العودة من الألم إلى الألم- مراد سليمان علو

 

هوشنك بروكا..

أخي في البلاء الكبير، في الحزن الكبير، في الألم الكبير.

عودتك من رحلة التطهر ستقربنا معا ثانية من حافات شمس الحقيقة؛ لنقول ما نحمله من أرث يثقل كاهلنا، يخنقنا بلطف، فمنذ الهروب الأول، والفرمان الأول وأطفال شنكال ينامون مع الألم، فما الضير إن شاركناهم بعض هذا الألم.

نحن معشر الشعراء من (طبقة) خاصة لم يذكرها الشيخ عادي في أقواله، ولا يجرؤ أن يتناولها أنصاف الباحثين في الشأن الأيزيدي، ألم شعبنا قافيتنا، وآماله عنوان قصيدتنا، وما بين الألم والأمل يتراقص الطارئون على وليمة الفرمان.

يا بن أمّي..

نحن نتذوق الألم حبّة حبّة، ونبلل لساننا به قطرة قطرة منذ بابل ومنذ شنكال ومنذ عفرين نجرعه، ثم تمتصه أرواحنا على مهل إكراما لعطش وجوع وعري أهلنا.

نمزجه بالمواويل ونشربه فالخيانة لا قعر لها، وشنكال لم تعد تتحمل شدّ وجذب بغداد وأربيل.

ألم أيزيدخان يتجلى في ألمك، في ألمنا، في خواء (الإمارة) في هشاشة يد دله قهوة رؤساء العشائر، نكتب ليولد من الخيبات شيء جميل يشبه عزف سمفونية للضفادع التي تنتظر في أقرب غدير فتاة قيرانية لتجلب زوج من براميل من الماء القراح ولا يهم لون الماء، ومتى كان اللون مهما ومتى كان الألم مهما. 

عندما نتألم لا ندري إن كنا نحلم أو لا نزال في تمام اليقظة، ولكن عيوننا تكبر وتكبر ويكبر السواد فيهم حتى نرى كل أيزيدخان بجوعها ولا مبالاتها وغبائها.

العالم مليء بالأشياء المخيفة، ولو تركوك لألمك ستتحفنا بكلمات سعيدة، فمن ذا لا يتوق للسعادة إلا الخاوية جماجمهم.

أخي..

كان الاتفاق أن اتصل بك، بدلا عن الكتابة، ربما في الأيام القليلة القادمة؛ عندما يخف ألمي، فأنا أيضا أتألم مثلك، مثلهم.

أدرك بأن الألم سيّد الأشياء، فلندعه يتولى زمام القيادة.