول الله واسم الأمير) وعلى الحلقة الطرفية في الحافة بسم الله ضرب هذا الدينار سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة) هذه النقود لم تصل العراق الا قليلا٠

١١- النقود الرومانية لقد كانت كثيرة ومتنوعة وعليها صور القياصرة مصنوعة من (الذهب والفضة والبرنج)ُ وأطرافها محززة٠ كانت للتداول بين الناس في الامارة من لقي وخزائن مدفونة في التربة في أماكن كثيرة ٠ فالنقود الفضية كانت تصرف بالمقارنة مع الدراهم المتداولة سواء العثمانية وغير العثمانية٠ والذهبية حسب الوزن ٠ أمثلة على هذه النقود

قطعة نقدية حولها العبارة ( vespainanus) للقيصر في ٧٠-٦٠ق٠م على الوجه الأول (رأس ورقبة حولها قيطان) وعلى الوجه الاخر( شخص قائم وبيده صولجان)

قطعة نقدية عليها عبارة ( titus caesus ) صورة رجل (الملك) على وجه و الوجه الآخر يحمل صورة رجل جالس على كرسي بيده عصا٠

قطعة نقدية بعبارة Augustus)) على الوجه الأول رأس الملك والوجه الثاني رجل يحمل كرة ٠ هذه النقود كانت متداولة في الدولة العثمانية، بادينان والامارات الكردية عامة في التجارة والأسواق٠

دينار البندقية (سبيگن) الذي ورد الى الدولة العثمانية والى بادينان ولكن ليس بغزارة وكانت قيمته ٢،٢ دولارا

وكانت تسمى:

(الدوقات النمساوية والذهب البندقي) وهذه العملات الاوربية تستعمل كجزية وضريبة تدفع للسلطان العثماني٠

 

١٢- وفي مصر ظهرت نقود المماليك بعد أن تحولت الخلافة العباسية الى القاهرة، ظهرت نقود المماليك مع بقاء اسم الخليفة العباسي على نقودهم مع اسم ملك المماليك والآية ( لا اله الا الله محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ) او ( الله وما النصر الا من عند الله لا اله الا الله محمد رسول الله أرسله بالهدى ودين الحق) ولكنها لم تنتشر تجاريا ٠

وضربت نقود المماليك في مصر زمن السلطان (قلاوون) أيضا بوزن الدرهم عليه اسم السلطان الكامل (محمد بن قلاوون في مربع على وجه العملة، وفي الطرف الثاني (لا اله الا الله محمد رسول الله)

وكذلك زمن إبنه السلطان (حسن ٧٥٩هـ) ضربت نقود سميت  (جدد) وسميت في كردستان وبادينان (جرت = جرد) حيث وصلت مع القوافل لتلافي المصاريف اليومية المحدودة توارثت هذه الأسماء من الاجداد٠

١٣- ضرب (الأمير نوروز) نقودا (نوروزية) في الشام ٨١٥هـ – ١٣١٢م

ضرب (مؤيد شيخ) نقود (المؤيدية) بعد مقتل الأمير نوروز ٨١٨هـ – ١٤٢٢م وصلت هذه النقود للعراق ولكن بكمية قليلة نظرا لقصر حكم (الأمير نوروز)

١٤- ضرب (الانگليز) دراهم الفضة في ١٢٦٠م

ضربت في إيطاليا أيضا في ١٢٥٢م

ضربت الدراهم الفضية أيضا في الامارة البحرية القوية (البندقية) عليها صورة أحد القديسين

وضربت في فرنسا ١٢٦٠م  كانت هذه الدراهم الفضية قليلة الوصول الى الشرق وبلادنا ٠

 

أسطر عن رؤية المؤلف وتطورالعملة

بلور المؤلف رؤيته حول إحدى الجوانب الحضارية الاجتماعية للإنسان ودور منطقة كردستان، بادينان، وعمادية،  التجاري، في تلك الحقب قبل تأسيس الامارة الكردية وأثناء حكم الامارة وعائديتها ٠موضحا عملات الدول التي تعاقبت في المنطقة٠ حيث ظهرت النقود تباعا لدى الدول ووصلت الى الشرق الأوسط دولها دويلاتها وإماراتها بما فيها مناطق كردستان، بادينان، والعمادية التي تميزت آنذاك بالنشاط التجاري كونها حلقة وصل للقوافل التجارية٠ظهرت نقود مختلفة وصلت للشرق الأوسط ٠

تم سك النقود لأول مرة في التأريخ البشري (٦٠٠ ق.م) كخطوة أولى خطها (الليدييون) في سك النقود٠ ساهمت هذه العملة في زيادة تجارة البلاد الخارجية والداخلية، مما جعلها أغنى إمبراطورية في آسيا الصغرى٠ثم راودت فكرة العملة الورقية من قبل التجار المتنقلين حاملين معهم نقودهم (الذهبية والفضية) مما زاد عرضها للسرقة والضياع فتم التعويض عنها بوثائق خطية تثبت مقدار ملكيتهم، ثم ظهرت العملة الورقية بدلا من (الذهب والفضة) التي تم العثور عليها (٨٥٣هـ – ١٤٥٠م) في الصين في عهد (هـونغ) توجد الآن نسخة في المتحف البريطاني تعود لعهد (جنكيزخان) ٦١٥هـ – ١٢١٩م المصنوعة من أوراق التوت ذات الالياف الطويلة، التي ظهرت باسم (دناكش) من قبل السلطان المغولي (كيخا توخان) في ٦٨٢هـ – ١٢٨٣م٠ ووصلت فكرة العملة الورقية الى أوربا من الصين بعد أن زارها المستكشف الإيطالي (ماركو- بولو) ويعتبر مصرف ستوكهولم بالسويد أول مصرف للعملة الورقية لكن لم يكتب له النجاح ٠ وبعد استقلال أمريكا عن بريطانيا ١٧٧٦م بدأ المصرف الأمريكي بإصدار عملته الشهيرة (الدولار)٠

ولا تخفى علينا أن المقايضة والتبادل بالسلع التي تصدرت ظهور العملة ٠ وردت أسماء الوحدات الوزنية والمكاييل مبكرا في التأريخ في (بنود حمورابي) في الربع الاول من الالف الثاني قبل الميلاد٠

ظهرت نقود مدفونة في أماكن كثيرة مثل (الموصل، سنجار، تلعفر، العمادية زاخو، عقرة) خلال الأربعين سنة الأخيرة من هذا القرن، فضلا عن نقود قديمة في أواني فخارية في قلعة (شحوبي) قرب (عين بلاف) = (کانی بەڵاڤ) في جبل متین بمنطقة عمادية أخفيت من قبل الأهالي أثناء الترحال أثر الظروف السياسية والعمليات العسكرية٠