العشق الكردي المميت …….. بقلم: مصطفى باكو

طبعا الحب ليس بشئ جديد وانما خلق مع الانسان وهو سبب استمرار الحياة وللحب أشكال متعددة ولكن هذا اليوم هو مخصص للحب بين المرأة والرجل.في هذه الايام العالم كله مشغول بعيد الحب والكل يفكر باي طريقة سيحتفل بهذا اليوم وماذا سيقدم لحبيبته او زوجته هدية بهذه المناسبة، والنساء مشغولات بماذا يلبسن ويتزين بهذه المناسبة ويحلمن بالهدايا وقضاء سهرة جميلة مع الحبيب.

لذلك ليس هناك داعي لان نعدد اشكال الحب ونشرحه، لان هذه المناسبة ليست مجالها.

ولكي نعود للحب، لقد حفل التاريخ الانساني بالكثير من قصص الحب وخاصة الحب العذري الذي لم يكلل بالزواج، كانت هذه القصص ملهمة للأدباء والشعراء والمطربين والموسيقين والرسامين بتخليدها في اعمال ادبية مختلفة.

ومن اهم قصص الحب في التراث العالمي قصة روميو وجولييت رائعة الروائي العالمي  وليم شيكسبير  والذي كتبها بين عام ١٥٩٤ الى  ١٥٩٦.

اما لو جئنا لعند جيراننا العرب فاشهر قصة حب هي قصة مجنون ليلى، وعنتر وعبلة

ونحن الكرد لسنا اقل شأناً من هؤلاء ولدينا قصص حب مماثلة ومن اشهر هذه القصص هي الملحمة الشعرية مم وزين  رائعة الشاعر الكردي الخالد احمد خاني.

ولقد حدثني مرة في مقابلة صحفية الاديب والشاعر والباحث الكردي بيار روباري في موقع صوت كوردستان وتستطيعون العودة إليها حيث قال : (  أجزم بأن ملحمة “مم و زين” لأحمد خاني، تفوق جمالاً وإبداعاً من كل أعمال شكسبير على الأقل من وجهة نظري الشخصية، ولكن خاني كان ينتمي لأمة مازالت تحت نير العبودية، واللغة الكردية لم تكن يوماً لغة عالمية، لهذا لم يأخذ حقه من المكانة والشهرة العالمية التي يستحقها  ).

طبعاً ليست قصة مم وزين هي قصة الحب الوحيدة في التراث الكردي الغني وهناك قصص اخرى مماثلة مثل قصة سيامند وخجى وقصة فرهاد وشيرين وقصة زميبول فروش.

هذه القصص تم تخليدها شعراً وغناءً وتناقلتها الاجيال الكردية الى يومنا هذا.

وكل هذه القصص العالمية والعربية والكردية كلها انتهت بالانتحار من اجل الحبيب او الحبيبة ولم تكلل بالزواج.

ولكن التاريخ الكردي الحديث سطر لنا ملاحم العشق العذري والبطولي من نوع اخر انتجته حركة التحرر الكردستانية ومن اشهر هذه القصص، قصة حب بيريتان وحسين والتى صورت كفيلم سينمائي باسم بيريتان وهذا الحب أدى بان يضحي الحبيب من اجل حبيبته ويلحق بها في ساحات النضال والشرف ضد العدو حيث يتخلى عن اهله واصدقائه ومستقبله ويتحول حبه لحبيبته الى حب الوطن والشعب  ويناضل مع حبيبة من اجل حرية الوطن والانسان الكردي وتطالب المحبوبة بيريتان حبيبها بان يتحول خاتم الخطبة الى وعد بالانتصار وان ينتقل هذا الحب الى قمم جبال كردستان ويعم كل كردستان ويكون صرخة الانتصار على الأعداء في كل بقعة من قمم جبال كردستان واخير يفترقا الحبيبان للنضال في ساحات مختلفة ويصبح الحب الجامع بينهما هو حب الوطن والانتصار على الاعداء وينتهي ايضا هذا الحب بالانتحار ولكن هناك فرق شاسع بين هذا الانتحار الذي رفض الاستسلام والخنوع للأعداء حيث بطلتنا بيريتان ترفض ان تضع يديها باليد الكردية الخائنة الممتدة لها ويطالبها بالاستسلام وبهذه العملية الانتحارية ارسلت رسالة لكل الخونة والاعداء بانه لن يكون هناك استسلام ولن تفرحوا بأسري، وألقت بنفسها من على قمة الجبل بعد ان نفذت ذخيرتها وكان الاعداء والخونة يلتفون حولها من كل مكان بخوف وحذر شديدين.

فانتصرت الشهيدة بيريتان في حياتها ومماتها لان باستشهادها ايقن الاعداء بانه مستحيل الانتصار على شعب هكذا نساؤها وكانت ايضا السبب بالتحاق الالاف من النساء الكرديات بالحركة التحررية الكردية.

وهذه القصص من الموروث الثقافي الكردي يدل على مدى اغناء التراث الكردي الذي لا يقل جودة عن التراث العالمي.

وان الكرد لم يتخلفوا عن ركب الحضارة الانسانية رغم عدم وجود دولة لنا تحافظ على هذا التراث وتطوره فما بالكم لو كانت لنا دولة إسواة ببقية شعوب العالم حتما كان لنا دور كبير في الحضارة الانسانية رغم اننا نحن الكرد أغنينا وطورنا الدول المجاورة لنا ولنا اسهامات كبيرة في تطوير شعوب المنطقة لان اغلب الادباء والعلماء في الدول العربية وتركيا وايران هم من الاكراد وعلى رأس هؤلاء الادباء احمد شوقي امير الشعراء العرب.

سراييفو ١٤/٢/٢٠٢٢