من فلسفة المعرفة –  أن قياسات الارادة والمعرفة لايحكمه الا العقل-   زيد محمود علي كاتب ومحرر صحفي 

في العصور القديمة كان للعقل دوره المتميز ، لأن قياسات الارادة والمعرفة لايحكمه الا العقل ، وقد لايشكل العقل مجرد أداة من أجل استكشاف العالم ، بل معيارا” للحكم على الأفكار والافعال ، فلدى ” افلاطون ، ديكارت يتعلق الأمر باختيار العقل ، وتقدير قدرته على اعادة النظام وصورة الأشياء والتحقق من الحساب بين استعماله لطاقاته والغايات القصوى والأساسية التي تسعى اليها البشرية في الاختبار المزدوج يزداد هذا الوضع صعوبة مازلنا نرى أن المكتشفين الكبار هم ، كما يقول ، كانط ( فنانو العقل ) وبالمقابل ماعدنا نرى الذي يمكنه أن يحتل مكانه المرجع المنظم والنبوئي ونكون على استعداد للاصغاء الى صوته أواتباع نصائحه ” (1)– وقد كان لديكارت وجهة نظر في مسألة العقل ، فهو يعتبر أن العقل أعدل الأشياء قسمة بين الناس ، بمعنى أنه لافرق بين إنسان وآخر ، من حيث الطاقة العقلية ، وإنما الفرق هو في طريقة استخدام العقل ، بل إن الفليسوف الفرنسي يتمنى لوكان له مالبعض عامة الناس من سرعة البديهة وقوة المخيلة أو سعة الذاكرة .
وتطرح الفرضية القائلة أن العقل اكتسب التشكيل الذي يعكس حالة في القرن العشرين . ولكن هل لايزال بالامكان استعمال كلمة ( عقل ) لوصف فاعليات الذهن وقدرته ؟ ان مايتصف به العقل بالفعل بالمعنى الذي يقصده كانط هو في آن معا” ” فن التنظيم والملكة التي يمتلكها الذهن المتفرد ، اني أفكر لتصديق أو عدم تصديق العمليات التي تخصه دون الاعتماد على سلطة خارجية ” (2) – وهل ان احتكار العقل اصبح مقتصرا” على المفكرين دون سواهم ، ثمة اعتقاد راسخ مفادة أن الفلاسفة والمفكرين لكونهم يهتمون بحياة العقل وإنتاج الأفكار ، إنما يمثلون عقول الأمم ويعكسون فكرها ، كمن يعتقد مثلا” بأن ديكارت هو مرآة للفكر الفرنسي أو أن جون ديوي يمثل العقل الامريكي ، أو أ، كونفوشيوس هو ممثل للعقلية الصينية ( فالعقل هو حيلة الأنسان في التعلم والتمرس في الفهم والرؤية في الحساب والتقدير ، باختصار في التدبير لكل مايتعلق بالوجود والحياة والمصير ، وكل واحد إ نما يستخدم عقله في حياته الشخصية وواقعه اليومي في مجال عمله وقطاعه الانتاجي ولا يستأثر قطاع باحتكار النشاط الفكري أو باستعمال العقل من دون سواه بهذا المعنى بوسعنا القول ان العقل يتجلى ، سواء في المنتجات الرمزية أو في المنتوجات المادية بمعنى أنه يفعل ويثمر في إبداع النظريات كما في ابتكار التقنيات “( 3)- لكن مع تقدم الزمن السؤال يطرح نفسه هل ان لرجال الفكر والفلاسفة ، دورا” في المساهمة العقلية ، يعتقد الكثيرين ان العالم الحالي تقوده الماديات ، والربح والشركات واصبح الدور الرئيسي في عالمنا اليوم ل رجال الأعمال لا المفكرين وقد اقصي العقل والتأمل من مجالات كثيرة في حياتنا المعاصرة وبلا شك ان للمفكرين والفلآسفة الدور في صياغة وتشكيل الثقافة والقوانين التي يمكن أن تحمي الانسان وتعيد التوازن بينه وبين الطبيعة والتي تستدعي ايضا” نقاشا” عالميا” لا اقليميا” ولعل ماتراه من مؤتمرات تعقد على مستوى العالم لمناقشة العديد من الأمراض أو المشكلات الطبيعية أو الانسانية ماهو الإ مقدمة لاستعادة دور أهل العلم والثقافة والفكر الذي صادره السياسيون ورجال الأعمال الذين  تركوا وحدهم يصوغون ويشكلّون العالم كما هو حادث حاليا” فستدفع الانسانية ثمنا” باهضا” في المستقبل ……
المراجع
1– ص 3 – العقل في القرن العشرين – برتوان – سرنان – ترجمة فاطمة الجيوشي .
2– ص77 – نفس المصدر السابق
3 مقال د علي حرب – رجل الفكر هل يحتكر تمثيل العقل – العربي – العدد 480 – سنة 1998