دراسة عن سلبيات ادارة التعليم العالي في دهوك- الجزء الثالث –    دكتور عبدالعزيز رشيد    –    م. حاتم خانى

 

حل مشاكل الطلبة

في بداية اقامة المؤسسات التعليمية في دهوك في تسعينيات القرن الماضي كانت المشكلة التي تجابه المسؤولين هي كيفية تحسين المستوى الدراسي للطالب القادم من التعليم الثانوي حيث كان يعاني من ضعف تلقي المعلومات الجامعية  , وكم من مناقشات حدثت في وقتها بين مسؤولين من المؤسسة التعليمية وبين آخرين من المؤسسة التربوية  للوقوف على اسباب هذا الضعف  اما الان فلم يعد لمشاكل الطالب اي فسحة في اجندة المسؤولين الجامعيين فقد أستحدث احد العمداء طريقة جديدة في التعامل مع مشاكل الطلبة وحلها بصورة جذرية   ( وكما يراه هو بأنه أنسب طريق لحل مشاكل الطلبة )  حيث قام وبصورة بعيدة كل البعد عن اي مبادئ وعن اي أسس مرتبطة بالتعليم الجامعي وبعيدا عن كل التعليمات التي تصدر باعتبار الطالب ركنا اساسيا ومهما في بناء المجتمع يجب الحفاظ عليه وعلى صفائه ونقائه كما هو بعيدا عن السياسة وشرورها بل ان هذا المسؤول تخطى كل المعايير المعتمدة في كل المجتمعات متناسيا ان ابنائه قد يكونون في المستقبل في نفس المكان من الجامعة والكلية او المعهد ويجابهون نفس المشاكل ويتصرفون كما يتصرف الطلبة الان , فقد قام هذا العميد بتهديد الطالب الذي يحاول الاعتراض على اسلوب استاذ جامعي عربي لانه لا يفهم لغة الحوار او لان الاستاذ لا يستطيع ايصال المعلومة الى الطالب او لان ذلك الاستاذ يستهزئ بقدرة الطلبة على عدم استيعاب ما يشرحه وما يقدمه لهم , هذا التهديد الذي وجهه العميد للطلبة وصل الى حد ان انذرهم بتقديمهم  الى الاسايش ( جهاز الامن ) وتلفيق اتهامات على اعتراضاتهم وربطها بالاخلال بالامن العام للبلد .

ونعتقد ان هناك امران اثنان دفعا السيد العميد لاتباع واتخاذ مثل هذا الاسلوب

1 – عدم اثارة اي ضجة ( شوشرة )  تصدر من موقع مسؤوليته سواء ما هو متعلق بالمنتسبين او الطلبة ومحاولة عدم وصول انباء هذه الضجة الى المسؤولين وبالتالي المحافظة على كورسيه وعدم فقدانه .

2 –  هناك مشكلة عامة لدينا وهي اننا نتعامل باحترام شديد جدا مع الغرباء , ولكننا أسود على بني جلدتنا , هذه السلوكيات في التعامل دفعت السيد العميد للاستعداد بالتضحية بابناءنا وطلبتنا على حساب مصلحة بعض الاساتذة حيث يراهم السيد العميد كآلهة  بينما هم في الحقيقة شياطين لا يسعون سوى وراء الجاه والمال ولا يأبهون ما يتردى وما يحصل وما ينتج عن اهمالهم بواجباتهم والتقصير في اعمالهم.

الاسلوب المتبع من قبل بعض المسؤولين  في مؤسساتنا التعليمية لم يكن ليحدث لولا الاختيار غير الصائب لترشيحهم في تولي المسؤولية ولولا احساسهم بعدم محاسبتهم او ملاحقتهم ولولا الدعم اللامحدود  الذي يقدمه رؤساء الجامعات  وبعض افراد الحزب بعيدا عن منهج الحزب وبعيدا عن ابجديات الحزب الخاصة بشريحة الطلبة حيث يعتبرهم البارزاني الخالد رؤوس رماح في مقارعة الاعداء .

وقد لاحظنا خيبة الامل التي حدثت لدى اولئك الطلبة الذين تم تهديدهم ,والاحباط النفسي الكبير الذي شعروا به وهم يرون ضعف التعليم الاكاديمي نتيجة تبوء البعض الذين يسلكون كل الطرق حتى التضحية بابنائنا والاستهانة بالمنتسبين في سبيل البقاء في مناصبهم , وقد فقد هؤلاء الطلبة روح الابداع التي يتميز بها الشباب في مثل هذا العمروبدا عليهم الحزن الشديد وهم   يقارنون المعلومات الضئيلة التي حصلوا عليها اثناء الدراسة وتلك التي يسمعون بها او يقرأون عنها ليكتشفوا الثغرة الواسعة بين الحالتين فيبدأ الشك يراودهم عن جدوى دراستهم وعن جدوى التعليم لدينا. وسمعنا الكثيرين منهم يقولون بانهم لا يفقهون ما الذي تعلموه وهل فعلا انهم سيصبحون اساتذة واطباء ومهندسين ومحامين متعلمين وهل صحيح ان المعلومات الضئيلة التي حصلوا عليها على ايدي هؤلاء الاساتذة ستعدهم وتساعدهم على ممارسة اختصاصاتهم ام انهم اصبحوا اصحاب شهادات فقط ؟

ومما ساهم في ظهور خيبات الامل هذه لدى الطلبة هو اعتماد الادارة على نسبة النجاح 100% لتقييم الاستاذ بدلا من نسبة ايصال المعلومة للطالب , وهذا ما يمتاز به الاساتذة القادمون من خارج الاقليم الذين يحرصون على منح درجات عالية للطلبة خارج استحقاقاتهم وذلك للحصول على رضاهم ورضا مسؤولي الجامعة لكي يغطوا على عدم التزامهم بالقواعد المحددة في الحفاظ على مستوى التعليم او تطويره نحو الاحسن حيث النتيجة المرجوة هي التمسك بمناصبهم والحصول على الهدف الاساسي وهو المال  . وكمثال فان احد الاساتذة من الاخوة العرب منح طلبته فصلا واحدا من مادته المكلف بها اي بنسبة لا تتجاوز 15% من المنهاج استغرق فيه طوال فترة السمستر( اي فصل دراسي كامل / خمسة عشر اسبوع ) ,بينما هذه النسبة لا تستغرق وقتا في اعطائها وشرحها للطلبة  سوى اسبوعين , في حين ان احد الاساتذة من دهوك قام بتدريس سبعة فصول من نفس المادة ونفس المنهاج في السنة التالية اي اكثر من 80% من المادة , ولكن مسؤولي جامعاتنا لم يكتفوا بتقديم الثناء والمديح للاستاذ القادم من خارج الاقليم بل تم تكليفه بمنصب في الجامعة على الرغم من تقديم الاخرين بعض التساؤلات حوله الى مسؤولي الجامعة والكلية الا انه بقي معززا مكرما بينما كان الاهمال من نصيب ابن دهوك الحاصل على شهادة الدكتوراه من جامعة بريطانية مرموقة ,  والمستغرب عندما تم حساب  نسبة انجاز المادة ( نسبة تدريسها للطلبة ) حسب اولئك المسؤولين فقد كانت متقاربة  للطرفين !!!!

التعامل غير العادل للاستاذ المحلي ( من دهوك ) هو الذي يدفع الكثير منهم للتفكير بالهجرة او العودة الى الخارج بالنسبة للذين قدموا من هناك , ومما يؤسف له حقا ان ترك هؤلاء لبلدهم كوردستان يصب في صالح امثال اولئك المسؤولين في جامعاتنا  ويصب في صالح القادمين من الاجزاء الاخرى من العراق الى كوردستان , حيث يتوقع ان يصبح هؤلاء الاغلبية في زمن ليس ببعيد , وهذا ما يمكن التنبؤ به وتقديره من خلال المؤشرات الحالية .

وقد يظن البعض من هؤلاء المسؤولين في مؤسساتنا الاكاديمية ان الزيادة في نسبة نجاح الطلبة سيساهم في في الحصول على رضا الطلاب وعلى رضا مسؤولي الحكومة والحزب , ولكننا سمعنا الكثير من الطلبة يبدون استغرابهم من هذه المعادلة غير العادلة بحقهم ويتأسفون لسيادة هذا الاعتقاد لدى مسؤولي الاكاديميات  التعليمية . فالمسألة ليست لصالح الطلاب وليس لصالح العملية التعليمية برمتها , بل ان الحصول على سكوتهم وسكوت مسؤولي الحكومة والحزب بالعمل على زيادة فرص نجاح هؤلاء الطلاب هو جريمة اخلاقية كبرى بحق المجتمع وبحق اخلاقيات المهنة التي أؤتمنوا عليها , وهم بهذا يغطون على  فشلهم في ادارة المؤسسة ويسببون انحدار مستوى التعليم نحو الحضيض وانهياره نتيجة ان الطالب يدرك تماما ان النجاح هو حليفه في كل الاحوال سواء درس وفهم المادة ام لم يدرس .

 

 

               دكتور عبدالعزيز رشيد    –    م. حاتم خانى