نقلت صحيفة “العرب” اللندنية عن مصادر مطلعة في بغداد قولها في تصريحات صحفية، اليوم الاثنين، 21 أيار 2018، إن “لقاء الصدر بالعبادي، أوضح جزءا واسعا من ملامح الكتلة البرلمانية الأكبر، بغض النظر عن اسم المرشح لمنصب رئيس الوزراء في الحكومة القادمة”، وذلك في إشارة إلى الاجتماع الذي جرى بين العبادي والصدر في بغداد بالتوازي مع لقاء في أربيل جمع زعيم الحزب الديمقراطي الكردستاني مسعود بارزاني، مع زعيم القائمة الوطنية إياد علاوي.
وأفادت المصادر بان هذين المسارين يكادان يلتقيان، مشيرة إلى أن “الأيام القليلة القادمة ستشهد طرح فكرة تحالف رباعي بين الصدر والعبادي وبارزاني وعلاوي، ولا تستبعد هذه المصادر عقد لقاءات بين هذه الزعامات في أربيل أو النجف قريبا، حيث يدعم الزعماء الأربعة قوائم انتخابية تضم ممثلين عن جميع ألوان الطيف العراقي، سواء الأكثرية أو الأقليات، فيما يصف مراقبون هذا التحالف بأنه “خلطة مثالية للتمثيل النسبي لجميع مكونات الشعب العراقي”.
واعتبر مراقبون أن “مسعود بارزاني استعاد جزءا من معنوياته بعد تحقيقه نتائج قوية في الانتخابات، بعد أن اختفى عمليا عن المشهد السياسي بعد الهزيمة العسكرية لقواته في كركوك ما بعد الاستفتاء في العام الماضي، وهذا التجدد في نشاط بارزاني المخضرم سيجعل من جهود الثنائي الصدر – العبادي أسهل لأن ثمة (حسابا) يصفيه الزعيم الكردي مع إيران والتابعين لها من الكرد.“
وأوضحت الصحيفة ان القادة الأربع يتحكمون رقميا، بنحو 150 مقعدا في البرلمان المكون من 329 نائبا، ما يعني حاجتهم إلى نحو 15 مقعدا فقط لضمان أغلبية “النصف + 1” اللازمة لتمرير الكابينة الوزارية الجديدة، وهو أمر في المتناول، نظرا لاستعداد العديد من النواب مغادرة قوائمهم للالتحاق بالائتلاف القادر على تشكيل الحكومة، كما درجت العادة.
من جانبه يرى مراقب سياسي عراقي ان “مرحلة عودة الوعي، التي عبر عنها الشعب العراقي، سواء من خلال مقاطعته للانتخابات أو رفضه الاقتراع للكثير من رموز المرحلة السابقة فإن مَن يلتحق بالخطاب الوطني المتوازن الذي تبنته كتلة سائرون، سيحظى لا بالقبول الشعبي فحسب بل وأيضا بدعم قوى إقليمية وعالمية عديدة صارت تعلن عن ميلها إلى تحجيم دور إيران في المنطقة ودفعها إلى تقديم تنازلات حرصا على سلامتها وسلامة شعبها، وهو ما يعني أن أي كتلة تتجه إلى الدخول تحت مظلة المالكي ــ العامري تعمل على حرق أوراقها بطريقة مجانية”.
وتوقع المراقب أن “يفضل العبادي وعلاوي وبارزاني تحالف المضطرين مع الصدر على تحالف مع المالكي والعامري يكونون فيه مجرد أدوات في صراع إيران الانتحاري مع العالم”.
لكنه وبحسب الصحيفة فان بعض المراقبين يحذرون من الإفراط في التفاؤل في ما يتعلق بـ”مسار تشكيل الكتلة الأكبر”، لا سيما مع حصول قوائم قريبة من إيران على أرقام برلمانية وازنة، قد تمكنها من قلب الطاولة على خصومها في أي لحظة.
ونقلت الصحيفة عن مصادر أخرى، قولها إن “وسطاء تدخلوا لترتيب لقاء بين العبادي والصدر، ووفقا لهذه المصادر، فقد اختار الوسطاء منزلا لأحد أتباع الصدر في بغداد ليحتضن اللقاء، وهذا ما حدث فعلا، حيث كسر هذا اللقاء موجة من التوقعات تتحدث عن تراجع حظوظ العبادي في ولاية ثانية بعد إعلان نتائج الانتخابات وحلوله ثالثا بعد الصدر وهادي العامري المدعوم من إيران”.
وقال سياسي عراقي مطلع على كواليس المفاوضات داخل البيت السياسي الشيعي إن “الصدر قد يدعم فكرة بقاء العبادي في منصبه لولاية ثانية، في حال تعهد بقطع صلته بحزب الدعوة، ومحاربة الفاسدين، وفي مقدمتهم رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، فضلا عن وضع مسافة فاصلة بين إيران والقرار السياسي العراقي”.
فيما أشار مراقب سياسي إلى ان قيام العبادي بالتضحية بالنتائج الانتخابية الجيدة و الذهاب إلى التحالف مع محور المالكي ــ العامري يعد “انتحارا سياسيا” لا يتناسب مع تشبث رئيس الوزراء بولاية ثانية، فلطالما وجه العبادي في ولايته الأولى انتقادات جريئة وشجاعة إلى الرجلين المقربين من إيران بالرغم من أنه لا يزال يدين بالولاء الحزبي لأحدهما كونه لا يزال عضوا في حزب الدعوة، وتلك العضوية هي ما يلقي به في دائرة الشك بالنسبة لدعاة التغيير الذين التفوا حول الصدر.
وكان رئيس الوزراء حيدر العبادي، وزعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، قد توصلا بعد عدة أيام من الأخذ والرد بشأن الزمان والمكان المناسبين، إلى حل وسط لتنظيم لقاء عاجل بينهما يحفظ لكل منهما شكله العام ولا يظهره في زي الساعي خلف الآخر، حيث التقيا في مكان محايد ببغداد فجر أمس الأحد، في ما بدا أنه خطوة مهمة على طريق التقارب بين قائمتي “سائرون” و”النصر”، نحو إعلان الكتلة البرلمانية الأكبر، التي يحق لها، وفق الدستور، تشكيل الحكومة الجديدة.
لكن من الذي سيُشكل الحكومة ؟ الصدر أم العبادي ؟ إذا إنضم البارتي والعلاوي إلى الصدر فذلك يعني أن الصدر ليس بحاجة إلى دعم العبادي ، إذن يتحتم على العبادي التنازل للصدر عن رئاسة الوزارة ، لقد إنخرط الكورد في التهلكة حتى آخر لحظة من حياتهم