دراسة عن سلبيات ادارة التعليم العالي في دهوك –  دكتور عبدالعزيز رشيد   –    م. حاتم خانى

 

مدخل

اخيرا قررت وزارة التعليم تغيير رؤساء جامعات محافظة دهوك بعد مرور فترة طويلة على وجودهم في مناصبهم حيث تراجع التعليم في دهوك بمعدلات عالية جدا وضع علامات استفهام امام الطلبة وسبب لهم الخوف والخشية من نيلهم شهادة لا يتم الاعتراف بها سوى في كوردستان نتيجة التدني في نوعية وكمية المحاضرات التي يتلقونها وانحدار مستويات الكادر التدريسي الذي يحصل على الشهادات دون الحصول على العلم الذي يتأتى من نيل تلك الشهادات .

وتكمن اهمية هذا التغيير ان لمنصب رئيس الجامعة دور كبير جدا في ترسيخ الاطر وتشكيل الاسس وتبني الاساليب العلمية الصحيحة والرائدة لقيادة الجامعة وهياكلها الادارية الاخرى لتتبوأ مكانتها العلمية الرصينة وتحجز لها مقعدا ضمن تسلسل الرانك العالمي وتنال الاعتراف المحلي والدولي حيث يؤهلها ذلك كله ان تكون احدى مؤسسات بناء كوردستان وتقدمها وتطورها , ولفت انظار العالم الينا لما لها من دور في اقامة علاقات مع المؤسسات المثيلة في بقية ارجاء العالم وتبادل الخبرات معها واستيراد الاساليب العلمية في قيادة المجتمع واقامة المشاريع الاستراتيجية حيث يساهم كل ذلك في الاستقرار الاقتصادي الذي بدوره يوازي ويؤازر الاستقرار السياسي وبالتالي الدفع بالاقليم نحو الاعتراف الدولي بحق شعبنا في الوجود وحقه في ان يكون له دولة اسوة بالمجتمعات الاخرى .

لقد عانت الامة الكوردية ولا زالت من التخلف والجهل والتأخر عن ركب الحضارة والتقدم العلمي بسبب سياسات الدول التي تسيطر على كوردستان , حيث كانت من اولى اولويات هذه الدول ولازالت هو الابقاء على هذا التخلف والحفاظ عليه متغلغلا في عروق دم الفرد الكوردي لكي تتمكن في الاستمرار بالسيطرة عليه, لكن التضحيات الجسيمة لشعبنا وجهوده الجبارة في الفداء بخيرة ابناءه وشبابه , تكللت بقيام اقليم كوردستان , هذا الاقليم الذي وجب على مواطنيه الحفاظ عليه بأي ثمن والسعي لتنميته وتطويره للحاق بالمجتمعات الاخرى وتثبيت قواعد بناءه وتعليم ابناءه .

مؤسسات تعليمية ومصالح ذاتية

بالرغم من الدعم الحكومي اللامحدود وصرف المليارات وبالرغم من بناء هذا الكم من الجامعات والمعاهد الحكومية والأهلية والتي تستحق الافتخار بها الا ان التعليم الأكاديمي وللاسف اصبح أسير بعض الأشخاص الانتهازيين الذين تواجدوا في كل مؤسسة تعليمية ونخروا في جسدها وافرزوا نتائج وخيمة على هذا التعليم وأصبحت الواسطة والمحسوبية لها الدور الاكبر في اختيار المدراء والعمداء ورؤساء الاقسام وانعكس ذلك ايضا بالسلب على مسيرة التعليم وأصبح كل طالب يتخرج من هذه الجامعات لا يمتلك النسبة المطلوبة من اساسيات اختصاص القسم الذي يتخرج منه اضافة الى ان السياسات التعليمية الخاطئة هذه اظهرت ورسخت لدينا مجموعة من المدراء والعمداء يضربون بعرض الحائط  كل ماهو في صالح رفع المستوى العلمي للطلبة ان كان عن قصد او انطلاقا من اهداف اخرى شخصية حيث ان كل كادر جيد لايتأقلم مع سياساتهم الخاطئة يكون منبوذا ومبعدا عن المشاركة في القرارات , وأصبح دور القسم العلمي مهمشا ولا يستعان به وبدلا من كون رئيس القسم هو المسؤول عن المفردات العلمية التي تخص الطلبة ومناهجهم ويكون دور العميد اداريا  , اصبح دور رئيس القسم ثانويا وسطحيا ومهزوزا وتابعا,  وأصبح العميد يتدخل في كل صغيرة وكبيرة واصبح هو الآمر الناهي الذي يتحكم بمصير الطلبة ومستقبلهم , وهذا الدور الذي اختزله العميد لنفسه ولد الكثيير من الاخطاء التي اثرت على المسيرة التعليمية حيث ان احد نتائجها ان كل من هب ودب وبمجرد ان يحمل شهادة عليا يقوم بتدريس الطلبة دون وجود اي سيرة تعليمية او مستوى علمي ودون المرور باي آليات تظهر وتكشف قدراته وكفاءته التي يجب ان يتمتع بها لكي يصبح مؤهلا لتدريس الطلبة والقاء المحاضرات. وأصبح التعليم والتحكم بمناهجه العلمية في معظم الاحيان بايدي أفراد غير مختصين أو قليلي الخبرة واصبح الشغل الشاغل للاساتذة بما فيهم رؤساء الاقسام والعمداء وبقية مسؤولي المؤسسات التعليمية هو الجشع والطمع والسعي وراء الزيارات لهذه الجامعة أو تلك المؤسسة التعليمية لجني المال دون الاهتمام بنوعية التدريس او التعليم او حتى الاسلوب الواجب اتباعه لالقاء المحاضرات للطلبة .

الهدف من الدراسة

في هذه الدراسة البسيطة سيتم التركيز على السلبيات التي اصبحت تتراكم يوما اثر آخر نتيجة التفرد في الاستحواذ على مصير مؤسسات التعليم العالي بواسطة اشخاص وافراد يدعون انهم انما يربطون بينها وبين المصالح الحزبية ولكنهم في الحقيقة يدافعون عن المصالح العشائرية والشخصية ويحاولون دائما سلخها من اطارها العام التابع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي الا فيما يتعلق بالتعليمات العامة , وقد يكون هذا هو الموضوع الاساسي للدراسة ,

لكنها لن تخلو من التطرق الى الايجابيات وخاصة تلك التي بزغت الى الوجود في الاونة الاخيرة نتيجة الجهود التي يبذلها السيد وزير التعليم لاصلاح العملية التعليمية في دهوك على الرغم مما يواجهه من عراقيل وصعوبات وكما ذكرنا نتيجة تدخل اشخاص متنفذين يمنحون انفسهم الصلاحيات ويسيطرون على مجرى ومسارهذه المؤسسات , هذه التدخلات تتقاطع في معظم الاحيان مع التعليمات الصادرة من الوزارة وتصب في نهاية المطاف للحفاظ على مصالح هؤلاء الاشخاص الشخصية بشكل خاص ولكنهم يلبسونها رداء الحزبية والوطنية , ومن الملاحظ ان هذه التناقضات مع التعليمات الوزارية لم تغط على عمل الوزير ومواكبته لاعمال وزارته حيث يبرز كأحد الوزراء االناجحين الذين تسلموا هذا المنصب , وقد استبشرنا خيرا بتغيير الادارات العليا لجامعاتنا حيث ننتظر ايضا تغييرات في الهيكلية الكلية وفي القرارات التي صدرت سابقا والتي كانت لصالح فئات معينة وليس للصالح العام .

كما سيتم في هذه الدراسة تقديم جملة من المقترحات التي قد تكون ذات جدوى فعالة في حل بعض المعضلات التي ترافق هذه المسيرة .

وقد قسمت الدراسة الى اجزاء عديدة لكي تكون يسيرة في المتابعة وسهلة التعرف على المضامين مع التركيز على الامثلة الحية التي توضح مدى الاخطار التي تحدق بهذا المجال وحتى يتبين للمسؤولين الاجراءات التي يمكن اتخاذها لللاصلاح  ولا سيما اننا نرى متابعة وجدية من السيد رئيس الوزراء  مسرور البارزاني في تنفيذ عملية الاصلاح .