التنمية السياسية والاقتصادية  –  د. ماجد احمد الزاملي  

 

هناك نقص في عملية البحث عن إيجاد إطار نظري محدد للتنمية السياسية، وذلك بسبب توجه الباحثين إلى خدمة مصالح حكومية وليس لأغراض علمية ومعرفية، لكن هذا لا يعني فشل عملية الدراسة لأن باحثي العالم الثالث قد تداركوا الخلل وبدأوا بدراسة هذا المجال من أجل ظهور مجتمعات جديدة في العالم الثالث معتمدة على طاقتها الخاصة وخصائصها المنفردة دون الرجوع إلى النظريات الغربية السياسية الخاصة بالديمقراطية. وترتكز التنمية السياسية على مجموعة من الأسس أهمها نشر ثقافة سياسية واعية مخطط لها من قبل الحكومة من خلال عملية التنشئة السياسية مع ضرورة مراعاة التقاليد السائدة عند بناء ثقافة جديدة لتحقيق المشاركة السياسية للجماهير. وتحقيق المساواة في الحقوق والواجبات بين جميع المواطنين بغض النظر عن انتماءاتهم، أي تحقيق الديمقراطية. وعدم النظر إلى الدولة من زاوية المصالح الشخصية ومدى قدرة الأفراد على الاستفادة منها، من دون أن يقوم الفرد بتحمل مسؤولياته الكاملة اتجاه دولته. إطلاق الحريات بين جميع فئات المجتمع الواحد بعيدا عن الخوف والإرهاب الفكري، وتحقيق الاتصال بين الجماهير. وجود تعددية سياسية وفكرية ضمن الثوابت القائمة عليها، أي مجتمع من دون إدعاء طرف امتلاكه الحقيقة أو حماية المصلحة الوطنية على حساب طرف آخر. قيام أحزاب وطنية قوية، لديها القدرة على العمل في بيئة ملائمة ، ومشاركة المواطنين في صنع القرارات ديمقراطيا من خلال المؤسسات الدستورية. تفعيل دور المجتمع المدني بإنشاء مجموعة من المنظمات النقابية وحقوق الإنسان وغيرها. ولتحقيق التنمية السياسية يتطلب مراعاة الحريات الفردية والعامة، واحترام حقوق الإنسان والمحافظة عليها عن طريق سن قوانين تنظيمية عادلة على كل الأصعدة. وأن تكون هناك قنوات اتصال بين النظام أو النخبة الحاكمة والشعب لكي تكون الرسائل بينهما.

وعملية التنمية السياسية بوجه عام تخلق الظروف والشروط الملائمة للتطور الديمقراطي، فالتنمية السياسية تهدف في النهاية إلى بناء النظام السياسي، وإجراء عمليات التحديث عليه ليصبح نظاماً عصرياً ومتطوراً وديمقراطيا، فالتنمية السياسية بذلك تفترض التخلص من بقايا السلطات التقليدية بخصائصها التي لم تعد تناسب البناء الجديد، وهذه الحالة تتطلب وجود عملية مواجهة مستمرة مع البقايا الراسخة التي ما تزال تؤثر سلبا في اتجاهات الأفراد والمجتمع. إن إتاحة الفرصة لجميع سكان الدولة للمشاركة الشعبية باتخاذ القرارات وإدارة شؤون البلاد، سواءً بشكل مباشر أو عن طريق ممثلين عنهم، أي بمعنى الإسهام في الحياة العامة، يولد الأمن والاستقرار السياسي داخل البلاد، لان المشاركة السياسية هي إحدى الشروط الأساسية للقدرة على رص الصفوف لتحقيق الوحدة الوطنية، وكذلك تحقيق أهدف التنمية السياسية. التداول السلمي على السلطة، هو عدم جعل الحكم في قبضة شخص واحد، أي التعاقب الدوري للحكام في ظل انتخابات حرة، وبذلك سوف يمارس هؤلاء الحكام المنتخبون اختصاصاتهم الدستورية لفترات محددة سلفاً، وبهذا سوف لا يتغير اسم الدولة ولا يتبدل دستورها ولا شخصيتها الاعتبارية بتغيير الحكام والأحزاب الحاكمة، وبهذا فإن السلطة هي اختصاص تتم ممارسته من قبل الحاكم بتخويل من الناخبين وفق أحكام الدستور، أي إن السلطة ليس حكرا على أحد، وإنما يتم تداول السلطة وفقاً لأحكام الدستور الذي يعتبر السلطة التي لا تعلوه سلطة أخرى. إن التعددية السياسية تعتبر أحد الشروط الأساسية لتحقيق الديمقراطية ومظهر من مظاهرها الأساسية وعنصر من عناصر وجود الديمقراطية، ولكن لا يغيب عن البال إن تحقيقها هو أمر سهل، لذلك لا يمكن تحقيق الديمقراطية، بين عشيةً وضحاها “فإرساء نظام ديمقراطي معناه إقامة بنيان متكامل يشمل مكونات عديدة مثل الضمانات المتعلقة بصيانة حقوق الإنسان بما في ذلك حرية التعبير العلني، وتكوين الجمعيات والانضمام إليها وسيادة القانون، وإجراء انتخابات حرة نزيهة يتنافس فيها الجميع على فترات دورية، ووجود نظام متعدد الأحزاب يسمح بتداول السلطة بصورة رسمية ومنظمة، وفوق ذلك ضرورة وجود نظام للضبط والمراقبة يجعل المنتخبين للمناصب العامة، مسؤولين مسؤولية كاملة أمام الناخبين” (1) . لذلك فأن مبدأ إقرار التعددية السياسية لا يعني تحقيق الديمقراطية، فالديمقراطية تعني قبل كل شيء منع احتكار السلطة والثروة من قبل فئة أو جهة واحدة أو طائفة اجتماعية معينة، أو بدون التداول السلمي للسلطة، وتوزيع الثروة بين الجميع وفقاً إلى مبدأ تكافؤ الفرص والاستحقاق والجدارة، وبدون ذلك فمن الصعب الإدعاء بتحقيق الديمقراطية.

وفي أعقاب الحرب العالمية الثانية تزايد الاهتمام بدراسة أوضاع الدول حديثة الاستقلال، حيث كانت تعيش في حالة من التخلف . واعتبر علماء الاجتماع والسياسة الغربيين أن المجتمع الصناعي في الدول الغربية المتقدمة يشكل نموذجا يحتذى به .وتم النظر إلى عملية التحديث على أنها عملية انتقال نحو الأنماط والنظم الاجتماعية والسياسية التي تطورت في أمريكا وأوروبا الغربية، ثم انتقلت إلى بقية القارات . حيث أن عملية التحديث تطال في تأثيرها مختلف جوانب المجتمع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. والتحديث في علم اجتماع التنمية يعني حسب اغلب المنظرين لهذا العلم نقل للنموذج الغربي ,واعتبار الديمقراطية بمفهومها الواسع، خاصية رئيسية للمجتمع الحديث في المجال السياسي. أن التنمية السياسية من المواضيع الحديثة التي إستنبطها العلم السياسي في أعقاب الحرب العالمية الثانية؛ ودخل في الإستخدام الأكاديمي – إذا جاز التعبير – وخاصة في مراكز الأبحاث والدراسات السياسية التطبيقية، حيث وظف مفهوم التنمية السياسية من قبل الجامعات الاوروبية والامريكية تحت شعارات التطوير والتحديث السياسي وتم إجراء العديد من الدراسات بهذا القصد تحت إطار المشاريع التنموية والتحديثية، من أجل إستمرار تحقيق مصالحهم الإقتصادية والإستراتيجية ودفع الأنظمة السياسية للإقتراب الشكلي من النموذج الغربي؛ لأنه على حد زعمهم يشكل النموذج الذي يحتذى به في العالم، والقائم أصلا على الديمقراطية والليبرالية السياسية القائمة على التعددية السياسية، وحرية الفكر وإنتقال السلطة عبر صناديق الإقتراع ونظام البرلمان . إن التنمية الإقتصادية والإجتماعية هي في الغالب عملية غير متوازنة. فبعض المناطق وبعض الطبقات الإجتماعية والجماعات الأثنية أو الدينية/ أو المذهبية تكون مهيّأة أكثر من غيرها لاستثمار العملية التنموية والإفادة منها، وهي بالتالي أكثر إلحاحاً على المشاركة السياسية، إمّا لكونها قد سبقت غيرها في ميدان التعليم والنمو الإقتصادي والخدمات الإجتماعية فتكونت لديها الحاجة واما عندها التطلّع وتهيأت لاستثمار الفرص المتاحة أمامها نحو المشاركة السياسية، وإما بسبب عكسي تماماً، أي أنها قد تكون أكثر حرماناً وأكثر التصاقاً بهويّاتها الخاصة (مناطقية أو قبلية أو طائفية) وتجد في موضوعة التنمية السياسية مخرجاً لها من وضعها الثانوي، ومعاملتها الدونيّة، وهي بالتالي تصرّ في المطالبة من أجل رفع مستواها الى مستوى الجماعات والمناطق الأ وفي المجال السياسي أيضا هناك من يرى أن عملية التحديث السياسي هي التحولات والتغييرات السياسية التي حدثت في أوروبا وبقية أنحاء العالم منذ النهضة الأوروبية. وهذه التغييرات يشار لها كخصائص لعملية التحديث السياسي، وتشمل: تحقيق مزيد من المساواة وإعطاء فرص للمشاركة في صنع السياسة، وقدرة النظام السياسي على صياغة وتنفيذ السياسات، والتنوع والتخصص في الوظائف السياسية، وعلمانية العملية السياسية وفصلها عن الدين. تم معالجة ودراسة التنمية السياسية من الدارسين الغربيين في بدايات الاهتمام بالموضوع على أنها عملية نقل للنموذج الغربي في بناء المؤسسات والأنظمة السياسية، والتخلص من الانظمة والقيم التقليدية التي تعيق تطور المجتمع بشكل عام. وكانت النظرة إلى التنمية التي حدثت في الغرب، على أنها عملية ذات صفة عالمية يصلح تطبيقها أو نقلها إلى كل دول العالم الثالث. وكان التركيز والاهتمام في دراسات التنمية السياسية الأولى منصب أكثر على التعرف على الخصائص التي تميز المجتمعات المتقدمة وتطورها عن الخصائص التي تميز المجتمعات المتخلفة. كما جرى التركيز على المراحل التي تمر بها المجتمعات نحو التطور، والقوى والعوامل التي تعجل من عملية التنمية . كما اعتبرت عملية التنمية والتحديث بأنها تمر بمراحل متعاقبة باتجاه واحد صاعد، وأن كل المجتمعات البشرية لا بد أن تسير في هذا الاتجاه الذي مرت به الدول الغربية. رغم الصعوبات التي واجهت الباحثين في مجال التنمية السياسية في تحديد مفهوم محدد وواضح، إلا أنهم حاولوا وضع بعض التعاريف التي قد تؤدي إلى تقريب الرؤى حول هذا المفهوم. وآليات التنمية السياسية هناك مجموعة من الآليات التي لابد من توفرها لضمان نجاح عملية التنمية في مجتمع معين وخاصة في دول العالم الثالث ومن أهمها, المعايير الاجتماعية عن طريق مختلف مؤسسات المجتمع، بما يساعده على التفاعل معه. ومنه فإن التنشئة السياسية تهتم بشخصية الفرد وتطويرها وصياغتها وفق نموذج معياري مسبق لتعميق القيم والتوجهات السياسية الشائعة المستقرة في المجتمع، كما تسعى إلى تنمية مدركات الفرد وتعزيز قدراته السياسية بحيث يستطيع التعبير عن ذاته من خلال سلوكات ينتهجها في الحياة السياسية خاصة إذا كان النظام السياسي غير عقلاني وغير رشيد ومنه إمكانية خلق مجتمع مدني منظم قادر على القيام بدوره الفعال. ألانظمة السياسية التي تتمتع بنوع كاف من الاستقرار السياسي، هي تلك الأنظمة التي تمكنت من بناء آليات ومؤسسات تتيح أكبر قدر ممكن من الحراك الاجتماعي وتداول القوة الاقتصادية والسياسية بين أفراد المجتمع، لذلك فإن الديمقراطية التي ينادي بها أي نظام سياسي لا تقاس من خلال عدد الأحزاب التي أجيز لها أن تمارس العمل السياسي، وإنما من خلال التداول السلمي والفعلي للسلطة بين الجميع، وعبر الطبقات الاجتماعية المختلفة، مما يترتب على ذلك من آثار على المستوى الواقعي بحيث تتاح المشاركة الشعبية، وتكافؤ الفرص لكافة إفراد المجتمع دون تمييز. وإذا كان ينظر الى التنمية بمفهومها العام على أنها عملية شاملة ذات مضامين اقتصادية واجتماعية وسياسية، أي انها عملية لا تقبل التجزئة ، وأن أي تحوّل في أحدها يقود دون مناص الى تحوّل وتغيير في البقية، وهذا ما استقرّ على تعريفه معظم الباحثين. لكن التنمية السياسية كنشاط يقوم به المواطن العادي من أجل التأثير في صناعة القرار الحكومي، ظلت الغائب الأكبر لدى صانع القرار، ولدى الباحثين والكتاب، الأمر الذي أدى الى التشكيك في حتمية (شمولية) التنمية، بالنسبة لبعض الدول، خاصة الريعية منها، أي تلك الدول التي تعتمد على مصادر دخل غير (الضرائب) وتقوم بصرفها على التنمية.

وعملية بناء الإنسان عملية شاقة جداً وتتطلب العديد من الجهود، ولا يمكن الاستفادة القصوى من الطاقات البشرية في الوطن العربي، إلا من خلال بناء الإنسان عن طريق، التعليم وتطويره، وهذا يتضمن محاربة الأمية والقضاء عليها، وتطوير ملكات النقد والتعبير والإبداع، إضافة إلى ذلك يحتاج بناء الإنسان إلى رفع المستوى الصحي، توفير الغذاء الكامل، تأمين الوقاية والعلاج من الأمراض، أي بصورة إجمالية تأمين الحاجات الإنسانية الضرورية التي تحفظ كرامة الإنسان. إن المواطن حينما يكون مشاركاً في القرار، سواء من خلال الرأي أو مؤسسات المجتمع المدني كالمؤسسات التمثيلية أو السياسية، يتحمل تبعات القرار، أما حينما يُحرم من المشاركة ويعيش حالة فقر سياسي فإنه يعيش حالة غُرْبة قد يوفر بيئة ملائمة لخطفه من فئات قد تستثمره لتحقيق أجندتها الخاصة التي قد تكون ضد الصالح العام. لا شك أن الفقر سبب، والبطالة سبب آخر.إن مفهوم الأزمة السياسية يرتبط بالعلاقة بين المدخلات والمخرجات في إطار (النسق) أي النظام وتكون الأزمة عندما يحدث خلل في هذه العملية، وبمعنى آخر تحدث الأزمة إذا ما تغير بناء المطالب والمدخلات بشكل يفوق الموارد المتاحة أو بسرعة اكبر مما هو متوقع ولا تستطيع مؤسسات التمويل مواجهته أو التكيف معه. وكذلك غياب الديمقراطية كأسلوب عمل وقيمة سياسية عليا تضع محددات على القرار السياسي والاقتصادي والاجتماعي، وتعمل على إرساء الحكم الديمقراطي، وتشرك الأغلبية البرلمانية في تداول السلطة، وتفتح قنوات للحوار والتفاوض وتبادل الرأي باتجاهين بين النخبة الحاكمة والشعب وبالعكس، وتمنع الانغلاق السياسي على اسر محددة في تولي المناصب العامة في مؤسسات الدولة، وكذلك رفض الدولة القبول بتمثيل الشرائح الاجتماعية والثقافية والسياسية والتعامل معها وإشراكها في عملية صنع القرار وعدم الانفراد به.

أن مجتمعات دول العالم الثالث تتميز ببعض الخصائص؛ حيث التطور الداخلي فيها لم يجري بشكل طبيعي نتيجة السيطرة الاستعمارية؛ كما أن هناك عناصر متداخلة ومتناقضة ومتجاورة مع عناصر أخرى؛ ووجود أشكال وأنماط متنوعة للإنتاج والطبقات والشرائح الاجتماعية؛ مع تعدد القيم وتناقضها وتداخلها؛ وتعدد الايديولوجيا وعدم وضوحها وتحددها؛ وعدم استقرار البناء الاجتماعي والسياسي؛ والنزعة العسكرية والسلطوية القمعية؛ ووجود مظاهر الانشقاق وتعدد التناقضات والخلافات في البناء الاجتماعي.

كذلك تداخل مفهوم التنمية السياسية مع مفاهيم أخرى كالتحديث السياسي والتغير السياسي، فالأول يعني عملية تجديد تمكن النظم السياسية من مسايرة التغير الاجتماعي والاقتصادي السريع من خلال تبنيها لثقافة سياسية ذات طابع عقلاني ونابعة من بيئة غير محليّة أي خارجية كالدول الغربية، أما الثاني وهو “التغير السياسي” يعني الإنتقال البطئ من التوازن الموجود، وهذا التحول يحدث في كل أجهزة الدولة السياسية والذي يصاحبه تغيرات اجتماعية مماثلة في مؤسسات المجتمع والثقافة السائدة، أما التنمية السياسية، فهي عملية مقصودة وتعد خروج عن التوازن الموجود في كل المجالات وتنطلق من فكر جديد تتميز بالعقلانية في التخطيط وهدفها الوصول إلى أفضل مستوى على المدى البعيد. وبالتالي فالتنمية تتضمن وتحتوي على التحديث لأنها شاملة.

أن تباين السياسات الاقتصادية في الدول العربية صاحبه اختلاف في البناء المؤسسي الاقتصادي لهذه الدول، إعادة تقسيم المجتمع إلى طبقتين، أغنياء وفقراء.

شهد الربع الأخير من القرن المنصرم اتجاهات لتفكك الدولة القومية وإعادة دمجها بالاقتصادات الرأسمالية، إلا أنه يصعب الاندماج من دون إزالة وتغييب الهوية القومية ومكوناتها. وقد بدأت هذه التحولات من منطلقات اقتصادية، وفقا لتوجهات برامج المؤسسات الدولية البنك والصندوق الدوليان إلاأنها واجهت صعوبة لاختلاف أنماطها السوقية والبني الاقتصادية للنظام الدولي الجديد. فاستقرار الدولة والمجتمع الوطني رهن برسوخ مؤسسات ذلك المجتمع وخصوصا الاقتصادي منها , وثقافة هذا المجتمع الحديثة في الحياة الوطنية , و رسوخ لمؤسساته في ظل أنظمة سياسية لا تملك اقتصادا قويا ومتوسعا يشعر فيه الأفراد بالطمأنينة والأمن والاستقرار , فلا تساورهم المخاوف والشكوك من قدرة حكوماتهم على تحقيق أمالهم وتطلعاتهم المستقبلية , وخصوصا من الناحية الاقتصادية.

ان الولاءات والانتماءات القبلية هي التي تجعل النسق السياسي في الوطن العربي نسقًا انقساميًا، وإن كانت هذه الانقسامية تقوى وتضعف أمام قوة الانتماء الفكري والسياسي أو ضعفه، ووجود عصبيات أقوى وأكثر فاعلية من عصبية قربى الدم. أن الأنظمة السياسية العربية في أغلبها إما قائمة على أساس الحزب الواحد، أو العائلة الواحدة، او أبناء جهة واحدة. ومن هؤلاء وهؤلاء تتكون الأجهزة القيادية والرئاسية. وعلى رأس هذه الأجهزة مجموعة من الأشخاص يرتبطون بتلك الانظمة السياسية بصلات قربى كثيرة.

——————-

1-د.عبد السلام إبراهيم بغدادي، الوحدة الوطنية ومشكلة الأقليات في أفريقيا، بيروت مركز دراسات الوحدة العربية، 1993، ص291