البدرخانيون والصدارة الإعلامية – خديجة مسعود كتاني

 

نهنيء شعبنا، وكل أوساط الصحافة الكردية بحلول يوم ٢٢ نيسان (يوم الصحافة الكردية) في ذكراها الـ ( ١٢٦). لطالما كانت الصحافة الكردية حاضرة سواء الكتابية أو الشفوية٠ ولكن على صعيد العمل الصحفي تبقى (صحيفة كوردستان) هي الصحيفة الأولى وبداية تأريخ الصحافة الكوردية التي رأت النور بعد أن هاجرت العائلة (البدرخانية) الذائعة الصيت الى القاهرة٠ ليكون (مقداد مدحت بدرخان) عم جلادت وكامران عالي بدرخان وبقية الاخوة من طبع أول صحيفة كوردية بتأريخ (١٨٩٨- ١٩٠٢) بإسم (كوردستان)٠

تصدرت هذه العائلة العريقة  في تأسيس أول جمعية وعدد من المنظمات السياسية الكردية في (إسطنبول) فترك ذلك العهد أثرا لامعًا في نهضة و تبلور (الادب الكوردي). تميزت مدرسة الشام التي أسسها الأمير جلادت بدرخان بِدورها الريادي في نشر العلم والمعرفة، وازدهرت بفضل جهوده في:

  • توفير بيئة تعليمية ثرية:حرص الأمير جلادت بدرخان على توفير بيئة تعليمية غنية بالموارد، شملت مكتبة ضخمة تضم الكتب والمجلات العلمية والأدبية، مما وفّر للطلاب فرصةً واسعةً للتعلم والاطلاع.
  • جذب نخبة من المدرسين:سعى الأمير جلادت بدرخان لجذب نخبة من المدرسين الأكفاء من مختلف المجالات، شمل ذلك علماء دين ومفكرين ومؤرخين، مما ساهم في تنوع المعارف والخبرات التي قدّمها طلاب المدرسة.
  • الاهتمام باللغة الكردية:أولى الأمير جلادت بدرخان اهتمامًا خاصًا باللغة الكوردية، حيث اعتبرها عنصرًا هامًا من الهوية الكوردية، فعمل على تدريسها وتطويرها، كما شجّع على استخدامها في الكتابة والتأليف.

نتيجة لهذه العوامل، برزت مدرسة الشام كمركز ثقافي هام جذب العديد من العلماء والمستشرقين الفرنسيين، الذين توافدوا لدراسة اللغة والتراث الكرديين. ومن أبرز العلماء والمستشرقين الذين تأثروا بمدرسة الشام Tomas Bois  الاب،   ,Roger Lescot  Pierre Rondot وإكتسبت العلاقات خلال تلك السنين طابعاً استمرارياً، أضافة الى قيام الأمير جلادت بدرخان المنفتح على الثقافة الأوروبية بإعداد (الف باء) اللغة الكوردية مستندا على الحروف اللاتينية التي تلائم القراءة والكتابة الكوردية.

أما الأمير كاميران بدرخان الذي كان يدرس اللغة والادب الكورديين منذ ١٩٤٧حتى ١٩٧٠في المدرسة الدولية للغات الشرقية الحية L’Ecole National des Largue Orientalis ٠ وغداة الحرب العالمية الثانية سافر الى باريس للقيام بعمل يتمكن خلاله كسب الرأي العام الدولي، بما فيها الدول الاوربية الكبرى، عن طريق تدريس اللغة الكردية في المدرسة الدولية للغات الشرقية الحية بعد تأسيسه (مركز الدراسات الكردية Centre d’Etudes Kurdes) إضافة الى نشره مجلة إعلامية بشأن كفاح الكورد ٠

ولعل الدور المهم الذي لعبه وحدات هذه الاسرة العريقة في تأريخ الكورد،  خدماتها الجليلة التي قدمها الى التراث الكوردي المدون واللغة الكوردية لو دققنا النظر فيما قدمه كل من جلادت بدرخان، كامران بدرخان، وأخاهما ثريا بدرخان، وأعمامهم مقداد مدحت، عبدالرحمن، م٠صالح بدرخان من الاسرة ذاتها في نشر الصحف، (كوردستان، أميد، هاوار، روناهي، روژا نوی، ستێر) مما يعزز فهمنا لدورهم المهم في هذه الخدمة التراثية والحضارية الكوردية.

هل الصحافة سلاح ذو حدين؟

نعم (الدقة والصدق) وجهان لعملة واحدة في مجال الصحافة ذلك المجال الحساس. الصحافة كما نعلم هي (السلطة الرابعة) بعد السلطة التشريعية، التنفيذية، والقضائية٠ فهي لسان الرأي العام، والضوء الذي يسقط على المعلومات الدقيقة المبنية على الصدق والواقعية والسرعة، وهو المؤثر الذي يحلق الى الجهات العليا والرأي العام لإيصال الحقيقة كما هي٠

الصحافة تلعب أدوار بارزة في ملعب الحياة لتأتي بنتائج إيجابية، إذا صح إستعمالها وقد تأتي بنتائج سلبية إذا أسيء استعمالها أي تصيب أو تخيب وفق التعامل معها٠ولا تنتعش الصحافة الا في أجواء الحرية، لانها لو خضعت للقيود ستفقد أحد أهم مقوماتها أو أسلحتها وأصبحت سلاحا ذو حد واحد٠ لذا لابد أعطاء الصحافة حقها المشروع في التعبير عن الواقع أي كما عرفت في عصر أجدادنا وإلا تكون لها نتائج عكسية٠

فلها دور مهم في الحرب الباردة والحروب النفسية للنيل من معنويات الخصم في الحروب عامة، وتعد من أفضل الوسائل لتحقيق النتائج المرجوة. قد تتحقق أهداف مهمة من خلال الكلام المقنع والأساليب التشجيعية تؤدي الى الاستسلام ووضع السلاح جانبا٠ والعكس صحيح في حالة زيادة الحماس والإصرار والعزيمة لمواصلة المسار٠ اليوم أصبحت الصحافة أكثر تطورا وإنتشارا في العصر المعرفي وسائل التواصل الاجتماعي. حيث تصدرالصحافة  يوميا دقائق الأمور، ذلك النشاط الملفت التي إكتسبتها اليوم أثر التطور الحضاري٠ الصحافة الدقيقة لاتقبل المجاملة في إظهار ما هو (إيجابي أو سلبي) وهذا من مميزاتها وطابعها الاستراتيجي الحقيقي ٠  دور الصحافة يكمن في نشر العمل الجميل الذي يقابله الاعجاب والثناء، والعمل الضعيف وكيفية تصحيحه بطريقة تتناسب مع أخلاقيات الصحافة من خلال النقد البناء ووضع اليد على الأخطاء وكيفية علاجها ، إنه فضاء الابداع لإيصال الحقيقة بإخلاص غير متناهي٠

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *