التصدي للعمل السياسي, كما هو متعارف عليه, هو الوصول للحكم, وقليل منهم لديه فِكر بناء دوله, تعمل على خدمة الشعب, وذات مزايا تمكنهم, من توطيد العلاقات الخارجية, ناهيك عن العلاقات مع شعب مكونٍ, من مكونات عدة كما في بلدنا العراق.
بعد أن جرب العراق الحكم الملكي, وتنفس الصعداء بعد الاحتلالين, العثماني والبريطاني وتحوله للحكم الجمهوري, من قبل حركة الضباط, بدأ الصراع, بين قادة ذات أفكار متناقضة, أدت لانقلابات فمن سيطرة الحزب الشيوعي, إلى البعثي ثم القومي العربي, وصولاً لحكم حزب البعث, الذي سيطر عليه عصابة عائلية, بزعامة المجرم المتغطرس صدام وأخوته, وبعد حروب مع دول الجوار, حطم صدام بطغيانه, فقام بحربين أولهما مع ايران, والحرب الثانية دخوله الكويت, فقضى بعنجهيته على القوة العسكرية, التي كان يهابها كل من يريد, المساس بأمن العراق, ومن جراء ذلك فقد دخل العراق, بفترة حصار قضت على اقتصاده, وسحقت قيمة عملته, التي كان الدولار الأمريكي, قبل تلك الحروب, يساوي 330 فلسا عراقيا, ليكون كل 100 دولار تساوي, ما بين 250000 إلى 300000.
بعد انتظار دام 35 عام, حدثت العديد من الانتفاضات, ومحاولات الانقلابات العسكري والسياسي, إلا أن تلك الأعمال فشلت, وراح ضحيتها ملايين من الشهداء, ونظرا للسياسة الصدامية الدكتاتورية المتعجرفة, وتحوله لنظام طاغوتي مقيت, ولإضراره بأمن المنطقة بالكامل والمصالح الدولية, وتعنته بقراراته لتصديقه أنه, القوة الأكبر وطموحه أن يكون, البديل لشاه إيران ودول الخليج, فقد وقع في فخِ الشيطان الأكبر, فحصل الاحتلال ليتحول العراق للحكم الديموقراطي, بعد استفتاءٍ شعبي قامت به المرجعية العليا؛ يشارك بهذا النظام الجديد, كافة مكونات المجتمع العراقي.
كان اختيار الشعب العراقي مفاجأً للمحتل, لمعرفته أن المكون الأكبر, هو المسلمين الشيعة, وإن تمكنت من الحكم في العراق, متعاونة مع المكونات الأخرى, قد يُفقِدَ أمريكا مصالحها, فعمد لتحريك تنظيم القاعدة الإرهابي, لإضعاف المكون الشيعي, وإشغاله في النزاعات الداخلية الطائفية, عند سيطرة النظام الجديد على ذلك, وفشل في تحقيق مأربه الخبيث, عمد لمخطط آخر وهو, تفكيك المكون الشيعي, وحدث ما حدث من مقاومة شيعية باختراقها؛ دون يعلم قادتها لقلة خبرتهم السياسية, ساعياً لحرب بين المكون الأكبر, أملاً للقضاء عليه, ولكن ذلك فشل لحد كبير, فقد كُشَفت خيوط المؤامرة, التي كان لا يؤمن بها, عدَدٌ كبير من ساسة العراق.
ضعف الخدمات والبطالة, والتموضع الحزبي, والوعود الكاذبة وانتشار الفساد, ودخول بعض الانتهازيين في العملية السياسية, والسيطرة على مفاصل الحكومات المتعددة, خلق حالة من عدم الثقة, لدى المواطن العراقي, ما جعله ينسحب من المشاركة في الانتخابات؛ ليعطي المجال واسعاً للمتصيدين, أن ينقضوا على العملية السياسية, بعد تنشيط جهاتٍ مستحدثة, وتحشيد الشعب ومن يرى أنه, يمثل الأغلبية والقيام بتظاهرات, مع اختلاف بالرؤى المستقبلية, ومشاركة مندسين تسببوا, بإراقة دماء بريئة, كانت تتأمل تحقيق تلك الشعارات الزائفة, من قبيل الإصلاح وتحسين الوضع الاقتصادي, والقضاء على البطالة ومحاسبة الفاسدين, متناسين أو غير مدركين, أن الانتخابات ونتائجها أغلبية مكون, وليست أغلبية قائمة معينة, وحصولها على أغلبية عددية, ويجب أن تكون كل قائمة, أن تحصل على عدَدٍ, يؤهلها لتكوين حكومة, الأمر الذي لم يلقى نجاحا داخل البرلمان, فانسحب من العمل البرلماني, ليعمل على وتر الشارع.
واجب السياسي المتصدي, عليه مسؤولية ليمارس عمله الديموقراطي, فلا فرض لما يراه مفيداً له, بل السعي لما يحقق للشعب آماله, فليس السعي لاستلام السلطة هو الحكم فقط, بل تقديم ما يليق بالشعب الخارج من طور الدكتاتورية, الى نظام الحكم الشعبي, عن طريق ممثليه, فإن ترك حقه بالمشاركة, لا حق له بفرض إرادته, لمنع المواطن من المشاركة, وممارسة حقه بالانتخابات, ومن يفرض اليوم ما يريد, سيأتي يومٌ يُجبر على ترك ما أراد, وإن كانت القوة هي الحل, فهناك من يتمكن, من أن يحصل القوة بين ليلة وضحاها, والغرور لا يطيح بصاحبه, وحكم الدكتاتور صدام, أقرب مثالٍ على ذلك.
السياسي البار بشعبه, عليه المضي لتحقيق الخير, لا العمل على تفرقة أبناء الوطن الواحد؛ كأبٍ يعق أبناءه بالتفرقة بينهم, ويحاول السيطرة على بيته, بسياسة فرق تسد, وعلى ذلك السياسي أن يعلم, أن المتربصين للعراق, يحلمون بدفن كل حكم مصدره الشعب, ليعود الحكم دكتاتورياً, أنتن من الدكتاتوريات السابقة.