متی یتم توحید قوی كوردستان؟!- د. عبدالباقی مایی

 

لاشك أن وحدة أرض و شعب كوردستان هی حقیقة علمیة لا جدال فیها. فهذه الكلمة لیست ولیدة الیوم ولا مكسب لحزب أو محض هراء أتی به بعض الشعراء والخیالیین كما یحلو للبعض من الشوفینیین العرب والترك والفرس أن یدعی. كذلك لیس من الغریب تحت الظروف التی مرت بها كوردستان ولایزال یعانی منها الشعب من تقسیم وتعسف وإحتلال أن یفقد بعض من أبنائه الأمل فی الحصول علی دولته المستقلة بالرغم من النضال الطویل والتضحیات الجسیمة والحب العمیق للإستقلال والحریة والأمان لدی هذا الشعب الذی عاش علی هذه الأرض أطول زمن یعرفه التأریخ مقارنة بالفرس والعرب والترك اللذین یحتلون هذا الوطن ویعرضون أهله لشتی أنواع الظلم و القتل والتدمیر. مع ذلك فلیس الإستسلام ولا فقدان الأمل بالصفات الطاغیة علی شعب كوردستان كما تعبر عنها السیاسة التهربیة الساذجة التی تبناها ولازال یتبناها قسم من الأحزاب الكلاسیكیة، الأمر الذی أدی بهذا الشعب المغلوب علی أمره أن یصاب بالإحباط نتیجة للتربیة السیاسیة التی تعرض لها بمرور الزمن من قبل قیاداته وممویلیها من سلطات الإحتلال إلی القوی الدولیة ذات المصالح المشتركة مع الإحتلال. فشعب كوردستان لازال یحتفظ بوحدته من حیث اللغة والعادات والتقالید والفلكلور وغیرها من المقومات القومیة التی أدت إلی إستمراریة بقائه كشعب متحد ومحتفظ بوطنه الذی لازال یسمی بكوردستان من قبل الجمیع مواطنین كانوا أم أعداء” أم أصدقاء.

منذ أجیال عدیدة توالت الكوارث والنكسات علی الإنتفاضات والثورات المتتالیة فی كل جزء من كوردستان دون أن تتمكن من إبادتها أو منعها من التكرار والتعدد، وإن كانت هذه الإنتفاضات والثورات جمیعها تنشأ بإرادة الشعب وتستمر بدعم وتأیید شعبی متصاعد إلی أن تقع فی فخ العدو من خلال قیادة الثورة فتصاب بالفشل بالطریقة نفسها مهما إختلف المكان والزمان. فالشعب هو الذی یبدأ بالإنتفاضة دائما رفضا لتعسف وإستبداد سلطات الإحتلال، ویستلم أصحاب النفوذ الدینی والإجتماعی القیادة عفویا لكی توصل صوت الشعب ومطالبه إلی السلطات المحلیة التابعة لدولة الإحتلال. وحینذاك تنخفض رۆۆس المفاوضین أمام السلطات الجائرة القهارة التی تملك المال والسلاح وتستعمل العلم والخبرة فی تنفیذ برامج غسل الدماغ وتوجیهات الحرب النفسیة مما یجعل الوفود المتفاوضة تشعر بعقدة النقص (Inferiority) أمام طغیان الإحتلال وعجرفته الفاشیة والشوفینیة. فلا یستغرق الأمر وقتا طویلا حتی یتوصل العدو إلی إتفاق مع قیادة الإنتفاضة\ الثورة لإقناع الثوار بقبول أرخص الشروط التی عادة” لاتتجاوز إطلاق سراح المسجونین أو إعطائهم تعویضات صوریة أو شراء ذممهم مقابل مال أو منصب أو فی أحسن الأحوال الإعتراف مۆقتا بحقوقهم الثقافیة والإنسانیة لیس إلا. فیرضخ الشعب من جدید تحت ڕحمة سلطات الإحتلال وتعسفها لینفجر فی إنتفاضة أو ثورة جدیدة فی فترة أخری أو فی مكان آخر لكی تمر بنفس الأطوار وتنال نفس المصیر المحتوم.

هذه السیناریوهات تتكرر فی كوردستان دون أن یستفید الشعب من خبراته السابقة، وتعید القصص روایاتها علی آذان الأجیال دون إختلاف یذكر فی الملاحم والأدبیات والقصائد والأغانی التی تصف بشكل فنی مبدع آیات التراجیدیا والألحان المۆثرة علی الروح والنفس فتبعث فیها معانی الحیاة مجسمة بخلود أرواح الشهداء وتقدیس التضحیات لتصبح أداة فعالة فی إنتاج طاقات جدیدة فی صنع أمثلة أخری من الصمود والتحدی والمقاومة والنضال حتی تنفجر كلها فی شكل إنتفاضة أو ثورة عارمة أخری من أجل الحریة والإستقلال فتقع فی ید قیادة كلاسیكیة كأسلافها لتسیر بها نحو مصیر مماثل. إذا” عامل الفشل فی جمیع ثورات كوردستان یكمن فی طبیعة قیاداتها الكلاسیكیة التی تقع بین إرادة الشعب وسیطرة سلطات الإحتلال. ونتیجة لعدم تساوی القوی بین الجانبین یكون الخاسر فی جمیع الأحوال الطرف الضعیف وهو الشعب الساذج البرئ الذی یقع فریسة لسلطات الإحتلال وجشع القیادات. هذا البناء الهرمی لتركیز مصادر القوی وصنع القرار یولد سلطة مركزیة توزع الأوامر والتعلیمات من الأعلی نحو الأسفل. فتصبح الأمور علی عكس ماهی فی طبیعتها المنطقیة والدیموقراطیة والإنسانیة، أی أن الأقلیة الحاكمة تقرر مصیر الأغلبیة فی القاعدة، وهی جائرة بقوة إحتلالها وفاشیة بطبیعتها القومیة والدینیة.

لیس من المنطق أن نتوقع أی حل عملی عادل للمشكلة الكوردیة من هكذا نظام لحكم الدولة وتشریع القوانین. فبالرغم من توفر جمیع الشروط الذاتیة للحصول علی حقوقه العادلة تحت ظل وحدة الشعب والوطن، تتمزق قوی الشعب بین فكی قیادته المستفیدة من الوضع و عملیات غسل الدماغ المخطط لها من قبل سلطات الإحتلال. بل یقول المنطق بأن تتوحد قوی الشعب لكی تدافع عن الوحدة الطبیعیة  للشعب والوطن. وهذه القوی تتكون بطبیعتها من الشعب و تنتمی بقیمها الطبیعیة إلی الشعب فیجب علیها منطقیا أن تقوم بواجبها الطبیعی فی حمایة وحدة الشعب والوطن. هذا هو الطریق الصحیح والواقعی والمنطقی لتنفیذ إرادة الشعب ورغبته فی العیش بحریة وأمان. والطریق لتحقیق ذلك لیس بعسیر فی الظروف الحالیة التی خلقتها أزمة نموذج روژئاڤا من دعم شعبی واسع لیس من شعوب كوردستان فحسب بل من جمیع شعوب العالم. وفی الوقت نفسه تتعرض الأحزاب الكوردستانیة لضغط جماهیری عارم فتمیل إلی سماع صوت الشعب للإحتفاظ بنفوذها ومصالحها. وهنالك مبادرات إیجابیة من قبل الأكادیمیین الكوردستانیین المستقلین حزبیا للقیام بدور مهم فی تقریب وجهات النظر بین الأحزاب المختلفة فی كوردستان لكی تجد القواسم المشتركة للإتفاق علیها، ومن أهمها أن تتسارع إلی توحید قوی كوردستان تحت قیادة شعبیة مستقلة حزبیا إلی أن یتم توحیدها تحت قیادة سیاسیة مشتركة وذلك بعد إجراء إنتخابات دیموقراطیة ضمن الوحدة الطبیعیة للشعب والوطن.

 

٢١\١١\٢٠١٩

 

One Comment on “متی یتم توحید قوی كوردستان؟!- د. عبدالباقی مایی”

  1. لا يمكن بل المستحيل توحيد الأحزاب الخائنة والعميلة والأحزاب الفاسدة. الكوردي الغبي يجب أن يعرف أحزابها اما خائنة اوعميلة.

Comments are closed.