أُنجزت اليوم الدفعة الثانية من عملية تبادل الأسرى بين قوات سوريا الديمقراطية (قسد) والحكومة السورية وحلفائها ، حيث تم إطلاق سراح 469 أسيراً ، من بينهم 293 معتقلاً من عناصر “قسد” ووحدات حماية المرأة، و176 من عناصر الجيش السوري وفصائله الموالية .
وشهدت الأحياء الكردية في مدينة حلب شمالي سوريا تنفيذ العملية بحضور لجان أمنية وميدانية من الطرفين، وذلك بعد إتمام التحقق من هويات المفقودين وإعداد قوائم دقيقة للمعتقلين، وهو ما كان سبباً في تأجيل الدفعات السابقة حتى التأكد من صحة البيانات المتعلقة بالأسرى والمفقودين، حسب تصريحات المسؤول الإداري في قوى الأمن الداخلي (الأسايش) بحلب، قهرمان بكر .
وقال بكر، في مقابلة مع “نورث برس “، إن “التأخير في عمليات التبادل كان بسبب عدم الانتهاء من تحديد هوية بعض العناصر المفقودين، خصوصاً من وحدات حماية الشعب والمرأة، وبعد التوصل إلى اتفاقية شاملة وتسليم عناصر من وحدات حماية المرأة، تم التمهيد للدفعة الثانية التي تمت اليوم بنجاح “.
وأضاف أن “هناك لجاناً مستمرة في عملها للتوصل إلى معلومات حول المفقودين، بهدف تسهيل تنفيذ دفعات متتالية من عمليات التبادل في الفترة المقبلة “، مؤكداً أن هذا الملف يُعد من القضايا الإنسانية الحساسة التي تتطلب “تعاوناً جدياً بين الأطراف وشفافية عالية في التعامل مع المصير المجهول للكثير من المقاتلين والمدنيين من الطرفين “.
تبادل الأسرى.. خطوة نحو استقرار هش أم إعادة ترتيب العلاقات؟
تأتي هذه الخطوة ضمن إطار الاتفاق الأوسع الذي وقعه الرئيس السوري المؤقت أحمد الشرع وقائد “قسد” مظلوم عبدي في 10 مارس الماضي ، والذي نص على دمج المؤسسات العسكرية والمدنية في شمال شرق سوريا ضمن الدولة السورية، ومن ضمنها ملف المعتقلين والمقاتلين المفقودين من كلا الجانبين .
وكان قد تم في مارس الماضي تنفيذ الدفعة الأولى من التبادل التي شملت 146 أسيراً من “قسد” و97 عنصراً من القوات الحكومية ، لكن يبدو أن العملية الكاملة تحتاج إلى فترة زمنية أطول ، خصوصاً مع تعقيدات الملف الأمني والإنساني، فضلاً عن وجود مخاوف لدى بعض المكونات المحلية، مثل الدروز في السويداء، من أن يكونوا ضحية لتجاذبات سياسية أو أمنية داخل هذا الاتفاق .
هل تُهدّد هذه العمليات وحدة سوريا؟
رغم الطابع الإنساني الذي يُغلف عمليات التبادل، فإن هناك من يرى أنها “قد تكون غطاءً لإعادة هيكلة العلاقة بين الحكومة الجديدة و”قسد”، دون مراعاة باقي المكونات السورية، خاصة في ظل تصاعد التوترات بين دمشق وسكان جبل العرب في السويداء، الذين رفضوا تسليم سلاحهم قبل التأكد من ضمانات حقوقهم السياسية والمجتمعية “.
وكان مالك أبو الخير، الأمين العام لحزب اللواء السوري ، قد أكد سابقاً أن “سوريا لا يمكن أن تُبنى عبر اتفاقيات ثنائية لا تشمل كل المكونات، ولا عبر خطاب إقصائي يعيد إنتاج نفس النموذج السابق تحت اسم جديد “.
وشدد على أن “الشعب الدرزي لن يقبل بأن يكون مجرد أدوات في لعبة السلطة، ولن يسمح بتحويله إلى ضحية جديدة للصراعات الداخلية أو الخارجية “.
الآمال والتوقعات.. هل هو بداية للسلام أم لمزيد من الاستقطاب؟
يرى مراقبون أن “هذه العمليات، رغم طابعها الإيجابي، تُظهر كيف أن العلاقة بين الشمال والجنوب السوريين لا تزال تفتقر إلى الثقة الكاملة “، وأن “استبعاد بعض الجهات أو المكونات من الحوار الوطني يجعل من أي اتفاق محلي خطوة ناقصة، وقد تكون مصدراً لتوترات جديدة بدلاً من أن تكون حلاً لها “.
وأشار أحد الباحثين في الشأن السوري، إلى أن “التبادل يجب أن يكون جزءاً من مشروع وطني أوسع، يهدف إلى إعادة بناء الثقة بين جميع المكونات السورية، وليس فقط بين الكرد والحكومة الجديدة. وإلا، فسيبقى السلام المحلي غير مستقر، والانقسامات المجتمعية ستبقى قائمة “.