دراسة عن سلبيات ادارة التعليم العالي في دهوك/ الجزء الثاني /    د. عبدالعزيز رشيد     /  م . حاتم خانى

 

مستر  يس  Mister Yes

لكي نتعرف على الفجوة الكبيرة التي خلفها الاختيار الخاطئ للمرشحين لهذه المناصب , فأن احد العمداء ونتيجة يقينه التام بعدم تمكن اي شخص من محاسبته لانه مسند او يتم دعمه من شخصية نافذة او من بعض افراد الحزب,  بلغت به الجرأة بعدم تكليف ابناء بلدته او مدينته دهوك كرؤساء اقسام وذلك لكي لا ينافسوه مستقبلا على منصبه , ولا يعترضون على قراراته , ولا يناقشوه على اخطاءه , بل لجأ لاختيار اشخاص من خارج مدينة دهوك ومن خارج الاقليم على الاغلب وبالاخص من القومية العربية  , وهنا المسألة لا تتعلق بالتمييز بين العرب والكورد , ولكن المشكلة تكمن في الاسلوب المتبع من قبل هؤلاء الاخوة العرب في ادارة هذه المناصب , حيث انهم يؤدون دورا غير مكتمل في الواجبات المناطة بهم , فهم لا يعترضون , لا يناقشون , لا يشاركون , لا يساهمون , بل يؤدون الدور بشكل اعمى وفوق كل ذلك  فانهم يفتقدون الى لغة التخاطب مع طلبة الاقليم وذلك لعدم محاولاتهم تعلم اللغة الكوردية نتيجة لشعورهم الزائف بالتفوق على اقرانهم الكورد , وقد ظهر في مؤسساتنا التعليمية مصطلح ( مستر يس ) الذي يشير الى هؤلاء الاساتذة الذين يؤدون دور ( الطاعة العمياء ) بحرفية تامة فهم لا يعترضون على قرارات مسؤوليهم حتى لو كانت غير دقيقة او غير صحيحة فبدأ مسؤولو الجامعات يفضلونهم  بحيث اصبح عددهم يزداد على حساب ابناء المدينة ( لو تم مقارنتهم بالسابق ) على الرغم من السلبيات الكبيرة والاذى الكبير الذي يلحق بعملية التعليم نتيجة عدم ايصالهم المعلومة الصحيحة للطالب من جهة , ونتيجة لتنفيذهم اوامر المسؤول دون التمحيص او التدقيق , وكذلك عدم مشاركتهم في تصحيح او تطوير العملية التعليمية بل اصبح الشك يراودنا بتجاهلهم الاخطاء المرافقة لمسيرة التعليم بتعمد او دون ذلك , ويكاد يكون عددهم في احدى الكليات المهمة  يشكل الاغلبية  , وبذلك ضمن السيد العميد عدم مزاحمة اي استاذ محلي لمنصبه خاصة ان بعض العمداء يحملون اختصاصات لا تتلائم واداراتهم لتلك الكليات لانها قد تكون ادنى من اختصاص الموقع الذي يشغله  مما يولد تناقضا واضحا في  الاساليب التي يتبعها في ادارة ذلك الموقع بالنظر لشعور النقص المتولد لديه وبالتالي يؤدي ذلك الى ارتكابه اخطاء كبيرة تضر بالعملية التعليمية برمتها  .

احد العمداء رأى ان قسما من الاقسام بعيد عن اختصاصه , او لانه لا يستطيع فرض ارائه على منتسبي القسم لعدم المامه بمناهج القسم او لانه ببساطة لا يحب المنتسبين في ذلك القسم  فاصدر امرا بالغاء القسم تماما وهذا ما تم في السنة اللاحقة لمسؤوليته . دون مراعاة الخبرة المتراكمة لوجود هذا القسم لسنين عديدة والاستفادة من هذه الخبرة كما تفعل الجامعات العريقة في دول العالم  فالمهم هو ما يراه هذا العميد, وليس ما يسببه هذا الالغاء وما يلحقه هذا الامر من ضرر لابناء المحافظة او للبلد. وقد بلغ الاستهتار ببعض المسؤولين في مؤسساتنا التعليمية الى افتتاح اقسام علمية او طبية او ادارية لمدة عام او عامين فقط واستبدالهما باقسام اخرى ,مع ما يرافق هذه العملية من توفير مختبرات واجهزة ومعدات ونماذج بالاضافة الى كوادر قد يكون تم تعيينها لهذه الاقسام وتخصيص او اقامة ابنية جديدة تصرف عليها ملايين الدنانير نتيجة حاجة هذه الاقسام, ثم ونتيجة نزوة مسؤول صغير او كبير داخل الجامعة كمسؤول قسم او عميد او رئيس جامعة او مستشار وزارة تتوافق مصلحته مع وجود قسم جديد فيتم اغلاق القسم الذي تم فتحه قبل سنوات معدودة فقط  وتم انفاق كل تلك الاموال عليه وبلمحة بصر يتم رمي كل تلك الاجهزة والمعدات والادوات التي تم استخدامها مهما بلغت قيمها واثمانها , ثم يتم تقديم كشوفات جديدة بالقسم الجديد الذي يحاولون فتحه وهكذا تجري هذه العملية وتنفق اموال ضخمة تكلف ميزانية الدولة ملايين الدولارات , لا تستوفي الحاجة لتخريج عشرون او اربعون طالبا فقط  والوزارة غير معنية بما يحدث بتاتا.

عميد من العمداء لا يتواجد في مؤسسته الا ساعات قليلة طوال الاسبوع لانه مشغول بمشاريعه خارج الدائرة , ولكي يضمن عدم مسائلته من اي طرف فانه منح نسبا معينة من مشاريعه لمسؤولين متنفذين يغطون على سلبياته وعلى عدم تواجده في دوامه, وهو غير معني بمستوى التعليم الذي يتردى نتيجة عدم المتابعة وعدم الاشراف على سيرالعمل في المؤسسة فقد ضمن التغاضي والتغافل عنه من قبل مسؤوليه .

ولكي يحقق العميد او رئيس الجامعة هدفه بالحصول على فضاء خال من الاعتراضات , فانه وبمجرد ان يستلم منصبه يبدأ بعزل وابعاد الكوادر العاملة والنشطة او تلك الكوادر التي تتساءل كثيرا عن تطبيق الخطوات القانونية اثناء التعامل في العمل  فهي لا تتلائم مع توجهاته او انفراده في قيادة الجامعة او الكلية , او يقوم بتلفيق بعض الاتهامات لهم , واكثر هذه الاتهامات هو عدم وجود مرونة في تعاملاتهم , وهذا يعني عدم تنفيذ اوامر غير شرعية اوغير قانونية تؤدي الى نجاح طالب لا يستحق او تمنح حقوق او تسلب حقوق من منتسبين بشكل غير اخلاقي , بالمقابل فانه يبدأ بتقريب بعض الفئات التي يضمن ولائها ويمنحهم بعض المكاسب او الامتيازات الغير شرعية او غير قانونية وهكذا يضمن انقيادها التام له. وهنا لا يتمكن افراد الحزب من التدخل لتصحيح المسار الذي بدأ يتعرج في مسيرته , لان افرادا آخرين او هم انفسهم كانوا السبب بوجود مثل هذه السلبيات . وهذا لا يعني ان الحزب مسؤول بصورة مباشرة عن هذه الحالات السلبية فهذه المشاكل الناتجة تولدت لان بعض افراد الحزب فضلوا تغليب مصالحهم الشخصية مستفيدين من وجودهم داخل صفوف الحزب , فولاء رئيس الجامعة او العميد لسياسة الحزب التي تخدم البلد لا يعني بالضرورة عدم الانصياع الى القوانين والتعليمات الخاصة بالتعليم .

وقد تعودنا ان يقوم العميد او رئيس الجامعة بالغاء القرارات التي كانت نافذة في زمن العميد او رئيس الجامعة السابق والكثير منهم لا يرضى بأن تكون غرفته او موضعه كما كان , بل يقوم بتبديل على الاقل كل الاثاث السابق او الديكورات التي كانت موجودة سابقا , وكذلك تغيير معظم المنتسبين او المساعدين القريبين من المسؤول السابق وابعادهم .

احد رؤساء الجامعات ذهب اكثر من ذلك وضرب عرض الحائط كل القرارات التي اصدرتها وزارة التعليم وحددت بموجبها شروط  دراسة الماجستير والدكتوراه , حيث سمح لتوابعه بدراسة الماجستير خارج البلد ودون اجازة وبراتب كلي دون قطع , وسمح لآخر بدراسة الدكتوراه بعيدا عن التعليمات الجامعية الخاصة بالدولة , حيث كان حصل على شهادة الماجستير بطريقة تخالف القوانين الجامعية العراقية وشروطها .

 

 

 

      د. عبدالعزيز رشيد                                     م . حاتم خانى