كوردستان لا زالت للبيع – حاتم خاني

 

فئتان من الافراد في المجتمع الكوردستاني طالما بقيت على هذه الارض لا يمكن ان نبني مجتمعا سليما ولا ان تتكون لدينا ما نسميها بالدولة .

الفئة الاولى هي تلك التي برزت في الاونة الاخيرة من الموظفين او من المواطنين او حتى من البرلمانيين الذين يمثلون الشعب كما يدعون , وهم يرددون وينادون بالانضمام الى حكومة بغداد من اجل استلام رواتبهم , وذهب البعض منهم الى دعوة السيد رئيس الوزراء العراقي الى استقدام الجيش العراقي من اجل اسقاط حكومة اقليم كوردستان مستندين في دعواتهم الى ان حكومة الاقليم حكومة فاسدة وانها تمتلك الاموال وتسرقها ولكنها تتعمد عدم توزيع الرواتب . وهذه ليست المرة الاولى التي تنطلق مثل هذه الدعوات فقد سبق وان كررتها بعض الاحزاب التي لا تتمكن من اثبات وجودها على الساحة الكوردستانية .
وخطورة وجود مثل هذه الفئة ان المادة او المال اهم لديها من وجود كوردستان او كما قالها البعض ( الف كوردستان لن تعوض جوع اطفالي ) , وعندما يتحول الانسان الى التضحية بالارض التي يعيش عليها وهي السبب في كونه ينتمي لهذا المجتمع وهي السبب ايضا لتوفير ما يتقاضاه  من سبل العيش , فهذا يعني ان تفكير هذا الانسان وامثاله لا زال قاصرا ومقتصرا على فكرة  ال ( انا ) فقط , وهذه الفكرة لا تختلف عن الفايروس الذي يضرب العالم حيث انها تسبب ان يصاب بها الجميع ولن تكون هناك تلك التضحية التي كان اباؤنا واجدادنا يقدمونها لكي نصل الى ما وصلنا اليه الان .

وما اشبه هؤلاء بمسؤولي الافواج الخفيفة او ما كنا ندعوهم بالفرسان ( او الجحوش ) التي كونتها حكومات العراق السابقة من اجل محاربة الثورة الكوردية , فهي ايضا كانت تدعي انها غير مقتنعة بهذا العمل لكنها انما تنقذ الناس من الالتحاق بالخدمة العسكرية , وانها انما تقوم بتشغيل من يلتحق بها لتوفير لقة العيش لهم , وبالمقابل فلا بأس من محاربة الثورة الكوردية طالما يتوفر لهؤلاء العمل والرواتب .

الفئة الثانية هي التي تتخذ الدين كستار لها وتقنع المواطنين المساكين ان ما تقوم به حكومة الاقليم من غلق ابواب المساجد او منع صلاة الجمعة او صلاة العيد او غيرها في زمن الكورونا , انما تقوم بهذا العمل متقصدة محاربة المسلمين ومحاربة الدين الاسلامي , والا لماذا تسمح بفتح البارات والملاهي والكافتيريات والاسواق مزدحمة فهل ان ازدحام المساجد سيكون اكثر ضررا , ويرتاد الناس بجموعهم المولات فهل سيتضررون من ارتيادهم الجوامع اكثر .
هذه الفئة هي اكثر شرا واكبر خطرا على المجتمع حتى من الفئة الاولى , فقد تكون الفئة الاولى منطلقة من الحاجة الى وسائل المعيشة اما هذه الفئة  فهي تقوم بتخطيط هذه الدعوات وافرادها يعلمون علم اليقين ان دعواتهم لا تخلوا من الخبث والضغينة التي يكنونها لذات المجتمع اولا وللمواطن الكوردي المسكين الذي انخدع بدعواتهم في الماضي وينخدع بهم حاليا متوهما انهم انما صادقون في اقوالهم .

هؤلاء لا يختلفون عن المشايخ وسادة الطرق الدينية والملالي السابقون الذين كانوا يسلبون الفلاح ارضه بختمة قرآن او ينتزعون امرأته منه ليسبلوا عليه رضاهم ويدخلونه الجنة , هؤلاء احفاد اولئك , ومن يؤمن بدعواتهم فهو لازال يعيش في عصر المشايخ ولم ينفع معه كل التعليم الذي تعلمه .

كوردستان لم تقطع الرواتب , وجبال كوردستان حافظت على ابنائها جميعهم مسلمون ومسيحيون وصابئة وايزيديون وكاكائيون وزرادشتيون وكل الاديان الاخرى , فلماذا يحاول طالبوا الاموال ومالكوا ال ( انا ) بيع كوردستان من اجل حفنة دنانير يقبضوها من المحتل  , ولماذا لازال المدعون بالدين مستمرون على نفس النهج في خداع المواطنين .
من يظن ان حكومة الاقليم فاسدة فليحاول اصلاحها او اسقاطها ولا يلتف حول المواطن المسكين ليخدعه باسم الدين ويضعه في فوهة المدفع , ومن اراد راتبا  او مالا فهذا لا يستدعي ان نبيع ارضنا وعرضنا .
لماذا كلما اخطأت حكومة الاقليم يلجأ البعض الى حكومة بغداد او الى الحكومات المجاورة العدوة لشعبنا والاستغاثة بها , اليست هناك طرق واساليب اخرى لكي نجبر حكومة الاقليم الالتزام بما يفرضه عليها واجب كونها حكومة تدير هذا الشعب  , فحكومة الاقليم ليست اقوى  ممن حكم ليبيا والعراق وتونس ومصر وثار الشعب عليهم واسقطهم بسهولة , طالما بقيت هاتان الفئتان على الساحة الكوردستانية فلا زال الوقت مبكرا لهذا الشعب ان ينعم بدولته , وهذا الحال  وللاسف يسر دعاة ( ان الصلاة لا تجوز الا في المساجد )  حتى على حساب كل الشعب الكوردستاني . ….

حاتم خاني

دهوك

25 \ 7 \ 2020

One Comment on “كوردستان لا زالت للبيع – حاتم خاني”

  1. وجود نواقص وسلبيات واخطاء واستغلال لا يجيز ويبرر الدعوة الى اضطرابات وعنف وفوضى يستفيد منه أعداء الكورد والاقليم والتجربة المتربصون وتعريض امن واستقلال الإقليم وكل المكاسب والإنجازات التي لم تتحقق الا بثمن باهض وتضحيات جسيمة الى الخطر والزوال طالما بالإمكان التغيير وتبديل الطبقة السياسية الحاكمة المحتكرة للسلطة بالطرق الحضارية وكسب الجماهير وتوعيتهم وتثقيفهم وباللجوء الى صناديق الاقتراع وفرض اجراء انتخابات نزيهه باشراف دولى واطراف وجهات محايدة

Comments are closed.