مسؤولیة السلطة أن تحتضن الشباب لا أن تقاتلهم- د. عبدالباقی مایی

 

ثورة الشباب فی طریقها إلی التوسع والإنتشار فی منطقة الشرق الأوسط، ومن ضمنها العراق. أسبابها ووساءل معالجتها تجدها فی سلسلة مقالاتی حول ثورة الشباب فی كوردستان، المنشورة فی شبكة صوت كوردستان، وآخرها نشرت بتأریخ  ٢\٧\٢٠١٩ تجدها فی هذا الرابط:

لاشك بأن لكل مجتمع خصوصیاته التی تنعكس علی شكل وطبیعة ومضمون وحجم ثورة الشباب وإتساعها. ولكن القاسم المشترك بینها جمیعا هو غضب الشباب عامة فی مجتمعهم علی السلطات المسۆلة عن رعایتهم وتوفیر الخدمات لهم و ضمان حریاتهم. فعندما تكون العائلة مسۆلة عن ذلك النقص الذی یشعر به الشاب ینقلب غضب الشباب علی ولی الأمر إذا لم یلبی هذا طلباتهم المنطقیة والواقعیة والتی هی من ضمن حقوقهم المشروعة. وعندما تشترك عائلتان فی مصدر ما لتوفیر تلك المطالب لشبابهم یجتمع الشباب من العائلتین علی تقدیم الطلبات نفسها ویتفاعلون فیما بینهم فی كیفیة التعبیر عن مطالبهم وتقدیمها للعائلتین. وإذا لم یستجب أحد لتلك المطالب یزداد غضب الشباب فیثورون علی السلطات المسۆلة لأنها ترفض تنفیذ مطالبهم. وهكذا تتسع دائرة الثوار وتنضم إل صفوفها جمیع الشباب والشابات الذین تجمعم تلك المطالب المشروعة. فعندما تشعر السلطات بمسۆلیتها وتستجیب لتلك الطلبات ینهی الشباب ثورتهم فرحین ومعتزین بسلطاتهم والإنتماء إلی نفوذهم وسلطتهم. أما إذا طال أمد الإنتظار ولم تستجب السلطات لتلك الطلبات أو إذا تماطلت بالإجابة أو لم تقدم أجوبة مقنعة لمطالب الشباب فسوف تستمر الثورة فی الغلیان، بل وتزداد تضخما وتوسعا وغضبا وعنفا نظرا لنفاذ صبرهم وتفاقم الشكوك لدیهم بإخلاص السلطات ورغبتها أو كفائتها فی تلبیة تلك الطلبات. لذلك یتفاقم غضب الشباب تدریجیا كلما طال إنتظارهم، فیفقد بعضهم الصواب ویقوم قسم منهم بأفعال وسلوكیات هدامة لجلب إنتباه السلطات وإجبارهم علی الإستجابة، فتنطلق شرارة العنف عمدا أو صدفة مما یشعل فتیل التشابك وإستعمال السلاح من قبل البعض الذین أصیبوا بالإحباط ولم یعد فی إمكانهم الإلتزام بالوسائل السلمیة التی بدأوا بها ثورتهم.

عندما تصل ثورة الشباب إلی مرحلة الإحباط ویفقد قسم من اڵثوار الصبر والتحمل كما حدث فی الفترة الأخیرة فی بغداد ومدن العراق الجنوبیة، أو إذا إستمرت السلطات فی إهمال مطالب الشباب ولجأت إلی التباطۆ والإلتفاف بدلا من التفاهم والإستجابة، أو إذا تم تسییس مظاهراتهم السلمیة وثورتهم الإجتماعیة لنیل حقوقهم المشروعة، حینذاك ستنطلق الشرارة الأولی ضد السلطات التی هی فی أهبة الإستعداد تحت الإنذار فی هذه الظروف، فیصبح الإصطدام المباشر بین قوات السلطة وجماهیر الشباب الثائرة أمرا لا یمكن تفادیه إلا بالتدخل المباشر من قبل السطات العلیا لمقابلة الثوار والتفاوض معهم بدلا من تجاهلهم أو إتهامهم أو إستعمال العنف ضدهم. أما إذا إستمرت السلطات العلیا بالتباحث والتفاهم مع الأحزاب السیاسیة التی ترفضها جماهیر الثورة، و كلما قامت السلطات العلیا بتسییس كل ما تقوم به جماهیر الشباب الثائر من تجمع وتظاهر وتخطیط وتدبیر للإستمرار فی الثورة، والإستمرار فی إتهام الثوار بالمخربین والمشاكسین والمدفوعین بأجندات خارجیة، فلیس من منطق العقل والحكمة أن نتوقع منهم شیئا” آخر غیر تزاید عدد الثوار وزیادة غضبهم ولجوئهم إلی العنف لإنتزاع حقوقهم بالقوة. لیكن فی علم الجمیع بأن من واجب السلطة أن تحتضن الشباب الثائر لا أن تحاربهم أو تقاتلهم.

٣\٢\٢٠٢٠