إشارة موجزة لأهم أعمال الدكتور مسعود كتاني‎

أهم الأعمال التي تركها الدكتور كتاني نتاج ايام عمره منذ أن أشرقت موهبتة الى آخر ايامه و اللتي تستحق الذكر فهي حقا من الكنوز العلمية في مجال اللغة  وإدارتها وتطويرها والابعاد التاريخية المرحلية لأصل الكرد كمرجع (ثقافي علمي قومي)
كتابه (اصل الكرد و كوردستان وأصالة اللغة الكردية)  (بحث تأريخي فيلولوجي) يتناول  الادب ،المقارنة اللغوية ،مناقشة ، تحلیل آراء فيلولوجيين ،وعلماء متخصصين  في اللغات ( الهندو أوروبية ) ٠ يقع الكتاب في (٥٤٠) صفحة صدر عام  (٢٠٠٢) مطبعة هوار دهوك.
علم اللغة (الفيلولوجي)
هو العلم اللذي يهتم بدراسةاللغة بأسلوب علمي ويصنف ضمن المواضيع العلمية٠
ويتضمن تصنيفه، بناءه، تركيب المفردات، تكوين الكلمات، معرفة الاصوات
والمقارنات اللغوية اضافة الى علم المصطلحات٠
أهمية اللغة ترتكز بالدرجة الأولى في التواصل وهي أهم وسيلة تفاهم واحتكاك وأداة معرفية بين أفراد المجتمع الواحد وبين المجتمعات الاخرى ويرتبط بنشاط الناس الفكري لأن الافكار تصاغ دائما في اطار لغوي، حتى التفكير الباطني يحصل على الوجود والواقع خلال اللغة  ٠ كذلك الفلسفة تعتبر دراسة لغة حسب اراء(وتنشتاين، جورجياس ، وبلاتو، في اليونانية القديمة ٠
أهم أقسام علم اللغة
– علم اللغة المقارن: العلم الذي يهتم بدراسة مجموعة من اللغات التي تنسب إلى اصل لغوي واحد ويقوم على مبدأ المقارنة بين اللغات وظهر في القرن التاسع عشر الميلادي ويعتبر من العلوم الحديثة ٠
– علم اللغة الوصفي: يهتم بدراسة لغة واحدة ويوصفها من حيث اللهجة وطبيعتها والظروف التي أدت إلى ظهورها٠
– علم اللغة التأريخي: يقوم بدراسة تأريخ كل لغة ومراحل التطور التي مرت بها٠                     من أهم علماء اللغة (فردينان دي سوسور) صاحب كتاب (علم اللغة العام) والذي سعى إلى انشاء  علم لغة متكامل ونذكر منهم (علم المصطلح) وهو من العلوم الحديثة لم يتبلور كثيرا في اللغة العربية بل تبلور في اللغة الانگليزية (الدكتور القلايلية) صاحب كتاب (الأصالة والمعاصرة) واللذي يتناول دراسة عصرية حداثية تصدى مناقشة الاتجاهات اللغوية عبر مشارب متعددة وثقافات مختلفة ضمن منهج علمي معتدل لاينغلق على القديم ولا يتعصب للجديد وربط رؤية ابن خلدون في مجال الاتصال٠
عالم اللغويات البريطاني (غايي دويتشر ) والذي يذكر (كلما اختلفت اللغات اختلفت النظرة الى العالم والإشكاليات حول اللغة التي تحدثها سكان كل بلد٠ واللغة تؤثر في نمط تفكيرنا ورؤيتنا للعالم وتاثيرالاختلافات الثقافية على اللغة وحاجة اللغة إلى التجديد في بنيتها وقواعدها وكسر القوالب الجامدة الموروثة التي تتسبب في العوائق في وجه التطور العلمي والثقافي في العالم المعاصر كل ذلك في كتابه (عبر منظار اللغة)٠

” كتاب (اصل الكرد وكوردستان و اصالة اللغة الكردية)”
يذكر المؤلف في كتابه أن اللغة الكردية لغة (مستقلة) من اللغات (الهندو أوربية) ووضح ذلك بأدلة علمية وحدد المساحات الجغرافية للدول التي تدخل ضمن هذا التشابه اللغوي٠ استند الى التشابه في اسماء النباتات، الطقوس الدينية القديمة، الحرف ، الاسلحة، صيغ المعيشة، التعامل مع الغنم والخيول وطبيعة البداوة، الرحلات والتنقل وراء الكلأ والماء كصفات مشتركة في الوطن الأم الذي يمتد من وراء بحر اورال و قزوين والبحر الاسود٠  ووقف عند هذا التشابه اللغوي حتى سواحل ايرلنده وخليج بسكاي إلى جبال الهملايا بين الهند وشرق ايران٠ وأشار إلى من سبقه من العرب والكرد ممن بحث في المجال ذاته٠ وتبين( أن اكثر المعلومات تم انتقاءها من المستشرقين الأوربيين او الروس دون اجراء دراسة بحثية او تمحيص لغوي او مقارنات لغوية والاعتماد على الأصول اللغوية القديمة). وضح وناقش آراء الكثير من المتخصصين في مجال اللغات( الهندو أوربية) بالاخص اللغة الكردية محض اهتمام المؤلف وأجرى مقارنات لغوية بين اللغات (الهندو اوربية) والغربية وخاصة اللغة الالمانية واللغة الكردية واللغات الحية الأخرى من خلال قنوات الربط اللغوي وكانت النتائج متطابقة مع ما توصل إليه الباحثين المستشرقين الاوربيين واستطاع إثبات صلة القرابة بين اللغة الكردية وهذه المجاميع المختلفة خلال دراسته في الدول الاوربية في الستينيات والسبعينيات ٠ معتمدا على آراء أهم المختصين في هذا المجال وهم (الدكتورحاجي مارف) في كتابه (وشه ى زمانى كوردى )، (الاستاذ مسعود ملا محمد كوى )صاحب كتاب(لسان الكورد)، (الاستاذ صلاح سعد الله) كتابه ( لغة الكرد وتاريخهم). وآراء متخصصين آخرين مثل فؤاد حجي،خورشيد، شردار ، ومينورسكي
وأتت الاراء بالنتائج ادناه:
ان اللغة الكردية لغة إيرانية مستقلة أصيلة ومتكافئة مع اللغة الفارسية وتنتمي إلى مجموعة اللغات الهندو اوربية وتتميز بكيان لغوي قويم ذات جذور عميقة ذات اسفنجية ومرونه عالية اكسبتها خاصية امتصاص وهظم المفردات الدخيلة وتصريفها دون أن تتأثر خصائصها ٠

بعكس اللغات الضحلة قليلة الاسفنجية التي اذا اعتمدت على المصطلحات الاجنبية الغريبة تأثر قوامها واصابتها بالعجز اللغوي فأما أن تفقد خصائصها أو تستسلم للموت البطيء كما حدث للكثير من اللغات٠ كما أكدت الاراء ان اللغة الكردية ليست ذيلا من ذيول اللغة الفارسية الايرانية٠
ومن أهم مجاميع اللغات (الهندو اوربية) الاسيوية: (الفارسية،الأيرانية، البشتو ،الكردية، السنسكريتية) أما دعاة اللغات الإيرانية فوزعوها بالشكل التالي
(الفارسية، البشتو، الكردية، السنسكريتية). كما وضح المؤلف بشكل تحليلي وتفصيلي ماهية اللغة الفارسية وعلاقتها باللغات الهندو إيرانية والهندو أوربية ٠
ومدى أصالة اللغة الكردية التي لا تحتاج إلى البحث في صفحات (التعريب والتتريك والتفريس) وأصالتها واضحة وضوح الشمس مهما تلبدت وحجبت بالغيوم فلا بد ان تتبدد يوما وتظهر الحقيقة العلمية لاصحاب العقول النيرة ٠

اما في مجال( الانثروبولوجيا ) علم دراسة المجتمعات البشرية والانثروگرافيا علم  الأجناس البشرية أي علم ما قبل التأريخ لتحليل ومناقشة وبحث (اصل الكرد)
فنفى ان يكون اصل الكرد (ميديا) وابعد ذلك عن أصول الكرد موضحا ذلك بالتفصيل
وأكد أن (الميديين) جاؤوا في فترة ليست ببعيدة وحكموا مناطق محدودة من كردستان لم تتعدى (٢٤٠٠)كم مربع من شمال خوزستان إلى نهر قزيل إيرمق هالي شرق أنقرة الحالية. لم يكونوا تركيبة متجانسة بل دويلات اختفت و انقرضت ولم تصمد امام التأريخ وانصهرت معها اللغة الميدية ومصطلحاتها داخل اللغة الكرديةكما
امتصت لغات إيرانية أخرى. اللغة الكردية كانت متواجدة قبل ظهور الميديين على مسرح السياسة كدولة وأقرب أجداد الكرد هم (الكردوخيون) المتواجدون في نفس البقعة الجغرافية وتتماثل في تأريخهم وحياتهم الاجتماعية وصفاتهم والفلكلور والوطن الام ٠ويؤكد ان هذا لايمنع وجود علاقة تأريخية ولغوية بين الكرد والميديين ولكن هم قومان مستقلان. كما يوضح في كتابه علاقة اللغة الكردية باللغة السومرية وأن الاكراد من أصل سومري او بالعكس،  وكون اللغة الكردية استوعبت وصمدت أمام التقلبات التأريخية وكيفية دخول المصطلحات السومرية والأكدية الى اللغة الكردية التي تكلم بها قوميات مختلفة قبل(٦٠٠٠) سنة وأن أصالة لغتنا وقدمهاهي نفسها في اللغات (الهندو اوربية) وكذلك في( أوربا وشمال إفريقيا الفرعونية و البربرية) وكذا في اللغات (السامية) الاخرى كالسريانية والعبرية والارامية والامهارية والحبشية واللغات الساحلية٠
كما يؤكد (مينورسكي) استقلالية اللغة الكردية والشعب الكردي وانهم ليسوا بقايا (الميديين أو الماديين)والأستاذ( طه باقر)يوضح في كتابه(العرب واليهود في التأريخ)و( هجرة الكرد) و(هجرة الماديين) بالموجة الثانية وكل مستقل عن الثاني حيث كانوا فرسانا تقدموا نحو شمال العراق ووجدوا خلال ذلك بقايا من الحوريين والكوتيين واللوبيين وغيرهم من المتواجدين اصلا في المنطقة فسيطروا عليهم وفرضوا سيادتهم وحدث منذ ذلك الحين  اختلاط وتداخل  ٠
كما بين المؤلف آراء المختصين حول اللهجات الكردية وتبين أن اللغة الكردية تجمع لهجاتها من فروع اللغات الإيرانية المنتمية إلى اللغات (الهندية الارية القديمة) وهي قريبة الصلة باللغة الميدية ٠
وعن كتاب (الدكتور عبدالسلام عبدالعزيز )(تأريخ اللغات الايرانية) حول اللهجات الكردية كما اعطى شرحا تفصيليا بمعية آراء مفكرين عن اللغة (الافستائية) احدى اللغات الايرانية القديمة واللتي دونت بها الكتب الدينية الزردشتية ووضح ان الافستية راجت في منطقة (بلخ) والديانة الزردشتية مصادرها فارسية بحتة ووجهة نظر مؤلفيها والافستية عبارة عن (٤٤) حرفا واقدم نسخة خطية توجد في (الدانمارك). ويؤكد الكتاني على ضرورة صيانة اللغة الكردية وتصفيتها ومعالجتها من الاخطاء الاملائية والصياغات الكيفية والمزاجية والتغيرات المفتعلة اللتي لاتستند الى قواعد واسس صحيحة لكي لانمهد الطريق امام من له المصلحة في طمس معالمنا التاريخية والقومية ونواصل صمود أهم المعالم القومية٠  والميديين هم مثال الأقوام الذين اختفوا أمام عاصفة الاستبداد التأريخي٠
للكتاني قاموس لم يكتمل عمل فيه اكثر من (٤٤) سنة ومازال في قيد التأليف وناب عنه  اولاده(دلشاد كتاني) و (أباد كتاني) وقاموس للمصطلحات العلمية ٠
“بقلم خديجة مسعود كتاني”
المصادر:
اصل الكرد وكردستان وأصالة اللغة الكردية د٠مسعود كتاني
علم اللغة العام   فردينان دي سوسور
الحياة w.w.w.al hayat.com
حواري  مع المؤلف